حمى "إيبولا" لم تهدد حياة الناس فحسب، وإنّما شملت ارتداداته الجانب الاقتصادي للبلدان التي تسلل إليها الوباء، وطالت أيضا الدول المتاخمة لها. وتأتي المبادلات التجارية والسياحة على رأس القطاعات التي أصابتها "عدوى" الأزمة الصحية بالأساس. "شريف محمد عبد الله" رئيس مجمع رجال الأعمال في غينيا "غوها"، وهو أكبر تجمّع لأرباب العمل في البلاد يرى إنّ الأمر يتسم بالخطورة، وأنّ مشهد أكوام الموز المتراكمة والمتعفّنة، والتي كان من المفترض أن تصدّر إلى دول الجوار، خير دليل على ذلك. "خسائر التجار تقدر بالمليارات (فرنك إفريقي غيني يعادل 6923 دولار أمريكي)، بحسب تقدير "عبد الله" الذي لم يعط بيانات أكثر دقة. ظهور الحمى في غينيا حمل معه مشاكل جمة أغلب أرباب العمل||، وفي غياب أرقام رسمية عن حجم تلك الخسائر، انتاب الناس شعورا مبهما بعدم الأمان، خصوصا مع بروز ارتدادات الوباء على اقتصاد البلاد. وأشار عبد الله إلى أنّ "الخوف يشل الدوائر الاقتصادية، وينعكس سلبا على جلّ القطاعات، غير أنّ المواصلات البرية والفنادق هي الأكثر تضرّرا، وملامح الوهن كانت بادية على مجمل الأنشطة المتعلّقة بها". ويتسبب الاعتماد الكبير للاقتصاد الغيني على المبادلات مع دول الجوار، في مضاعفة تأثير مثل هذه الأزمات على البلاد. ، وهذا ما تجلّى بعد أن "أغلقت عدة دول مجاورة حدودها مع غينيا، و علّقت عدة شركات للطيران رحلاتها نحو بلادنا، في حين أنّ دولا أخرى لم تعد ترغب في منح تأشيرات لمواطنينا"، على حدّ قول "عبد الله". وكانت دول عديدة أغلقت حدودها مع غينيا، بينما سارعت أخرى إلى تعزيز الإجراءات الأمنية في الموانئ والمطارات تحسّبا من عدوى الفيروس القاتل إلى أراضيها. السنغال على وجه الخصوص أعلنت عن إغلاق الخط الجوي الرابط بين عاصمتها داكار بالعاصمة الغينية كوناكري، وذلك إلى أجل غير مسمى بعد أن كان الخط بمثابة الشريان الرابط بين العاصمتين. أمّا مع الحدود المالية، فلم يعد بمقدور غينيا التعويل على خطّ "باماكو-كوناكري"، والذي يعتبر بمثابة "قارورة الأكسجين" الثانية للاقتصاد الغيني. فيما تشدّد الخناق على اقتصاد كوناكري من الجبهة الإيفوارية بعد تعزيز التدابير الأمنية الحدودية على الرواق الرابط بين كوناكري و أبيدجان. الهلع الجماعي الذي تسبب فيه انتشار فيروس إيبولا دفع بمنظمي الرحلات إلى إلغاء حجوزاتهم السياحية. حيث علقت شركة الطيران الإماراتية رحلاتها نحو كوناكري، فيما توقفت دول مثل الصين والمملكة السعودية عن منح التأشيرات للغينيين. وعلى الرغم من أنّ القطاع السياحي في غينيا قد أصيب في مقتل جراء الوباء، إلا ان ذلك لم يثن رئيس البلاد على تدشين أول فندق 5 نجوم (بالم كامايان) في غينيا. من جهته، يقول رئيس منظمة أرباب العمل في غينيا: "لا نملك الآن إلا طمأنة شركائنا الاقتصاديين لأجل أن يعود الوضع إلى ماكان عليه في أقرب الآجال". ومن جهة السنغال، يقول "عبد الله سيك" أستاذ اقتصاد بجامعة "شيخ انتا ديوب" بداكار للأناضول، أنّ الاقتصاد السنغالي يعتمد على المبادلات التجارية بشتى أنواعها التجارية والخدماتية وتلك المتعلقة بتنقلات الأشخاص"، ولذلك فإنّ "غلق السنغال لحدودها البرية إثر انتشار وباء إيبولا كانت له تأثيرات على الجانبين (السنغال ودول الجوار)". ويقدّر "سيك" انخفاض المبادلات التجارية بنسبة 10 إلى 12 % بين داكار وكوناكري بعد إغلاق الحدود. تراجع من المنتظر أن تطال انعكاساته "الأسواق الاقليمية" كنتيجة ل "البطء والشلل" الذين سيطبقان على أوصالها، مذكرا على سبيل المثال بأن "ديابوي" هي أكبر سوق أسبوعية في المنطقة الحدودية من الجانب السنغالي مع غينيا، تم إغلاقها بأمر إداري منذ ظهور الوباء.. وهي بمثابة ملتقى تجاري يضمّ ثلة من المشغّلين الاقتصاديين القادمين من غامبياوغينيا وغينيا بيساو فضلا عن السنغال. وفي هذا السياق، قال "إبراهيما لو" أحد رجال الأعمال السنغاليين العاملين في قطاع التغذية "ليس هناك تأثير كبير على القطاع الغذائي، والبضاعة التي تأتي من غينيا تشمل - في العادة- كميات من الموز و الأناناس، وهذه المنتجات لا زال بالإمكان تصديرها...". وتشير أحدث الاحصائيات لمنظمة الصحة العالمية إلى وفاة 70 شخصا بسبب فيروس إيبولا من ضمن 111 حالة إصابة بالمرض، فيما تمّ تسجيل شفاء بعض الحالات المحدودة إثر عزلها بمراكز صحية أعدّت للغرض.