مصانع الطوب الطفلى تحولت لمخازن سلاح ومخدرات ومأوى للإرهابيين أحد القتلى فى التفجير الأخير قُبض عليه أثناء فض اعتصام رابعة وتم حبسه لمدة عام بؤرة إرهابية جديدة باتت أكثر خطرًا من كرداسة أو دلجا التى كانت مأوى للمتطرفين، إنه مركز «الصف» بالجيزة، الذى ظهر على سطح الأحداث بعد انفجار عبوة ناسفة أودت بحياة شخصين كانا فى طريقهما لاستهداف بعض المنشآت الحيوية. الصف التى تحولت إلى منطقة أشبه بإمارة إسلامية خفية تظهر خلاياها الإرهابية يومًا بعد يوم، بدأت طريقها فى الأعمال الإجرامية بعد فض اعتصام الإخوان فى ميدانى رابعة العدوية والنهضة، ثم طفت على سطح الأحداث بمقتل اثنين من الجهاديين المتطرفين حاولا زرع متفجرات أسفل كوبرى حلوان، إلا أن العبوة الناسفة انفجرت فيهما بطريق الخطأ وحولت أجسادهم لأشلاء متناثرة، ليأتى الحادث الثالث بانفجار سيارة ربع نقل يستقلها 3 أشخاص وبحوزتهم كميات كبيرة من المتفجرات ليدق ناقوس الخطر من تحول الصف لمركز تصدير للإرهاب. «الصباح» اخترقت الإمارة الإرهابية الجديدة «الصف» لتكشف بالتفاصيل عن أماكن اختباء المتطرفين، حيث يفصل الطريق الزراعى بين مركزى الصف وأطفيح، فعلى الجانب الأيمن تتواجد بعض القرى التى تبدأ من قرية الشوبك الشرقى التابعة لمحافظة القاهرة مرورًا بقرية المنيا والشرفا والإخصاص حتى نهاية مركز الصف، ثم تبدأ بقرية «صف البلد» وهى أولى قرى مركز أطفيح والديسمى والقبابات والكداية، وصولًا إلى البرمبل والرقة، أما الجانب الأيسر فيبدأ من قرية «عرب أبوساعد» وهى أخطر قرى مركز الصف وصولًا إلى قرية «عرب أبو طماعة» و«عرب الحصار» حتى قرية «البرمبل» بمركز أطفيح وهى أماكن صحراوية يقطنها تجار المخدرات والسلاح. البداية كانت منذ لقائنا بالشيخ محمود عزام الأمير السابق لجماعة التكفير والهجرة، خال أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة، والمقيم بقرية «الشوبك الشرقى»، والتى تعد وكرًا للجماعات الجهادية، حيث كشف لنا حقيقة الثلاثة إرهابيين الذين انفجرت بهم سيارة ربع نقل، مؤكدًا أنهم ينتمون لجماعة الإخوان، وأن اثنين منهم ينتميان لقرية «طلخان» التابعة للصف، وهم من عائلتى أبوسعودى وأبو مشهور، فيما ينتمى التكفيرى الثالث لقرية «الإخصاص»، وهو أحد أفراد عائلة «أبو نجم»، مشيرًا إلى أن أحد هؤلاء الثلاثة كان قد تم القبض عليه فى اعتصام رابعة العدوية، وتم حبسه لمدة عام، وبعدما تم الإعفاء عنه حاول الانتقام من الدولة بالمشاركة فى التفجيرات. الشيخ عزام أكد ل«الصباح»، أن العائلات الإخوانية فى معظم القرى التابعة لمركز الصف، لا تزال تخرج فى مظاهرات شبه أسبوعية، تضم فقراء القرية ممن يتلقون أموالًا مقابل المشاركة فى التظاهرات، لافتًا إلى أن العناصر المتطرفة تعلمت تصنيع العبوات الناسفة من خلال مواقع الإنترنت وبمعاونة تجار سلاح يمثلون 85% من سكان القرية. مصانع الطوب فور أن وطأت أقدامنا قرية عرب أبو ساعد التى تعد من أخطر القرى الموجودة فى مركز الصف لوجود عدد من تجار المخدرات والسلاح بداخلها، التقينا رجلًا مسنًا ينادونه بالحاج سيد، والذى أكد أن لهذه القرية قوانينها الخاصة التى تتبعها، وأنه على الرغم من قربها من مدينة حلوان إلا أنها ما زالت تتحاكم فيما بينها من خلال مشايخها وكبار العائلات المتواجدة فيها، ومن ضمن الأعمال التى اعتاد عليها أهالى هذه القرية هى مهنة الخفر وهدفها حماية ما يقرب من 500 مصنع طوب طفلى ضد البلطجية واللصوص. وأضاف الحاج سيد: «يقوم شيخ العرب بالاتفاق مع صاحب المصنع على ما يقرب من 1000 جنيه لكل مصنع شهريًا، مقابل أن يتم تعين خفير من أبناء القرية لحماية هذه المصانع، و500 جنيه يحصل عليها شيخ العرب المسئول عن توزيع المهام على الخفراء، مشيرًا إلى أن مهنة حماية المصانع من أكثر المهن المربحة فى القرية، وأنه فى حال قيام أى صاحب مصنع بالاعتراض، تتم سرقة محتويات مصنعه لإجباره على التفاوض مع شيخ العرب، لافتًا إلى أنه من أشهر العائلات التى تعمل فى هذا المجال «الفوارسة وعائلة أبو ساعد». أحد أبناء قرية عرب أبو ساعد- طلب عدم ذكر اسمه- قال ل«لصباح»: إنهم يعيشون فى حالة من الضيق الشديد بسبب انتشار تجارة المخدرات والسلاح والتى تدخل القرية قادمة من الطريق الصحراوى قرب مدينة 15 مايو، حيث يتم تخزين الشحنات فى قرية عرب أبو ساعد تمهيدًا لتوزيعها على تجار المخدرات. أما تجار السلاح فالطريق أمامهم مفتوح، وأغلب عمليات الثأر تتم فى القرى القريبة منا قريتهم، حيث يتم بيع السلاح لمن يرغب من الأهالى. «كوبرى الإخصاص» بالقرب من الطريق الزراعى وتحديدًا فى قرية الإخصاص يشهد الكوبرى الجديد الذى استمر العمل به قرابة 10 سنوات، تمركز مافيا سرقة السيارات بالإكراه، والتى تتكون من العربان المتواجدين فى قرى أبو طماعة وعرب الحصار وعرب غمازة الكبرى والصغرى، والذين يقومون بنصب الكمائن ليلًا لسرقة السيارات وإعادتها بعد دفع فدية. قسم شرطة محترق أثناء جولتنا فى القرية، شاهدنا مبنى محترقًا بالكامل لا يظهر منه شىء سوى شعار وزارة الداخلية، وبالسؤال تبين أنه قسم شرطة مركز الصف، والذى تم إحراقه منذ أحداث فض اعتصامى رابعة والنهضة، بعدما قامت عناصر من جماعة الإخوان بالاتفاق مع بعض العربان المتواجدين فى المناطق الجبلية أعلى منطقة مساكن أبو بكر الصديق والمعروفين بعربان العامرية على حرق القسم مقابل مبلغ مالى، حيث تم نقل عمل القسم من مكانه فى شارع المركز إلى منطقة أخرى أمام مستشفى الصف المركزى. ووفقًا لرواية أحد الأهالى هناك، فإن ضعف التواجد الأمنى فى مركز الصف وعدم تفتيش السيارات وغياب الرقابة الجادة من قبل قوات الشرطة على السيارات غير المرخصة، وراء انتشار الأسلحة والمخدرات. وحول المناطق الجبلية التى يتواجد فيها بعض البلطجية والخارجين على القانون، فقد أكد مصدر فضل عدم ذكر اسمه، أن هناك مناطق جبلية وطرقًا صحراوية يستخدمها الإرهابيون للهروب من قوات الأمن، حيث يختبئ أغلبهم فى قرى العربان فى المنطقة الواقعة ما بين الكريمات وحلوان. مدينة الفتنة الطائفية أما فى مركز أطفيح وهو المركز المقابل لمركز الصف بجنوب الجيزة، فقد شهد العديد من الأحداث الطائفية التى حدثت إبان فترة حكم المجلس العسكرى، ومنها واقعة إحراق كنيسة مركز أطفيح، والتى راح ضحيتها عدد كبير من أبناء القرية، راح على إثرها العديد من أبناء المركز، وتدخل المشير محمد حسين طنطاوى رئيس المجلس العسكرى آنذاك، وقتها وقام بإيفاد الشيخ محمد حسان الداعية الإسلامى للصلح بين أهالى المركز، وفى أحداث فض اعتصام رابعة العدوية وميدان النهضة توفى أكثر من 20 شخصًا من أبناء هذا المركز أغلبهم من جماعة الإخوان فى أعمال شغب أثروها ضد أجهزة الأمن. وقد أكد «منصور محمد» أحد أهالى قرية «الديسمى» بمركز أطفيح ل «الصباح»، أن هناك العديد من الأماكن التى يختبئ بها الإرهابيون، وأغلب هذه الأماكن هى مصانع الطوب الطفلى المتواجدة بمركز أطفيح. من جانبه، قال نبيل نعيم مؤسس تنظيم الجهاد سابقًا، ل «الصباح» أن مركز الصف من أكثر الأماكن التى يتواجد بها أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية، خاصة أن أغلب المظاهرات التى خرجت بعد عزل الرئيس محمد مرسى كانت من مركزى الصف وأطفيح، وكانت لقناة الجزيرة الأولوية فى تنظيم ونقل هذه التظاهرات، أما بالنسبة لانفجار السيارة فقد حدث هذا الأمر نتيجة خطأ فنى فى ضبط القنابل التى وضعت فى السيارة لتفجير أماكن حكومية فى مركز الصف من أجل إفساد فرحة الأهالى بعيد الفطر المبارك. وأضاف نعيم، أن الجماعات الجهادية أيضا متحالفة معهم، لافتًا إلى أن العناصر الإرهابية من الفقراء ولا يستطيعون شراء سيارة فارغة وأن جماعة الإخوان الإرهابية هى التى تقوم بتوفير المبالغ المالية من أجل شراء القنابل والمتفجرات، مشيرًا إلى أن طبيعة المناطق الجبلية والصحراء فى مركز الصف يسمح بتواجد الإرهابيين، وأن العديد منهم تدرب على العمليات الإرهابية مستعينين بقبائل العرب والخارجين عن القانون وغياب قوات الأمن.