-نصر فريد واصل: فتوى لا تمت للإسلام بصلة.. ونقيب الأئمة: برهامى يتاجر باسم الدين فتوى جديدة تشعل جدلاً فى أوساط العامة وبين علماء الأزهر الذين عبروا عن استيائهم لما اعتبروه «ترويجاً للقوادة والدياثة»، تلك الفتوى التى أطلقها أخيراً نائب رئيس الدعوة السلفية، الدكتور ياسر برهامى، وأباح فيها للزوج عدم الدفاع عن زوجته وإنقاذها من المغتصب إذا ظن الزوج أنه سيقتل على يد المغتصِب حفاظا على حياته (أى الزوج).. ودافع عن الفتوى بقوله: إن «سيدنا إبراهيم عندما جاء إلى مصر، وطلب الجبار امرأته سارة فقال إنها أختى ويقصد أنها أخته فى الإسلام حتى لا يُقتل وتُؤخذ، ثم وقف يصلى ويدعو الله أن ينجيها.. وقد نجاها الله». وأثارت الفتوى الأخيرة حالة من الدهشة والصدمة لدى عدد كبير من علماء الأزهر البارزين، بعدما أفتى برهامى وأباح للزوج ترك عرض زوجته للمغتصبين حفاظًا على حياته، مستشهدًا فى ذلك بفتوى للإمام العز بن عبدالسلام، عن وجوب تسليم المال للصوص حفاظًا على النفس من القتل. فى البداية قال الدكتور نصر فريد واصل عضو هيئة كبار العلماء ومفتى الجمهورية الأسبق: إن هذه الفتوى لا تمت للإسلام بصلة فالدين الإسلامى طالب بضرورة محافظة الزوج على زوجتة وحمايتها فهذه الفتوى عارية تماماً من الصحة. وقال، والغضب يعلو جبهته: كيف لزوج أن يترك زوجته تغتصب أمام عينه دون أن يدافع عنها ويتركها ويهرب. مشيراً إلى أن الدين الإسلامى الحنيف أمر الزوج أن يدافع عن زوجته بكل ما أوتى من قوة حتى تجد الأمن والأمان والملاذ عند زوج قوى فيكون ملء السمع والبصر، أما الزوج الذى يترك زوجته عرضة للضياع فأنا أقول له حديث النبى صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة ديوث قيل من يا رسول الله قال الذى لا يغار على أهله»، لذلك أمر النبى الكريم الزوج أن يغار على أهله وعرضه وأن يحافظ عليهما. وشاركه فى الرأى الشيخ محمد البسطويسى نقيب الأئمة والدعاة متسائلاً: أين برهامى الذى يدعى العلم ويتاجر باسم الدين من الحديث الشريف: «لما أتى الرسول صلى الله عليه وسلم رجل، وقال له يا رسول الله، أرأيت إن أتى إلىّ رجل يريد أخذ مالى، قال لا تعطه، قال أرأيت إن قتلنى، قال فأنت شهيد، قال أرأيت إن قتلته يا رسول الله، قال هو فى النار». كما قال النبى الكريم: «من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون عرضه فهو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد»، فهذا الحديث يحمل بين طياته أن من قُتل وهو يدافع عن عرضه أو عرض زوجته فهو شهيد، فإذا لم يدافع الرجل عن زوجته ويتركها لذئاب البشر يفترسونها فماذا يفعل الرجل بزوجته بعد ذلك وكيف تنظر إليه بعد ذلك بعد أن تركها لذئاب البشر يعتدون عليها. وتابع: لا بد للزوج أن يتسم بالشجاعة والمروءة وأن يصون عرضه كما وصفه القرآن الكريم «الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض»، لافتاً إلى أنه يجوز للزوج الدفاع عن زوجته حتى لو أدى الأمر إلى أن يقتل. قائلاً «لضربة بسيف فى عز أحب إلى الرجل من ضربة بسوط فى ذل»، أى أن يضرب الزوج حتى يقتل دفاعاً عن زوجته وعرضه أفضل من أن يتركها وهو ذليل ضعيف. مضيفاً أن واجبات الزوج تجاه زوجته أن يطعمها إذا طعم وأن يكسوها إذا اكتسى ولا يقبحها ولا يهجر ولا يضربها على وجهها، والدفاع عن الزوجة أمر حتمى كفله الشرع، فالفتاة قبل الزواج تكون فى كنف أبيها وبعد أن تنتقل إلى الحياه الزوجية تكون فى كنف زوجها. فى حين رفض الدكتور محمود عاشور عضو مجمع البحوث الإسلامية ووكيل الأزهر السابق التعليق على فتوى برهامى، وقال بامتعاض شديد: أمثال برهامى لا يستحقون التعليق على كلامهم، لأنهم غير علماء، فهذا الكلام لا يقوله إلا جاهل، وأقول لبرهامى اشتغل بتخصصك كطبيب بشرى تعالج الناس بدلاً من أن تصدر الفتاوى المضللة التى تسبب بلبلة فى عقول الناس. فلا بد أن يطلق الفتوى عالم دين متخصص فى الإفتاء، فالجهة المنوط بها الإفتاء فى مصر وتتحدث فى كل ما يخص العامة والخاصة هى دار الإفتاء ولجنة الفتوى بمشيخة الأزهر الشريف. فإذا أسند الأمر لغير أهله فانتظر الساعة. من جانبه قال الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر: ما نسب إلى طبيب الأطفال ياسر برهامى يأتى فى مسلسل إظهار جهل الجماعة المتسلفة للشريعة الإسلامية، فكيف لطبيب أطفال أن يصدر فتاوى، وهو جهل مركب؛ لأن أى طالب مبتدأ فى العلوم الشرعية يعلم أن الدفاع عن العرض من أعلى الواجبات الشرعية حيث قال الرسول الكريم: «من قُتل دون ماله فهو شهيد»، فالإسلام يوجب الدفاع عن العرض سواء عرض الإنسان لنفسه أو عرض غيره، كما قال النبى الكريم «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام». مشيراً إلى أن الدفاع عن العرض غيرة محمودة قال عنها النبى الكريم فى الحديث الشريف: «إن الله يغار وإن رسوله يغار وإن المؤمن يغار»، أما القول بغير ذلك فأمر يدعو إلى الدياثة والقوادة وإماتة الإرادة وجعل الإنسان يرضى بالمهانة والمذلة، وهذا يتنافى مع الشخصية الإيمانية الإسلامية السوية. وأضاف كريمة: أن الجماعة المتسلفة لم يكفها أن يروضوا الشعوب على الخضوع والخنوع للحكام الظالمين ولم يكتفوا أنهم طمسوا معالم الإسلام واعتدوا على جوهر الإيمان وتحريم الصور الفوتوغرافية وأن الأرض كروية لا تدور وحل أكل لحوم الجن والدعوة لإعادة الرق إلى آخر التخاريف الكاشفة عن جهل مسبق للشريعة وهذا شأن الخوارج «يحسنون القول ويسيئون الفعل»، فأطالب التيار المتسلف أن يتركوا أحكام الشرع لعلماء الأزهر وكفانا شغباً على الإسلام أيها المتسلفون. فى السياق ذاته، قالت الدكتورة سعاد صالح أستاذة الفقة المقارن والعميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية بنات بجامعة الأزهر: هذه الفتوى لا تصدر من امرئ عاقل رشيد فقد أصابتنى حالة من الذهول، كون الدين الإسلامى أمر الزوج أن يحسن معاملة زوجته وأن يعاملها برفق ومودة وأن يدافع عنها ويقوم بحمايتها ضد أى معتدٍ وليس أن يتركها للكلاب الضالة تنهش بعرضه وشرفه ويهرب لمجرد أن المعتدى معه سلاح ويخشى على نفسه الموت. واستنكر الدكتور على عبد الباقى أمين عام مجمع البحوث الإسلامية فتوى برهامى قائلاً للأسف الشديد برهامى أساء للإسلام والمسلمين أكثر مما قدم له وحسبنا الله ونعم والوكيل، لافتاً إلى أن الدين الإسلامى كفل حماية الأعراض والأنفس.
فيما اعترض الدكتور على عمر، أحد علماء دار الإفتاء، على فتوى برهامى جملة وتفصيلاً، لافتاً إلى أن هناك للأسف أشخاصا يطلقون الفتاوى الغريبة المضللة بدون علم من أمثال برهامى، لافتاً إلى أن المفتى لا بد أن يكون عالمًا عاملاً بعلمه، وأن يجمع علوم الشريعة من قرآن كريم وسنة نبوية والعلوم المندرجة تحتهما، وعلوم اللغة وفنونها، وأن يكون من أصحاب الفطنة والكياسة، وأن يتسم بالتجرد فى الفتوى من أى أهواء أو ميول تؤثر على الفتوى أو تغير من حكم الله، وأن يدرك الواقع إدراكا تمامًا لتحقيق مناط الفتوى فى واقعها. كما أن دار الإفتاء المصرية هى الجهة الرسمية للفتوى فى مصر. داعيًا المواطنين كافة إلى تعقل الأمر وألا يستمعوا إلى مثل هذا الفتاوى المضللة وأيضاً التوجه إلى دار الإفتاء لمعرفة الحكم الشرعى والحصول على الفتوى.