- عضو سابق بالجماعة: مقر لندن دولة داخل الدولة واستقباله لشخصيات تدعم العنف سبب فتح التحقيقات - مصدر مقرب من التنظيم الدولى: القيادى الإخوانى إبراهيم صلاح تواصل من سويسرا مع رجل الأعمال يوسف ندا لتجهيز مقر جديد للإخوان
أثار قرار الحكومة البريطانية الذى أعلنته الأسبوع الماضى ببدء التحقيق مع قيادات جماعة «الإخوان» فى لندن، تساؤلات عدة يتعلق بعضها بالتاريخ الطويل الذى ربط الجماعة بمدينة الضباب، عندما جرى الاتصال الأول بينهما عام 1941، وتساؤلات أخرى دارت حول المعلومات التى جمعتها أجهزة الأمن الداخلية حول نشاط الإخوان وعلى ضوئها بدأت التحقيقات. أبرز التساؤلات التى تتعلق بتاريخ الإخوان مع لندن، كان استخدام بريطانيا للجماعة فى مواجهة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذى اتبع سياسة عدم الانحياز بعد ثورة 23 يوليو 1952، ولقاءاتهم السرية مع مرشد الجماعة وقتذاك حسن الهضيبى لمواجهة الناصريين والقومية العربية، إضافة إلى الوثائق التى أفرجت عنها المخابرات البريطانية فيما بعد، وتوضح حقيقة العلاقة مع تنظيم الإخوان، حيث تتضمن الملفات البريطانية عقد لقاءات بين الإنجليز وقيادات إخوانية فى 7 فبراير عام 1953، وفيها أبلغ شخص يدعى أبو رقيق تابع لجماعه الإخوان المستشار السياسى تريفور إيفانز، رسالة مفادها «إذا بحثت مصر فى العالم بأجمعه عن صديق لها لن تعثر على صديق سوى بريطانيا»، وهى رسالة اعتبرتها السفارة البريطانية بمثابة إعلان عن وجود قادة داخل الإخوان لديهم الاستعداد للتعاون مع بلادها. فى عام 1954 أعلن جمال عبدالناصر حل جماعة الإخوان، وفى أكتوبر من نفس العام تعرض عبد الناصر لمحاولة اغتياله على يد التنظيم السرى فى حادث المنشية، والتى قيل وقتها إنها تمت بإيعاز من السفارة البريطانية، حيث ألقى القبض على المئات من الإخوان، بينما أرسل ونستون تشرشل رسالة شخصية إلى عبدالناصر قال فيها «أهنئك على نجاتك من محاولة الهجوم المشينة عليك بالإسكندرية». وحديثًا ارتبطت تحركات أجهزة الأمن الإنجليزية فى الداخل والخارج بتحركات الإخوان، فحسب المعلومات التى حصلت عليها «الصباح» من مصدر مطلع على تحركات التنظيم الدولى، فإن التحقيقات التى تجريها أجهزة الأمن البريطانية لا تعد دعمًا لخارطة الطريق فى مصر كما أشيع من قبل، ولكن السبب الحقيقى بدأ بعد ورود معلومات تفيد بأن مقر الإخوان بلندن، استقبل خلال الفترة الماضية الكثير من الشخصيات الغامضة والمثار حولها علامات استفهام، علاوة على استخدام مقرات الجمعيات الإسلامية هناك فى جمع التبرعات من رجال أعمال غربيين، واستضافة أشخاص غير مرغوب فيهم بعضهم عائد من سوريا، إضافة إلى استخدام الرابطة الإسلامية فى بريطانيا كقناة تواصل. وتابع المصدر: «بعد ساعات من إعلان رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون، فتح التحقيقات فى نشاط الجماعة، خرجت التوصيات من المراقبين الدوليين للإخوان بضرورة نقل المقر خوفًا من أن تكون هناك صفقة بين النظام المصرى ونظيره الإنجليزي، لتسليم قيادات الإخوان التى تتخذ من المقر ملاذًا آمنًا للهروب، حيث تم التواصل مع عبدالموجود الدرديرى مسئول مكتب الإخوان بواشنطن، للتوسط لدى البيت الأبيض للحصول على موافقة رسمية بنقل المكتب وأعضائه الدائمين من أمين عام وسكرتارية إلى واشنطن، حيث لن يحتاج الأمر سوى لموافقة الجهات الأمنية بالولاياتالمتحدة، فالجماعة تمتلك بالفعل مكتبًا يتابع أعمال الجماعة ورعاياها هناك». وأضاف المصدر، أنه تم التواصل مع القيادى الإخوانى المهندس إبراهيم صلاح بسويسرا، لتجهيز مقر جديد للإخوان والتواصل مع رجل الأعمال الإخوانى يوسف ندا لمساعدته على اتمام المهمه، لما له من علاقات قوية مع رجال الدولة هناك، لاستخدامه فى حال رفضت واشنطن استضافة الإخوان على أراضيها. من ناحية أخرى، قال إبراهيم محمود القيادى الإخوانى السابق، ل«الصباح»، أن جماعة الإخوان بدأت فى اتخاذ خطوات فعلية لنقل مقر التنظيم الدولى من مقره الحالى بشمال لندن إلى مكان جديد، وانحصر اختيار المكان ما بين واشنطن أو سويسرا لوجود كيانات اقتصادية واستثمارات مع رجال أعمال هناك، ما يمكن من استخدام هذه الأعمال كغطاء شرعى لتوفير مقرات آمنة لقيادات التنظيم الدولى بحجة متابعة المعاملات المالية للإخوان، بعد أن أصبح مقر لندن دولة داخل الدولة. وتابع إبراهيم: «عملية النقل تتم الآن على قدم وساق، والأزمة فى لندن لن تنتهى عند حد معرفة حجم الأنشطة الإخوانية، بل قد تصل إلى توجيه تهم التخابر على الدولة نفسها لصالح المخابرات الأمريكية. ويضيف محمود، أن وسيلة التواصل بين قيادات لندن وبين واشنطنوسويسرا، يتم عن طريق منتديات يتم تصميمها على هيئة منتديات للديكور والأثاث، ومن خلالها يتم إرسال شفرات لا يفهمها إلا متلقى الرسالة على الجانب الآخر. وفى سياق متصل، أكد القيادى المنشق خالد الزعفرانى ل «الصباح»، أن لندن بدأت التحقيق فى نشاط الإخوان بعد استقبالها المئات من طلبات اللجوء السياسى لها من قبل الهاربين فى قطر، أمثال طارق الزمر وعاصم عبدالماجد، مما أثار قلقها من تحول مقر الإخوان بلندن لمركز يستضيف العناصر الإرهابية، علاوة على أن نشاط الإخوان المخابراتى بلندن أثار تساؤلات الأجهزة الأمنية فى ظل غياب القيادات الإخوانية التى كانت تتمتع بثقة رئيس الوزراء البريطانى الحالى. وأضاف الزعفرانى قائلًا: «بحث الإخوان عن مقر جديد لهم أمر ضرورى، واختيارهم لواشنطن طبيعى فهى الحليف الأول لهم حاليًا». وعلى هامش التحقيقات، رجح الخبير بمركز الأهرام الاستراتيجى محمد عز العرب، أن تكون هذه التحقيقات بداية الصدام مع جماعات الإسلام السياسى نتيجة تداعيات كثيرة. وتابع عزب العرب فى تصريحات خاصة ل «الصباح» قائلًا: «بعد تزايد أعداد المجاهدين العائدين من سوريا وخوف لندن من استخدامهم فى أعمال عدائية ضد المملكة، وراء فتح التحقيقات فى الوقت الحالى، علاوة على ذلك أن الأنظمة الغربية تعيد النظر حاليًا فى علاقاتها مع الجماعات الإسلامية». واستطرد عزالعرب قائلًا، أن الحديث عن تجميد نشاط الإخوان فى لندن وتحويله إلى واشنطن، لن يتم إلا بعد الانتهاء من التحقيقات التى تجريها أجهزة الأمن. من جانبه، يقول اللواء محمود زاهر، أن هناك عدة أسباب وراء اتجاه بريطانيا لذلك، وجميعها تتعلق بالإرهاب، ويأتى فى مقدمتها وجود رأى عام داخل بريطانيا يطالب بطرد الجماعة من المملكة، بعد حادث اغتيال ثلاثة بريطانيين فى سيناء على يد الجماعات الإرهابية التى تساندها جماعة الإخوان، وأن الجماعات الإرهابية حول العالم تحالفت مع الإخوان لعمل لوبى إرهابى له تأثير إعلامى، ومن الممكن أن يستهدف بريطانيا نفسها، وبالتالى يكون مقر الإخوان مركز لقيادة هذه العمليات. وأضاف زاهر، أن بريطانيا استشعرت أن انحيازها للولايات المتحدة الداعم للإخوان سيفقدها الكثير من استثماراتها الأجنبية فى منطقة الشرق الأوسط، بعد تقدم روسيا والصين على حسابها، بينما لا تستطيع إغلاق مقر الجماعة بلندن بشكل نهائى بسبب موقف تركياوقطر وجزء من إيران وأمريكا الداعم للجماعة، وبالتالى اختارت أسلوب التصريحات الإعلامية بفتح التحقيق مع الإخوان لمعرفة رد الفعل. وبسؤال زاهر حول مدى احتمالية نقل مقر الإخوان إلى واشنطن أو سويسرا، أكد أنه من الصعب نقل المقر إلى سويسرا بسبب القوانين الصارمة، والتى تتبع أى نشاط دينى متطرف، أما الولاياتالمتحدة فهم بالفعل يمتلكون 15 مقرًا فيها، ومن الممكن نقل مقرها فى أى وقت، ولكن تبقى هناك إشكالية تتعلق بطبيعة الأمريكان، فهم يبيعون أى شخص مقابل مصلحة دولتهم. بينما يرى المحلل السياسى فريد زهران، أن فتح التحقيق مع الإخوان من قبل السلطات الإنجليزية أمر جيد وخطوة تحقق مزيدًا من الحصار الدولى لجماعة الإخوان، وتابع زهران فى تصريحاته ل «الصباح»، قائلاً: «بريطانيا تستخدم حقها القانونى فى إجراء تحقيقات مع الإخوان خاصة بعد ارتفاع وتيرة العنف خلال الفترة الأخيرة، وخوفها من نقل هذه العمليات إلى أراضيها، فيما تقوى هذه التحقيقات شوكة مصر، فهى تدلل على تبنى الجماعة لأعمال العنف. جدير بالذكر، أن الخارجية المصرية رحبت بقرار بريطانيا حول بدء التحقيق مع جماعة الاخوان وأنشطتها، فى حين يتوقع مسئولون بريطانيون أن يتم حظر نشاط الإخوان داخل المملكة مثلما حدث معهم فى بعض الدول العربية، فى حين طالب المكتب الصحفى لجماعة الإخوان بلندن الأسبوع الماضى، الحكومة البريطانية بعدم الرضوخ للضغوط التى تمارسها الدول الأجنبية حول إجراء مراجعة لوضع الجماعة فى لندن.