شهد الأسبوع الماضى الإعلان عن توقيع عقد إنشاء مليون شقة سكنية تحل أزمة الإسكان فى مصر، حيث يتم سداد المقدم بما يتراوح بين 10 الى 15 ألف جنيه، وعلى فترات سداد لمدة 20 عامًا . وبين أحلام الشباب الذى شعر لأول مرة أن أمله فى سكن آدمى فى مجمتع متكامل بات ممكنًا، عادت الكتائب الإلكترونية إلى حرب الكيبورد،حيث أخذت فى التشكيك فى المشروع واصفة إياه مرة ب«الوهم »، وتارة بأنه «دعاية انتخابية» للمشير «السيسى»، وأن الهيئة الهندسية للقوات ستنفذ برنامج المشير الانتخابى. لكن ما نسيّه المهاجمون أن المشير السيسى لم يكن قد أعلن رسميًا عن ترشحه إضافة إلى أنه لا يوجد منافسون حقيقيون للأسف على الساحة يقدمون أى برامج وحلولًا حقيقية تحل مشاكل مصر، وبالتالى السيسى لا ينافس نفسه، وثقة دول الخليج فيه أعادت الاستثمارات العقارية بعد 30 يونيو . المفاجأة السعيدة أن المشروع جاد للغاية، بل وليس الأخير لأن عددًا من المستثمرين وعدوا مصر بالمزيد، وقريبًا سيتم الإعلان عن إنشاء وحدات أخرى. ويذكر أن البنك المركزى المصرى خصص 10 مليارات جنيه لمشروعات الإسكان منخفض التكلفة، وستودع الأموال فى البنوك لمدة 20 عامًا بفائدة منخفضة لذا تستطيع البنوك بدورها إقراضها للمواطنين لشراء منازل بفائدة سنوية من 7 إلى 8 فى المئة. وعلى الرغم من تباطؤ مشروعات التطوير العقارى حد التوقف، فى انعكاس لمشكلات على نطاق أوسع تعانى منها أنشطة الأعمال المصرية الأخرى جراء الاضطرابات السياسية منذ ثورة 25 يناير 2011 إلا أن العام الحالى شهد بداية نقلة نوعية فى عودة مشروعات عربية قامت بإعادة ضخ أموالها وعلى رأسها «الفطيم» و«الكحكى» . وكشف مصدر عسكرى مطلع ل«الصباح» أن مشروع بناء الوحدات مع الشركة الإماراتية فى 11 محافظة ليس إلا مقدمة لمشروع أكبر يعتمد أيضًا على إعادة استثمار أصول القوات المسلحة، بما يصب فى صالح الموازنة العامة المصرية، وقال إنه عند الإعلان عن تفاصيل المشروع سيحقق دخلًا قوميًا يفوق دخل قناةالسويس. أما عن مشروع المليون شقة، فيقول اللواء أركان حرب طاهر عبد الله رئيس الهيئة الهندسية إنه تم البدء فى المسح الجوى للأرض المخصصة للمشروع، حتى يتم التأكد من صلاحيتها للبناء، لافتًا إلى أنه سيتم إحلال وتغيير المواقع وفقًا لطبيعة الموقع وبما يتلاءم مع حلم بناء مدن متكاملة الخدمات، وتقدر المساحة الإجمالية للأرض التى يقام عليها المشروع 160 مليون متر منها 149 مليونًا بالقاهرة موزعة بين مدن العبور وبدر والإخلاص، بينما تتوزع المساحات الباقية بين محافظاتالإسكندرية (برج العرب 964 ألف متر)، والمنوفية (السادات) 2.8 مليون متر، والفيوم (الفيوم الجديدة) 2.2 مليون متر، وبنى سويف (بنى سويف الجديدة) 864 ألف متر، والمنيا (المنيا الجديدة) ب 1.6 مليون متر وأسيوط (أسيوط الجديدة) 900 ألف متر، وسوهاج (سوهاج الجديدة) 1.1 مليون متر، وقنا (قنا الجديدة) 264 ألف متر، والأقصر (طيبة الجديدة) 328 ألف متر. ووفقًا للتصميمات المبدئية للمشروع، فمن المقرر أن تكون هناك 5 نماذج للوحدات السكنية التى ستتسم بنمط معمارى واحد، بجانب مساحات خضراء على شكل «جزر» فى منتصف الوحدات لكى تكون متنفسًا طبيعيًا لسكان. وأوضح اللواء عبدالله أن التخصيص سيتم وفقًا لشروط معلنة وشروط مشددة تمنع التلاعب والمتاجرة بالمشروع، حتى يحقق الهدف المرجو منه، وهو حل أزمة الإسكان للأسر المتوسطة وللشباب، والمشروع ليس مقصورًا على فرص عمل مباشرة لأكثر من 4 ملايين مصرى، لكنه يفتح الباب لتنشيط الاقتصاد المصرى فى قطاعات مختلفة. على صعيد متصل، قالت مصادر مطلعة بوزارة الإسكان ل«الصباح»، «أن القوات المسلحة أسندت دراسات المشروع إلى الشركة الإماراتية التى ستتولى تمول جزءًا كبيرًا منه فى إطار الدعم التى التزمت به دولة الإمارات تجاه مساندة الاقتصاد المصرى، وستقوم بشكل مباشر بالإشراف على إعداد هذه الدرسات بمشاركة كبار الخبراء المصريين، وأبرزهم المهندس حسب الله الكفراوى وشركة المقاولون العرب، وبمتابعة وإصرار من رئيس مجلس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، لخروج دراسات هذا المشروع إلى النور تمهيدًا للبدء الفعلى فى تنفيذ المشروع بعد تسليم المواقع وقطع الأراضى المخصصة لإقامته، والتى أعلن عنها المشير السيسى فى 17 موقعًا بمختلف المحافظات. وأضافت المصادر أن تكهنات بعض المهندسين الاستشاريين الذين كانوا يرغبون فى الحصول على جزء من كعكة إنشاء المشروع، بشأن حسابات تكاليفه الإجمالية وتكاليف إقامة الوحدة السكنية وانعكاسها على قدرة محدود الدخل فى اقتنائها، هى تكهنات عارية تمامًا من الصحة ومحاولة للنيل من المشروع والتقليل من قدرة القوات المسلحة على إتمام مثل هذه المشروعات ومحاولة تصديره للرأى العام على أنه وهم لا يمكن تحقيقه». وأكدت المصادر نفسها أن «فترة ال5 سنوات التى تم الإعلان عنها لإتمام تنفيذ المشروع هى كافية لإقامته بشرط الجدية فى تنفيذه، خاصة أن الشركة الإماراتية «أرابتك القابضة» تعد من أكبر شركات المطور العقارى فى الشرق الأوسط وتستطيع فرض معداتها فى نفس الوقت فى مختلف المواقع لتنفيذ المشروع، وستشارك (المقاولون العرب) وأجهزة القوات المسلحة فى تنفيذ هذا المشروع مما يعطى دفعة قوية لتنفيذه فى الوقت المحدد له وبأعلى جودة ممكنة. من جانبه، كشف حسن اسميك الرئيس التنفيذى لشركة «أرابتك القابضة»، أكبر شركة تشييد مدرجة فى سوق دبى، كواليس الاتفاق الأكبر من نوعه فى التاريخ العقارى المصرى، مؤكدًا أن الحكومة المصرية لن تتحمل أى أعباء فى هذا المشروع الضخم اتفقت أرابتك مع القوات المسلحة على تنفيذه لبناء مليون وحدة سكنية لمحدودى الدخل فى مصر بتكلفة 280 مليار جنيه (40.2 مليار دولار) ويتم الانتهاء منه قبل عام 2020 . وقال اسميك «إن أرض المشروع مقدمة مجانًا من القوات المسلحة المصرية وستقدم الإمارات التمويل المبدئى اللازم له، فيما ستوفر الشركة بعد ذلك التمويل عبر الدفعات المقدمة والأقساط»، موضحًا أن شركته كانت تتفاوض مع الحكومة المصرية بشأن المشروع منذ نحو 5 أشهر، وهو باكورة أعمال الشركة فى مصر وسيكون نواة لحل أزمة المساكن فى أكبر بلد عربى، وسيكون النواة لحل مشكلة الإسكان فى مصر، ونحن ننظر إلى المشروع على أنه مساعدة من الإمارات لمصر بشكل أكبر من نظرنا للعائد المتوقع منه، وهو لن يؤثر علينا من ناحية الجدوى الاقتصادية». ولفت «اسميك» إلى أنه من المقرر أن يجرى تسليم أول وحدة سكنية بالمشروع مطلع عام 2017، وأن ينتهى المشروع بالكامل قبل عام 2020، مشيرًا إلى أنه من المحتمل زيادة مواقع المشروع إلى 17 موقعًا، وأنها ستضم وحدات بمساحات تتراوح بين 85 مترًا و110 أمتار تطرحها الشركة بسعر يقل عن التكلفة، وسيجرى بيع الوحدات السكنية للشباب بسعر يقل بنحو 30 إلى 40 بالمئة عن سعر التكلفة الحقيقية للوحدة، مع العلم أن أقساط الوحدات ستسدد على فترات تتراوح بين 10 أعوام و20 عامًا، وأن الشركة اتفقت مع 40 بنكًا لتمويل الوحدات للشباب. وستقام المجمعات السكنية التى سيضمها المشروع، حسب الرئيس التنفيذى لشركة «أرابتك القابضة»، فى 13 موقعًا فى مختلف محافظات مصر على مساحة إجمالية تزيد على 160 مليون متر مربع على أن تبدأ أعمال الإنشاء فى الربع الثالث من هذا العام. وتابع: «سنطرح مناقصة على الشركات المصرية قدمت أسعارًا أقل سنأخذ منها لكن لو الأسعار مرتفعة سنضطر حينها للاستيراد من الخارج بتكلفة أقل وجودة عالية، والاستيراد والتعاقد سيكون مرة واحدة فقط على جميع المواد والكميات التى يحتاجها المشروع، أما التمويل فسيكون عبر شركة تؤسس بالشراكة بين مصر والإمارات، وسيتولى قيادتها رئيس سابق لأحد البنوك المصرية الكبرى. وأبدى رئيس «أرابتك» تفاؤله بالاقتصاد المصرى قائلًا: «إن شركته ستركز على السوق المصرية بصورة أكبر خلال الفترة المقبلة، خاصة أنه بلد ضخم به الكثير من الخيرات و90 مليون مواطن، لو كل حاجة انتظمت فى مصر ممكن تكون أمريكا، أنا متفائل جدًا جدًا بمستقبل مصر... مصر تترقب أجواءً إيجابية وستعود لتصبح أم الدنيا». فى السياق، أكد وزير الإسكان الأسبق حسب الله الكفراوى، أحد أكبر رجال التعمير فى مصر، ل «الصباح» أن «هذا المشروع هو فخر للعلاقات المصرية- العربية، وهو حقيقة ما كان ينتظره الشعب المصرى من الأشقاء العرب، والمشروع سيعمل على حل أزمة السكن فى مصر بشكل كبير، بالإضافة إلى أنه سيكون نواة لسلسلة من مشروعات إسكانية عملاقة أخرى ستعمل على إنهاء تلك الأزمة تماما». وتابع الكفراوى: « لم تدخل القوات المسلحة فى مشروع يخدم المصريين إلا وتقوم بتوافر كل إمكانياتها ومواردها المتاحة لتنفيذه بالشكل المطلوب، وفى الوقت المتفق عليه، ومشروع المليون وحدة الذى ستشرف عليه القوات المسلحة بالتعاون مع الشريك الإماراتى سيعمل على تغيير وتحديث منظومة القطاع العقارى فى مصر، لأنه سيعمل على خلق رواج استثمارى وضخ سيولة كبيرة بالسوق المحلية ستعمل على إنعاش قطاع العقارات والمقاولات المصرية التى تجذب معها حوالى 80 صناعة ومهنة يعمل بها ملايين المصريين». وقال المهندس محسن صلاح رئيس شركة «المقاولون العرب» ردًا على سؤال ل«الصباح» حول هذا المشروع، «لن نتردد فى دعم شباب مصر، فنحن ذراع الشعب المصرى لتنفيذ مشروعاته القومية». وعلى غرار هجومه العنيف على مشروع «ممر التنمية» للعالم المصرى فاروق الباز والذى كان السبب الحقيقى فى وقفه تمامًا، بحجة أنه «مشروع فاشل وغير قابل للتنفيذ»، يأتى هجوم الاستشارى والناشط السياسى ممدوح حمزة على مشروع القوات المسلحة أيضًا بنفس المستوى العنيف والمثير للجدل والسخرية. «حمزة» يدعى أن هذا المشروع ما هو إلا دعاية لترشيح السيسى، رافضًا تبنى القوات المسلحة للمشروع بحجة أن وزارة الإسكان هى المختصة بتوفير الإسكان لمحدودى الدخل، ولا دخل للجيش بها، متناسيًا أن كل المشروعات الاستثمارية العملاقة أسندت الحكومات السابقة تنفيذها إلى القوات المسلحة. إلا أن «حمزة» اعتبر أن «تدخل المستثمرين فى مجال الإسكان يضر بمفهوم العدالة الاجتماعية»، وأنه «لا يمكن لشركات استثمارات هادفة للربح أن تبنى مشروعًا لمحدودى الدخل، وأن كل قرش ستضعه ستحصل فى مقابله على ثلاثة أضعافه»، لكنه نسى أن الخزانة العامة المصرية لا تستطيع وحدها تحمل مشروع عملاق بهذا الحجم، ولا بد من إشراك المستثمرين فى تنفيذه.