تعانى أراضى الأوقاف فى المحافظات من مشاكل عدة، فمن قضايا معلقة إلى عمليات نهب مستمرة، انتهاء بتعدد جهات الإشراف على الأوقاف، تبدو أزمة الأوقاف بلا حل، لكن زاد الأمر سوءاً الصراع بين هيئة الأوقاف والمحافظات، فى أزمة ضيعت المليارات على المصريين، بعدما تعرضت أراضى الأوقاف لأكبر عملية نهب وسرقة، عقب قرار رئيس الوزراء الأسبق، أحمد نظيف، فى 2006 بنقل تبعية أراضى الأوقاف إلى المحافظين، ما فتح الباب أمام الاستيلاء على مئات الأفدنة. رئيس جمعية «مستحقى أوقاف مصر»، اللواء أحمد جلبى، قال ل»الصباح» إن قرار رئيس الحكومة السابق، أهدر ملايين الجنيهات على وزارة الأوقاف، على الرغم من أن القرار تم إلغاؤه قضائياً، إلا أن الفترة التى عمل فيها بالقرار أعطى حرية مطلقة لكل محافظ داخل محافظته للتصرف فى أراضى الأوقاف، مع حرمان وزارة الأوقاف من حق الإشراف، مما فتح الباب لاستيلاء المحافظين والبلطجية على تلك الأراضى. وأضاف جلبى: «معظم أراضى الأوقاف بالمحافظات تعرضت للنهب خلال فترة تنفيذ قرار نظيف، وجاءت محافظة كفر الشيخ، فى المرتبة الأولى، بعدما تم نهب أكثر من 90% من أراضى الوقف بها، فاللواء محمود زكى محافظ كفر الشيخ حينذاك بنى مساكن ومدارس وأعطى قطع أرض لأصحاب مصانع وشركات استثمارية داخل المحافظة، دون أن يعطى مليماً لوزارة الأوقاف، بالإضافة لغيرها من المحافظات». لافتاً إلى أن هيئة الأوقاف من أغنى الهيئات فى مصر، وقادرة على إنعاش الاقتصاد المصرى بمواردها المترامية، لذلك لابد من إنهاء مشكلتها مع المحافظات، وهو ما سيدر دخلاً كبيراً، وبالتالى ستقوم الهيئة باستثمار مواردها فى مشروعات عملاقة كثيفة العمالة ذات مردود اقتصادى، خاصة فى ظل الوضع المتردى للاقتصاد المصرى حالياً. فى هذه الأثناء، قال رئيس هيئة الأوقاف، المهندس صلاح الجنيدى، إن البحيرة تعد من أكثر المحافظات التى يتواجد بها أملاك تابعة للأوقاف، إذ تضم مساحات شاسعة من الأراضى تصل إلى 14 ألف فدان و300 عزبة، تعرضت لهجمة شرسة بعد قرار نظيف، ووصلت التعديات على أراضيها ل 3 آلاف حالة ورغم العدد الهائل لم تنفذ حالة إزالة واحدة، مشيراً إلى أن أشهر حادثة للاعتداء على أراضى الأوقاف بالبحيرة عندما قامت وزارة المالية بشراء مساحة كبيرة من الأراضى تصل إلى 96 فدانا من وقف «إنجى هانم» لحساب شركة الصالحية بقرض من بنك الاستثمار القومى بمبلغ 106 ملايين جنيه، قامت بعدها شركة الصالحية ببيعها بعد 3 أسابيع فقط لتحقق 30 مليون جنيه أرباحاً، لذلك نطالب بعودة أراضى الأوقاف وسحبها من المحافظين لضمان إدارتها بشكل جيد. من جهته، أكد رئيس هيئة الأوقاف السابق، الدكتور أسامة كامل، أن إجمالى مساحة الأراضى التى تتبع الهيئة بمحافظة الشرقية، تقدر ب 9 آلاف فدان فقدت منه ما يزيد ثمنه على المليار جنيه استولت عليه المحافظة وعدة جهات حكومية، مشيرا إلى أن قرار نظيف تسبب فى التلاعب بأراضى وزارة الأوقاف، حيث تم خلال عام 2006 استبدال أراضى الأوقاف الزراعية والمعدة للبناء، بأراض أخرى فى الظهير الصحراوى. مصدر مسئول بهيئة الأوقاف المصرية قال إن هناك أكثر من 15 ألف نسمة فى 11 عزبة تابعة لتجمع سكنى يطلق عليه اسم «منشأة الأوقاف»، بمركز طنطا فى محافظة الغربية، حيث يعيش الأهالى هناك مأساة كبيرة مع هيئة الأوقاف بسبب قرار نظيف، بعدما أقاموا مساكن على أراض كانوا ينتفعون بها بمقابل مادى، منذ أكثر من 10 سنوات، ورغم صدور قرارات عديدة لحسم تلك القضية، إلا أن المشكلة لم تحل لاتساع أراضى الأوقاف لتبلغ 3 آلاف فدان، وتعد عزبة «العمارة» الأكثر تضرراً، حيث يقع فى حيزها وقف «عزيزة هانم يكن»، عمة الملك فاروق، وتقدر مساحة وقفها ب 393 فداناً، طبقاً لحجة الوقف الأصلية، وهذه المساحة مقسمة بين كتل سكنية وأراض زراعية، وتليها عزبة «نظيف» التى تضم وقفاً يطلق عليه «وقف خديجة برينجى». وأضاف المصدر - الذى فضل عدم ذكر اسمه-: «فى محافظة الإسكندرية لم يختلف الأمر كثيراً، فبعد إلغاء قرار نظيف، رفع عشرات المزارعين دعاوى قضائية أمام مجلس الدولة لوقف طردهم من أراضى الأوقاف، واتهموا هيئة الأوقاف بارتكاب جريمة تبوير الأراضى الزراعية، وأكدوا فى دعواهم وجود عقود رسمية بينهم وبين محافظة الإسكندرية يقومون وفقاً لها بتسديد القيمة الإيجارية المستحقة، لافتاً إلى أن أراضى الأوقاف بالإسكندرية والتى تقدر بحوالى 61 فدانا تم الاستيلاء عليها بوضع اليد، وعندما تحركت الهيئة بمعاونة الشرطة لاستعادتها، أصدر المحافظ قراراً بوقف الحملة بدعوى أن الأوقاف ليس لديها ما يثبت أحقيتها بالأرض». وذهب الدكتور شريف نصحى، أحد أهالى كفر الشيخ، إلى أن كثرة الأراضى المملوكة للأوقاف داخل المحافظة تشعل الصراع بصفة مستمرة بينها وبين الهيئة، ويرجع الصراع إلى قيام الهيئة بإشعال الأسعار داخل المحافظة، بعد أن رفعت أسعار الشقق والأراضى بشكل مبالغ فيه، فوصل سعر الشقة لأكثر من نصف مليون جنيه كما وصل سعر متر الأرض إلى 30 ألف جنيه مطالباً بوضع ضوابط حتى لا تخرج وزارة الأوقاف عن دورها فى إدارة أراضى الوقف حتى تعمل لصالح الفقراء، مع ضرورة مراجعة جميع المخالفات وإعادة كل شبر تم اغتصابه سواء من خلال المحافظات أو من خلال تواطؤ بعض موظفى الهيئة وعمل حصر شامل لكافة أوجه التعديات وتقنين أوضاع واضعى اليد والمغتصبين.