وصف المتحدث الرسمى باسم وزارة «الخارجية»، السفير بدر عبدالعاطى، قرار الإدارة الأمريكية بعدم دعوة مصر لمؤتمر القمة الأمريكية الأفريقية ب«الخاطئ»، مؤكدًا خلال حواره ل«الصباح»، أن العلاقات المصرية الأمريكية تغيرت بعد «30 يونيو»، وبات يحكمها مفهوم الشراكة، مشيرًا إلى تطور العلاقات مع الدب الروسى، كما تحدث عن حراك للخارجية لإعادة التوازن للسياسة الخارجية بتوثيق العلاقة مع أصدقاء وشركاء جدد، وفيما يلى نص الحوار: هل استعادت مصر مكانتها على الساحة الدولية بعد ثورة «30 يونيو»، والتخلص من نظام «الإخوان؟ - نستطيع القول إن السياسة الخارجية تليق بمكانة مصر وبملايين المصريين، الذين قاموا بثورتين شعبيتين أبهرتا العالم، خاصة أن هدف الثورة التأكيد على استقلالية القرار المصرى، الذى لن يأتى إلا عبر تنويع البدائل والخيارات الخارجية، حتى لا نعتمد على قوة عالمية واحدة، ونهمل علاقاتنا مع بقية القوى الأخرى، وأعتقد أن الدبلوماسية المصرية بدأت التحرك بفعالية على كل الأصعدة، لإعادة التوازن للسياسة الخارجية بتوثيق العلاقة مع أصدقاء وشركاء جدد، لتحقيق مصالح مصر العليا والحفاظ على اعتبارات الأمن القومى، فضلًا عن استعادة الدور الريادى للقاهرة فى المنطقة، فالعالم العربى يحتاج إلى نموذج حضارى وريادى وفكرى، لقيادة المنطقة، فعندما تراجع الدور المصرى فى المنطقة خلال فترة حكم «الإخوان»، لم تستطع أى دولة أن تلعب هذا الدور، لذلك فرسالتنا إلى العالم أجمع منذ «3 يوليو»، أن مصر عادت مرة أخرى إلى ريادتها، وتقوم بمسئوليتها الإقليمية والدولية. ما تقييمك للموقف الأمريكى المتذبذب من ثورة «30 يونيو»؟ - الموقف الأمريكى تغير تمامًا بعد ثورة «30 يونيو»، واعترافه بانتصار إرادة الشعب، والعلاقة بين القاهرةوواشنطن، لم تعد تحكمها علاقة الدولة المانحة بالدولة المتلقية للمعونات، فمن يظن ذلك فهو واهم ومخطئ، لأن هذا العهد انتهى، والعلاقة الآن يحكمها الشراكة، فأمريكا فى حاجة لمصر لأنها على يقين أن مصالحها فى الشرق الأوسط لن تستقيم دون علاقة قوية مع القاهرة. كيف تبرر قرار واشنطن بعدم دعوة القاهرة إلى القمة الأمريكية- الإفريقية المقبلة؟ - هذا القرار خاطئ وقصير النظر، وذلك على الرغم مما نقل عن الجانب الأمريكى بإمكانية التراجع عنه مستقبلًا، إذا ما أنهى الاتحاد الإفريقى تعليق عضوية مصر، لأن هذه القمة تعقد فى إطار العلاقة بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الإفريقية كلها، وليس للاتحاد الإفريقى أى علاقة تنظيمية بهذه القمة. وهل هذا السبب فى التقارب المصرى - الروسى؟ - سيشهد العام الحالى، تطورًا إيجابيًا فى علاقات مصر مع الشركاء الدوليين، وفى مقدمتهم روسيا الاتحادية والصين والهند واليابان، وهناك اتصالات مستمرة بين وزيرى الخارجية المصرى والروسى، لمتابعة نتائج اجتماع (2+2)، الذى جمع وزراء خارجية ودفاع البلدين، فى نوفمبر الماضى، والذى يعد نقلة غير مسبوقة فى تاريخ العلاقات بين الجانبين، وستشهد الفترة المقبلة، نشاطًا ملموسًا فى مجالات البنية التحتية والطاقة وتحديث المشروعات التى شارك الاتحاد السوفيتى فى إنشائها مثل توربينات السد العالى، وكذلك تنمية العلاقات الأمنية والعسكرية التى لم تتوقف أبدًا بين البلدين. كم عدد الدول التى أدرجت جماعة «الإخوان» كمنظمة إرهابية؟ - من السابق لأوانه الحديث عن استجابة دول بعينها أو رفضها لقرار تصنيف «الإخوان» كجماعة إرهابية، فقد تم إبلاغ الدول العربية المنضمة لاتفاقية «مكافحة الإرهاب»، لعام 1998، عبر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، ونحن فى انتظار نتائج هذه الخطوة، فالمهم هنا هو تنفيذ الدول المنضمة للاتفاقية، خاصة أن هناك شقًا قانونيًا وفنيًا يتم العمل على تفعيله فى إطار الاتفاقية وآلية التنفيذ المرتبطة بها. ألا يمكن لمصر مطالبة قطر بتسليم قيادات «الإخوان» الهاربة من الملاحقة الأمنية والمتواجدة فى «الدوحة»؟ - موضوع تسليم قيادات «الإخوان» يختلف تمامًا، ولا يدخل فى إطار اتفاقية مكافحة الإرهاب، فمثلًا القيادى الجهادى عاصم عبد الماجد، صدر قرار من النائب العام بضبطه وإحضاره، وتفعيل هذا القرار يتم من خلال الإنتربول الدولى، وبالفعل أخطر مكتب النائب العام الإنتربول الدولى لمخاطبة قطر لتسليم عبدالماجد، وهناك مسار آخر فى الإطار الثنائى، كذلك اتبعت مصر المسار السياسى بعدما قامت وزارة العدل بإبلاغنا فى وزارة الخارجية، حيث قمنا باستخدام القنوات الدبلوماسية لإبلاغ الجانب القطرى، وهو ما تم بالفعل، أما عن الموقف المصرى عمومًا، فأعلنه وزير الخارجية أكثر من مرة، والذى يستند على رحابة الصدر احترامًا للهوية المشتركة، لكن للصبر حدود. برأيك هل الخطوات التى اتخذت كافية للرد على التطاول التركى الذى حدث مؤخرًا؟ - حينما تم المساس بالمصالح المصرية جاء الموقف واضحًا، بعدم إمكانية المساس بالشأن المصرى، ولهذا سحبنا سفيرنا من أنقرة، فى 15 أغسطس الماضى، وإلغاء التدريبات البحرية المشتركة فى أكتوبر الماضى، وعندما استمر التعنت التركى، جاءت خطوة تخفيض مستوى العلاقات إلى درجة قائم بالأعمال، واعتبار السفير التركى فى القاهرة شخصية غير مرغوب فيها، واستدعاء السفير المصرى، وهو فى رأيى موقف حازم ومتعقل وملتزم، لأن مصر فى النهاية دولة كبيرة لا تتحرك بانفعالات الدول الصغيرة، لكنها لا تتسامح مع من يمس أمنها القومى. كيف ترى مستقبل العلاقات بين مصر وإيران خاصة فى ظل الاتفاق بين طهران والغرب؟ - إيران دولة إقليمية رئيسية ولا يمكن تجاهلها، لكن الاتفاق بين طهران والدول الكبرى، سبق وأن أكد وزير الخارجية أنه اتفاق مرحلى، ويتعين أن يكون خطوة على طريق إخلاء منطقة الشرق الأوسط كلها من الأسلحة النووية، وأسلحة الدمار الشامل، إعمالًا بمبدأ الأمن للجميع، ونأمل أن يكون التغيير الذى حدث فى إيران مؤشرًا على علاقات مستقرة شعارها حسن الجوار مع جيرانها فى دول الخليج العربى. ما موقف مصر من مفاوضات السلام الفلسطينية -الإسرائيلية؟ - مصر على اطلاع مستمر بمسار المفاوضات، وموجودة بكل قوة لكن خارج غرفة المفاوضات، لأنها مفاوضات مباشرة بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، والرئيس الفلسطينى محمود عباس يزور القاهرة بصفة مستمرة لاطلاع القيادة المصرية، على مسار المفاوضات، وإذا كان هناك تشكك فى مدى جدية إسرائيل فى المفاوضات، فإن مصر ملتزمة بدعم جهود وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى فى ملف المفاوضات الفلسطينيية-الإسرائيلية، التى نأمل أن تسفر عن نتائج ملموسة، مع التأكيد على الموقف المصرى الرامى إلى إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 67، وعاصمتها القدسالشرقية. وماذا عن الموقف المصرى من مؤتمر «جنيف2» الخاص بملف الأزمة السورية؟ - الموقف المصرى يستند إلى استبعاد الحلول العسكرية للأزمة السورية، والتأكيد أن الحل السياسى هو المتاح، لذلك ندعم مسار مؤتمر «جنيف2»، الرامى إلى تأسيس سلطة انتقالية ذات صلاحيات كاملة تتولى مسئولية إدارة سورية.
هناك حديث عن إعادة تنشيط العلاقات الإفريقية المصرية ما مدى صحة هذا؟ - بالفعل الفترة القادمة ستشهد نشاطًا مصريًا ملحوظًا على المستوى الإفريقى، حيث من المنتظر أن تشارك مصر فى المؤتمر الوزارى الثانى الذى سيعقد فى العاصمة البلجيكية بروكسل حول أمن منطقة الساحل، ويقدم بدعوة مشتركة من حكومة مالى ومفوضية الاتحاد الأوروبى، ويأتى المؤتمر فى إطار الاجتماع الأول الذى عقد فى باماكو فى العام الماضى، ويترأس فيه وفد مصر نائب وزير الخارجية السفير حمدى لوزا، ويعكس حرص واهتمام مصر بقضايا الأشقاء فى إفريقيا، وأن تجميد أنشطة مصر فى الاتحاد الإفريقى لن يثنيها على الإطلاق من مواصلة دورها والتزامها التاريخى تجاه أشقائها. كما ستستضيف مصر خلال العام الجارى اجتماعًا لوزراء دفاع دول الساحل والصحراء وجارٍ تحديد موعده، كما تم الاتفاق مع الأممالمتحدة على مشاركة مصر بوحدة عسكرية مصرية فى قوات حفظ السلام فى دولة مالى، وستستلم مهامها خلال النصف الثانى من شهر إبريل القادم، وأيضا ستشارك مصر نهاية الشهر فى قمة الكوميسا فى الكونجو.