أثير جدل واسع فى الفترة الماضية حول ما يملكه المشير عبدالفتاح السيسى وثروته وربما تصاعدت الأزمة بعد تقرير فى صحيفة «الوطن» حول امتلاك وزير الدفاع نحو 30 مليون جنيه، وهو ما صححه رئيس تحرير الجريدة مجدى الجلاد بأن الرقم 10 ملايين جنيه فقط، وكأن الخلاف حول حجم ثروته، لكن ما لم تشر له الصحيفة أن السيسى فى الأساس من عائلة ميسورة للغاية وليس خافيا على المقربين ومن يعرفون آل السيسى، أنهم من أصحاب العقارات، فقد ورث المشير وإخوته مساحات كبيرة من الأراضى فى خان الخليلى وقطعة أرض فى المريوطية وأموالا سائلة تقدر بملايين الجنيهات، أى أن ثراء المشير ليس وليد الصدفة ولم يأت فجأة، ووفقا للمقربين منه فإن عائلة السيسى ذائعة الصيت فى منطقة خان الخليلى وتملك ريعا يقدر بملايين الجنيهات، الأمر الآخر أن المشير السيسى ليس مسئولا عما يمتلكه من ثروة ورثها عن والده، ولو حسم قراره فى الترشح للرئاسة فإن المؤكد أن حسابه على ثروته يجب أن يكون بعد خروجه من الرئاسة بعد انقضاء مدته وليس قبلها، ووفقا لإقرار الذمة المالية الذى يتقدم به قبيل ترشحه لشغل هذا المنصب ووقتها يتم الحديث عن ثروته بشكل منطقى، وسواء كانت ثروته 10 ملايين أم 30 مليونا فما الذى يضير المواطن العادى من امتلاك وزير الدفاع هذه الثروة طالما أنها لم تأت بطرق غير مشروعة وأنها ميراث حلال عن والده؟. وكانت «الصباح» قد انفردت فى شهر سبتمبر الماضى بزيارة مسقط رأس المشير عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع والإنتاج الحربى، بقرية «طاليا» مركز أشمون بمحافظة المنوفية، وزيارة حى الحسين الذى عاش فيه الفريق طيلة 21 عاما، وخلال زيارة منزل العائلة فى «شارع مُعز الدولة» المتفرع من شارع مكرم عبيد بمدينة نصر، هل هى مصادفة أن يحمل الشارع هذا الاسم؟ ونعيد نشر تفاصيل هذه الزيارات، لبيان حقيقة أملاك وثروة المشير وإنهاء الجدل حول ثروته. فى الزيارة الأولى إلى شارع مكرم عبيد حيث انتقل السيسى مع أسرته بالكامل إلى منزلهم الجديد منذ أكثر من 30 عاما، ثم ترك الأسرة ليسكن فى منطقة التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة، كنا على موعد جديد مع آل السيسى. انتقلنا إلى العقار رقم 22 فى الشارع، حيث تعيش أسرة الفريق، والدته وإخوته وأبناء عمه عبد العزيز السيسى، حيث عاش الفريق لمدة 10 سنوات، إلى أن انتقل إلى منزله الجديد، وإن كان يزور بيت العائلة الكبير بشكل دورى للاطمئنان على والدته وأشقائه، فى ود وصلة رحم متصلة بين الجميع من أفراد الأسرة. وعلمنا من الجيران أن السيسى وضع فى إحدى شقق منزل مدينة نصر آلات رياضية ومحفظ قرآن كريم لأطفال العائلة، إيمانا منه بأن حفظ كتاب الله والرياضة سيحميان أبناء العائلة من السوء وتضييع الوقت، كما كان يكافئ من يحفظ القرآن الكريم من أطفال العائلة. فى البداية، وبمجرد دخولنا ذلك الشارع الطويل، سألنا المارة فى الشارع وخاصة ممن يسكنون به وبعض حراس العقارات عن العقار الذى يسكن به عبدالفتاح السيسى، لنعلم إذا كان البيت معلوما للجميع أم لا؟ التقينا مع «عم محمود» الذى يعمل بأحد معارض الأدوات المنزلية فى الشارع، والذى أكد لنا علمه أن المشير كان يسكن فى هذا الشارع، وأن أهله حتى وقت قريب كانوا يسكنون هنا، ولكنه لا يعلم رقم العقار بالتحديد. وأضاف «عم محمود» أنه لا أحد كان يعلم بهذا الأمر حتى شاهد السكان مظاهرة نظمها بعض المنتمين لجماعة «الإخوان» فى المنطقة قبل فترة، وقاموا بكتابة جمل مسيئة للجيش وللفريق على العقارات الموجودة بالشارع، فعلم الجميع من وقتها أن «الإخوان» فعلوا ذلك عندما علموا أن أسرة الفريق تسكن فى هذا الشارع.. وطالعتنا منضدة بيضاء بلاستيك وبجوارها كرسيان، يجلس على أحدهما شاب يرتدى الزى المدنى، وهى أول معالم مدخل منزل أسرة المشير بشارع معز الدولة، اقتربنا من العقار، حيث تعيش «الحاجة سعاد» درة قلب المشير، وحيث يذهب قبيل كل خطاب ليتبرك بها، وبادعاء أننا نسأل عن رقم عقار آخر قال الشاب إنه لا يعلم هنا شيئا، وأنه هنا فى مهمة لحراسة العقار. وبعد حديث لم يدم بضع دقائق أوضح أنه مجند من سلاح «التحريات العسكرية» جاء فى مهمة حراسة عقار عائلة الفريق أول عبد الفتاح السيسى «بسبب القلق اللى بيعملوه الإخوان»، حسب قوله. ولم يرغب الشاب فى الحديث أكثر من ذلك، وبدا على وجهه القلق من كثرة الأسئلة، وعندما أردنا الصعود للعقار لنتأكد من العنوان الذى نبحث عنه رفض بشدة وقال: «هذا ممنوع على الجميع، فلا أحد هنا يدخل أو يخرج سوى أقارب الفريق فقط». وفى العقار المجاور لمنزل الفريق مباشرة التقينا الحارس، الذى أكد لنا أن العقار رقم 22 هو بالفعل بيت أسرة الفريق السيسى الذى يملكونه منذ أكثر من 30 عاما، وأن المشير عاش به أكثر من 10 سنوات حتى انتقل مع زوجته وأبنائه إلى التجمع الخامس بينما ظل فى مكرم عبيد الوالدة والأخوات. وأضاف الحارس: أن أمام هذا المنزل كانت سيارة الجيش تقف صباح كل يوم لتأخذه إلى مقر عمله بمصر الجديدة، وكان المشير يضع شنطته بها ويترجل من بيته بمدينة نصر، وحتى مصر الجديدة، حيث عرف عنه لياقته البدنية العالية. وحكى لنا الرجل أن جميع أقارب السيسى بمن فيهم والدته تركوا البيت ولا أحد به الآن، حتى من كان يسكن ترك العقار، قبيل يوم الجمعة 30 أغسطس، على الرغم من أن جميع أقارب الفريق كانوا يسكنون بالعقار، وكان هو يتردد على والدته بشكل دورى كل فترة، حتى منتصف شهر رمضان الماضى، عندما قامت مجموعة من المنتمين لجماعة الإخوان بتنظيم مظاهرة أمام المنزل، رددوا خلالها هتافات مناهضة للجيش وللفريق، ثم قاموا بكتابة جمل مناهضة للقوات المسلحة والسيسى على بعض العقارات بالشارع، الأمر الذى دفع أفراد الأسرة، كما يقول الحارس، إلى ترك العقار، خوفا على أنفسهم. وعن أسرة الفريق التى عرفها جيدا منذ أكثر من 22 عاما، قال الحارس إنها معروفة بالتواضع وحسن الخلق على الرغم من كونهم أسرة عريقة وثرية، كما أنه لم يشهد لهم يوما مشاجرة مع الجيران، وأضاف أن المستشار أحمد سعيد السيسى، الأخ الأكبر للفريق، معروف بتواضعه، حتى إن المستشار عندما يذهب للصلاة بانتظام ويوم الجمعة يحرص على الحديث مع الحارس حديثا وديا من أجل الاطمئنان عليه، وكذلك جميع أبناء العائلة ومنهم الفريق السيسى نفسه، على الرغم من أن محدثنا لم يعرفه طويلاً، لأن الفريق ترك هذا المنزل سريعاً ولم يظل ساكنا معهم. وقال الحارس: إن آخر مرة يتذكر أنه شاهد فيها المشير زار هذا المنزل كانت فى بداية شهر رمضان الماضى، حيث جاء السيسى وأسرته لتناول الإفطار مع والدته وإخوته، وكانت هذه هى المرة الأخيرة تقريبا إلى أن حدثت مظاهرة الإخوان وتركت العائلة منزل مكرم عبيد بشكل مؤقت. ثم تتجه الأنظار لمحافظة المنوفية بحثًا عن مسقط رأس رئيس الجمهورية المنتظر لتحتل المنوفية السلطة للمرة الرابعة فى تاريخ مصر الحديث، بعد السادات ومبارك وعدلى منصور. المشير السيسى لم يولد بمحافظة المنوفية، ولكن والده الحاج «سعيد حسين السيسى» من أهالى قرية «طاليا» مركز أشمون بالمنوفية، عاش فيها عشرات السنين قبل أن ينتقل للقاهرة منذ 80 عامًا تقريبًا، ويستقر بحى الجمالية بمصر القديمة، ويفتح محلًا لتجارة الحبوب وبازارا بمنطقة خان الخليلي، ويتزوج من الحاجة «سعاد» والدة المشير السيسى وأنجب منها أربعة أولاد، وكان المشير السيسى الابن الثانى لهم، وبعد سنوات تزوج والد السيسى ثانيًا لينجب 7 أبناء آخرين ليكون المشير السيسى ضمن 11 أخًا وأختًا من والده. المشير السيسى أطلق عليه أهالى عزبة ال17 التابعة لقرية «طاليا» لقب «الشيخ عبد الفتاح» لبراعته فى حفظ القرآن الكريم وتلاوته منذ الصغر، وكان دائم الزيارة لأهل بلدة والده حتى ترقى لمنصب رئيس المخابرات الحربية. وأكد يحيى عبد الحميد، 65 سنة أحد أقارب والد السيسي، أن المشير السيسى متزوج ولديه 3 أولاد وبنت، وليس كما يشيع أن لديه 3 بنات فقط، مشيرًا إلى أن آخر زيارة للمشير السيسى لبلدته منذ 8 سنوات تقريبًا قبل توليه منصب رئيس المخابرات الحربية، مؤكدًا أنه مع كل مناسبة سواء أفراح أو أحزان نطمئن عليه وهو كذلك وعلاقتنا متواصلة. وقال فايد عبد العزيز طبوشة 51 سنة، تربطه علاقة نسب مع والد السيسي، إنه قريب من المشير فى السن، مؤكدًا أن عبد الفتاح السيسى معروف منذ صغره بأخلاقه العالية وخوفه من الله سبحانه وتعالى، وحافظ للقرآن الكريم فى سن مبكرة، وأطلقوا عليه «الشيخ عبد الفتاح» فى صغره لروعته فى حفظ وتلاوة القرآن، مضيفًا أنه سياسى محنك يتسم بالذكاء منذ طفولته، ودائمًا ما تجده وقت الشدة فهو المنقذ. وأكد أن المشير يكره الوساطة قائلًا «لم نعهده يومًا يعرف الوساطة، فبحكم منصبه الكبير فى القوات المسلحة كنا نطلب منه مساعدة لأبنائنا للالتحاق بالكلية الحربية وغيره ورده دائمًا: مبحبش الوساطة وكل واحد بياخد نصيبه». وأضاف محمود محمد، 62 سنة، قائلًا: «السيسى نور عنينا وخايفين عليه لأنه ابننا وفى نفس الوقت على ثقة بأنه على قدر المسئولية، ونحن لم نر منذ الزعيم عبد الناصر رجلًا ذا شعبية مثل المشير السيسى». وأبدى الغالبية من عائلة السيسى فى المنوفية عدم رغبتهم فى تولى المشير السيسى رئاسة الجمهورية «خوفًا عليه وحبًا فيه»؛ مؤكدين فى رسالة موجهة «أن ظروف البلاد صعبة جدًا وحالة الاقتصاد فى تردٍ وصحة وتعليم فى حالة سيئة، وأن الشعب لابد أن يعلم أننا نمر بمرحلة صعبة للغاية يجب أن يتحمل كل منا الآخر، فالرئيس المقبل سواء كان المشير السيسى أو غيره ليس فى يده عصا سحرية لإصلاح حال البلاد، ولابد أن نواجه جميعًا التحديات لفترة قليلة حتى تستطيع البلاد الازدهار والتقدم، مطالبين الإعلام بتوعية المواطنين بأن الرئيس المقبل أيًا كان اسمه سيواجه الكثير من التحديات ولابد من التوحد حتى نعبر بمصر إلى بر الأمان».