أكدت أحداث الاستفتاء على دستور الجديد، ما انفردت بنشره «الصباح» فى عددها الأسبوع الماضى، بشأن الأسماء المرشحة لشغل منصب وزير الدفاع، وبخاصة فى ضوء ما بدا شبه مؤكد من استقالة الفريق أول عبدالفتاح السيسى استعدادًا لترشحه لمنصب رئيس الجمهورية فى الانتخابات الرئاسية المقبلة. مصادر خاصة أكدت أن حملة ترشيح «السيسى رئيسًا» سوف تكثف من فعالياتها بعد ما ظهر من حب جارف، وتأييد كبير للسيسى خلال عملية الاستفتاء على الدستور، التى استمرت على مدار يومى 14 و15 يناير الجارى، سواء عبر ترديد أغنية «تسلم الأيادى» المؤيدة للجيش، أو عبر إطلاق النساء للزغاريد ورفع صور السيسى، والتأكيد على مبايعته، وبالفعل أظهرت إحصاءات مركز «دعم واتخاذ القرار» التابع لمجلس الوزراء أن السيسى كان محقًا فى دعوته لسيدات مصر لدعم الاستفتاء، ولم تخذله الأم والابنة والأخت التى دعاها فى كلمته للمشاركة فى الاستفتاء، ومثل صوتها 65% من إجمالى من قاموا بالتصويت، لترجح نساء مصر كفة الانتقال إلى المرحلة التالية فى «خارطة الطريق»، وتمسح عام حكم «الإخوان» الثقيل من ذاكرة التاريخ المصرى . على الوتيرة ذاتها، أعلنت حملة «قرار الشعب» التى تدعو إلى تنصيب السيسى رئيسًا لمدة خمس سنوات دون انتخاب، أنها جمعت نحو 7 ملايين تفويض وتوكيل للسيسى خلال عملية الاستفتاء . هذه المشاهد والتحركات الكثيفة تجعل من إعلان السيسى موقفه بشأن الترشح للرئاسة، أمرًا محسومًا خلال أيام، وهو ما أكده ل«الصباح» اللواء محمود خلف، خلال ندوة القوات المسلحة التثقيفية الثامنة التى عقدت الأسبوع الماضى بمسرح الجلاء، حيث طالب فيها إعلاميون وقانونيون وفنانون السيسى بالترشح، كما طالبه خلف بالنزول على رغبة الشعب لتحمل مسئولية الرئاسة، مشيرًا إلى أن رئيس مصر القادم يجب أن يكون على اطلاع بتفاصيل المخاطر التى تتهددها، ومخططات الهيمنة من القوى الإقليمية مثل تركيا وإيران إضافة إلى القوى العظمى. مشهد آخر ظهر فى الاستفتاء يوضحه اللواء محمود خلف، وهو أن هذا الاستفتاء ليس فقط استفتاء على دستور 2014 بل استفتاءً ضمنيًا لاختيار رئيس الجمهورية، ورفض جماعة الإخوان الإرهابية، ودعم «خارطة الطريق»، فمن يقبل اليوم بهذا الدستور هو بالتأكيد موافق على ترشيح وزير الدفاع عبدالفتاح السيسى رئيسًا، والدليل هنا أن الاستفتاء يحتاج فقط إلى نسبة 51% من الأصوات ليتم تمريره، وبالتالى فالمسألة اليوم ليست استفتاء على الدستور فقط بل هى استفتاء على رئيس مصر القادم . المشهد الثانى يخص الفريق صدقى صبحى رئيس أركان حرب القوات المسلحة، الذى اقترب من حسم مقعد وزير الدفاع القادم فى التشكيل الحكومى بعد إجماع أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة على أنه الأحق والأنسب لشغل منصب القائد العام خلفًا للفريق السيسى الذى يُنتظر أن يتقدم باستقالته قبل نهاية يناير الجارى . وكشف مصدر ل«الصباح» أن السيسى سيخرج من الوزارة فى تغيير محدود ليخلع رداءه العسكرى فى أصعب خطوة على قلبه وعقله، ثم يتم الإعلان عن ترشحه للرئاسة، موضحًا أن التعديل الوزارى سيشمل تعيين وزير للإنتاج الحربى، وهى الوزارة التى خلت مقعدها بوفاة الفريق رضا حافظ منذ شهرين، وقد يشمل التعديل وزارة المالية . أما عن تغيير رئيس الحكومة حازم الببلاوى فإن المصادر أكدت أنه لن يترك الوزارة إلا بعد تولى الرئيس الجديد منصبه ليختار من يتولى الوزارة فى حال تم حسم إجراء الانتخابات الرئاسية أولًا وهو ما بات أمرًا شبه محسوم . فى السياق، أكدت مصادر خاصة ل«الصباح» أن أعضاء المجلس العسكرى ضغطوا على الفريق صدقى، مطالبينه بتحمل تلك المسئولية، رغم تصريحه لهم أنه لا يفضل المنصب، خاصة أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يمتلك حق اختيار وزير الدفاع الجديد، ولا يعين إلا بمباركة المجلس. وأكدت المصادر أن منصب رئيس الأركان لايزال محل تنافس شديد بين شخصيتين، هما: اللواء أحمد وصفى قائد الجيش الثانى، والذى تصدى إلى إرهاب الجماعات المسلحة فى سيناء، واللواء أسامة عسكر قائد الجيش الثالث الميدانى، والذى نجح فى السيطرة على الأوضاع فى السويس. بعض مشاهد الاستفتاء، تكشف بجلاء طبيعة الترتيبات المرتقبة داخل قيادة الجيش، فتفقد الفريق صدقى صبحى، سير العملية الانتخابية، بعدد كبير من اللجان أول وثانى أيام الاستفتاء، بمحافظات القاهرة، والجيزة، والإسكندرية، وبورسعيد، والسويس، وأسيوط، والبحر الأحمر، وهى أكبر جولة يقوم بها رئيس الأركان لمتابعة الانتخابات، اللافت أن صدقى صرح بنشر صور له مع اللواء عسكر بينما لم تنشر صوره برفقة أحمد وصفى. فى المقابل، قام وصفى بجولات مكوكية فى المحافظات الست التى يشرف على تأمينها الجيش الثانى، وهى شمال سيناء وبورسعيد والإسماعيلية ودمياط والشرقية والدقهلية، وهى المحافظة التى شهدت استقبالًا شعبيًا حافلًا لوصفى، وترحيب من المواطنين الذين تسابقوا على مصافحته والتقاط الصور لأطفالهم بصحبته، وأكثر من ذلك أن وصفى حرص على إجراء مداخلات إعلامية، وأكد خلالها ترحيبه بترشح السيسى للرئاسة قائلًا: «إنه كبيرنا، ومش هانلاقى أحسن منه»، وهى المرة الأولى التى يصرح فيها قائد عسكرى بالخدمة برأيه السياسى.