من الطبيعى أن يكون هناك عقل مدبر للإرهاب المنظم والعمليات الانتحارية ضد كمائن ومقرات الشرطة والجيش والمخابرات فى سيناء، كل ذلك يحتاج إلى عقل تنظيمى قادر على عقد الصفقات مع مجموعات المرتزقة مثل «أنصار بيت المقدس» وغيرها من الجماعات التى تنفذ أى مخطط إرهابى مقابل المال، وتتخذ من الدين ستارا لها لتتمكن من تنمية مواردها البشرية التى انخفضت بشكل ملحوظ بعد الحملات الأمنية المكثفة التى تشنها القوات المسلحة، وأصبح عدد أعضاء أكبر جماعة مسلحة لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة. ولأن نائب مرشد الإخوان ومسئول الجناح العسكرى، محمود عزت، الهارب فى غزة، هو مهندس تلك الصفقات، فتم منحه صلاحيات عقد تلك الصفقات مع الجماعات الإرهابية لقتل وإرهاب المجتمع، لتوصيل رسالة بأن إزاحة الإخوان من الحكم أمر لن تُحمد عقباه. وحتى يتم إبرام الصفقات بنجاح، تولى «عزت» عقدها بنفسه وفى أماكن داخل وخارج غزة.. هكذا وصف اللواء ثروت جودة، وكيل جهاز المخابرات العامة السابق، المشهد فى سيناء، خصوصا فى الأيام الماضية، مؤكدا أن بصمة «عزت» ظاهرة على كل حادث دموى يقع هناك، مضيفا أن: محمود عزت لم يهرب إلى غزة إلا منذ فترة قليلة، حيث مكث فى سيناء لفترة طويلة، يتنقل ما بين مناطق الوسط تحت حماية الجماعات المسلحة لامتلاكه قوة تشكيل التنظيمات الإرهابية، وربما ظل هناك فترة مكنته من تأسيس الجماعات التى تمارس الإرهاب حاليا ضد المصريين من «أنصار بيت المقدس». وكشف وكيل جهاز المخابرات العامة السابق، عن حصوله على معلومات تؤكد أن نائب مرشد الإخوان يتنقل خارج غزة كثيرا، أما لعقد الاجتماعات أو الصفقات، إضافة إلى هروب «شادى المنيعى» زعيم «أنصار بيت المقدس» إلى قطاع غزة، لافتا إلى أنه لا يزال حتى كتابة هذه السطور يحاول إثبات هذه المعلومات ويتحرى من دقتها، خصوصا أن تنقلات «عزت» محدودة كونه لا يتعامل من خلال الهواتف حتى لا يتم رصده. أما فيما يتعلق بالجماعات الجديدة التى أسهم محمود عزت فى ظهورها، فعددهم لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، ويعتمد فكرهم الأساسى على القيام بعملية كبيرة يتم تصويرها وتصديرها إلى الإعلام بهدف إرهاب المجتمع، وتضخيم حجم الجماعة الجديدة، وهو أسلوب ليس جديدا على الأجهزة الأمنية، كما أن العمليات الإرهابية التى شهدتها البلاد فى الفترة الأخيرة وتبنتها جماعة «أنصار بيت المقدس» هى فى حقيقة الأمر من تفكير وتنفيذ جماعات إرهابية أكبر منها فى الأفراد والتمويل، إلا أنها تستخدم اسم «أنصار بيت المقدس» خوفا من كشف أمر قياداتهم وهو نوع من الدعاية التى يقومون بها لصالح «أنصار بيت المقدس» والتى سيسقط كل أعضائها وخلاياها بسقوط شادى المنيعى. ومن واقع المعلومات التى حصلت عليها «الصباح» من مصدر سيادى، والتى تشير إلى وجود تفاهمات بين «أنصار بيت المقدس»، ونائب المرشد محمود عزت، خصوصا مع هروب «شادى المنيعي» إلى قطاع غزة وخوفه من العودة إلى سيناء حتى لا يتم القبض عليه، وبالتالى أصبحت الساحة فى سيناء شبه خاوية تحتاج إلى لاعب جديد لديه المهارات التنظيمية التى يمتلكها «عزت»، ما أدى إلى انخفاض معدل العمليات الإرهابية ضد القوات المسلحة والشرطة. وتوصلت «الصباح» إلى معلومات جديدة عن عودة محمود عزت إلى سيناء لعقد سلسلة اجتماعات لإدارة العمليات الإرهابية تحت لواء تنظيم «الإخوان»، وكشف مصدر مطلع أن البيان الأخير الذى هاجمت فيه «أنصار بيت المقدس» الدستور الجديد، وتوعدهم بذبح أفراد الجيش والشرطة، صادر من محمود عزت، لافتا إلى أنه أول بيان يكتبه نائب مرشد الجماعة من داخل الأراضى المصرية التى خرج منها بعد عزل محمد مرسى، وهو لتكون أولى خطواته من أجل تنفيذ خطة «الطوفان». وأوضح المصدر أن «محاكمة الرئيس المعزول بتهمة التخابر يعنى سقوط أكثر من 50 قيادة بينهم إخوان، لهم علاقات اقتصادية برؤساء دول أجنبية وآخريين ضباط فى أجهزة مخابرات دولية، إضافة إلى عملية الاستفتاء على الدستور يومى 14 و 15 يناير المقبل»، مشيرا إلى أن كل ذلك كان يحتاج إلى خطة محكمة لإفساد عملية الاستفتاء على الدستور من جانب، ومحاولة تهريب «مرسى» من محبسه بسجن برج العرب أو تصفيته من جهة أخرى، حتى تفسد القضية. ولأن خطة «الطوفان» تحتاج إلى قائد مميز، خصوصا بعد سقوط العديد من العناصر الإرهابية واحداً تلو الآخر، لم يعد بإمكان قيادات تلك الجماعات الاستمرار فى سيناء لتنفيذ الخطة المتفق عليها، بعد مداهمة قوات الجيش لأوكارهم والقبض على بعضهم وقتل البعض الآخر، وفرار من تبقى لقطاع غزة والسودان، أصبحت الساحة تحتاج إلى قائد تنظيمى قادر على إدارة تلك المجموعات. كما أن الأسماء المتورطة مع «مرسى» فى قضية التخابر ليست بالحجم الضئيل، فكان لابد من اختيار الشخص المناسب الذى يضمن تنفيذ الخطة بالشكل الذى يحقق هدفها، وقد تم اختيار الرجل الحديدى محمود عزت، وقبل دخوله إلى سيناء تم تنفيذ مجموعة من العمليات الإرهابية التى سبقت دخوله كغطاء وتمويه، حيث قام تكفيرى بتفجير الحافلة التى كانت تقل الجنود وبعدها بأيام نُفذت مجموعة من العمليات الفردية لتشتيت الأمن. وقال مصدر مطلع إن: نائب المرشد الهارب استخدم الأنفاق الآمنة التى لا يتخطى عددها 3 أنفاق جرى تخصيصها لقيادات المكتب السياسى لحركة حماس لتهريبهم من غزة إلى سيناء وقت الأزمات، كحالات العدوان الإسرائيلى على القطاع أو اقتتال الفصائل الفلسطينية، وهى أنفاق ذات مسافات طويلة تربط بين معسكرات حماس المسلحة ومساجد برفح يسيطر عليها الجماعات المسلحة. وحول كواليس الاجتماعات التى ينظمها «عزت» داخل سيناء، أوضح المصدر أن «عزت» اصطحب معه من سيناء مجموعة كبيرة من كتائب «القسام»، كما جمع ما تبقى من عناصر «أنصار بيت المقدس» ومجموعة أخرى من الجهاديين الذين يعملون بشكل فردى أو مجموعات صغيرة، لتشكيل تحالف بين تلك المجموعات تحت مسمى «لواء الإخوان» لتنفيذ «خطة الطوفان»، وبايعت تلك العناصر «محمود عزت» على السمع والطاعة وتنفيذ ما يطلبه منهم حتى لو كلفهم ذلك أرواحهم، وبالفعل تم توزيع المهام بتنفيذ مجموعة من العمليات النوعية داخل مناطق وأحياء بها مساكن لضباط القوات المسلحة والشرطة لتشتيت الانتباه. من جهته، أكد القيادى الإخوانى المنشق، محمد الشريف، صحة المعلومات التى حصلت عليها «الصباح»، والتى تشير إلى دخول «عزت» لسيناء تمهيداً لتنفيذ «خطة الطوفان» التى أقرها التنظيم الدولى للإخوان، لإشعال البلاد خلال الفترة القادمة بالتزامن مع الاستفتاء على الدستور، ولمحاولة تهريب الرئيس المعزول أو تصفيته داخل محبسه بالتعاون مع خلايا الإخوان داخل سجن برج العرب. وقال الشريف ل«الصباح» إن محمود عزت تلميذ مدرسة «الهدايا المفخخة» التى أسسها عبدالرحمن السندى زعيم التنظيم الخاص، والذى لجأ لقتل اصدقائه من داخل تنظيم الإخوان بعد أن صوتوا بالإجماع على استبعاده من التنظيم الخاص والجماعة، نتيجة لتصرفاته البربرية، لافتا إلى أن «السندى» فكر حينها فى التخلص من أصدقائه الإخوان بإرسال مجموعة من الطرود المفخخة تنفجر بمجرد فتحها فى وجه الشخص ويموت على الفور، وبالتالى لا يستبعد على محمود عزت وضع خطة للتخلص من الرئيس المعزول قبل أن يعترف بما لديه من تفاصيل فى تحقيقات النيابة، وخشية الاعتراف على أسماء كبيرة ومهمة داخل التنظيم الدولى متورطون فى قضية التخابر. وعن دخول نائب المرشد لسيناء عبر الأنفاق الآمنة التى خصصها قيادات حماس لأنفسهم، أشار الشريف إلى أنه أمر طبيعى لأن القيادات الإخوانية الموجودة الآن من وجهة نظر التنظيم الدولى لا تقدر على إدارة الأمور بالشكل الذى يخدم قضية التنظيم، موضحا فى الوقت ذاته أن «عزت» هو مسئول الجناح العسكرى داخل التنظيم، ومن المنطق أن يحميه الجناح بالشكل الذى يراه مناسبا ووفقاً لما يمتلكه من صلاحيات تساعده على عقد الصفقات والاتفاق عليها بالطريقة التى تخدم الإخوان فى النهاية. فيما علق اللواء حسام سويلم، الخبير العسكرى والاستراتيجى، على محاولة الإخوان تهريب «مرسى» أو تصفيته جسديا تنفيذا ل«خطة الطوفان»، قائلاً: «محمود عزت يحاول الفرار إلى قطر أو تركيا لعلمه بأنه مرصود ولعدم استشعاره بالأمان داخل قطاع غزة، وهو ينتظر الفرصة لتحقيق ذلك، كما أن خطة الإخوان لإفشال الاستفتاء على الدستور وعرقلة خارطة الطريق فستفشل مثل غيرها من المخططات، لأن الإخوان يعتمدون على مجموعة من الخلايا الإرهابية التى لا تقدر على تحريك شعرة من النظام. فى السياق نفسه، رأى إسلام الكتاتنى، القيادى الإخوانى المنشق عن الجماعة، إن دخول محمود عزت لسيناء أمر وارد وطبيعى لسيطرة مجموعات جهادية وتكفيرية على مناطق يُطهرها الجيش حاليا، ولأن جماعة الإخوان وفرت الغطاء المادى والمعنوى لهذه الجماعات الإرهابية فحان الوقت لرد الجميل. وأضاف الكتاتنى أن عزت هو رجل تنظيمى من الدرجة الأولى وقادر على تكوين تنظيمات وضم كل الجماعات المسلحة تحت لواء الإخوان، لأنه الرجل الحديدى والمتشبع بفكر التنظيم الخاص، فهو قادر على فعل أشياء لا يتصورها عاقل، ومن المحتمل أن يكون دخوله له علاقة بمحاكمة «مرسى» على خلفية قضية التخابر، مؤكدا أن هناك احتمالين بتهريب الرئيس المعزول من سجن برج العرب وهو أمر صعب للغاية لوجود حراسة مشددة عليه، أو تصفيته جسدياً، وهنا يجب الإشارة إلى عمليات التصفية الجسدية التى نفذها مؤسس التنظيم الخاص عبدالرحمن السندى تجاه مجموعة من أعضاء الجماعة فيما عرف ب«الهدايا المفخخة».