حالة من الجدل أحدثتها تصريحات الدكتور إسماعيل شاهين، نائب رئيس جامعة الأزهر، الذى أكد أن المرأة من الممكن أن تظل حاملًا لمدة 4 سنوات وفقا لآراء الفقهاء فى بعض المذاهب، التى يتم تدريسها فى المعاهد والجامعات الأزهرية، رافضًا الطعن فى علم هؤلاء الفقهاء القدامى، ومؤكدًا أن حمل المرأة 4 سنوات واقع موجود فى عصرنا. فى البداية يوضح الدكتور رأفت عثمان، أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة القانون وعميدها الأسبق، تفاصيل تلك القضية الشائكة قائلًا: «أقل مدة للحمل، حددها الفقهاء بستة أشهر، أما أكثر مدة للحمل، فلم يقل بها الفقهاء استنادًا إلى فهم خاص لبعض آيات القرآن الكريم أو لحديث عن النبى، بل قالوها بناء على تتبع حالات فى عصر كل منهم». ويضيف: «كان الفقهاء يسألون الأمهات عن المدة التى يبقى فيها الجنين فى بطنها حتى تتم ولادته، وطبيعى أن تختلف إجابات الأمهات فى تحديد مدة الحمل لعدم وجود طريقة علمية لتحديدها، ومن هنا اشتهر فى فقه الشافعية أن أقصى مدة للحمل أربع سنوات، وكان ذلك بناء على بعض الحالات التى قالت فيها بعض الأمهات ذلك»، مشيرًا إلى أن فقيها من فقهاء المالكية رأى أن أكثر مدة للحمل هى 10 أشهر، وهو الفقيه محمد بن عبد الحكم، وذكر ذلك ابن رشد فى كتابه «بداية المجتهد»، منوها إلى أن المادة 312 من القانون المدنى الفرنسى بينت أن أقل مدة للحمل 6 أشهر وأقصاها 10 أشهر. أما الدكتورة سعاد صالح، أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر، فتقول إن الفقهاء اتفقوا جميعًا على أن أقل مدة للحمل هى 6 أشهر، واستندوا فى ذلك إلى قول الله تعالى فى سورة الأحقاف «حمله وفصاله ثلاثون شهرًا»، وهى الفترة التى تجمع بين الحمل والرضاعة، وطرحوا فترة الرضاعة منها، وتقدر بسنتين، استنادًا على آية أخرى فى سورة البقرة: «الوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين» فيتبقى من الثلاثين شهرًا ستة أشهر هى أقل مدة للحمل، أما غالب الحمل 9 أشهر. وتضيف: «أما أقصى مدة للحمل والتى اختلف فيها الفقهاء، فالبعض قال إنها سنة ورواية شافعية على أنها عامان، ورواية أخرى للمالكية على أنها عامان ونصف العام، ولكن السؤال: من أين أتيتم بهذا الكلام؟ فكان ردهم أن فى عهدهم حصل حمل لبعض النساء وظللن حوامل لهذه المدة، ورأيى الشخصى فى هذه القضية أن هذا الكلام لا يجب أن نأخذ به فقهيًا بل هو حديث طبى بحت خصوصًا أن هذا اجتهادات حسب بيئة كل فقيه وغير ملزمة لنا، ولا يجب الأخذ بها منعًا لحدوث بلبلة فى المجتمع». فى المقابل، ومن الناحية العلمية، يقول الدكتور خالد منتصر، رئيس قسم الجلدية والتناسلية بهيئة قناة السويس: «الحمل لا يمكن أن يزيد على 42 أسبوعًا، فلو زاد عن تلك المدة، ستصبح هناك خطورة، ليس على الجنين فقط، بل ستصاب الأم بجلطة، والنصوص الفقهية التى يثبت تعارضها مع الحقائق العلمية المستقرة لابد أن نعتبرها مجرد تاريخ ومجرد تراث فهى لا تصمد أمام حوار علمى رصين»، متسائلًا: «من أين نأخذ معلوماتنا العملية؟» ثم استدرك قائلًا: «أنا كطبيب أستقى معلوماتى العلمية من مصدرين: المجلات العلمية المحكمة، والمراجع العلمية الطبية المعتمدة، وليس النصوص الدينية، فلا أحد يقول لى إن الحجامة تشفى 50 مرضًا، فهذا كلام غير علمى بالمرة». يضيف منتصر: «احترامًا للإسلام وحماية له ودفاعًا عنه، لابد أن تكون هذه النصوص والأحاديث بنت زمانها ومكانها، وإذا كان الطب قديمًا استعان بالحجامة أو أى إجراء من الإجراءات، فليس علينا أن نهجر ما وصل إليه العلم ونتجه إلى الأكاذيب، ولو أخذنا بهذه النصوص الفقهية سيصاب المجتمع ببلبلة ومساوئ أخلاقية كبيرة، فلا لوم على المرأة التى تحمل بعد عامين من موت زوجها أو سفره، بل من حقها أن تطالب بميراث ابنها أيضًا طبقا لفقهنا». ويوضح منتصر ذهاب الفقهاء قديمًا إلى إمكانية حمل المرأة لمدة سنتين أو أكثر، قائلًا: «فى عهد هؤلاء الفقهاء كان من الممكن أن ينقطع حيض امرأة بسبب الرضاعة سنة أو أكثر ثم تحمل أثناء هذا الانقطاع فتضيف المدة الأولى على الثانية، وتتوهم أن حملها سنتان، والحمل الكاذب من الممكن أن يعطى نفس النتيجة؛ ففى هذا الحمل ينقطع الحيض وتحس المرأة بنفس أعراض الحمل تقريبًا من قىء وتقلصات بل وانتفاخ بطن، وتفسر حركة الأمعاء على أنها حركة جنين، فإن تم الحمل الحقيقى أضافت هذه المرأة الملهوفة على الحمل مدته إلى مدة الحمل الكاذب، وأيضًا إذا ولدت المرأة طفلًا بأسنان، فسرت وترجمت هذا الحدث على أن هذا الطفل تجاوز العام داخل الرحم، مع أن هذه الأسنان زائدة وعادة ما تسقط لتنمو بدلًا منها الأسنان الطبيعية، ويراها أطباء النساء الآن دون أن يفسروا ذلك على أنه معجزة». ويتفق مع «منتصر» الدكتور أحمد نوح، أستاذ مساعد نساء وتوليد بجامعة الزقازيق، وأكد استحالة تجاوز فترة حمل المرأة 43 أسبوعًا، لأن المشيمة المسئولة عن تغذية الجنين ستتوقف عن العمل ولابد أن نخرج الجنين فورًا، فحياته ستكون على المحك، لكن العكس ممكن أن يحدث، وهو أن فترة الحمل ممكن تكون قصيرة لتصل إلى 6 شهور وهى الرواية الموثقة تاريخيًا ودينيًا طبقًا لقوله تعالى: «حمله وفصاله ثلاثون شهرًا»، فعند استئصال فترة الفطام التى هى عامان يتبقى 6 أشهر.