البحث استند، وياللعجب، إلى إجازة جمهور الفقهاء ومنهم الأئمة الأربعة أن تزيد مدة الحمل على تسعة أشهر على خلاف بين فى أقصى مدة كما قال فقهاء الشافعية والحنابلة وهو أحد روايتين عن الإمام مالك من أن أقصى مدة للحمل هى أربعة سنوات،و دليل هذا هو الاستقراء والاستقراء يكون دليلا فى مثل هذه المسائل لأنه لم يأت نص معين يحددها، فيكون تحديدها موكولا إلى الوجود الذى يعرف بالاستقراء وقد حدث أن رصد التاريخ وجود حمل استمر أربع سنين من ذلك ما رواه البيهقى أن الوليد بن مسلم قال:»قلت لمالك بن أنس: إنى حدثت عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت: «لا تزيد المرأة فى حملها على سنتين قدر ظل المغزل»، فقال: سبحان الله من يقول هذا؟ هذه جارتنا امرأة محمد بن عجلان امرأة صدق وزوجها رجل صدق حملت ثلاثة أبطن فى اثنتى عشرة سنة تحمل كل بطن أربع سنين». وورد أيضا حالات امتد فيها الحمل أكثرمن تسعة أشهر وأقل من أربع سنوات، فنقل ابن قتيبة أن الضحاك بن مزاحم ولد وهو ابن ستة عشرشهرا وقال: «وضعتنى أمى وقد حملت بى فى بطنها سنتين، فولدتنى وقد خرجت سنى»، وأن شعبة بن الحجاج ولد لسنتين، وأن الإمام مالك بن أنس حمل به أكثر من سنتين. ووفقا لبحث دار الافتاء قال الواقدى: سمعت نساء آل الجحاف من ولد زيد بن الخطاب يقلن: ما حملت امرأة منا أقل من ثلاثين شهرا وهذا إذا تقرر وجوده، وجب أن يحكم به ،ولا يزاد عليه، لأنه ما وجد، ولأن عمر ضرب لامرأة المفقود أربع سنين، فقد رفعت إليه امرأة غاب عنها زوجها سنتين فجاءت وهى حبلى، فهم عمر برجمها، فقال معاذ بن جبل: «يا أمير المؤمنين إن يك السبيل لك عليها، فلا سبيل لك على ما فى بطنها»، فتركها عمر حتى ولدت غلاما - قد نبتت ثناياه - فعرف زوجها شبهه، فقال عمر: «عجز النساء أن يلدن مثل معاذ، لولا معاذ هلك عمر «ولم يكن ذلك إلا لأنه غاية الحمل، وروى ذلك عن عثمان وعلى وغيرهما. إذا ثبت هذا فإن المرأة إذا ولدت لأربع سنين فما دون من يوم موت الزوج أو طلاقه، ولم تكن تزوجت، ولا وطئت،ولا انقضت عدتها بالقروء، ولا بوضع الحمل، فإن الولد لاحق بالزوج،وعدتها منقضية.. فإن قيل إن الطب الحديث لم يرصد أيه حالة بلغ الحمل فيها هذه المدة، قلنا: إن الذى يوجبه الطب الآن أن الحمل إذا تجاوز عشرة أشهر قام الطبيب بإجراء طلق صناعى أو عملية قيصرية، فلا غرابة إذن من انعدام وجود أمثال هذا الحمل الطويل أصلا. أكدت الفتوى أن المرأة التى أنجبت بعد فراق زوجها بأقل من أربعة أعواما لا تتهم بالزنا وذلك لهذه الحالة التى رصدها الإمام الشافعى رحمه الله وغيره، والتى جعلت جمهور العلماء يرجحون أن هذه الفترة هى أطول فترة للحمل، فيكون هناك شبهة احتمال أن تكون هذه المرأة حالة شاذة نادرة، فيدرأ بها التهمة والحد عن المرأة، لأن الحدود تدرأ بالشبهات والحيطة واجبة فى الفروج وفى الدماء.هذا هوالفكر الراقى الذى لم يصل إليه بعد كثير من البشر. وقد أشار الإمام عز الدين بن عبدالسلام إلى شىء من ذلك فى قواعده، فقال: «إذا أتت الزوجة بالولد لدون أربع سنين من حين طلقها الزوج بعد انقضاء عدتها بالإقراء فإنه يلحقه مع أن الغالب الظاهر أن الولد لا يتأخر إلى هذه المدة. فإن قيل: إنما لحقه لأن الأصل عدم الزنا وعدم الوطء بالشبهة والإكراه، قلنا: وقوع الزنا أغلب من تأخر الحمل إلى أربع سنين إلا ساعة واحدة، وكذلك الإكراه والوطء بالشبهة، ولا يلزم على ذلك حد الزنا، فإن الحدود تسقط بالشبهات، بخلاف إلحاق الأنساب، فإن فيه مفاسد عظيمة منها جريان التوارث، ومنها نظر الولد إلى محارم الزوج، ومنها إيجاب النفقة والكسوة والسكنى، ومنها الإنكاح والحضان.. وتعليقا على هذه الفتوى التى وردت بحث دار الإفتاء قال الشيخ على أبو الحسن رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف :هذه الفتوى أثارت جدلا واسعا بين الفقهاء قديما نظرا لعدم وجود الوسائل العلمية الحديثة فى ذاك الوقت بالرغم من أن القرآن الكريم قد حسم الأمر لقوله تعالى «وحمله وفصاله ثلاثون شهرا» وقوله «وفصاله فى عامين» فهاتان الآيتان الكريمتان يدلان على أن مدة الحمل والفطام معا عامان ونصف العام، مما لا يمكن معه أن يكون الحمل أربع سنوات وأكد أبو الحسن أنه كان ينبغى على دار الافتاء عدم نشر هذه الفتوى لعدم توافقها مع ما توصل إليه العلم الحديث الذى أثبت بما لا يدع مجالا للشك أن أطول مدة لحمل المرأة تسعة أشهر وهذا هو الرأى الصحيح، مشيرا إلى قوله تعالى «فأسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون» والمقصود بأهل الذكر فى هذه الحالة هم الأطباء. وأضاف مثل هذه الفتاوى تسئ إلى المسلمين وتؤدى إلى سخرية الغرب منهم كما أنها تفتح أبواب التلاعب أمام النساء وقد تؤدى إلى اختلاط الأنساب عبر نسب أطفال إلى غير آبائهم بالاحتكام لهذه الفتوى. واتفق معه فى الرأى الدكتور محمدرأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية مؤكدا أن هذه الفتوى لا تتناسب مع العصر الذى نعيش فيه لأنها تفتح أبواب الفتنة على مصراعيها أمام كل امرأة لعوب كما أن الله تعالى فصل هذا الأمر فى كتابه العزيز تفصيلا دقيقا لعملية نمو الجنين وأطواره المختلفة بكل دقة بما فى ذلك مدة الحمل وقد وافق العلم الحديث ما جاء فى القرآن الكريم وهو أن أطول مدة للحمل لا تزيد علي 9 أشهر. «عثمان» أوضح أن دار الإفتاء استندت فى فتواها إلى اجتهادات قدامى الفقهاء التى لا دليل لها سواء من القرآن أو من الحديث مؤكدا أن الحالات التى استندوا عليها غير دقيقة نظرا لافتقاد هذا العصر إلى وسائل التقدم والتكنولوجيا التى نعيشها الآن.. وأشار أنه كان من الأولى أن تنأى دارالإفتاء المصرية بنفسها عن الدخول فى هذه الفتاوى التى لن تقدم ولكنها تؤخر حيث تحدث البلبلة والفوضى وفرقة المسلمين.