«شيعة، أمازيغ، نوبيون، سبتيون، بهائيون»، وغيرهم من الطوائف والجماعات، يعيشون فى وطن واحد، ويأكلون من أرض واحدة، ويشربون مياها من نفس المصدر، ويتنفسون الهواء ذاته، إلا أنهم على الرغم من كل ذلك لا يشعرون بالمواطنة، وكثيرا ما صرخوا وطالبوا بحقوقهم، ولا مجيب.. ولكنهم فى النهاية قرروا أن يثوروا، فلا سبيل لضياع الوقت أكثر من ذلك.. «الصباح» ترصد فئات وشرائح الأقليات فى مصر، ومطالبهم فى الدستور.. الشيعة: نطالب «بكوتة» «مواطنين درجة تانية» لا تعترف بهم الدولة، وبالتالى فلا وجود لهم على أرض الواقع، هكذا بدأ محمد غنيم، مؤسس التيار الشيعى فى مصر، عارضا المطالب التى ينادى بها الشيعة، وأبرزها كوتة داخل المجالس البرلمانية، وممثل يتحدث بالنيابة عنهم، وحرية إقامة الشعائر الدينية داخل مساجد آل البيت، حيث أوضح غنيم أن من حق التيار الشيعى أن يكون له ممثلون داخل المجالس النيابية، من خلال تحديد كوتة لهم، ولو حتى بفرد أو اثنين منهم، مبررا ذلك بأن الثقافة الشعبية للمجتمع المصرى لا تسمح بنجاحهم فى الانتخابات، فى حالة إذا ترشح أحدهم. يضيف «غنيم»: «هناك مطالب أخرى مهمة، منها حرية الممارسات السياسية والدينية، وضرورة وجود معاهد تدرس المذهب الشيعى، وتتيح طبع ونشر الكتب التى تحوى مبادئ المذهب الشيعى، والحرية فى وجود الحسينيات، والحق فى إقامة حفلات، والسماح لنا بتقلد الوظائف الحكومية، وحقنا فى المواطنة والتساوى فى الحقوق والواجبات مثل بقية أطياف المجتمع». وعلى الرغم من حماسة ممثل الشيعة فى عرضه للمطالب، إلا أنه يرى أن الاعتراف بالأقلية الشيعية من المستحيلات لأسباب سياسية فى المجتمع، مستشهدا برفض تمثيلهم فى لجنة الخمسين لمجرد «كره حزب النور لهم»، ف«غنيم» نفسه تقدم بطلب للانضمام للجنة الخمسين ممثلاً عن الشيعة فى مصر، ومع ذلك رفضوا، خوفاً من انسحاب حزب النور من اللجنة، وبالتالى فالاعتراف بالفئة كلها أصبح أمرًا فى غاية الصعوبة، خاصة مع وجود تخوفات سياسية من توغل المد شيعى فى مصر، وما قد يترتب على ذلك من تدخل إيرانى. عجائز اليهود يطلبن «حاخام» على الرغم من أن الطائفة اليهودية تعد أقدم طوائف الأقليات الموجودة فى مصر، إلا أن عددها لا يزيد على 20 سيدة من كبار السن، وربما بسبب ذلك العدد الصغير، فإن الطائفة مطلبها بسيط أيضا، ويتمثل فى وجود «حاخام» لهن، حيث أوضح الدكتور منصور عبد الوهاب، مترجم العبرى، أن أكثر ما يؤرق الطائفة اليهودية فى مصر أنه لا يوجد «حاخام» أو رجل دين، نظراً لأن معظم الموجودين فى مصر من اليهود إناث، مما أدى إلى عدم وجود ذكور كبار السن يصلحون ليكونوا رجال دين، لدرجة أنه لا يوجد فى مصر من يصلى على موتاهم. الأمازيغ وتغيير اسم الدولة بما أنه لا يوجد من يمثلهم فى لجنة الخمسين، ولا يوجد من يرفع مطالبهم، فقد قرر الأمازيغ عقد جلسة استماع مع لجنة الخمسين، طالبوا خلالها ببعض الحقوق المشروعة -على حد تعبيرهم- وكان أهمها حذف كلمة «عربية» من اسم الدولة، معللين ذلك بأن مصر أصلها غير عربى، وأنه لابد أن يُسمح فيها بتعدد الأجناس دون حصرها على العرب فقط، وهو ما أكدته أمانى الوشاحى، ناشطة مصرية من الأمازيغ، وطالبت بضرورة إنشاء مجلس قومى للثقافات المحلية، بكل ما يوجد منها فى مصر وليس الأمازيغ فقط، كذلك الالتفات إلى أماكن استيطان الأمازيغ فى مصر وهى «مطروح، وقنا، والسويس، والإسكندرية، وبنى سويف»، مع الأخذ فى الاعتبار أن عدد الأمازيغ فى مصر يبلغ 27 ألف مواطن. النوبة.. إحياء اللغات المحلية «نطالب بحق عودة النوبيين لأراضيهم»، شعار رفعه أهل النوبة، وأرادوا رفعه للجنة الخمسين، معللين أن لكل إنسان الحق فى العودة لبلاده دون نبذ أو اضطهاد، وتقول نجلاء أبو المجد، عضو هيئة تحالف الأقليات، ومسئولة الملف النوبى، أن للنوبة حقوقا أخرى، منها مثلاً أن تلتزم الدولة بإنشاء مجلس أعلى للغات المحلية تجمع بداخلها كل اللغات المحلية الأخرى مثل النوبية المازوغية والقبطية، كجزء من التراث المصرى الذى لا يجب استئصاله أبداً، كذلك التمثيل العادل لكل سكان المحافظات الحدودية، مثل النوبة ومرسى مطروح كبداية، ويليهما بقية المحافظات الواقعة على الحدود المصرية. البهائيون وخانة الديانة فى البطاقة بعد رفض الطائفة البهائية حضور مؤتمر الأقليات الذى عُقد فى القاهرة الأسبوع الماضى، واعتراضهم على عدم تمثيلهم فى الدستور وعدم وجود ممثلين عنهم بلجنة الخمسين، كان لابد من إبراز مشكلاتهم ومطالبهم، بصفتهم فئة مهمشة وتمثل أقلية فى المجتمع المصرى. «الزواج البهائى» أول المطالب التى نادت بها بسمة موسى الناشطة البهائية المعروفة، فحتى الآن غير معترف بالزواح البهائى بالمؤسسات الحكومية برغم حصولهم على حكم قضائى بوضع الشرطة -بخانة الديانة، إلا أنه غير معترف بالزواج البهائى إلى الآن، مشددة على حقهم فى اعتراف الدولة بهم، وعلى حقهم فى الزواج بالطريقة التى يختارونها هم، لا التى تفرضها عليهم الدولة، وكذلك فتح المحفل البهائى للاحتفالات ولتجمع البهائيين وإقامة لقاءاتهم بالشكل الذى يحلو لهم. وأضافت «موسى» أن البهائيين كانوا يريدون أن يتم تمثيلهم بلجنة تنوب عنهم فى الدستور، على اعتبار أن ذلك أبسط حقوقهم، وشددت على ضرورة أن يكون هناك بطاقات شخصية خاصة للبهائيين حتى يتمكنوا خلالها من المشاركة فى الانتخابات والحياة السياسية كما يحلو لهم. وأشارت إلى أن نظرة المجتمع لهم تدفع أغلب البهائيين لإخفاء ديانتهم وقد يُضطرون قسرا إلى كتابة ديانة أخرى حتى يحصلوا على حقوقهم كمواطنين مصريين وحتى يصبحوا مقبولين بأماكنهم وأعمالهم وسكنهم، ويعانون الاضطهاد بشكل كبير من المجتمع المحيط بهم، ويعرضهم ذلك أحيانا للمخاطر والتنازلات وتحمل الإساءة والتكفير، وأحيانا يتهمون بالعمالة لدول معادية لمصر، وأنهم ممولون من الخارج لإقحام أفكارهم داخل المجتمعات الإسلامية. الأدفنتستية.. إجازة السبت الأدفنتستية أو «أهل السبت»، وهم طائفة مسيحية تطالب بأن يكون يوم السبت إجازة رسمية، ويشددون على أنهم مسيحيون وليسوا يهودًا، وطالبوا بتعديل المادة الثانية من الدستور على أن تبقى الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، ويتم إضافة جزء ينص على أن تحكم كل طائفة حسب شريعتها وليس كل دين، على اعتبار أن الأدفنتستية مسيحيون ولكنهم مختلفون فى عقيدتهم عن بقية الطوائف. القس أنور إسكندر، سكرتير عام الطائفة والمتحدث الرسمى باسم الكنيسة الأدفنتستية والتى تعرف باسم السبتيين، قال: «نطالب بصياغة مادة جديدة حول حرية العقيدة، ينبثق منها قوانين تجعلنا نلتزم بعقيدتنا دون التأثير على حياتنا اليومية ومشاركتنا المجتمعية، فمثلا استثناؤنا من العمل والدراسة يوم السبت أمر يتطلب قانونًا يكفل لنا ذلك، وننتظر تفعيل قانون دور العبادة الموحد حتى يسهل لنا بناء الكنائس دون محاذير أو انتظار لفترات طويلة ومعايير غير موضوعية». وعلى الرغم من كل تلك المطالب، فإن إسكندر أوضح كذلك أن الطائفة قبل الثورة وبعدها لم تواجه أى مشاكل مع مؤسسات الدولة بمختلف أنواعها، قائلا: «نحن طائفة معترف بها والحكومة تسمح لنا ببناء الكنائس وعمل جمعيات خيرية ومدارس ومراكز صحية، وعلى المستوى المجتمعى علاقتنا بالإخوة المسلمين جيدة، لأننا بالنسبة لهم مسيحيون فقط، دون الخوض فى تفاصيل، ولكن بعض المسيحيين المصريين وليس الكل يسيئون الظن بنا وبعقيدتنا، وينظرون إلينا باعتبارنا متهودين، أى أشبه باليهود، وهذا ليس صحيحا». ويوضح إسكندر أن الربط بين طائفته واليهود جاء بسبب تقديسهم يوم السبت، وأنهم لذلك يواجهون موجات متكررة من التكفير والسب والاتهام بالعمالة لدول أخرى، وتتم محاربتهم إعلاميا بشكل شبه دائم للقضاء على عقيدتهم، وإصدار مطبوعات تحذر منهم وتكفرهم وتصفهم بالصهاينة، مستدركا: «برغم كل ذلك نحن مستعدون دوما للنقاش مع أى شخص». الأقزام يطالبون بفرص عمل الأقزام، ربما كانوا أكثر الفئات ضرراً من ذوى الاحتياجات الخاصة، وفقاً لما صرح به الدكتور حسام الدين المساح، ممثل ذوى الاحتياجات الخاصة والمتحدث الرسمى باسمهم، الذى قال إن هناك مطالب من شأنها الحفاظ على فئة المعاقين وذوى الاحتياجات الخاصة جميعاً، وعلى رأسها حقهم فى العمل والمساواة مع غيرهم ودمجهم تعليمياً ومهنياً، وخاصة الأقزام، على اعتبار أن لهم ظروفا استثنائية، كذلك لابد من ضرورة التأكيد على الحفاظ على المادة (60) والتى تنص على تهيئة المرافق العامة من أجل تسهيل استخدامها للمعاقين، وتوفير محام خاص ومساعدات قضائية فى حال ضبط أى معاق، وتوفير مترجم إشارات، واستبدال وسائل الإعلام ب«وسائط الإعلام» فى المؤسسات التعليمية، واستخدام طريقة برايل. وأوضح المساح أن «الدستور السابق كانت به المادة 72 غير معبرة عن طموح المعاقين، إلا أن لجنة العشرة بكل أسف ضمتها إلى مادة 60 الخاصة بالتعليم، وما هو مطلوب الآن تخصيص مادة مستقلة للمعاقين، إضافة إلى المشاركة فى وضع رؤية عامة لبقية المواد». من جانبه، قال مينا ثابت، المنسق العام والعضو المؤسس لمؤتمر الأقليات فى مصر ل«الصباح»، إن المؤتمر قدم عدة توصيات تضمن حقوق الأقليات فى دستور 30 يونيو، وكان أولها النص بشكل واضح على مدنية الدولة فى حذف المواد ذات صبغة التمييز بين المواطنين على أساس العرق أو الجنس أو الدين أو اللون، متضمنين فى ذلك الوضع الاجتماعى أو الانتماء السياسى، وعلى رأسها المادة 219، سواء كان نصا أو مضمونا. وأضاف «ثابت»: «يمكن الاكتفاء بتعديل المادة الثانية بحيث تنص على أن الإسلام دين أغلبية السكان فى الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسى من مبادئ التشريع بها، كذلك التأكيد على المواطنة الكاملة لكل المواطنين المصريين دون تمييز، وتطبيق حق التمييز الإيجابى لكل الأقليات والمهمشين المصريين داخل كل المؤسسات والمجالس التشريعية والنيابية للدولة، وإطلاق حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية وعدم قصرها على الأديان الإبراهيمية، استنادًا إلى المعايير الدولية لحقوق الإنسان». وأوضح أن الأقليات لا يُحصرون فى ديانات وطوائف فقط، معرفا إياها بأنها جماعة عددها ضئيل بالنسبة للأغلبية، ولديها قدر من التمييز السلبى ضدها، وعلى هذا الأساس فالمعاقون «أقلية» وبالتالى لهم مطالب ويجب على لجنة الخمسين ومسئولى الدولة الاستماع لها.