أخيرا تحقق الحلم الذى بات يحلم به كافة ضباط وأفراد الشرطة بمديرية أمن الجيزة للثأر لزملائهم الذين راحوا ضحايا الغدر والخسة، على يد جماعة ادعت أنها تطبق الإسلام والشريعة وأطلقوا على أنفسهم الجماعات الإسلامية، كرداسة التى أصبح تطهيرها حلما يراود رجال الشرطة، قبل أن تصبح ولاية يحكمها الإرهاب وتتوغل فيها البؤر الإجرامية وتتحول إلى دولة فوق الدولة، رجال تعطشوا للنصر والقبض على الإرهابيين المحتمين بأسلحة جماعتهم التى قتلوا بها الضباط فى مركز الشرطة ومثلوا بجثثهم حتى جاءت الفرصة وأطلق اللواء محمد إبراهيم صفارة النهاية للبدء فى عملية التطهير. «الصباح» تنفرد بنشر كواليس عملية الاقتحام، واستشهاد اللواء نبيل فراج مساعد مدير أمن الجيزة، ومحاولات عبود الزمر فى وقف عملية الاقتحام وتأجيلها. بدأ التخطيط لعملية اقتحام كرداسة فور تعيين اللواء كمال الدالى فى منصب مدير أمن الجيزة، وبعد اكتمال الخطة، ذهب الدالى لوزير الداخلية، فى اجتماع ثنائى لمناقشة التفاصيل، وحرص الوزير على عدم وجود شخص آخر لإضفاء كامل السرية على الخطة. «الدالى» بدأ الحديث مع وزير الداخلية بقوله: «الوضع خطير جدا يا معالى الوزير»، ولابد من إنهاء الأمر قبل أن نفقد السيطرة على كرداسة، وتصبح دولة منعزلة، أنا فى انتظار الأوامر بالتعامل والتطهير، ونحن على قدر المسئولية. الوزير طلب من الدالى تحديد التوقيت اللازم لوقوع كرادسة بالكامل فى قبضة الأمن. وإلا سيتم تأجيل عملية الاقتحام، وجاء رد الدالى: «فقط 6 ساعات، وستكون فى قبضة الأمن» فرد الوزير: خلاص توكلنا على الله، انتظر أمر بدء التحرك، وسوف يكون قريبا جدا. مصدر أمنى بوزارة الداخلية كشف ل«الصباح» عن مفاجأة، فعملية الاقتحام تم تحديد موعدها بالفعل وصدرت الأوامر من وزير الداخلية، لكن عاد الوزير وأمر بتأجيلها، بعد ورود معلومات تفيد باستعداد جماعات إرهابية، بتجهيز عملية انتحارية لتفجير مديرية أمن الجيزة، فور بدء عملية الاقتحام. وشهد الأسبوع الماضى اجتماعا طارئا بوزراة الداخلية ضم جميع القيادات، الذين وافقوا الوزير رأيه فى تأجيل عملية الاقتحام؛ نظرا لخطورة الموقف وعدم توقع رد الفعل من تلك الجماعات، وقالت القيادات الأمنية للوزير، إنه يجب التعامل مع التهديدات بكل جدية، خاصة أن جهاز الأمن الوطنى رصد كمية كبيرة من الأسحلة والمتفجرات بحوزة تلك الجماعات، والتخوف من تنفيذ تلك التهديدات. الوزير طلب من جهاز الأمن الوطنى تحريات دقيقة حول أماكن اختباء عناصر الجماعات الإسلامية، التى شاركت فى أعمال العنف التى شهدتها كرداسة، من اقتحام لمركز الشرطة وقتل الضباط والتمثيل بجثثهم، وحرق نقط الشرطة، وتم تشكيل فريق بحث من الأمن الوطنى، وتم إجراء تحريات فى غاية الدقة، وتم تحديد المنازل التى يختبئ بها العناصر الإرهابية. وجاء تقرير الأمن الوطنى ليؤكد صعوبة تنفيذ عملية الاقتحام، والمقاومة الشرسة المتوقعة من تلك العناصر، مما قد يؤدى إلى وقوع خسائر كبيرة فى الأرواح، فطلب الوزير من اللواء الدالى مراجعة الخطة ووضع تقرير الأمن الوطنى فى الحسبان، والتغلب على مشكلات الخاصة بوقوع الضحايا. تم وضع الخطة الكاملة وعرضت على وزير الداخلية، الذى قام باعتمادها وتحديد صباح الخميس الماضى موعدا لتنفيذ العملية، وتم تأمين مديرية أمن الجيزة وكافة أقسام ومراكز الشرطة، تحسبا لهجمات إرهابية عليها ردا على اعتقال العناصر التابعة لتلك الجماعات. عملية الاقتحام بدأت بمحاصرة مدينة كرداسة بالكامل بكافة قراها، وتم التنسيق مع القوات المسلحة فى تأمين جميع مداخل ومخارج كرداسة، وفور دخول قوات الأمن بدأ الرصاص ينهمر عليهم كالمطر، ويحاصرهم من كل مكان، ونالت إحدى رصاصات الغدر جسد اللواء نبيل فراج، ليكون الشهيد الوحيد الذى سقط فى معركة التطهير. اللواء نبيل فراج، مساعد مدير أمن الجيزة وقائد عملية الاقتحام، رفض الوجود فى غرفة العمليات، وأصر على الحضور وسط قواته، وفوجئ به الضباط يرتدى ملابس القوات المشاركة فى العملية، وبدأ فى تنفيذ الخطة معهم، وفور إصابته هرع إليه مجموعة من الضباط لإنقاذه، لكنه أمرهم باستكمال المهمة التى انتظروها طويلا.. «فراج» الذى شهد له كل ضباط المديرية وأفرادها بأخلاقه الحسنة، قال لأحد الضباط وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة.. «كملوا المهمة وطهروا الوطن». وفجر مصدر أمنى رفيع المستوى بوزارة الداخلية مفاجأة من العيار الثقيل، حينما أكد أن عبود الزمر -العضو البارز بالجماعة الإسلامية- طلب من اللواء كمال الدالى مدير أمن الجيزة، إعطاءه فرصة أخيرة فى التفاوض مع المتهمين لتسليمهم قبل عملية الاقتحام، لكن الدالى رفض وكان رده «خلاص فات الأوان»، وحاول الزمر بشتى الطرق منع عملية الاقتحام، وقام بالاتصال ببعض القيادات فى جهاز سيادى للتفاوض مرة أخرى على تسليم المتهمين، بعد فشله فى التفاوض المرة الأولى.