في خطوة تؤكد الاهتمام الحكومي بتأمين مستقبل أصحاب المعاشات والمؤمن عليهم، كشف اجتماع رفيع المستوى برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عن تحركات جذرية لتعظيم إيرادات الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي وتحسين مركزها المالي. الاجتماع، الذي ضم قيادات من وزارتي المالية والتضامن الاجتماعي ورئيس الهيئة اللواء جمال عوض، لم يكن مجرد استعراض أرقام، بل كان تدشينًا لخطة شاملة تستند إلى دراسات دولية لضمان استدامة نظام المعاشات وتنميتها. ويأتي هذا التحرك الحكومي في ظل سعي الدولة لتنفيذ رؤية "مصر 2030″، التي تضع الاستدامة المالية والاجتماعية في صلب أولوياتها. وتتضمن الاستراتيجية الجديدة للهيئة إعادة هيكلة شاملة لإدارة أصولها المالية، والتحول نحو الاستثمار الفعال والمبتكر لأموال صناديق التقاعد، بعيداً عن الأساليب التقليدية. المحور الأبرز في المناقشات كان التوسع في مجالات استثمار صندوق أموال التأمينات ،ووفقاً لما تم عرضه، تعكف الهيئة حاليًا على دراسة مقترحات لضخ استثمارات جديدة في مشروعات ذات عائد مادي مجزٍ ومستدام، بما يضمن زيادة الموارد السنوية للصندوق. هذه الرؤية الاستثمارية الجديدة تأتي نتاجاً لدراسة اكتوارية معمقة، تم إعدادها بالتعاون مع خبراء منظمة العمل الدولية (ILO)، والتي قدمت توصيات حيوية حول أفضل الممارسات العالمية في إدارة صناديق التأمينات الاجتماعية. وقد استعرض رئيس الهيئة، اللواء جمال عوض، خلال الاجتماع، قائمة من المشروعات التي يتم بالفعل الاستثمار فيها، مؤكداً أن الهدف ليس مجرد حفظ الأموال، بل تنميتها بفعالية وكفاءة لضمان الوفاء بالالتزامات المستقبلية تجاه ملايين المستفيدين. كما تطرق الاجتماع، الذي كشف عن أرقام مفصلة حول المنصرف السنوي للمعاشات حتى 30 يونيو 2025، إلى ملف بالغ الأهمية وهو تحصيل مديونيات الهيئة. وتم استعراض الموقف الحالي للمديونيات المستحقة للهيئة لدى مختلف الجهات، سواء الحكومية أو مؤسسات القطاع الخاص. وفي هذا الصدد، شددت الحكومة على ضرورة الإسراع في "فض التشابكات المالية" المعقدة، وهي عملية مستمرة تهدف إلى تسوية الديون المستحقة بين الهيئة والجهات المختلفة بالدولة، بما يضمن تدفق السيولة اللازمة لتعزيز المركز المالي للهيئة. كما تم التأكيد على التيسيرات والحوافز التي تقدمها الهيئة لأصحاب الأعمال لتشجيعهم على سداد ما عليهم من متأخرات، كجزء من استراتيجية شاملة لتحصيل حقوقها المالية وتعظيم إيراداتها. وفي السياق ذاتة أكد المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، أن القرارات المتخذة تهدف إلى تطوير خدمات التأمين الاجتماعي ومواصلة العمل على تأمين حقوق الأجيال القادمة، مع الحفاظ على كفاءة وفاعلية إدارة الأصول الحالية. وتضع هذه الإجراءات الجديدة نظام التأمينات على مسار استثماري وتنظيمي أكثر استدامة، يضمن الالتزام الكامل تجاه أصحاب المعاشات في مصر. تم نسخ الرابط