أسامة ربيع: قناة السويس نجحت في استعادة 10 رحلات لخطوط ملاحية عملاقة    «تنظيم الاتصالات» يبشر «خشبة»: توصيل التليفون الأرضي والإنترنت خلال عام (فيديو)    كيف عاش الأمير النائم 20 عاما بلا طعام أو شراب؟    أحمد موسى: محاولات الوقيعة بين مصر والسعودية مصيرها الفشل    عندما يصبح القائد واحدًا من الجائعين.. ما دلالات التغير في جسد أبوعبيدة بين الظهور الأول والأخير؟    قائمة منتخب مصر لكرة السلة ببطولة بيروت الدولية الودية    الأهلي يوافق على انتقال أحمد عبد القادر إلى الحزم السعودي.. تعرف على قيمة الصفقة    سيدات "مسار" يخضن 3 وديات في المغرب استعدادًا لتصفيات شمال إفريقيا    وفاة عم رجل الأعمال محمد أبو العينين وكيل مجلس النواب    تشييع شقيقتين غرقا في النيل والبحث مستمر عن جثمان الثالثة    بالفيديو.. مي سليم ونسرين أمين ترقصان مع تامر حسني على أغاني ألبوم "لينا معاد"    ضوابط الإنفاق على الدعاية الانتخابية للنظام الفردي والقوائم بانتخابات الشيوخ    تنويه عاجل بشأن امتحان المتقدمين لشغل وظائف بالهيئة القومية للبريد    ذهبية وفضية لألعاب القوى فى البطولة الأفريقية بنيجيريا    تنظيم الاتصالات: التعويض الإضافي عن حريق سنترال رمسيس موجه للمتضررين فقط    سفير أمريكا لدى إسرائيل: الهجوم على كنيسة فلسطينية بالضفة عمل إرهابي    هدير عبد الرازق في قبضة الأمن بعد فيديو اعتداء طليقها عليها بالضرب    كشف غموض واقعة "رضيع المقابر" بعد إدعاء العثور عليه بقنا    استعدادًا لتشغيل شبكة القطار الكهربائي السريع.. استمرار تركيب القضبان في الخط الأول    عمرو أديب: لست موقوفا وأقضي أجازتي الصيفية    من مهرجان العلمين الجديدة.. ساحة U-Arena تفتح أبوابها للعالم    محمد رمضان يطرح أحدث كليباته من ضهر راجل    فستان جريء بفتحة ساق.. إليسا تستعيد تألقها في حفل زفاف نجل إيلي صعب    سلمى أبو ضيف بفستان ساحر.. ما سر ارتدائها اللون الأسود؟    أمين الفتوى: الرضاعة تجعل الشخص أخًا لأبناء المرضعة وليس خالًا لهم    بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يوضح أسباب الهجرة النبوية    رئيس جامعة الأزهر: الحج ورد في آيتين من سورة آل عمران لخصوصية التوحيد فيها    حسام حسن ل فيتو: أتمنى تطبيق تجربة مستشفى العجمي بجميع المراكز العلاجية في الجمهورية (فيديو)    متحدث «الصحة»: 2.8 مليون عملية جراحية مجانية ضمن مبادرة القضاء على قوائم الانتظار    توزيع 600 كرتونة غذائية و7 أطنان من السلع الأساسية للأسر الأولى بالرعاية بسنهور المدينة في كفر الشيخ    خل التفاح مفيد لصحة الكبد- إليك السبب    ألسن عين شمس تعلن فتح باب القبول ببرامج الدراسات العليا    مرتبات شهر يوليو 2025.. موعد وأماكن الصرف وجدول الحد الأدنى للأجور بعد الزيادة الجديدة    انتشال سيارة ميكروباص سقطت في رشاح شبرا هارس بالقليوبية    «المعلمين»: مشروع علاج لأعضاء النقابة بخصومات تصل 60%.. تفاصيل    أسامة نبيه يدفع بتشكيل جديد لمنتخب الشباب فى الودية الثانية أمام الكويت    جهاز المحاسبة الألماني يحذر من عجز محتمل في صندوق المناخ والتحول التابع للحكومة    تنويه عاجل من «التنظيم والإدارة» بشأن مستندات المتقدمين لوظائف هيئة البريد    التفاصيل المالية لصفقة انتقال راشفورد إلى برشلونة    قوات العشائر تسيطر على بلدة شهبا بريف السويداء    غلق 47 منشأة طبية مخالفة بالبحيرة وإنذار 24 أخرى    براتب 900 يورو.. آخر فرصة للتقديم على فرص عمل في البوسنة ومقدونيا    ليالي المسرح الحر تختتم الدورة ال20 وتعلن نتائج المسابقات    باحث: موسكو لا تسعى لصراع مع واشنطن والمفاوضات في إسطنبول مؤشر إيجابي    دعاء أواخر شهر محرم.. اغتنم الفرصة وردده الآن    دون إبداء أسباب.. روسيا تعلن إرجاء منتدى الجيش 2025 إلى موعد لاحق    ضبط 20 سائقًا يتعاطون المخدرات في حملة مفاجئة بأسوان (صور)    رئيس جامعة قناة السويس يوجه بسرعة الانتهاء من إعلان نتائج الامتحانات    هل يجوز للمرأة أن تدفع زكاتها إلى زوجها الفقير؟.. محمد علي يوضح    وزير الصحة يوجه بتعزيز الخدمات الطبية بمستشفى جوستاف روسي    ليلى علوي نجم الدورة 41 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    وزير الكهرباء والطاقة المتجددة يتابع مستجدات الموقف التنفيذي لأعمال توفير التغذية الكهربائية لمشروعات الدلتا الجديدة    "بائعة طيور تستغيث والداخلية تستجيب".. ماذا حدث في المعادي؟    توقيع اتفاقيات تعاون بين 12 جامعة مصرية ولويفيل الأمريكية    هل خصم فيفا 9 نقاط من الإسماعيلي؟.. النادي يرد ببيان رسمي    أسعار اللحوم اليوم السبت 19-7-2025 بأسواق محافظة مطروح    خالد جلال: معالي يشبه الغندور وحفني.. وسيصنع الفارق مع الزمالك    سوريا وإسرائيل تتفقان على إنهاء الصراع برعاية أمريكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرشد الإخوان في رسالته الاسبوعية : من ينصره الله فلا غالب له
نشر في الموجز يوم 27 - 06 - 2013

بالتوازي مع الخطاب التاريخي للرئيس محمد مرسي نشر الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين رسالته الاسبوعية المحددة والتي كان مفادها أن إدارة الله في الأرض يجب ان تتحقق وأن الخلق إذا اجتمعوا علي شيء لتحقيقه لن يفلحوا سوي بإرداة الله عز وجل وأن من ينصره الله فلا غالب له _في إشارة واضحة _ للدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية ، ونحن ننشر إليكم الرسالة كما جاءت :
"بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء وخاتم المرسلين، وعلى آله وصحبه والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فيا أيها المسلمون في كل مكان:
إن للكون إلهًا واحدًا يُدبِّر أمره، وينظم شؤونه، ولا يمضي في الكون إلا أمره وإرادته، وهذا من موجبات التحقق بالعبودية له، والتوكُّل التام عليه، (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (هود: 123).
إن العالم الذي نعيش فيه لا يقع فيه إلا ما يريد الله عز وجل، وإن الخلق لو اجتمعوا على أمر لم يأذن به الله فلن يقع، وأن الخلق لو اجتمعوا على منع أمر أذن الله به فلن يمنعوه، (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (فاطر: 2).
وإن من ينصره الله لا غالب له، وأن من يخذله الله فلا ناصر له: (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (آل عمران: 160).
وإن اليقين بذلك يجعل المسلم لا يخشى من الدنيا كلها لو اجتمعت عليه، وذلك بفضل توكله على الله تعالى تحقيقًا: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) (آل عمران: 173)، ولمَّا أحسنوا التوكل على الله أفاض عليهم سبحانه من خيراته: (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) (آل عمران: 174).
أيها المسلمون في كل مكان:
إن لله أولياء لا يخشون أحدًا سواه، وللشيطان أولياء يُلْقِي بالرعب في قلوبهم من كل شيء، وقد حَذَّرنا الله من ذلك فقال تعالى: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران: 175).
وإن مما لا شك فيه أن الكيد والمكر ضد الإسلام لم يتوقف، لكن الله سبحانه يُحْبِط مكرهم، بل يردُّه إلى نحرهم، ويرجع بالهلاك على أنفسهم: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) (الأنعام: 123)، وقال تعالى: (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا) (فاطر: 43)
المؤمن قوي الجنان.. ثابت الأركان:
إن المتأمل في الواقع العالمي، والناظر لما يدور في العالم الإسلامي، يدرك حجم المؤامرة التي دُبِّر لها بليل، وخُطِّط لها في الظلام لوقف المدِّ الإسلامي، ومنع الصحوة الإسلامية في ديار المسلمين من أن تأخذ مداها، وتقتلع ما سواها؛ لتنهض أمتهم، وترتفع رايتهم، فيعمَّ العدل، وتنتشر الرحمة، وتتحقق المساواة، ويتمتع الجميع بالحرية، ويأمن الجميع -من أسلم ومن لم يسلم- على نفسه وماله وعرضه.
وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال، كما قال ربنا: (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) (إبراهيم: 46)، ولكن بعدها مباشرة علاجًا لردِّ الفعل النفسي (فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ) (إبراهيم: 47)، إلا أن المسلم وأمام هذا المكر الرَّهيب، وما ينشر من أراجيف، ويُذاع من إشاعات لا يتأثر، بل ولا يتسرب إلى قلبه أدنى شك من وعد الله تعالى لنصرة دينه، وإظهار نور الإسلام: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (التوبة: 32).
وإن المسلم ليزداد إيمانًا وتسليمًا، كلما التفَّ الباطل وتجمع، وكشف عن كراهيته للإسلام، وأعلن عن ذلك وأفصح، وله في الصحابة الكرام الأسوة، حين تجمَّعت الأحزاب، وأحاطت بالمدينة، حتى إن أحدهم لا يقدر على أن يخرج لقضاء حاجته، لكنهم قالوا بلسان الصدق واليقين: (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) (الأحزاب: 22).
والموقف هو الموقف، والزمن هو الزمن، والحال هو الحال الذي قال فيه آخرون: (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا) (الأحزاب: 12).
وقد وعد الله عز وجل بنصرة من ينصره، بل ويُثبِّت قلبه فلا يزيغ لا قلبه ولا بصره، وفي المقابل يحبط أعمال الكارهين للإسلام: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) (محمد: 7 – 9).
وعن نوع آخر يقول الله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ * فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) (محمد: 26 - 28).
إن كل من يكره ما أنزل الله، سيحبط الله أعمالهم؛ ف(إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) (يونس: 81 – 82).
إن كل من يكره ما أنزل الله، لو اجتمعوا بقضِّهم وقضيضهم (لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ) (محمد: 32).
تجديد الإيمان:
إن كل ما سبق يلقي بالطمأنينة في قلوب المؤمنين، ويمنحهم السكينة والأمن، مهما تألَّبت عليهم قوى الشر والطغيان، ويدفع بالأمة أن توثق صلتها بربِّها، وتُجدِّد إيمانها بالقويِّ القادر القاهر فوق عباده الحكيم الخبير..
أيُّها المسلمون في كل مكان:
اعلموا أن صلاح أمركم، وسرُّ انتصاركم، يكمن في الإيمان الحي؛ لأنه هو الذي يحيي الضمير، ويوقظ الشعور، ويُنَبِّه القلوب، ويترك مع كل نفس رقيبًا لا يغفل، وحارسًا لا يسهو، وشاهدًا لا يجامل ولا يحابي، ولا يضلُّ ولا ينسى، يصاحبها في الغدوة والروحة والمجتمع والخلوة، ويراقبها في كل زمان ويلاحظها في كل مكان، ويدفعها إلى الخيرات دفعًا، ويدفعها عن المآثم دفعًا، ويجنبها طريق الزلل، ويبصرها سبيل الخير والشر: (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) (الزخرف: 80).
كما أن الإيمان الحي هو الذي يجمع أشتات الفضائل، ويلمّ أطراف المكارم، ويجعل لكل فضيلة جزاء، ولكل مكرمة كفاءً، ويدعو إلى تزكية النفوس والسمو بها، وتطهير الأرواح وتصفيتها: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) (الشمس: 9 - 10).
إن الإيمان الحي قبس من روح الله تعالى، السارية في ذرَّات هذه النفوس وفطرتها، يضيء ظلامها وتشرق بنوره، ويأوي إليها فتهشّ له، فإذا تمكن منها كان كل شيء له فداء (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) (التوبة: 24)، وقد علمنا الأستاذ البَنَّا رحمه الله أن نكون كما يجب، وكما يحب ربنا ويرضى فقال "أنتم روحٌ جديدٌ يسري في جسد هذه الأمة ليحييها بالقرآن".
واجبنا أن نزداد طاعةً وصبرًا:
وحتى نكون أهلا لأن يمدّنا الله بنصره، ويمنحنا تأييده يجب علينا أن نزداد إيمانًا بالإكثار من الطاعات، لا سيما في هذه الأيام المباركة التي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يترقبها فإذا دخل رجب قال: "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان".
واعلموا أن الله سبحانه قد أرشدنا إلى ما يحقق لنا معيَّته عند الشدائد والخطوب، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة: 153).
وإن ما يلحقنا من أذى وعنت من القريب والبعيد، والعدو والصديق، والداخل والخارج، يحتاج منا إلى لجوء وتضرع إلى الله في الصلاة، كما أنه يتطلب منا توطين النفس على الصَّبْر، وتدريبها على التحمُّل والحلم، وهذا ما حثَّنا عليه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حينَ قال: "إنَّما الصَّبرُ بالتصبُّر, إنَّما الحلمُ بالتحلُّم، ومن يتحرَّى الخيرَ يُعطَه، ومن يتوقَّ الشرَّ يوقَه". وكل ما يجري على المؤمن خير له، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرَّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيرًا له".
وبتقوى الله عز وجل وطاعته تلين لك القلوب القاسية، وبالصبر تصل إلى غايتك وتحقق ما تريد:
أَلا بِالصَّبْرِ تَبْلُغُ مَا تُرِيدُ *** وَبِالتَّقْوَى يَلِينُ لَكَ الحَدِيدُ
وكل من يحمل أمانة هذا الدين، ويبلغ هداية السماء للبشر، يجب عليه أن يتحقق بوصية لقمان لابنه: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (لقمان: 17).
الاستعداد لرمضان:
وفي هذه الأيام المباركة التي تسبق شهر الرحمات والنصر، يجب أن يهيئ المسلم نفسه، ويُعِدّ قلبه لاستقبال النفحات الرمضانية، وفيض الرحمات الربَّانية، وأن يخرج من هذا الشهر بأعظم الأجر والثواب، ولعله أن يفوز بالعتق من النيران، وذلك بأن يتحقق بتلك الأمور على سبيل المثال:
أولًا: المحافظة على الصلوات الخمس في جماعة، وخاصة صلاة الفجر والعشاء، فعن ابن مسعود رضي الله عنه: "أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل قال: الصلاة لوقتها، وبر الوالدين، ثم الجهاد في سبيل الله"، "من صلَّى العشاء في جماعة فهو كمن قام نصف الليل، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ... فَهُوَ كَمَنْ قَامَ اللَّيْلَ كُلَّهُ".
ثانيًا: إتقان تلاوة القرآن الكريم والوقوف على القواعد الأولية للتجويد؛ لتدخل في عداد المهرة بالقرآن الكريم وتكون مع السفرة الكرام البررة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه، وهو عليه شاق، له أجران".
ثالثًا: مراجعة ما تحفظ من القرآن الكريم؛ ليكون عونًا لك على صلاة القيام، واجتهد على أن يكون لك حظ في الليل وساعات السَّحَر، تناجي فيه ربك، وتدعو للأمة أن يحفظها من كيد الماكرين بها، وأن يجنبها فساد الحاقدين، وشر المفسدين، فلعلَّ الله أن يحفظ البلاد والعباد من مكر الداخل والخارج ببركة دعوة في السحر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن في الليل ساعة لا يوافقها مسلم يسأل خيرًا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة".
إن الشعور بالضعف والفقر والعجز بين يدي الله تعالى من أقوى أسباب تنزل القوة والنَّصر، وعلينا أن نحشد كل من حولنا للدعاء، فرُبَّ دعوة من صغير لا يعقلها كانت سببًا لتنزل الرحمات، ورُبَّ نداء سرى في جوف الليل من شيخ هرم أجابته السماء، فكان الفرج والنجاة.. وإنما ننصر بضعفائنا..
رابعًا: أن تُعَوِّد نفسك وتُدَرِّبها على عمل الخير، وتيسير المصالح للناس، والدعوة إلى المعروف ابتغاء مرضاة الله، وتحقق بقول الله تعالى: (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا) (الإنسان: 9).
واعلم أنه لن يقيك من النار إلا ما كان خالصًا لوجه الله عز وجل: (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجزى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى) (الليل: 17 – 21).
ولا تحقرنَّ من المعروف شيئًا، فشق التمرة قد يعتقك من النار، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "... اتّقوا النّار ولو بِشِقِّ تمرة، فمَن لم يجد فبكلمة طيِّبة".
خامسًا: أن يبادر كل مسلم بالصُّلح والسلم الاجتماعي بينه وبين أقاربه، وبينه وبين جيرانه، وبينه وبين زملائه في العمل، وأن ينزع من قلبه الغلّ والحقد والحسد للآخرين، وأن يملأ قلبه بالحب لهم؛ لأنه الطريق الآمن إلى الجنة.. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَنْ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلا أُخْبِرُكُمْ بِمَا تَحَابُّونَ بِهِ؟ "قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "أَفْشُوا بَيْنَكُمُ السَّلامَ".
سادسًا: أعدَّ خطَّة لصلة الرحم وزيارة أقاربك والتواصل مع جيرانك مسلميهم ومسيحييهم وتفقُّد حالهم، وتوثيق عرى المودة والمحبَّة معهم فأنت حصن لهم وهم حصن لك، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره"
نداء:
أيها المسلمون في كل مكان، ويا أيها الإخوان المسلمون:
أخلصوا لله دينكم، واصدقوا مع الله في كل أعمالكم، وأجيبوا نداء ربكم في الصلوات الخمس، وتدبَّروا القرآن الكريم، وأَحِلُّوا حلاله وحرِّموا حرامه، وصَدِّقُوا بوعوده وأخباره، واعتبروا بما قصه عليكم من أخبار الأولين، وتعبَّدوا الله بحب الناس، والإحسان إليهم، حتى ولو أساءوا إليكم، وكونوا إلفًا مألوفًا؛ لأنه لا خير فيمن لا يألف ولا يُؤلف، كما قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، وافعلوا الخير للناس أجمعين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (سورة الحج: 77).
وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..
والله أكبر ولله الحمد"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.