وزير العمل: 2772 فُرصة شاغرة للشباب في 45 شركة خاصة في 9 مُحافظات    تصدير 25 ألف طن بضائع عامة من ميناء دمياط    الذهب يستقر في نهاية تعاملات اليوم داخل محلات الصاغة    افتتاح عدد من المساجد بقرى صفط الخمار وبنى محمد سلطان بمركز المنيا    أدنوك تؤكد أهمية تسخير الذكاء الاصطناعي لإتاحة فرص مهمة لقطاع الطاقة    وقوع إصابات.. حزب الله يستهدف مواقع إسرائيلية فى الجولان المحتل    كيف ينظر المسئولون الأمريكيون إلى موقف إسرائيل من رفح الفلسطينية؟    إنفانتينو: أوقفوا النقاش العقيم بشأن مونديال الأندية    خدمة في الجول - طرح تذاكر إياب نهائي دوري الأبطال بين الأهلي والترجي وأسعارها    مؤتمر جوارديولا: نود أن نتقدم على وست هام بثلاثية.. وأتذكر كلمات الناس بعدم تتويجي بالدوري    مستشفى كوم أمبو يستقبل 4 أطفال مصابين بالتسمم بعد تناول وجبة غذائية    اندلاع حريق هائل داخل مخزن مراتب بالبدرشين    حصاد نشاط وزارة السياحة والآثار في أسبوع    هيئة الإسعاف: أسطول حضانات متنقل ينجح في نقل نحو 20 ألف طفل مبتسر خلال الثلث الأول من 2024    البنك المركزي الصيني يعتزم تخصيص 42 مليار دولار لشراء المساكن غير المباعة في الصين    20 جامعة مصرية ضمن أفضل 2000 جامعة على مستوى العالم لعام 2024    توخيل يعلن نهاية مشواره مع بايرن ميونخ    كولر: الترجي فريق كبير.. وهذا ردي على أن الأهلي المرشح الأكبر    «المرض» يكتب النهاية في حياة المراسل أحمد نوير.. حزن رياضي وإعلامي    آخر موعد لتلقي طلبات المنح دراسية لطلاب الثانوية العامة    غزة: الجيش الإسرائيلي حرق أجزاء كبيرة من مخيم جباليا    باقي كم يوم على عيد الأضحى 2024؟    بالصور- التحفظ على 337 أسطوانة بوتاجاز لاستخدامها في غير أغراضها    ضبط سائق بالدقهلية استولى على 3 ملايين جنيه من مواطنين بدعوى توظيفها    المقاومة الإسلامية في العراق تقصف هدفا إسرائيليا في إيلات بالطيران المسيّر    في يومها العالمي.. 9 متاحف تفتح أبوابها بالمجان للمصريين بالقاهرة (تفاصيل)    المركز القومي للمسرح يحتفي بعيد ميلاد الزعيم عادل إمام    جائزتان لفيلمي سيمو وترينو بمهرجان إمدغاسن السينمائي الدولي بالجزائر    ما هو الدين الذي تعهد طارق الشناوي بسداده عندما شعر بقرب نهايته؟    إيرادات فيلم عالماشي تتراجع في شباك التذاكر.. كم حقق من إنطلاق عرضه؟    المفتي: "حياة كريمة" من خصوصيات مصر.. ويجوز التبرع لكل مؤسسة معتمدة من الدولة    خريطة الأسعار: ارتفاع الفول وتراجع اللحوم والذهب يعاود الصعود    كوريا الشمالية ترد على تدريبات جارتها الجنوبية بصاروخ بالستي.. تجاه البحر الشرقي    قافلة دعوية مشتركة بين الأوقاف والإفتاء والأزهر الشريف بمساجد شمال سيناء    وزير الإسكان: انتهاء القرعة العلنية لوحدات المرحلة التكميلية ب4 مدن جديدة    أيمن الجميل: مواقف مصر بقيادة الرئيس السيسي فى دعم الأشقاء العرب بطولية.. من المحيط إلى الخليج    في اليوم العالمي ل«القاتل الصامت».. من هم الأشخاص الأكثر عُرضة للإصابة به ونصائح للتعامل معه؟    كيف يمكنك حفظ اللحوم بشكل صحي مع اقتراب عيد الأضحى 2024؟    متحور كورونا الجديد الأشد خطورة.. مخاوف دولية وتحذير من «الصحة العالمية»    أحمد السقا يطمئن الجمهور على صحة الفنان أحمد رزق    حركة فتح: نخشى أن يكون الميناء الأمريكي العائم منفذ لتهجير الفلسطينيين قسريا    أوقاف دمياط تنظم 41 ندوة علمية فقهية لشرح مناسك الحج    بطولة العالم للإسكواش 2024.. هيمنة مصرية على نصف النهائى    وفد اليونسكو يزور المتحف المصري الكبير    إحباط تهريب راكب وزوجته مليون و129 ألف ريال سعودي بمطار برج العرب    الاتحاد العالمي للمواطن المصري: نحن على مسافة واحدة من الكيانات المصرية بالخارج    افتتاح تطوير مسجد السيدة زينب وحصاد مشروع مستقبل مصر يتصدر نشاط السيسي الداخلي الأسبوعي    سعر جرام الذهب في مصر صباح الجمعة 17 مايو 2024    بالأسماء.. إصابة 6 أشخاص من أسرة واحدة إثر انقلاب سيارة ملاكي بشمال سيناء    «واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن والمرافق العامة» موضوع خطبة الجمعة اليوم    سنن يوم الجمعة.. الاغتسال ولبس أحسن الثياب والتطيب وقراءة سورة الكهف    بعد حادثة سيدة "التجمع".. تعرف على عقوبات محاولة الخطف والاغتصاب والتهديد بالقتل    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    محمد عبد الجليل: مباراة الأهلي والترجي ستكون مثل لعبة الشطرنج    «الأرصاد»: ارتفاع درجات الحرارة اليوم.. والعظمى في القاهرة 35 مئوية    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي شمال الضفة الغربية    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف بسمة الفيومي.. طريقة عمل الكرواسون المقلي    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسرار الغرف المغلقة بين أمير قطر والصهاينة
نشر في الموجز يوم 01 - 04 - 2013

انقلاب القصر فتح الباب أمام التطبيع وتنازلات "حمد" أنهت الصفقة على جثة القضية الفلسطينية
السفير الصهيوني يغازل موزة ويصفها بالأكثر تأثيرا في العالم العربي
رجال حمد يرقصون التانجو مع زوجة السفير ويحضرون "سبوع" ابنه من اجل رضا الصهاينة
عندما سئل أمير قطر الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني ذات مرة عن كيفية قيام بلاده رغم صغرها فى أداء دور مهم على الساحة الدولية أجاب بلا تردد "انظروا إلى إسرائيل فتعداد سكانها بضع ملايين فقط ولكنها تنجح في إصابة العالم كله بالصداع".. ويمكن القول أن هذه الإجابة - العفوية - تكشف إلى حد كبير مدى الإحباط الذي تستشعره قطر بسبب عدم لعبها دورا سياسيا مؤثرا على الصعيد السياسي الإقليمي والدولي لأسباب قد يرجعها البعض لصغر حجمها رغم امتلاء خزائنها بعوائد الذهب الأسود.. وربما هذا ما يفسر إجابة حمد الفورية والتي تؤكد أيضا أن إسرائيل باتت النموذج الذي اختارته قطر – هذه الدولة الصغيرة – للاحتذاء من اجل تحقيق تطلعاتها السياسية كما تؤكد اقتناع قطر بان إسرائيل هي البوابة الرئيسية للعب دور سياسي يتلائم مع خزائنها المملوءة بالذهب.
وفى المقابل فان منطقة الخليج تمثل لإسرائيل "خزانة الذهب" المغلقة في وجهها بسبب ثراء دولها ومعدل إنفاقها الذي يعد من أعلى المعدلات على مستوى العالم لذا فان الجهود الإسرائيلية لا تتوقف دوما عن اختراق هذه الدول وترسيخ التطبيع معها بدعوى عدم وجود حدود مشتركة بين إسرائيل وتلك الدول بما يعنى عدم وجود نزاع بين الجانبين.
وقد تلاقت رغبة قطر التي تسعى للعب دور سياسي مؤثر على الساحة الإقليمية والدولية عبر البوابة الإسرائيلية مع رغبة إسرائيل التي تسعى إلى اختراق منطقة الخليج وكانت النتيجة الهرولة القطرية الغير مسبوقة لاستجداء العطف الاسرائيلى وتطبيع العلاقات بين الدولتين رغم تحفظات عدد من الدول العربية المركزية على رأسها مصر.. وفى هذا الإطار يأتي كتاب "إسرائيل على جبهة الخليج العربي" والصادر عن مؤسسة "يديعوت أحرنوت" للمؤلف "سامى ريفيل" والذى قام بترجمته من العبرية إلى العربية الزميل الصحفي محمد البحيرى تحت عنوان "قطر وإسرائيل.. ملف العلاقات السرية" والذي يكشف عن أسرار العلاقات التي نشأت بين قطر وإسرائيل والمراحل التي مرت بها بما تحمله ذلك من تحولات ومفاجآت.
وتنبع أهمية هذا الكتاب من أن مؤلفه هو "سامي ريفيل" الذي يعد واحدا ممن لهم باع طويل فى دفع التطبيع بين إسرائيل والعديد من الدول العربية وكان أول دبلوماسي إسرائيلي يعمل في قطر حيث كان أول رئيس لمكتب تمثيل المصالح الإسرائيلية في الدوحة خلال الفترة من 1996 حتى عام 1999.. وعمل فى مكتب مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية ضمن فريق كانت مهمته الرئيسية دفع علاقات التطبيع الرسمية الأولى بين إسرائيل ودول الخليج العربي وتنمية التعاون الاقتصادي بين إسرائيل والعالم العربي بأسره.. وفى السنوات الأخيرة رأس "ريفيل" قسم العلاقات الإسرائيلية مع الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو بوزارة الخارجية الإسرائيلية ويعمل حاليا وزيرا مفوضا بسفارة إسرائيل في العاصمة الفرنسية باريس.
انقلاب القصر
ويكشف الكتاب أسرار وتحولات ومفاجآت فى مسيرة العلاقات بين قطر وإسرائيل كان من بينها التأكيد على أمرين.. الأول هو ارتباط صعود أمير قطر الحالي للحكم عبر الانقلاب على والده بتوطيد العلاقات القطرية الإسرائيلية.. والثاني هو الادعاء بأن الضغوط التي مارستها مصر على قطر لكبح جماح علاقاتها المتسارعة بإسرائيل كانت ترجع إلى قلق مصر على مكانتها الإقليمية من الناحية السياسية وخوفا من أن تفوز الدوحة بصفقة توريد الغاز لإسرائيل بدلا من القاهرة.
فيما يتعلق بالأمر الأول وهو ارتباط صعود أمير قطر الحالى للحكم عبر الانقلاب على والده بتوطيد العلاقات القطرية الإسرائيلية أشار سامي ريفيل إلى أن صيف عام 1995 شهد عاصفة رملية سياسية تمثلت فى قيام وزير الدفاع قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني باستغلال فرصة سفر والده أمير البلاد الشيخ خليفة بن حمد آل ثانى فى رحلة استجمام الى سويسرا وأطاح به من السلطة وتولى منصبه فى حكم البلاد.. ويصف المؤلف أن ما حدث كان بمثابة " انقلاب قصر كلاسيكي تم بسرعة وبدون أى سفك للدماء فلم ير احد الدبابات فى الشوارع ولم تندلع المواجهات بين المعسكرين المتخاصمين.. وببساطة فتح اغلب القطريين أجهزة التلفزيون وشاهدوا حفلا مثاليا ومنظما عقد فى قصر الأمير وفيه مر كل واحد من ممثلي مختلف كل القطاعات الجماهيرية ليباركوا بأدب تعيين الأمير الجديد وبدا هذا المشهد كما لو كان تبادلا عاديا للسلطة حل موعده".
وكما يقول السفير الاسرائيلى فقد كان هناك دور مركزي لانقلاب القصر فى التطورات التي أدت إلى بلورة العلاقات مع إسرائيل وافتتاح مكتب تمثيل المصالح الإسرائيلية فى الدوحة بعد سنة واحدة من ذلك.. وكان في مقدمة التغييرات التي أتى بها الأمير الجديد تعاظم الانفتاح السياسي وحث التنمية الاقتصادية وبالطبع توطيد العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية وسار معها قدما إلى قدم تأييد عملية السلام في الشرق الأوسط وتطبيع العلاقات تدريجيا مع إسرائيل.
اللبنات الأولى
ويمكن القول أن اللبنات الأولى للعلاقات القطرية الإسرائيلية نشأت عقب مؤتمر القمة بشرم الشيخ حيث شعر قادة قطر أن الوقت قد حان لتغيير شكل الصحراء واستثمار نافذة الفرص الضيقة التي لاحت أمامهم.. وفى هذا الإطار تزايدت الرسائل المتتالية والمتبادلة بين قطر وإسرائيل التي تلقت اقتراحا بإجراء أول زيارة علنية لشيمون بيريز فى قطر وكانت هذه الزيارة خطوة حاسمة على طريق إقامة علاقات رسمية بين الدولتين.
ويصف سامي ريفيل زيارة شيمون بيريز إلى قطر في 1 ابريل عام 1996 قائلا " لم يغفل القطريون أية ترتيبات معتادة في زيارات قادة الدول.. فمع هبوط طائرة رئيس وزراء إسرائيل حظي باستقبال رسمي بما فى ذلك العرض العسكري فى مطار الدوحة الدولي وعزف السلام الوطني ورفع علم الدولتين وما زلت اذكر – والكلام لريفيل – مشاعر الانفعال الكبير الذي سيطر على الوفد الإسرائيلي لرؤيته فرقة الموسيقى العسكرية القطرية تعزف السلام الوطني الإسرائيلي بينما يرفرف فى الخلفية علم إسرائيل بلونيه الأبيض والأزرق إلى جانب العلم القطري".
وقد ارتكزت المرحلة الأولى من نشأة العلاقات الإسرائيلية مع قطر على صفقة الغاز الطبيعي التي اكتسبت دفعة إضافية في الشهور التالية لحفل التوقيع الذي أقيم خلال انعقاد مؤتمر القمة الاقتصادية لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى العاصمة الأردنية عمان فى أكتوبر عام 1995 ووقعت فيه إسرائيل على مذكرة تفاهم لشراء الغاز الطبيعي من حقل الشمال الذي يقع في مواجهة شواطئ "رأس لفان".. وقد استمرت المفاوضات الخاصة بالصفقة بعد ذلك فى اللقاءات التي أجراها وزيرا خارجية إسرائيل وقطر ولان الجابين أبديا اهتماما كبيرا بتعميق البحث فى كل إبعاد الصفقة فقد أجريت مشاورات مكثفة على مستوى الخبراء.
وفى أعقاب صعود بنيامين نتنياهو إلى السلطة فى إسرائيل وتحديدا في نهاية سبتمبر 1996 وصلت إلى قطر أنباء أولية عن أن إسرائيل ألغت مذكرة التفاهم الخاصة بشراء الغاز الطبيعي من قطر التي استقبل مسئولوها الخبر بمزيد من الدهشة وخيبة الأمل إزاء المس بمصلحة اقتصادية مركزية بسبب إلغاء المشروع فضلا عن وجود تخوف حقيقي لدى قطر من المس بصورتها ومكانتها وكرامتها أمام العالم فبعد أن أصرت قطر على دفع مشروع الغاز الطبيعى مع إسرائيل ورغم تعرضها لضغوط كثيفة من جانب دول عربية وإسلامية على رأسها جارتها المملكة العربية السعودية فان خبر إسرائيل بأنها التي قررت الانسحاب من المشروع يمثل ضربة قاسية لمكانة قطر.
تداعيات سياسية
وبناء على فشل مشروع توصيل الغاز من قطر إلى إسرائيل فقد وجهت الأخيرة جهودها إلى مشروعات بديلة في نفس الإطار منها شراء الغاز الطبيعي من مصر.. وبعد مفاوضات استمرت سنوات طويلة قام بنيامين بن اليعازر وزير البنية التحتية فى إسرائيل وسامح فهمي وزير البترول في مصر بالتوقيع فى يوينو عام 2005 على اتفاق يستمر 15 عاما لاستيراد 1,7 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي كل عام من مصر إلى إسرائيل عن طريق أنبوب يمتد من العريش إلى عسقلان.
ويرى السفير الإسرائيلي أن العلاقات بين مصر وإسرائيل في مجال الغاز الطبيعي كان لها تداعيات سياسية واقتصادية على العلاقات مع قطر فقد بدأت الاتصالات الخاصة بصفقة الغاز الطبيعي مع مصر على أرض الواقع في منتصف التسعينيات وهى نفس الفترة التي بدأت فيها الاتصالات لدفع مشروع الغاز الطبيعي مع قطر التي لم تنظر بدورها بعين الارتياح إلى المفاوضات الجارية مع مصر بل وأعرب عدد من المسئولين القطريين عن شعورهم بان المحادثات التي تجريها إسرائيل مع قطر تستهدف فقط الضغط على مصر لدفع مفاوضات بناء أنبوب الغاز بين الدولتين.. يضاف على ذلك ما كان سائدا فى الخلفية من توتر دام سنوات طويلة بين القيادتين القطرية والمصرية ووصل إلى ذروته فى أعقاب زعم قطر أن مصر كانت متورطة في محاولة للانقلاب على الحكم ضد أمير قطر فى سنة 1996.
مضمار آخر
ويشير ريفيل إلى مضمار آخر للتوتر بين قطر ومصر شهده مؤتمر القمة الاقتصادية الثانية لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والذي عقد في العاصمة الأردنية عمان فى أكتوبر عام 1995 بسبب رغبة الدولتين في استضافة القمة الثالثة والتي تحولت إلى صراع ضار وفى خلفية ذلك كان هناك دور للخصومة الطويلة بين مصر وقطر.. فالمواطنون المصريون الكثيرون الذين وجدوا فرصة عمل فى الإمارة الخليجية الصغيرة كمدرسين ومهندسين وأطباء ومديرين وجدوا أنفسهم على المحك بين الجانبين فالمصريون اشتكوا من الصعوبات التي يضعها القطريون أمامهم عند استخراج تأشيرات العمل فى قطر بينما أعرب القطريون عن مخاوفهم من التدخل المصري الزائد عن الحد فى شئونهم الداخلية.. وزاد من حدة التوتر بين البلدين نشر الصحف المصرية تقارير تقول أن قطر تخطط لنقل الغاز الطبيعي إلى إسرائيل عن طريق مينائي العقبة الأردني وإيلات الإسرائيلي وليس عبر ناقلات تمر من قناة السويس كي لا تحصل مصر على مقابل المرور.. ولذلك عندما أبدى وزير الخارجية المصري آنذاك عمرو موسى تحفظه فى قمة عمان على "دول عربية تهرول لإبرام صفقات اقتصادية مع إسرائيل" قبل ضمان الحقوق الفلسطينية واكتمال الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي السورية واللبنانية أدرك الجميع انه يقصد قطر بهذا الكلام وكان ذلك بمثابة تدشين لإطلاق النار والتدهور العميق في العلاقات بين مصر وقطر وكذلك التوترات الشخصية التي اندلعت في ذلك الوقت بين وزير خارجية البلدين وأصر القطريون خلالها على أن يكونوا على قدم المساواة مع مصر رغم الفروق الهائلة والواضحة بين البلدين- كما يقول السفير الإسرائيلي –.
وهكذا بدأت لعبة القوى عندما أصرت كل دولة على استضافة القمة الاقتصادية الإقليمية التالية وسط حيرة الوسطاء وعلى رأسهم الأمريكيين.. وبعد جهود مضاعفة وقبل دقائق من انتهاء قمة عمان تم التوصل إلى تسوية مثالية مفادها أن تحظى القاهرة باستضافة القمة الاقتصادية عام 1996 وتحظى الدوحة باستضافة القمة التالية لها عام 1997.
وفى هذا الإطار يقول السفير الاسرائيلى "وفى نهاية ماراثون المباحثات غادر المصريون العاصمة الأردنية عمان وهم يشعرون بالرضا.. أولا لانتصارهم على القطريين.. وثانيا بسبب حصولهم على خلال مباحثات القمة الاقتصادية على إعلان أمريكي بشان افتتاح بنك للتعاون الاقتصادي وتنمية الشرق الأوسط وشمال افريقيا.. وفى المقابل خرج القطريون بنصف ما كانوا يسعون إليه.. وبفضل الديناميكية القطرية اللافتة والتي بدت في عيون الكثيرين بالعالم العربي سياسة مندفعة وطائشة نجح القطريون في فرض أنفسهم من خلال قمة عمان على منصة الشرق الأوسط بل وحصلوا على اعتراف أمريكي بمكانتهم.. ولكن من جهة أخرى وبسبب خطوتهم الجريئة جعلوا أنفسهم هدفا لانتقادات دول رئيسية فى العالم العربي مثل مصر والمملكة العربية السعودية وربما ينطوي ذلك على قدر من الاندهاش والمفاجأة حين أقول أن مسئولي قطر أصيبوا بخيبة أمل من فوز مصر باستضافة القمة الاقتصادية التالية قبل تلك التى تقرر عقدها فى بلادهم".
القطريون يرقصون
لا يفوت السفير الإسرائيلي وهو يروى قصة التطبيع بين بلاده وبين قطر أن يشير إلى احد عناصر القوة واتخاذ القرار داخل قصر الإمارة وهى الشيخة موزة آل سند والتي يصفها بأنها "واحدة من أكثر النساء تأثيرا في العالم العربي" مشيرا الى دورها الكبير فى صياغة السياسة القطرية وهذا ما يظهر فى كثير من المناسبات منها الاستقبال الإسطورى الذي حظيت به في القصر الرئاسي فى باريس فى شهر يوليو عام 2008 وهو استقبال أرجعه البعض إلى المصالح الاقتصادية والصفقات الضخمة بين قطر وفرنسا.
ولا يفوت السفير الإسرائيلي أيضا أن يشير إلى الاحتفال بعيد ميلاد زوجته "اسينت" فى يوليو عام 1998 وهى أحد أوقات التي شهدت توترا في العلاقات بين إسرائيل والعالم العربي للدلالة على عمق العلاقات الإسرائيلية القطرية التي لم تبال بأي أحداث سياسية فى المنطقة خاصة فيما يرتبط بالانتهاكات الإسرائيلية للفلسطينيين.. وكما يقول ريفيل "فى تلك الأيام احتشدت كل القوى الدافعة باتجاه قطع العلاقات وفضل كثيرون في قطر ألا يظهروا بصحبة إسرائيليين وعلى الرغم من ذلك لبى كثيرون دعوتنا لحضور حفل عيد الميلاد الذي أقيم فى قاعة مزينة في وسط منطقة مغلقة بالقرب من منزلنا فى الدوحة وكان من بين الضيوف عدد من الأصدقاء القطريين الذين حافظوا على وجود علاقة وطيدة معنا طوال فترة عملنا فى الإمارة".
ويصف السفير الاسرائيلى أجواء الحفل قائلا "كانت أجواء السعادة والتحرر وانشغل الجميع بالرقص على ايقاع موسيقى التانجو وتحطمت كل القيود الرسمية ولم يكن بوسع العشرات من محادثات الإقناع الدبلوماسية أن تحقق الكثير كي يصبح الوجود الإسرائيلي والضئيل فى الدوحة جزءا طبيعيا تقريبا من المجتمع الدولي الكبير الموجود فى الدوحة".. وأضاف.. "كان هناك حدث واحد فقط نجح لوهلة في إثارة الشك مجددا في القلوب فقد انفجرت فجأة إحدى البالونات الملونة التي كانت تزين جدران الغرفة ومن شدة الانفجار توقف الجميع عن الرقص ولجزء من الثانية اكتست وجوه بعض الحضور بمشاعر الذعر خوفا من أن يكون ما حدث هو انفجار إرهابي وبالطبع أدرك الجميع بسرعة أن الصوت ناتج عن انفجار بالون وعادوا إلى الرقص بكل قوتهم ولم يكن الأمر مثيرا لاهتمام الكثيرين في كل حفلة أخرى كانت تقام في بيت دبلوماسي من دولة أخرى ولكن فى حفل عيد الميلاد هذا على خلفية الواقع المحيط بالجميع كانت هناك إشارة رمزية لوضع إسرائيل الحساس في المنطقة والتي لم يسلم الكثيرون حتى بوجودها فى المنطقة".
ويرى السفير الإسرائيلي أن رحلة عمله في الدوحة كانت مكدسة بالتحولات بالنسبة له ولعائلته مشيرا إلى أن أحداثا كثيرة خلال تلك الفترة ذكرته بالحساسية الشديدة التي يثيرها وجودهم في دولة عربية لكن في مقابل ذلك كانت تلك الرحلة مليئة بالرضا والمتعة زرعت بداخله إيمانا قويا بقوة العلاقات التي أقامها وقدرتها على المساهمة فى دفع التفاهم المشترك.. ويتذكر عندما أنجب ابنه الثالث "يوفال" فى شهر فبراير عام 1999 وذلك للتدليل على كلامه قائلا "حظينا بدليل إضافي على التغيير الذي طرأ على رؤية أشخاص معينين في الإمارة عندما بادر رجل أعمال قطري مهم إلى حضور حفلة المولود "السبوع" والتي أحاط الضيوف خلالها المولود بالدفء وشدوا على أيدي الوالدين السعيدين وقد جعلتنا السعادة الحقيقية التي أحاطت بنا نشعر بأننا حظينا بأيدي قريبة تسعى إلى دفعنا للشعور بالرضا فى قطر".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.