تناولت صحيفة "وول ستريت جورنال" البريطانية مقالا عن الدور الذي تقوم بها وكالة الاستخبارات الاميركية في الصراع الدائر بين المقاتلين الثوار والنظام السوري، بحيث تقوم الوكالة بتزويد المقاتلين بالمعلومات لاستخدامها في مقاتلة النظام، وهي خطوة تزيد من مشاركة الولاياتالمتحدة بصورة اعمق في هذا الصراع. جاء ذلك في مقال شارك في اعداده ثلاثة من محرريها هم: آدم انتوس، سويبان غورمان، ونور ملص، فيما يلي نصه:تأتي هذه الخطوة ضمن الجهود التي تبذلها الولاياتالمتحدة لحرمان المتشددين الاسلاميين في ارتفاع مكانتهم في سوريا عن طريق تقديم المساعدة للقوات العلمانية، حسب ما قال مسؤولون اميركيون، وسط مخاوف من امكان ان يؤدي سقوط الرئيس بشار الاسد الى تمكين تنظيم "القاعدة" من الازدهار في سوريا.والدور الموسع لوكالة الاستخبارات الاميركية يعزز من جهود وكالات الاستخبارات الغربية لدعم المعارضة السورية بالتدريب في مجالات تشمل استخدام السلاح، والقتال في المناطق الحضرية، ومكافحة التجسس الذي يقوم به عملاء النظام.وجرى اتخاذ هذه الخطوة في وقت بدأت "جبهة النصرة"، وهي الجماعة الرئيسية المرتبطة بالقاعدة العاملة في سوريا، في تعميق علاقاتها مع القيادات المركزية للمنظمة الارهابية في ياكستان، حسب قول مسؤولين اميركيين في مكافحة الارهاب.وقال مسؤولون ان تزويد وحدات صغيرة من الثوار خضعت لتحقيقات الوكالة الاميركية، بمخابرات مفيدة للعمليات، يعكس تأكيدا على زيادة انخراط الولاياتالمتحدة في الصراع الذي دام لعامين. غير ان الوكالة لم تؤكد او تنف اي دور في توفير التدريب او المعلومات الى الثوار السوريين.والمساعدة الجديدة الى الثوار لا يعني تغييرا في قرار الولاياتالمتحدة بعدم المشاركة في عمل عسكري مباشر. وكان الرئيس باراك اوباما قد رفض العام الماضي اقتراحا حظي بدعم وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية لتزويد الوحدات العلمانية المقاتلة ضد الاسد بالسلاح، واعاد يوم الجمعة التأكيد على قراره بان هذا العمل قد يزيد من سفك المزيد من الدماء.كما حذر من ان يؤدي سقوط الاسد الى تعزيز قوة المتشددين. وقال في مؤتمر صحفي عقد في العاصمة الاردنية عمان "اشعر بقلق شديد تجاه ان تتحول سوريا الى ملجأ آمن للمتشددين، لان المتشددين يتزايدون في الفوضى وينتعشون في الدول الفاشلة، وفي فراغ السلطة".وقال مسؤولون اميركيون واوروبيون وعرب ان الخطوة الجديدة التي تقوم بها الوكالة الاميركية تمثل تغييرا في اسلوب الادارة الذي يهدف الى تقوية الثوار المقاتلين العلمانيين على أمل ان يؤدي ذلك الى التأثير على بروز المجموعة التي ستسيطر في سوريا ما بعد الاسد.وقامت الوكالة الاميركية بارسال ضباط الى تركيا للمساعدة في التحقق من الثوار الذين يتلقون شحنات الاسلحة من دول الخليج الحليفة، لكن المسؤولين في الادارة قالوا ان النتائح لم تكن واضحة، مشيرة الى مشاعر القلق من السلاح الذي يرسل الى الاسلاميين. وفي العراق اصدر البيت الابيض تعليماته الى الوكالة الاميركية للعمل مع وحدات مكافحة الارهاب لمساعدة العراقيين في مواجهة تدفق المقاتلين المرتبطين بالقاعدة عبر الحدود مع سوريا.ويفضل الغرب التعامل مع المقاتلين المرتبطين بالجيش السوري الحر الذي يدعم الائتلاف السياسي للمعارضة السورية.وقال قادة المعارضة السورية ان وكالة الاستخبارات الاميركية تتعامل مع دوائر المخابرات البريطانية والفرنسية والاردنية لتدريب الثوار على استخدام كافة انواع الاسلحة. وقال احد كبار المسؤولين الغربيين ان وكالات الاستخبارات تقوم بتدريب الثوار على القتال في المناطق الحضرية وعلى كيفية استخدام الاسلحة المضادة للدبابات ضد التحصينات السورية.كما تقوم الوكالات بتدريبهم على تكتيكات مكافحة التجسس للمساعدة على منع العملاء الموالين للاسد من التسلل الى صفوف المعارضة.وعلى هامش الصراع، فان البنتاغون يقوم بتدريب القوات الاردنية لمواجهة التهديد الذي تمثله الاسلحة الكيماوية السورية، لكنها لا تعمل مباشرة مع الثوار، حسب قول مسؤولين في وزارة الدفاع الاميركية.ويظل مدى الجهود التي تبذها الوكالة الاميركية لتوفير المعلومات الى الثوار السورين محوطة بالسرية. ولدى الولاياتالمتحدة مصادر استخباراتية في المنطقة، وبخاصة في اطار الصراع.وتستخدم الولاياتالمتحدة الاقمار الصناعية واساليب التجسس الاخرى لجمع المعلومات عن القوات السورية وحركة الطائرات ومخازن الذخيرة. ويقول مسؤولون ان قوة الرادار في تركيا تستخدم لملاحقة الصواريخ البالستية السورية ويمكنها تحديد بطاريات الاطلاق.ووقال مسؤولون اميركيون واوروبون انه مع ذلك يظل اطار الاستخبارات محدودا لان الوكالة الاميركية لا تدري ما اذا كان بامكانها ان تثق تماما بالمقاتلين في حال تزويدهم بمعلوما حساسة. وعلى سبيل المثال فانهم لا يكشفون، كما يقول المسؤولون، عن الاماكن التي تعتقد المخابرات الاميركية والاسرائيلية ان الحكومة السورية تخزن فيها اسلحتها الكيماوية.ويطالب قادة الثوار وبعض المشرعين الاميركيين بان يكون الدعم الاميركي اكثر نشاطا حتى يمكن تحويل المد في الحرب الاهلية. ويقول هؤلاء المسؤولون ان الدور الحالي للوكالة يصل القليل منه او متأخرا بحيث لا يسمح ذلك بتحقيق تغيير حاسم في الحرب.ويقول مسؤولون اميركيون واوروبيون انهم يخشون ان تتمكن "جبهة النصرة" التي تسيطر على قطاعات في شمال سوريا، من السيطرة على البلاد لدى سقوط الاسد.ويقول المسؤولون عن مكافحة الارهاب انه لاحظوا نموا في الاتصالات بين النشيطين من "جبهة النصرة" والقاعدة في العراق والقيادة المركزية للقاعدة في باكستان . ويقول مسؤولون ايضا ان هناك اعدادا متنامية من مقاتلي القاعدة يسافرون من باكستان الى سوريا للقتال الى جانب "النصرة".وقال سيث جونز، الخبير في شؤون تنظيم القاعدة في مؤسسة راند في واشنطن ان النصرة "منظمة اشبه ما تكون بالجيش منها الى مجموعة ارهابية بسيطة. ومع استمرار هذه الحرب صد الاسد وطالما امكنهم دعم قدراتهم، فانه سيكون من الصعب استهدافهم لدى سقوط النظام".