قامت جماعة الإبداع التابعة لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات في أبوظبي، في مقر الاتحاد بالمسرح الوطني باستضافة الكاتبة اليمنية لارا نجيب محمد بن محمد الظراسي في أمسية قصصية أضاءت خلالها جوانب متعددة من تجربتها في كتابة القصة، كما قرأت فيها مجموعة من قصصها القديمة والجديدة من بينها "شهوة مروحة"، و"تاكسي يمني"، و"رجولة طفل"، و"الروب الزهري"، و"الخواجية"، و"الجثة"، و"زغره"، و"حب قايد" . تميزت قصص الظراسي بلغة سردية طافحة عالجت من خلالها ما يجيش في خاطرها، ويدور في خلدها من قضايا وهموم سواء تعلق الأمر بعالم المرأة وما يتصل بذاتها، أو بالإنسان العادي والبسيط الذي نجد صدى صوته الخافت المنبعث من سيارته "تاكسي يمني"، حيث يختزل في رحلة واحدة أجزاءً عميقةً من حياة مجتمع ومايكابده أو ينتشر فيه من تناقضات، كما يشي في نفس الوقت، بالمفارقة التي ينبني عليها سرد القصة، والتي تأخذ صوراً متعددة تتجلى في ثنايا الحوار الذي يدور بين سائق التاكسي والمرأة "الغريبة" . ولعل ما يلفت الانتباه في هذه القصة هو البساطة والوضوح في اللغة التي كتبت بها، والتي تصل في بعض الأحيان إلى المزج بين اللغة الفصيحة واللهجة العامية، لكنه دمج ايجابي يضفي على مشهد السرد تناغماً وانسجاماً في مختلف مساراته، و يجعله قريباً من القارئ . تغلب على قصص الظراسي لغتها السردية التي تميل إلى التعبير عن الهم الأنثوي، أو الكتابة النسوية، للبوح عن مكامن النفس، ومواطن الحس، وما يدور في خلجات الذات الأنثى من آمال وآلام وأحلام تتسربل على قيد الحرف والحتف . ففي "شهوة مروحة" يلتقي الضمير الأنثوي بالأنثى ويرافقها في كل مسارات السرد ومشاهده، بلغة وصفية جميلة، وأسلوب رشيق، حيث تقول: "تلك المرأة النائمة تحت المروحة، تلك الجمرة، والزهرة، والحلم، جعلت المروحة تشتهي كأس الرغبة، وتشعر بالرغبة . .بالحمى . . بالمرأة" . وتعكس أغلب قصص الظراسي هذا المنحى بشكل واضح، لكن ما يميز أسلوبها ومعالجتها عن غيرها من الكاتبات اليمنيات هو أنها تكتب هم المرأة وذاتها بشكل مختلف يتجاوز الوصف السطحي إلى الغوص في أعماق تلك الذات وما يخامرها من حب وأحاسيس ومشاعر مفعمة بالألم والأمل . صوت الأنثى وصورة المرأة وعالمها وما يتصل بها سمتان ملازمتان للكتابة السردية عند الظراسي تستحضر من خلالهما أنماطاً وصوراً مختلفة للمرأة في الزواج والعلاقة بالجنس الآخر بشكل عام، يبرز ذلك بوضوح من خلال قصة "زغره" صوت المرأة وصورتها الطافحة . وتفتح الظراسي من خلال هذه القصة نافذة على المجتمع تستعرض فيها عاداته وتقاليده ومختلف همومه وقضاياه .