كشف المستشار أمير رمزي المقرب من الكنيسة النقاب عن تفاصيل اللقاءات السرية بين مؤسسة رئاسة الجمهورية وبين عدد من رموز الكنيسة خلال الأيام الماضية من أجل إقناع الكنيسة بالعدول عن موقفها من الدستور الجديد.. وقال رمزي في حواره مع "الموجز" إن مؤسسة الرئاسة تسعي لتسييس الكنيسة واستخدامها ك"كارت سياسي" لشق صف القوي المدنية. كيف كانت اللقاءات التي أجرتها مؤسسة الرئاسة مع عدد من القيادات الكنسية خلال الأيام الماضية؟ معظم اللقاءات التي تمت بين الرئاسة والكنيسة غلب عليها الطابع الودي بهدف إقناع الكنيسة بالموافقة علي الدستور ولمناقشة أسباب اعتراضها عليه، وكان آخر هذه اللقاءات ما تم في أحد الفنادق الشهيرة وحضره المستشار محمد فؤاد جاد الله، والدكتور محمد محسوب والمهندس أبو العلا ماضي، والانبا بولا والدكتور نبيل مرقص. ماذا تم في هذا اللقاء باعتبار أنك كنت أحد المشاركين فيه؟ دارت المناقشات جميعها حول أسباب انسحاب الكنيسة من الجمعية التأسيسية ورفضها مسودة الدستور.. وقد سبق ذلك اللقاء قيام الكنيسة بتقديم مذكرة رسمية لمؤسسة الرئاسة توضح فيها أسباب الانسحاب بشكل رسمي، وقد فسر البعض هذا اللقاء علي أنه اجتماع بين الكنيسة ومؤسسة الرئاسة ولكن حقيقة الأمر هذا اجتماع بين الرئاسة والقوي الوطنية لأن جميع المواد الخلافية في الدستور هي مواد تعترض عليها جميع القوي المدنية وليس الكنيسة فقط التي تمثل جزءا لا يتجزأ من القوي الوطنية الموجودة في الشارع وتؤمن بالوسطية وتريد تضمينها في الدستور، وقد تفهم ممثلو مؤسسة الرئاسة ذلك، بعدما أوضحنا لهم المواد المختلف عليها. وماذا كان رد فعل ممثلي الرئاسة من تلك المواد؟ كان هناك محاولات "مستميتة " منهم لإقناع الكنيسة بتلك المواد وتبريرها بكافة الطرق ولكننا لم نقتنع بأي تبرير للموقف إلا في مادة واحده وهي المادة الخاصة بميزانية الجيش التي تنص علي أن يتم عرضها علي المجلس الوطني دون مجلس الشعب. هناك من يري أن قرار انسحاب الكنيسة من التأسيسية تأخر كثيرا وأنه جاء نتيجة لضغط الحركات القبطية عليها.. ما تعليقك؟ كان هناك مطالبات من الجميع بضرورة انسحاب الكنيسة والأزهر من التأسيسية إلا أن الكنيسة أجلت قرار الانسحاب حتي يحدد الأزهر موقفه ولكن الأقباط رفضوا ذلك وضغطوا عليها للانسحاب لأن وضع الأزهر حساس، أما بالنسبة للقوي الوطنية المتمثلة في الحركات القبطية فنحن نعتبر أن الكنيسة جزء لا يتجزأ منها، ولكن مطالب القوي المدنية لم تكن السبب الرئيسي لانسحاب الكنيسة من التأسيسية ولكنها انسحبت بسبب المواد الملغمة الموجودة داخل الدستور، ومنها المادة 219. ما أسباب اعتراضكم علي هذه المادة؟ المادة 219 تفسر مبادئ الشريعة الإسلامية علي أنها أصول الفقه الإسلامي وهذا أمر خطير لأنه يفتح باب الاجتهاد أمام كل من يرغب في طرح قانون جديد وفقا لتفسيره، وبالتالي السماح بالاجتهاد في كل جوانب الدولة وليس ما يتعلق بالدين فقط.. وهناك المادة 67 التي تنص علي أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص دستور أو قانوني، وكلمة نص دستوري مع المادة 219 يعني انه من الممكن أن أخلق أي جريمة جديدة غير موجودة في الإسلام مثل "تارك الصلاة" وأحدد لها عقوبة، كما في بعض المذاهب وهي عقوبات قد تصل إلي حد القتل وكذلك الأمر في أحوال" الردة"، ونحن بذلك لسنا ضد الشريعة الإسلامية ولكن نحن ضد الاجتهاد مع الشريعة الإسلامية، وهناك المادة 132 التي تعطي لرئيس الدولة أن يكون قاضيا بين السلطات وهذا يعني انه يرتفع أكثر من السلطة القضائية والتشريعية رغم انه مسئول عن السلطة التنفيذية فقط.. وهناك اعتراض علي النصوص الخاصة بالمحكمة الدستورية وإلغاء عمل بعض قضاة المحكمة، وكذلك الاعتراض علي التوسع في اختصاصات مجلس الشوري الذي أصبح في الدستور الجديد أقوي من مجلس الشعب. وماذا عن المواد التي ترفضها الكنيسة وتري أنها تضر بالأقباط؟ هناك المادة 43 التي تقول إن حرية الاعتقاد مصونة وهذه درجة أقل بكثير من المادة التي وردت في دستور 1971 التي كانت تنص علي أن الدولة تضمن حرية العقيدة.. فكلمة "المصونة "الموجودة الآن كلمة "ركيكة" وكان يجب ان تتغير وتذكر بنفس الشكل القديم.. كما كنا نريد إضافة جملة إلي المادة 43 تؤكد علي ضمان الدولة لحرية العقيدة ولكن بعد سن الرشد.. وهذا أمر مهم لأن حرية العقيدة لا يصح أن تكون للأطفال حتي لا يحدث ما نراه الآن من تغيير الأطفال والقصر لعقيدتهم. تسييس الكنيسة ماذا عن زيارة الدكتور رفاعة الطهطاوي رئيس ديوان الرئاسة للكنيسة؟ لم أحضر هذا اللقاء ولا أعرف ماذا حدث به ولكن كل اللقاءات التي تتم بين الرئاسة والكنيسة هي عبارة عن محاولات لتسييس دور الكنيسة وهذا أمر مرفوض.. وقد ظهر ذلك في مطالب مؤسسة الرئاسة من الكنيسة فيما يتعلق بالدستور وكذلك محاولة الضغط علي الكنيسة لمساندة مؤسسة الرئاسة في بعض الأمور خلال هذه المرحلة، وأعتقد أن الكنيسة كان يود لها أن تقوم بذلك بالفعل ولكن رئيس الجمهورية هو الذي ورط مصر كلها في هذا المأزق التاريخي الذي نعيشه جميعا. وهل تعتقد أن الكنيسة ستسيس كما كانت في عهد البابا شنودة؟ في ظل وجود الأنبا تواضروس الثاني الأمر سيختلف بالطبع في مدي تجاوب الكنيسة مع السلطة السياسية.. فالأنبا تواضروس يستمع جيدا للشارع وينفذ ما يريده الشعب القبطي وذلك علي عكس أسلوب البابا شنودة الذي كان يستمع للجميع ولا يأخذ إلا برأيه في النهاية ولكن الأنبا تواضروس يؤمن بفكر العمل الجماعي وهو أكثر مشورة ومداولة من البابا شنودة. وكيف يمكن أن يؤثر اختلاف أسلوب البابا الجديد علي الكنيسة؟ هناك مثل مصر يقول" كل شيخ وله طريقة" فلا يمكن أن نري بابا شنودة ثاني.. فالبطريريك الحالي له أسلوبه الخاص به فهو شخص اجتماعي وروحاني جدا يؤمن بالحوار المجتمعي، ونحن نحب هذه الطبيعة لأن رأي الشوري يكون دائما هو الأفضل والأقل خطورة.. واعتقد أن الأنبا تواضروس يسير في طريق سليم ويكفي أن أكثر من 90% من الشعب القبطي يرضي عن أدائه. كيف تري أوضاع الأقباط الآن مقارنة بعهد الرئيس السابق؟ لا أري أن هناك اضطهادا للأقباط الآن مثلما كان في عصر الرئيس السابق أو في ظل حكم المجلس العسكري.. ففي عهد مبارك كان يتم استخدام الأقباط ك"كارت سياسي" مثلما يرغب الإخوان المسلمين في القيام به الآن.. ورغم المظهر الديمقراطي للمجلس العسكري لكن ما حدث للأقباط في هذه الفترة أسوأ بكثير مما حدث في نظام مبارك فقد تم هدم كنيسة صول ومذبحة ماسبيرو وعدد من الحوادث الطائفية في فترات متلاحقة.. أما الآن فإن الكنيسة ليست مستهدفة من الإخوان ولكن المستهدف هو القوي المدنية بشكل عام. كارت سياسي كيف تري التصريحات التي صدرت عن قيادات جماعة الإخوان وحاولت الزج بالأقباط في أحداث الاتحادية؟ جماعة الإخوان لا تريد أن تصنع أي توتر مع الكنيسة في الوقت الراهن ولكن تريد التأكيد للشعب علي أن الخلاف الموجود الآن بين الكنيسة ومؤسسة الرئاسة وأن الكنيسة هي سبب ما يحدث من أزمات.. وهذا ما قاله الدكتور محمد البلتاجي الذي حاول أن يستخدم الأقباط ك"كارت سياسي" لشق الصف ونقل الخلاف من بين الإخوان والقوة المدنية إلي الإخوان والأقباط لكي يستطيعوا حشد الإسلاميين للدستور. هناك من يري أن ممارسات جماعة الإخوان المسلمين تصب في اتجاه إعادة إنتاج النظام السابق؟ مع اختلاف الشكل والصورة، يمكن القول إن ما تقوم به الجماعة من سياسيات هو نفس ما كان يقوم به النظام السابق وإن كان بشكل أسوأ.. فالنظام السابق كان يفعل ما يريد ولكن بشكل سياسي أكثر بمعني أنهم كانوا "محنكين سياسيا"، أما الإخوان فيفعلون ما يريدون ولكن بعنف. كيف تقيم أداء الرئيس مرسي خلال الأشهر الماضية؟ نحن لا نستطيع تقييم الرئيس الحالي فهناك 100 رئيس داخل الدولة فالبلتاجي يتحدث وخيرت الشاطر كذلك والكتاتني والمرشد جميعهم يتحدثون وكأنهم يمثلون السلطة التنفيذية في الدولة ونحن نعرف أن الدكتور محمد مرسي ليس صاحب قرار ولكن القرارات تملي عليه من مكتب الإرشاد، وبالتالي نحن لا نتعجب من حديث هؤلاء في صميم عمل رئيس الجمهورية. رفض الزيارة ما هي حقيقة رفض الكنيسة لزيارة الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين؟ لقد قام مرشد الإخوان بزيارات عديدة للكنيسة منها قبل وفاة البابا شنودة بثلاثة أيام لكي يطمئن علي صحته وقد رد الزيارة الأنبا باخوميوس عند نجاح الرئيس مرسي وبعد ذلك التقي الرئيس مرسي البابا الحالي في قصر الرئاسة، ولكن لا اعلم سبب زيارة المرشد للبابا الآن، ولكن لم يتم الرفض.. فالكنيسة تفتح أبوابها أمام الجميع ولكن البابا الغي جميع المواعيد في ذلك الأسبوع لانه سافر للاطمئنان علي حالة والدته التي كانت ومازالت في حالة صحية سيئة. البعض يري أن الكنيسة كانت مترددة في موقفها من الاستفتاء ما بين المشاركة أو المقاطعة.. ما حقيقة ذلك؟ الجميع في حيرة لأن جموع كبيرة من الشعب المصري ترفض الدستور ولكن كان علينا الاختيار بين التصويت بلا أو عدم المشاركة لأن المشاركة تعطي شرعية للدستور.. وانتهت الكنيسة إلي المشاركة الايجابية والتصويت ب"لا". كيف تري الوضع في حالة تمرير الدستور؟ سيكون الوضع ملتهبا جدآ وستثور جميع القوة الوطنية والسياسية، وستقوم ثورة لن تنتهي، فكلمة لا للدستور هي المخرج الوحيد لمؤسسة الرئاسة مما سيحدث، ف "لا" سوف تخدم الرئيس أكثر من "نعم"، وإذا نجحت "لا" فسوف نبدأ من جديد، ولكن نعم ستؤدي إلي المزيد من الضغط علي المجتمع وتؤدي إلي إشعال النيران أكثر.