أثار قرار الأنبا سرابيون مطران لوس أنجلوس بتنظيم قداسين لعيد الميلاد المجيد جدلاً واسعاً بين الأقباط، ما دفع البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية للتدخل لإنهاء الأزمة بالدفاع عنه خلال عظته الأسبوعية وكذلك في تصريحات صحفية لإحباط مؤامرة إشعال الفتنة داخل الكنيسة. وقد أكد البابا إن قرار الأنبا سرابيون مطران لوس أنجلوس بشأن إقامة قداسين لعيد الميلاد أولهما في 24 ديسمبر والثاني 6 يناير، نوع من تغطية احتياج لأسر اشتكت لأسباب كثيرة. وأضاف البابا تواضروس، خلال عظته الأسبوعية "أجازة الكريسماس في الغرب تبدأ من 24 ديسمبر وتنتهي 6 يناير، فتلك الفترة تجعل الناس كلها في أجازات بما فيهم الأقباط الموجودين هناك، ثم يعودون للعمل يوم 7 يناير وهو يوم العيد بالنسبة لنا، فلا يجدوا لديهم فرصة.. إنهم يحضرون بالليل القداس ويذهبون لمنازلهم متأخراً؛ لأنه في اليوم التالي يكون لديهم عمل ومدارس وجامعة.. لذا نحن نعطيهم فرصة في التاريخ الآخر لكي يستطيعوا أن يحضروا القداس ويتمتعوا بأجازة الكريسماس". وأكد البابا أن هذا القرار، لا يعتبر بيعاً ولا تفريطاً في إيمان الكنيسة، حيث قال "الكنيسة كلها بعقيدتها بتراثها وتاريخها تعيش وتواجه احتياجات عصرها وظروف كل زمن بما يتناسب دون تفريط على الإطلاق في أي شيء". وكانت إيبارشية لوس أنجلوس للأقباط الأرثوذكس في الولاياتالمتحدة، قد أصدرت القرار بداية الأسبوع الماضي بتنظيم قداسين لعيد الميلاد 2020، الأول في 24 ديسمبر الجاري، والثاني في 6 يناير المقبل، بالتزامن مع التقويمين الغربي والشرقي، تطبيقا لتوصية المجمع المقدس للكنيسة في يونيو الماضي، بالسماح "باستثناءات لقوانين الكنيسة والتقليد المقدس نتيجة احتياجات رعوية بكنائس بلاد المهجر". وأرجع الأنبا سرابيون مطران لوس أنجلوس، في خطاب لكهنة الإيبارشية الأمر إلى أن عدداً من أطفال وشباب الكنيسة وُلدوا وترعرعوا فى مناخ يربط ميلاد السيد المسيح باحتفالات الكريسماس، لذا فإن من الاحتياجات الرعوية الملحة أن يجرى السماح لكنائس الإيبارشية بإقامة قداس إضافي في ليلة عيد الميلاد، يوم 24 ديسمبر، بجانب قداس عيد الميلاد في منتصف ليلة 6 يناير، مع العلم أنه لن يجرى قطع فترة صوم الميلاد حتى انتهائه بقداس ليلة العيد، يوم 6 يناير المقبل. وقال المطران، في خطابه، إنه تلقى طلبات من العديد من العائلات التي لا تتمكن لأسباب رعوية مختلفة من المشاركة الكاملة فى أفراح احتفال الكنيسة بعيد الميلاد في 7 يناير طبقا للتقويم الشرقي، ويشعرون بقلق عميق من أن أطفالهم وشبابهم يكبرون في مناخ يشاركون فيه باحتفالات الكريسماس يوم 25 ديسمبر طبقا للتقويم الغربي، لذلك واستجابة للاحتياجات والاهتمامات الرعوية لهؤلاء الأعضاء المخلصين للكنيسة، فإنه يجوز لكنائس الإيبارشية في حالة وجود أسباب رعوية عمل احتفال إضافي يبدأ من عشية ونصف ليل 24 ديسمبر، وباكر وقداس على طقس عيد الميلاد بالنغمة الفرايحي في صباح 25 ديسمبر، دون كسر صوم الميلاد حتى يوم 6 يناير. من جانبه أكد هاني صبري المحامي أن قرار الأنبا سرابيون هو سابقة جديدة من نوعها، وقال صبري إن الأزمة تكمن في قرار لجنة شئون بلاد المهجر بالمجمع المقدس والذي نص على أنه في حال الاحتياج إلى استثناءات لقوانين الكنيسة والتقليد المقدس نتيجة احتياجات رعوية بكنائس بلاد المهجر يجب على الكاهن الرجوع إلى أسقف إيبارشيته ويمكن للأسقف الرجوع إلى البابا، وبالتالي فإن المجمع المقدس منح أساقفة ومطارنة إيبارشيات المهجر الحق في تنظيم وترتيب الأمور الرعوية الخاصة بكنائسها حسب ما الاحتياجات الرعوية لهم وأعطاهم صلاحيات واسعة دون الرجوع إلي قداسة البابا أو المجمع المقدس. وقال: مع تحفظنا الشديد علي قرار المجمع المقدس لخطورته علي الكنيسة القبطية لأنه قد يتسبب في حدوث انقسامات داخل الكنيسة إذا حدث اختلافات في تقدير هذه الاحتياجات الرعوية، لأن العبارة فضفاضة وغير قابلة للقياس، وربما تصحبها دعوات بانفصال بعض إيبارشيات المهجر عن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية عندما تحتاج الكنيسة إلي استثناءات للقوانين والتقليد حيث لابد من موافقة المجمع المقدس علي هذه القوانين الكنسية لأنها كنيسة مجمعية ولا يحق للمجمع المقدس أن يتنازل عن اختصاصاته لبعض الأساقفة في المهجر أو في أي مكان آخر. واعتبر صبري قرار الأنبا سرابيون بأنه ليس تدبيراً رعويا وإنما يدخل في النطاق الطقسي، مؤكداً أن قرار المجمع المقدس هو من أعطاه الحق في إصدار مثل هذا القرار. وطالب المحامي القبطي المجمع المقدس بإلغاء قراره الخاص بلجنة شئون المهجر الصادر في يونيو 2019، وما يترتب عليه من آثار لخطورته علي الاستقرار داخل الكنيسة، مشدداً علي أن المجمع المقدس للكنيسة القبطية صاحب الاختصاص الأصيل والمنوط به وحده تغيير القوانين الكنسية والتقليد وليس أساقفة المهجر. وناشد صبري المجمع المقدس أيضاً بدراسة توحيد موعد الاحتفال بعيد الميلاد بين الكنائس الشرقية والكنائس الغربية وفق التقويم الصحيح الذي يراه، ليحتفل جميع المسيحيين في كافة أنحاء الأرض في توقيت واحد لعيد الميلاد المجيد. من جانب آخر وجهت حركة شباب كريستيان ومؤسسها المهندس نادر صبحي انتقادات حادة لقرار أسقف لوس انجلوس وطرحت مجموعة من التساؤلات في بيان لها منها.. كيف ستصلى العيد مرتين في كنيسة؟.. وكيف للناس أن يصلون بالطقس الفرايحي وهم صائمون صوم نفس العيد؟.. وهل سيأخذ المسيحيون حِلاً بالفطر في عيد ميلاد السيد المسيح ويصومون استعدادًا للعيد الثاني؟.. وكيف سيصلى الكاهن والشمامسة القداس الأول بطقس عيد الميلاد رغم أنه سيكون أثناء الصوم؟. وقال مؤسس الحركة إن هذا القرار يعتبر بمثابة كسر لطقس ونظام الكنيسة ويعتبر سابقة هي الأولي من نوعها في تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، رغم أنه لا يوجد سبب قوي يستدعي إحداث هذا الخلل داخل النظام الكنسي. ووجه صبحي حديثه للأنبا سرابيون في بيانه قائلاً "نيافتكم أسقف منذ أيام قداسة البابا شنودة الثالث علي لوس أنجلوس.. لماذا الآن فقط وفجأة أصدرتم هذا القرار.. ما الجديد غير الأسباب غير المنطقية التي أعلنت عنها فيما يتعلق بشعب الكنيسة خاصة وأن هذا الشعب لم يتغير منذ عقود ولم يسبق أن طرحت هذا الأمر من قبل؟". وأشار مؤسس كريستيان إلي أن الشعب القبطي في الخارج والداخل يرفض هذا القرار نظراً لما يمثله من خطورة علي الكنيسة بما ينذر ببداية لانقسام بين كنائس المهجر والكنيسة الأم.. وقال: إن الكنيسة الأرثوذكسية هي كنيسة مجمعية يحكمها مجمع مقدس واحد ويرأسها بطريرك واحد وبالتالي فهي كنيسة واحدة في العقيدة والطقس والأعياد وكل شيء وما يحدث الآن أمر لم نراه أبدًا في تاريخ كنيستنا الممتد إلي ألفي عام فالمسيح ولد مرة واحدة والاحتفال به يكون مرة واحدة.