بين الحين والآخر يحتضن حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا، والذى لا يكترث بتصنيف الإخوان كجماعة إرهابية في عدد من البلدان العربية، مؤتمرات و احتفالات واجتماعات ترمى جميعها إلى التخطيط لمزيد من المؤامرات على الأنظمة والشعوب التي رفضت حكم الإخوان ولفظت القيادات، ومنذ أقل من أسبوع عقدت جماعة الإخوان، التنظيم الدولي، مؤتمرًا تحت عنوان "الإخوان المسلمون أصالة الفكرة واستمرارية المشروع"، في مدينة إسطنبول على مدار يومين. المؤتمر حمل هدفًا ظاهريًا هو تنشيط عمل الجماعة عالميًا، وبحث حقيقة تهاوي الجماعة في معظم أقطار العالم العربي تحديدًا وموجة الكراهية من الشعوب العربية تجاه الجماعة، والتجربة الفاشلة للإخوان فى مصر والتي كانت القشة التي قصمت الجماعة في مصر والعالم، والسعى بشتى الطرق لإثبات وجودها والعودة إلى المشهد السياسي من جديد، ولكن هدف المؤتمر الحقيقى كان التخطيط لتفجير الأوضاع فى مصر بالتزامن مع تمويلهم للمقاول الهارب محمد على..ورغم ذلك فشل المؤتمر فشلًا ذريعًا فى تحقيق أهدافه، حيث أشارت بعض المعلومات إلى وقوع خلافات حادة مع الوفد التونسي الذى شارك فى المؤتمر، كما أكدت الأخبار عزوف ثلاثين دولة عن المشاركة رغم الإصرار والدعم التركي والقطري المالي الباذخ للوفود المشاركة، ولم يُشارك فعليًا غير إحدى عشرة دولة وأضيفت تسع دول بمشاركات لأفراد حسبت على الجماعة. ممثلا ليبيا ولبنان لم يأتيا بجديد في مشاركاتهما، وكذلك بعض المشاركين من خارج الجماعة كأيمن نور والمرزوقي وغيرهما، وكان واضحًا أن دورهم التطبيل للدور التركي في المنطقة ليس إلا. والأكثر من ذلك، أنه بعد انتهاء فعاليات اليوم الأول للمؤتمر، خرج أحد فقهاء التنظيم الشرعيين من جيل الشباب، الشيخ عصام تليمة، مؤكدًا أن مؤتمر الإخوان الذي انعقد في إسطنبول لم يجب عن أي أسئلة جادة تتعلق بقضايا وأزمات الإخوان. وحاول مؤتمر التنظيم الدولي في تركيا، التبرؤ من الاتهامات التي تلاحقه بسعيه للترويج لفكرة الوسطية والاعتدال كركيزة أساسية في منهج وفكر الجماعة. وحسبما ذكر الباحث ماهر فرغلي فقد فشلت جماعة الإخوان المسلمين في الاستئثار بالحكم، كما في خططها الرامية للعودة إلى الشارع العربي سياسياً، وضاق الخناق عليها في مصر وتونس وسوريا وليبيا ودول الخليج، وكان من الواضح أنّ هناك مشكلاتٍ بنيوية عميقة في الفكر والمنهج والإستراتيجية، وبسبب هذا ظهرت الانشقاقات والأجنحة التي تم صناعتها بعناية من قبل التنظيم ذاته، أو ساهم فيها تعنت مكتب الإرشاد الدولي، الذي من حين إلى آخر حاول إبراز نفسه في صورة الجماعة المتماسكة في ظل الضغوطات والأزمات، وكانت المؤتمرات هي الوسيلة المفضلة له لتسويق ذلك، وهذه المرة جاءت من تركيا حيث أقيم مؤتمر تحت عنوان "الإخوان المسلمون أصالة الفكرة واستمرارية المشروع"، بحثوا فيه ظاهريًا "إحياء مشروع الجماعة، وتحديد أهدافها في المنطقة والعالم خلال الفترة القادمة"، بينما بشكل مستتر بحثوا فيه انشقاق التنظيم. الباحث أشار إلى أن المشاركون بالمؤتمر طرحوا أوراقًا تكشف عن فكر الجماعة ورؤيتها ورسالتها وأدائها التربوي والدعوي والسياسي، وموقفها من القضايا الشائكة والمعاصرة، ولم يكن هناك أي شيء جديد، فوفق البيان الختامي تمسك قادة الجماعة بالعمل السياسي بجانب الدعوي، وفق ما قاله نائب المرشد العام للجماعة، إبراهيم منير في مداخلته، التي طرح فيها نموذجه للوصول لدولة إسلامية، وكأنّ كل الدول الحالية ليست إسلامية! المراقب العام للإخوان المسلمين بالأردن، عبد الحميد الذنيبات، والقيادي بجماعة الإخوان الليبية، فيصل الصافي، تحدثا عن منهج الجماعة وما يحكم عملها في التغيير، وهل تنظر إلى المجتمعات العربية والإسلامية نظرة إصلاح أم تكفير، وأنّها ستتمسك بالعمل السياسي! خلال المؤتمر تمسك قادة الإخوان بما أسموه "العمل الثوري لتغيير الأنظمة"؛ سعياً لإقامة دولتهم الإسلامية، وفق ما ورد في وكالة أنباء (الأناضول). همام سعيد، المراقب العام الأسبق لجماعة الإخوان بالأردن ألقى كلمة بعنوان "العمل الجماعي" عند الإخوان، وهي محاولات وفق مجلة (أحوال) التركية، كشفت الوضع المتأزم للجماعة، والحالة التي آلت إليها بعدما باتت في معزل عن المجتمع بأسره، بالإضافة إلى كونها محاولة بائسة لاستجداء الدعم والمساندة، وإعادة تصدير صورتها تحت شعارات السلمية. الباحث ماهر فرغلي قال:"كان واضحاً أنّ من أهم الأسباب لهذا التجمع الذي أقيم في إسطنبول هو انتقال الجماعة مؤخراً من فشل إلى آخر، بعد أن كشفت أحداث السنوات الخمس الماضية تلبس منهج الجماعة بالعنف، ما أدى إلى حالة العجز والتخبط وتشوش الأهداف والوسائل، وأثمرت ما يعانيه التنظيم الآن من عدد من المنسحبين والمتفلتين والمنشقين الذين اتهموا قيادات بالفساد المالي والإداري، لتدخل تركيا كالعادة على الخط، عبر هذا المؤتمر من أجل عرض رؤية الجماعة لبناء الدول، في الوقت الذي هي تقوم فيه بهدم كثير من الدول!". ووفق ما أورده مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي، فقد كان اللافت في المؤتمر "عرض فكر الجماعة ورؤاها للعديد من القضايا الفكرية والدعوية والمجتمعية والسياسية"، وكأنّ العالم لا يعرف شيئاً عن أفكار حسن البنا ورفاقه، وذلك التاريخ الطويل من العنف في كل من الجزائر ومصر تحديداً؛ ولجوئها إلى ما يعرف بالكفاح المسلح في تلك الدول. ووفق تقرير لمجلة أحوال التركية فإنّ هدف الإخوان الآن في تركيا، حتى لا يبدو مصيرهم مرتبطاً بمصير أردوغان أو تحت رحمة تحولاته الحادة، هو "تحويل عملية الأسلمة التي ينتهجها نظامه إلى عمل لا يمكن النكوص عنه، وتدعيم التحول لسلطنة إسلامية دائمة قابلة لتكون محضناً لهم يقيهم غوائل ما يتعرضون له من نكبات، والوضع الذي تشكل أخيراً في تركيا يتوافق مع رغبات الإسلام السياسي، كتيار يوظف الازدواجية في علاقة الدولة بالإسلام محققاً أرباحاً ليست بالقليلة". الباحث ماهر فرغلي اختتم:"رغم أنّ مؤتمر الإخوان ناقش عدداً من الموضوعات الساعية لإعادة جمع شمل الجماعة بعدما تلقت العديد من الضربات التي أفقدتها قوتها، تحت عنوان "الرؤية والتغيير"، إلا أنّ الطرح لم يصحبه تغيير يُذكر، وهو ما يعبر عنه خير تعبير ما أثاره عدد من قيادات الجماعة الشابة، ومنهم محمد البشلاوي، الذي قال في كلمته، إنّ غياب عنصر الشباب عن حضور المؤتمر أو تفاعلهم داخل مؤسسات الجماعة، كان واضحًا". المفكر الإسلامي ثروت الخرباوي قال إن جماعة الإخوان حاولت بث عدد من الرسائل من خلال المؤتمر، أبرزها أنها باقية ولم تنتهِ بعد، مضيفًا أن قيادات التنظيم الإرهابي، عبر مؤتمر إسطنبول، تُحاول إثبات أنها تتحرك دوليًا بقدر من الحرية خاصة ردا على الضربات الأمنية المتتالية ضد عناصره بعدة دول عربية أبرزها الكويت. وأضاف أن ما حدث يعكس واقعًا مريرًا تعيشه الجماعة المهددة بالاندثار نهائيًا، وأن تنظيم الإخوان ابتلع المحاولات كافة التي جرت لاحتوائه، وتصاعدت أزماته بشكل ملحوظ في ظل وجود طرفين متناحرين داخل التنظيم كل منهم يرغب في السيطرة وبسط النفوذ والحصول على أكبر قدر من التمويل، فضلًا عن الممارسات الإرهابية التي نسفت شعبية الإخوان. واستنكر الباحث المنشق عن التنظيم، عبدالجليل الشرنوبي رسائل المؤتمر التي حاولت إظهار قدر من القوة المزيفة. وأضاف أن المثير في الأمر هو توقيت انعقاد المؤتمر الذي تزامن مع تنامي حالات الخروج على التنظيم، خاصة في دولة المنشأ مصر، وهو العصيان الذي يتنامى داخل السجون بين صفوف قواعد قيادات وسيطة. وتابع أن فعاليات المؤتمر عقدت في وقت تُعاني فيه الجماعة أزمات مركبة تتعلق بالانشقاقات والخلافات العنيفة والتشكيك في الذمة المالية للقيادات التاريخية. الباحث أشار إلى أن هناك أصوات تخرج من جبهة القيادة المتشكلة بعد 2013 وتُطلق على نفسها المكتب الإداري، رموزها قيادات في التنظيم أبرزهم مجدي شلش وأمير بسام وأحمدي قاسم وعلي بطيخ، وجميعها أصوات قيادية رسمية التوصيف في مجلس شورى التنظيم المصري، تُشكك في الذمة المالية والأخلاقية والإدارية لقيادات مكتب الإرشاد، وعلى رأسها نائب المرشد إبراهيم منير وأمين عام التنظيم محمود حسين.