كشفت " الموجز" في الحلقتين السابقتين حجم الفساد المالي والإداري داخل شركة النصر للإسكان والتعمير والذي تسبب في إهدار مليارات الجنيهات من ميزانية الدولة ومن دم الشعب المصري. وفي هذه الحلقة تواصل "الموجز" فتح ملفات فساد جديدة داخل أروقة الشركة وتحديدا فيما يتعلق بتقاعس الإدارة عن تحصيل أموال الشركة لدي الغير والتي تصل لمليارات الجنيهات وكأن هذه الأموال لا صاحب لها. أولي هذه الوقائع تمثل في وجود حساب شركة النصر والتعمير لدي الشركة القابضة للتشييد والبناء بلغ في نهاية العام المالي 2011 نحو 18.2 مليون جنيه تمثل قيمة المديونية للأصول الثابتة المنقولة لمرفق مياه القاهرة الكبري وشركة الصرف الصحي حيث سبق أن تمت الموافقة علي خصم المديونية من الشركة القومية للتشييد والتعمير إلا أنه لم يتم الخصم نظراً لعدم توافر رصيد مستحق للشركة القابضة. والواضح أن الشركة القابضة لم تكن الوحيدة المدانة لشركة النصر حيث أشارت المستندات إلي أن حسابات الشركة لدي المصالح والهيئات في نهاية العام المالي 2011 بلغت نحو 3.567 مليون جنيه بعد خصم المخصص بمبلغ 4.031 مليون جنيه وتبين أن الحساب تضمن مبلغ 7.5 مليون جنيه قيمة مديونية علي مصلحة الضرائب العامة تمثل مبالغ تم خصمها بمعرفة الغير (العملاء والموردين )متوقفة منذ عدة سنوات ومكون لها مخصص بمبلغ 4.030644 جنيه. وتحت بند حساب إيرادات مستحقة التحصيل كشف مراقب الجهاز المركزي للمحاسبات عن أن إجمالي حساب الشركة أيضا في نهاية العام المالي الماضي بلغ نحو 1.6 مليون جنيه متمثلاً في قيمة الفوائد المستحقة عن استثمارات الشركة في سندات حكومية وودائع لدي البنوك منها حوالي 5765 جنيها قيمة الفائدة ببنك الاستثمار القومي استحقاق 2009/2010 وباقي الرصيد يمثل فوائد مستحقة تخص هذا العام ولم يتم تحصيل هذه المبالغ حتي إعداد تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات دون مبرر. كما أظهر مراقب "المركزي للمحاسبات" حسابات أخري مدينة للشركة لدي الغير حيث بلغ رصيد التأمينات لدي الغير بنهاية العام المالي الماضي نحو 8.715 مليون جنيه تمثل المبالغ المسددة تحت حساب تأمين حفر وتأمين استهلاك مياه وضمان أعمال عن بعض العمليات التي تبين من الفحص أن أغلبها لعمليات منتهية ومتوقفة منذ عدة سنوات.. ورغم ذلك قامت الشركة بتكوين مخصص لها بمبلغ 5.423 مليون جنيه علي قطاعات مختلفة منها قطاع الإسكان والتعمير والمرافق حيث كان الرصيد الخاص به في نهاية العام المالي الماضي 967709.39 جنيه وتم تخصيص مبلغ 638740.66 جنيه له.. وتحت بند عملاء مقاولات تم تحديد مبلغ 7747597.01 جنيه تم تخصيص مبلغ 4784635 جنيها. ولأن مسئولي شركة النصر للإسكان والتعمير لديهم هواية الحسابات الوهمية فقد ضمت إدارة الشركة مبلغ 28952.47 جنيه إلي رصيدها وهو مبلغ يمثل جملة المبالغ المستحقة علي بعض العاملين عن أقساط التأمين الجماعي المسددة في الأساس لشركة التأمين بمعرفة الشركة وبدلا من أن تقوم الشركة بإسقاط تلك المديونية من حسابات العاملين أضافتها لحسابها. الأمر ذاته تكرر في قيمة مديونية بنك التعمير والإسكان حيث تضمن حساب الشركة مبلغ 155 ألف جنيه قيمة مديونية باسم بنك التعمير والإسكان قامت الشركة بسداده نيابة عن العملاء المتأخرين عن سداد الأقساط للبنك وذلك بحجة رفع الحجز الإداري عن أموال الشركة لدي البنوك التي تم الحجز عليها.. ورغم ذلك أفادت الشئون القانونية بالشركة في ردها علي الجهاز المركزي للمحاسبات الصادر بتاريخ 14/7/2011 بأن هناك دعاوي قضائية مقامة بالفعل تطالب بفسخ عقود البيع الابتدائية ضد العملاء المتأخرين عن السداد وبنك التعمير والإسكان وأن هذه الدعاوي مازالت متداولة بالمحاكم. من حسابات الشركة المدينة أيضا مبلغ 112232.28 جنيه تمثل مديونية شركة مصر للتأمين منها مبلغ 67 ألف جنيه رصيدا متوقفا منذ 30/6/2009 يمثل قيمة التعويض المستحق للشركة عن إصلاح سيارات خصما علي حساب شركة مصر للتأمين. كما تتراخي الشركة في تحصيل مبلغ 31 ألف جنيه من مركز بحوث الإسكان طبقاً للحكم القضائي الصادر لصالحها في 2008 علي المركز ولم تسع الشركة لتنفيذه.. هذا بالإضافة إلي تضمين الحساب الخاص بالشركة مبلغ 481 ألف جنيه تمثل قيمة المديونية المتوقفة منذ عدة سنوات والمستحقة علي بعض الأشخاص والمقام بشأنها دعاوي قضائية من جانب الشركة ومكون لها مخصص بكامل قيمتها.. وبرجوع مراقب المركزي للمحاسبات للشئون القانونية بالشركة تبين عدم البت في هذا الأمر حتي تاريخ إعداد التقرير. وتحت بند النقدية بالبنوك والصندوق أظهرت المستندات أن جملة أرصدة الشركة بنهاية العام المالي الماضي بلغت 282.925 مليون جنيه ولم تقم الشركة في هذا الصدد بموافاة الجهاز المركزي بشهادة أرصدة بنك الأهلي سوسيتيه ولم ترسل الشركة أيضا شهادة بخطابات الضمان الصادرة للغير ببنك القاهرة وهو أمر مخالف لقوانين ولوائح الجهاز المركزي. وأظهر تقرير المركزي للمحاسبات وجود حسابات دائنة للشركة لدي المصالح والهيئات المختلفة حيث تضمن الرصيد غير المستغل مبلغ 10 ملايين جنيه يمثل قيمة المبالغ المسددة بمعرفة الشركة لمصلحة الضرائب علي دفعتين رقمي (4930,5382 ) لسداد جزء من ضريبة إقرار سنة 2010/2011 وذلك نظرا للظروف التي كانت تمر بها الدولة في هذا التوقيت.. لكن الملاحظ أن الشركة لم تقم بخصم قيمة هذه الدفعات والفوائد المستحقة عنها لحظة سداد الضريبة الفعلية.. ولأن الترهل الإداري المنتشر سمة من سمات الشركة تضمن رصيد الشركة غير المستغل مبلغ 459 ألف جنيه قيمة مبالغ مسددة بالزيادة لمصلحة الضرائب العامة عن ضريبة كسب العمل. ولم تتوقف أرصدة الشركة الدائنة" المنسية " لدي الغير عند هذا الحد.. فهناك جملة أرصدة دائنة أخري لصالح الشركة بلغ ما أمكن حصره منها حوالي 620 مليون جنيه تضم نحو 358.6 مليون جنيه تمثل رصيدا مجنبا لمحافظة القاهرة بنسبة 25% من مبيعات أراضي امتياز المقطم كإتاوة علي الأراضي التي آلت للشركة بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1143 لسنة 1984وهو الأمر الذي أفادت الشئون القانونية بشأنه عندما حاولت أن ترد علي ملاحظات الجهاز المركزي بأن اللجنة المشكلة بقرار محافظ القاهرة رقم 2819 لسنة 2010 لتسوية المستحقات الخاصة بالإتاوة لم تنته من أعمالها حتي أغسطس 2011 نظر للظروف التي تمر بها البلاد. وقد تسبب تراخي الشركة عن إجراء هذه التسويات في تعدي المحافظة علي ما يقرب من 5 ملايين متر مربع من أراضي امتياز المقطم التابعة للشركة. وتضمن حساب الشركة أيضا مبلغ 73.9 مليون جنيه قيمة المجنب من ثمن بيع هضبة الزهراء بمنطقة المقطم (أرض إعمار) وذلك تحت حساب أعمال "سند الحافة" رغم أن الشركة سبق أن قامت بتجنيب نحو 112 مليون جنيه من ثمن البيع لحساب التزامات هذا البند. وقد استندت الشركة في ذلك إلي إنه سيتم إجراء دراسة من قبل كلية الهندسة بجامعة القاهرة لتحديد المبالغ المستحقة لحساب "سند الحافة" إلا أنه حتي تاريخ إعداد هذا التقرير لم يتم تقديم الدراسة رغم توصية الجمعية العامة العادية للشركة المنعقدة في 23/9/2010 بضرورة متابعة إنهاء أعمال سند الحافة من جانب إدارة الشركة واستعجال الإدارة لها في 1/6/2011. وتضمن حساب الشركة مبلغ 8.767 مليون جنيه قيمة تأمينات نهائية وضمان أعمال محجوزة من الغير منها أرصدة متوقفة منذ 2007 وما قبلها بلغ ما تم حصره من قبل مراقب الحسابات 245 ألف جنيه. وتحت بند "التزامات مرافق" تضمن حساب الشركة نحو 18.439 مليون جنيه تبين بشأنها قيام الشركة بإضافة بعض المبالغ لحساب التزامات المرافق علي الرغم من مخالفتها لطبيعة الحساب منها علي سبيل المثال إقفال بعض الأرصدة المتوقفة داخل حساب الأرصدة الدائنة الأخري تحت مسميات مختلفة وتسويته ضمن التزامات المرافق.. وبلغ ما تم التحقق منه مبلغ 287715.77 جنيه.. وكذلك تسوية نحو 400 ألف جنيه مسددة من شخص يدعي هاني غالب عن قيمة أراض تم توفيق أوضاعها واعتماد التقسيم لها من جانب المحافظة كذلك إجراء تسوية لمبلغ 21935 جنيها قيمة تحويلات إنتاج تام مصنع حلوان وأخيراً تسوية مبلغ 219911.34 جنيه قيمة الرصيد المتبقي بسند الحافة. كما تضمن حساب الشركة مبلغ 2.4 مليون جنيه يمثل قيمة العديد من الأرصدة المتوقفة منذ عدة سنوات.. ورغم توصية الجمعية العمومية العادية للشركة في 23/9/2010 باستمرار عمل اللجنة المشكلة لفحص الأرصدة الدائنة والمدينة المتوقفة واتخاذ ما يلزم بشأنها فإن إدارة الشركة تصر علي تجاهل مطالب الجمعية العمومية ولا تسعي لتحقيق مطالبها. كما تضمن حساب الشركة نحو 4.658 مليون جنيه تحت مسمي "أمانات" منها رصيد متوقف بنحو 4.143 مليون جنيه تمثل قيمة مبالغ مدفوعة للشركة تحت حساب شراء أراض وجار إنهاء اعتماد التقسيم لها حيث سبق وأن كان متعديا عليها وتم الاتفاق علي شرائها بمعرفة لجنة فض المنازعات. باب جديد من أبواب الفساد داخل شركة النصر للإسكان والتعمير تمثل في بند "المخصصات" والذي يمثل حيلة جديدة للتلاعب بالمال العام.. ووفقا لميزانية الشركة في 30/6/2011 بلغت المخصصات نحو 139.803 مليون جنيه مقابل 119.450 مليون جنيه في العام المالي السابق منها نحو 66.671 مليون جنيه تم توزيعها كالتالي.. 38582798جنيها مخصص مطالبات ومنازعات و26732464 مخصص ضرائب متنازع عليها 1355261 مخصصات أخري.. والملاحظ أن المخصصات المكونة في تاريخ الميزانية تعبر عن وجهة نظر الشركة فقط لأنها لم تقم حتي تاريخ إعداد التقرير بالانتهاء من أعمال لجان البحث والدراسة المشكلة لفحص جميع الأرصدة المدنية والدائنة والمتوقفة منذ سنوات طويلة للوقوف علي حقيقة تلك الأرصدة بما يثير الشكوك حول السبب الحقيقي في التقاعس عن تحصيل هذه الأرصدة طوال هذه المدة.