تعتبر المدن الذكية واحدة من أهم الاتجاهات الحديثة التي دخلت في عمليات التخطيط العمراني في السنوات الأخيرة. وكان عدد دول الشرق الأوسط التي تتمتع باقتصاديات سريعة النمو مثل الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر قد أعلنت عن انها تخطط لبناء مدن منفصلة استجابة للمواجهات في النواحي الاجتماعية والاقتصادية المختلفة. ووفقا لتقرير صدر عن IHS (معهد دراسات الاسكان والتنمية الحضرية) بعنوان "المدن الذكية: نماذج الأعمال والتقنيات والمشاريع القائمة" فإنه بحلول عام 2025 سيكون هناك على الأقل 88 مدينة ذكية حول العالم مقارنة ب 21 مدينة في عام 2013 وفق تعريف IHS للمدن الذكية. وفي الوقت الذي كانت تمثل فيه منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا (EMEA) مجتمعة في العام الماضي أكبر عدد من المدن الذكية فإن منطقة آسيا والمحيط الهادي سيكون لها الصدارة عام 2025. 1 لكن لا يمكن لأي مدينة أن تتواجد على الأرض دون طاقة مستدامة منخفضة التكلفة ومستقرة حيث أنها تعتبر مفتاح التنمية الرئيسي لكل المشاريع الكبيرة والطموحة. وكان قد عقد بمدينة التكنولوجيا في سكولكوفو يوم 16 أكتوبر المنتدى الدولي "المدن الذكية لتنمية مستدامة" ضمن أعمال منتدى "الابتكارات المفتوحة" الدولي السابع. وقد انضمت مدينتان صينيتان وثماني مدن روسية كأعضاءً جدد في المجتمع الدولي للمدن الذكية(ISSCC) شمل ذلك مدينة ساروف ومدينة نيجني نوفوغورود، حيث تم تنفيذ البرنامج الأساسي "مدينة روساتوم الذكية". بنيت هذه المدن الذكية على قاعدة بنية تحتية نووية عن طريق اتباع مفهوم نووي لبرنامج طاقة آمنة ومستدامة وبأسعار معقولة، وقد تمكنت هذه المدن النووية من الوقوف أمام أكثر المدن الابتكارية والرقمًية في العالم. ولهذا السبب تسعى العديد من الدول العربية إلى بناء مدن نووية بعد أن تنضم الى البرنامج النووي. تقول الأستاذة أسماء حنفي المهندسة النووية والباحثة في جامعة الاسكندرية: إن المدينة النووية الرقمية هي مدينة التكنولوجيا المستدامة حيث تدار الحياة ببساطة وهو ما يعني المزيد من البيانات وأجهزة الاستشعار لقياس جودة الهواء وسلامة البنية التحتية. تعتبر المدينة النووية الرقمية بمثابة الابتكار نحو التغيير" وأحد أهم بلدان الشرق الأوسط التي أولت اهتماما خاصا للبدء في مواجهة التحديات الدراماتيكية للمدن هي مصر. حيث تستعد مصر حاليا لبدء صفحة جديدة في تاريخ المدن الذكية مع إنشاء 13 مدينة جديدة وفقًا لمعايير التكنولوجية العالمية. وقد أكد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي على تنفيذ الخطط الخاصة بهذة المشاريع في المستقبل القريب. كانت مصر قد شاركت مؤخرا خططا لنقل "العاصمة الإدارية الجديدة" إلى ساحل مطروح عن طريق بناء نظام بيئي كبير في المنطقة. ومن المخطط أن تكون العاصمة الجديدة مدينة مستدامة تضم الوزارات والبرلمان ومدينة الإنتاج الإعلامي المصرية والقصور الرئاسية والسفارات. كما تم تكليف 25 شركة إنشاءات عامة وخاصة بالقيام بمشاريع البنية التحتية وبناء الأحياء السكنية في العاصمة الجديدة. 2 كان البدء في بناء محطة "الضبعة" للطاقة النووية في محافظة مطروح واحدة من الخطوات الرئيسية التي اتخذت نحو مستقبل أفضل. وقد اتخذت هذه الخطوة في إطار استراتيجية اجتماعية اقتصادية جديدة من شأنها حل مشكلة زيادة الطلب على الطاقة. وقد كان الاتجاه الأمثل هو التنوع في مصادر الطاقة الذي يتماشى مع تحقيق أهداف التنمية المستدامة والرؤية المصرية 2030. تضيف المهندسة النووية أسماء حنفي قائلة: "تتمثل المهمة الرئيسية للتكنولوجيات النووية في قدرتها على تنمية منطقة الضبعة ومحافظة مطروح وبشكل عام كامل منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا حيث تقوم بدعم الاستثمارات ليس فقط في مصر ولكن في جميع أنحاء الشرق الأوسط حيث تسهم التكنولوجيا النووية في حل العديد من القضايا مثل مشكلة تآكل التربة. إن التكنولوجيا النووية تلعب دورًا هاما في إمدادات الطاقة إضافة إلى أن كونها صديقة للبيئة. والطاقة النووية من أجل السلام – هو اتجاه عالمي لاستخدام التطبيقات النووية لأغراض سلمية في جميع المجالات". سيتيح تطوير المنطقة الحضرية الجديدة بمفهوم الذكاء الرقمي لإدارة البيانات بالتوزيع بين الأنظمة المختلفة: أنظمة النقل وشبكات إمدادات المياه وإدارة النفايات والمؤسسات التعليمية والقطاعات الصحية وغيرها الكثير. تتطلب هذه المجالات كمية كبيرة من الطاقة من مصدر رئيسي مستقر. وتقوم المنصات الرقمية الأساسية مثل المدن النووية بإدارة فعالة للبنية التحتية الحضرية مما يوفر للسكان الخدمات والفرص الجديدة. هذه المنصات تحتاج الى المهارة وامدادات الطاقة وكذلك درجات من الأمان والسعة التخزينية. لذلك فإن ابتكارات التغيير تعني المزيد من استهلاك الطاقة. مثال يوضح كيف يمكن لمحطة طاقة نووية أن تتكامل رقميا و في تكلفتها للطاقة - أكبر مركز لمعالجة البيانات في روسيا (DPC) ومراكز البيانات الرئيسية لشبكة مشروع "ميندلييف" و الذي يتم تنفيذه بالقرب من محطة "كالينين" للطاقة النووية بواسطة شركة "روسأنيرغوأتوم" (قسم تشغيل قدرات البنى التحتية, في مؤسسة "روساتوم"). وتتمثل المزايا الرئيسية لمراكز البيانات هذه في الحد الأدنى لأسعار الجملة بالنسبة للكهرباء فضلاً عن التكاليف الصغيرة لعمليات الاتصال التكنولوجي حيث تشمل بالفعل على مفاتيح التوصيل الخارجية والمحطات الفرعية. حاليا تساهم الكثير من دول في الشرق الأوسط في إنشاء المدن الذكية مع الرغبة في تحسين كفاءة استخدام الطاقة. يشرع كثير من الدول العربية في بناء المدن الذكية والبنى التحتية النووية التي يمكن أن تلعب دورا مكملا في تحقيق أهداف بعضها البعض من خلال التركيز على التقنيات النووية كمصدر مستدام للطاقة وعلى جوانب أخرى من غرس التقنية.