ساهمت هجرة آلاف العرب إلى دول أمريكا اللاتينية فى تكوين قاعدة شعبية كبيرة.. وعلى مر السنوات أهلت البعض منهم للوصول إلى أعلى المناصب ومنهم من تولى سدة الحكم فى العديد من دول هذه القارة اللاتينية وهو ما نتعرض له بالتفصيل فى هذا التقرير. 9 رؤساء من أصول عربية ل "باراجواي" فاز ماريو عبدو بينيتيز، مرشح حزب "كولورادو" الحاكم، في الانتخابات الرئاسية في باراجواي بنسبة 46% من الأصوات، بعد أن هزم منافسه وزير الأشغال العامة السابق إيفرين أليجري، من تحالف المعارضة "جانار" الذي يضم أحزاب يمين الوسط والأحزاب اليسارية. وأدى رئيس باراجواى المنتخب ماريو بينيتز، البالغ من العمر 46 عامًا، اليمين الدستورية ليبدأ ولايته، خلفًا للرئيس هوراسيو كارتيس، الذي انتهت ولايته، وهو أيضًا من حزب "كولورادو" الذي حكم الدولة التي يقطنها 8.6 ملايين نسمة منذ ما يقرب من 70 عامًا. ويعد ماريو بينيتز، من أصول لبنانية، وكان والده السكرتير الشخصي للرئيس الأسبق في باراجواي، ألفريدو ستروسنر، الذي قاد البلاد بقبضة من حديد من 1954 إلى 1989. انضم ماريو، إلى الحزب الجمهوري القومي للإصلاح في عام 2005، ثم انضم بعد ذلك إلى حركة السلام والتقدم، ليصبح فيما بعد نائب رئيس حزب الكولورادو، ثم انتخب رئيسًا لمجلس الشيوخ في باراجواي، قبل أن يصبح رئيسًا للبلاد، كما أنه يعد الرئيس التاسع من أصل عربي في أمريكا اللاتينية. واحتفل حزب "كولورادو" بمقره في العاصمة "اسونسيون"، عند إعلان النتائج بفوز بينيتيز، بإطلاق ألعاب نارية أمام آلافٍ من مؤيديه، وأكد الرئيس المنتخب الذي انضمت إليه والدته وزوجته وأبناؤه، أن البلاد كانت نموذجية، وقال في أول خطاب له: "إن العالم يتداول نبأ يفيد أن باراجواي عززت ديمقراطيتها وقامت بخطوة إلى الأمام من أجل بلد موحد ومتصالح". وأضاف بينيتيز: "أتعهد بأن أكون عامل توحيد في باراجواي"، بدون أن يتردد في الإشارة إلى إرث عائلته المربك، وقال "لا يمكنني إلا أن أذكر والدي الذي كان ممثلًا عظيمًا لحزب كولورادو". وسيخلف ماريو، الرئيس المليونير كارتس، متصدر صناعة التبغ بالبلاد، الذي حافظ خلال ولايته على النمو الاقتصادي الذي ناهز 4% بفضل صادرات الصويا واللحوم والكهرباء، لكنه لم يحرز تقدمًا، لا على جبهة الفقر الذي ما زال عند مستوى 26،4% المقلق، كما تفيد الإحصاءات، ولا على جبهة الفساد، في هذا البلد الذي تصنفه منظمة الشفافية الدولية غير الحكومية في المرتبة 135 من أصل 180. ميشال تامر.. أول رئيس برازيلي من أصول عربية من بين العرب اللبنانيين الذين ذاع صيتهم في أمريكا اللاتينية في الفترة الأخيرة، ميشال تامر، المحامي والسياسي البارز الذي أصبح رئيسًا لدولة البرازيل، وهو أول رئيس برازيلي من أصل عربي. أدى ميشال تامر، اليمين الدستورية كرئيسًا للبرازيل، بعد إقالة الرئيسة ديلما روسيف، من منصبها، بعد أن وجهت إليها تهمة إخفاء معلومات حول الحسابات العامة، لتنتهي بذلك 13 سنة من حكم اليسار للبلاد، واستلم بذلك تامر، الذي من حزب الحركة الديموقراطية البرازيلية، الحكم في أكبر دولة في أمريكا اللاتينية. ولد ميشال ميجيل إلياس تامر لوليا، المشهور بميشال تامر، يوم 23 سبتمبر 1940 في مدينة "تيتيي" قرب ساوباولو جنوب غربي البرازيل، لأبوين لبنانيين هاجرا إلى البرازيل من قرية "بتعبورا" بقضاء الكورة شمالي لبنان. درس ميشال، فور إنهائه مرحلة التعليم الثانوي، في كلية القانون بجامعة "ساو باولو" فحصل منها عام 1963 على شهادة الإجازة في الحقوق، ثم نال الدكتوراه من الجامعة الكاثوليكية في ساو باولو. شغل ميشال تامر، منصب المدعي العام للدولة، ومرتين منصب وزير الدولة للأمن العام، وهو أستاذ للقانون الدستوري المرخص في PUC - SP، وقام بتأليف العديد من الكتب حول هذا الموضوع. في عام 2001 أصبح تامر رئيسًا لحزب الحركة الديموقراطية، وقاده طموحه السياسي للتحالف مع حزب العمال الذي تنتمي إليه الرئيسة المقالة روسيف عام 2007، ثم انتخِب كنائب للرئيسة في عام 2011، وهو ثاني سياسي من أصل لبناني يتولى هذا المنصب في البرازيل بعد خوسيه ماريا ألكمين. ويعد تامر، أب لخمسة أبناء رزق بهم من ثلاث زوجات، إلى جانب عمله في السياسة، هو أيضًا شاعر، وسبق له أن نشر ديوانًا شعريًا. يعتز الرئيس البرازيلي الحالي، ميشال تامر، بأصوله اللبنانية، حيث قال في كلمة له أمام المنتدى الاقتصادي العربي البرازيلي في سان باولو: "على الرغم من زيادة التبادل التجاري بين البرازيل والعالم العربي إلى 20 مليار دولار، علينا العمل لفتح مجالات واسعة للاستثمار والتعاون المشترك، مشيرًا إلى أن الفترة المقبلة ستشهد تذليل كافة العقبات أمام تقدم وازدهار العلاقات مع العالم العربي على كافة المستويات". زار تامر لبنان، مرتين كانت الأولى في عام 1997، حين كان رئيسًا للبرلمان البرازيلي وكانت تلبية لدعوة من رئيس البرلمان نبيه بري، والثانية في عام 2011 بدعوة من الرئيس السابق ميشال سليمان، الذي سلمه الجنسية اللبنانية بعد مشاركته في احتفال بمناسبة عيد الاستقلال. وتعد البرازيل من أكثر الوجهات التي قصدها اللبنانيون تحديدًا منذ نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين وصولًا إلى سنوات الحرب الأهلية، وتتراوح أعداد اللبنانيين والمنحدرين من أصل لبناني في البرازيل بين ستة وسبعة ملايين. خوليو تورباي.. ثانى رئيس من أصول لبنانية في كولومبيا تولى منصب الرئاسة في كولومبيا، الدبلوماسي من أصل لبناني خوليو سيزار تورباي أيالا، وذلك لفترة دامت 4 سنوات فقط من 1978 حتى 1982. ولد خوليو في قرية "بوجوتا" بكولومبيا عام 1916، وكان يعمل كمحامي ودبلوماسي، كما كان عضوا في الحزب الليبرالي الكولومبي. بدأ خوليو، حياته السياسية عضوًا بالبرلمان في الفترة من عام 1943 وحتى عام 1953، كما عُين وزيرًا للمعادن والطاقة ثم وزيرًا للخارجية ثم نائبًا لرئيس الجمهورية لفترتين متتاليتين. حصل الرئيس الكولومبي من أصل عربي، على العديد من الجوائز منها وسام الصليب الأعظم المُطوق من رتبة استحقاق للجمهورية الإيطالية عام 1981، وقلادة ترتيب إيزابيلا الكاثوليكية عام 1979. أعرب خوليو، عن فخره بأصوله وأهله من لبنان عدة مرات، حيث كان يقول: "إن بلاده استحوذت على احترام المجموعة الدولية التي تعتبرها من أرقى الدول وموقع لا يعلى عليه"، مشددًا على أنه يعلي شأن الديموقراطية ويدافع عنها مع جميع الذين يدافعون عن كل قضية مماثلة في العالم. ثمن خوليو كثيرًا الجهود التي يبذلها المغتربون اللبنانيون المنتشرون في دول العالم، مشيرًا إلى أن رسالة الحوار والحرية التي يتخذها جعلته مثلًا يحتذى به، وبلغت وجدان من يجب أن تبلغه. يعد خوليو سيزار، الرئيس الثاني من أصل لبناني في كولومبيا، بعد الرئيس الذي انتخب عام 1948، ويدعى جبريال طربيه. يذكر أن أكثر من 400 ألف كولومبي ينحدرون من أصل عربي، وأبناء الجالية العربية قد ساهموا في النهضة الاقتصادية في كولومبيا، وبينهم 18 شخصًا من أعضاء مجلس الشيوخ. كارلوس منعم.. السوري الذى تحول من الإسلام للمسيحية من أجل المنصب أثار تولي كارلوس منعم، رئاسة الأرجنتين عام 1989، ضجة كبيرة في العالم العربي حينها، ليس فقط بسبب أصوله السورية، إنما لأنه اختار التحول من الإسلام إلى المسيحية أيضًا،حتى يتسنى له تولي المنصب الرفيع حسب القوانين الأرجنتينية، التي تشترط أن تكون ديانة الرئيس المسيحية. ولد كارلوس منعم عام 1930 في قرية صغيرة اسمها "أنيلاكو" في مقاطعة لاريوخا الأرجنتينية، وكان والده شاول منعم وأمه مهيبة عقيل مسلمان مهاجران من مدينة "يبرود" في سوريا. تدرب منعم كمحامي في جامعة "كوردوبا"، وأصبح من مؤيدي خوان بيرون، وتظاهر من أجل السجناء السياسين وتم اعتقاله في 1957 لمساندته لأعمال العنف ضد دكتاتورية بيدرو يوجينو آرامبورو. سافر كارلوس منعم، إلى سوريا عقب خروجه من السجن في 1964، والتقى بسليمة فاطمة جمعة، وهي مسلمة سورية-أرجنتينية، وتزوجها في 1966 وعادا إلى الأرجنتين فيما بعد، لكنه طلقها سنة 1991، بعد أن انجب منها ابنتهما سليمة ماريا إيفا منعم، التي أخذت دور السيدة الأولى في المناسبات الرسمية، حتى نهاية رئاسة والدها. شغل منعم منصب حاكم "لاريوخا" مرتين بين عامي 1973 و1979 في الدور الأول ثم بين 1983 و1989 في الدور الثاني، ثم فاز في الانتخابات الرئاسية بعد حملة انتخابية ركزت على حقوق الطبقة العاملة. استلم كارلوس منعم، رئاسة البلاد خلال مرورها بأزمة تضخم وركود اقتصادي كبيرة، حيث قامت حكومته بتخصيص قطاعات إنتاجية كثيرة مثل البريد والاتصالات والطاقة مما جذب استثمارات ورؤوس أموال أجنبية للبلاد وأصلح الوضع الاقتصادي. شغل منعم منصب رئيس جمهورية الأرجنتين في الفترة من 8 يوليو 1989 حتى 10 ديسمبر 1999، إلا أنه اتهم بعد ذلك بالتورط في الهجوم الذي استهدف المركز اليهودي عام 1994، وتمت ملاحقته قضائيًا. عبد الله بو كرم.. رئيسًا عربيًا للإكوادور لمدة 6 أشهر فقط شغل السياسي الإكوادوري من أصول لبنانية عبد الله خايمي بوكرم أورتيز، منصب رئاسة الإكوادور في فترة قصيرة عام 1996، حيث تقرر بعد ستة أشهر من رئاسته عدم أهليته لهذا المنصب من المؤتمر الوطني الإكوادوري، وكان هذا القرار حاسم ولم يسبق له مثيل في الإكوادور، وتم خلعه بسهولة من الرئاسة. ويعد بوكرم حفيد مهاجرين لبنانيين، أحب منذ الصغر لعب كرة القدم في شوارع جواياكيل، وأصبح معلقًا رياضيًا ناجحًا وكسب شهادة في التربية البدنية، إضافة إلى كونه مدرسًا للرياضة البدنية، وحصل على درجة في القانون وسرعان ما بدأ حياته السياسية. كان يقيم بوكرم، في شمال "كنيدي"، وكان ابن شقيق السياسي الشهير "أسعد بوكرم"، الذي كان رئيس بلدية "جواياكيل"، وشقيقته مارثا بوكارام، التي كانت متزوجة من الرئيس السابق خايمي أجيليرا. انتخب المرشح عبد الله بوكرم أورتيز، رئيسًا للإكوادور بعد أن هزم مرشح الحزب الاجتماعي كريستيانو خايمي نيبوت، بفارق ضئيل بنحو 20000 صوتاً، وقد اتسمت الانتخابات بنهاية سباق متقارب لصالح بوكرم، الذي كثيرًا ما واجه انتقدات لإنفاقه المزيد من الوقت في لقاءات الحملة الانتخابية بدل الحديث عن القضايا المهمة. ركز بوكرم أولوياته على الفقراء، وقد تبين أنها العامل الحاسم في بلد يعيش فيه ما يزيد على 65% من السكان تحت خط الفقر، وحيث إن كل مواطن يجب عليه التصويت حسب القانون، كان واضحًا أن المرشح الذي نجح في ندائه للفقراء، من شأنه أن تكون له ميزة. كما أظهر بوكرم، خلال الحملة الإنتخابية قدرة خارقة على التحدث إلى الناس من مختلف الطبقات، يذكر عنه أيضاً أنه عند إعلان التبرعات الأخوية رقص مع مجموعات من السكان الأصليين في شرق ايل، بوكرم جعل كثيرًا من الناس يشعرون بأنه رجل الشعب وواحدًا منهم. لكن في غضون عدة أشهر من توليه الرئاسة أقيمت دعاوى قضائية ضده تتهمه باختلاس الملايين من الدولارات من الأموال العامة، ما جعله عرضة للفصل من موقع الرئاسة الإكوادورية من قبل المؤتمر الشعبي على أساس إتهام يدعي العجز العقلي. وأصدر مجلس الشيوخ قرارًا ينص عليه الدستور بنزعه عن كرسي الرئاسة، وعين مكانه زعيم المجلس فابيان ألاركون، وهو الحدث الذي صنع أزمة دستورية. وبعد عدة تهم فساد أصدرت بحقه، حصل بوكرم على حق اللجوء السياسي في دولة "بنما"، لكنه عاد في 2005 إلى الإكوادور بعد أن أسقطت عنه جميع تهم الفساد. جدير بالذكر، أن آلاف المهاجرين الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين وصلوا إلى أمريكا اللاتينية، على دفعات متتالية منذ نهايات القرن التاسع عشر الميلادي، هرباً من الوضع الاقتصادي للمشرق العربي أو الاضطهاد السياسي أو الديني، حيث هاجر العديد من اليهود والمسيحيين فرارًا من الاضطهاد في الإمبراطورية العثمانية السابقة، وهرب المزيد من المدنيين من الإمبراطورية العثمانية، بسبب المجاعة الناجمة عن حصار الحلفاء لسواحل سوريا، كما دفعت الفوضى أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى والثانية، بالكثيرين للهجرة لأمريكا اللاتينية للالتحاق بالشبكات الأسرية التي تكونت نتيجة هجرات سابقة. وبحسب الكثير من الاحصائيات يبلغ عدد المواطنين العرب في أمريكا اللاتينية حوالي 40 مليون مواطنًا، ويتقلد أغلبهم مناصب هامة في البلاد، ووصل بعضهم إلى كرسي الرئاسة والعديد منهم احتلوا مناصب سياسية وقضائية رفيعة، وهناك أيضًا من أبدعوا في المجالات الرياضية والفنية.