عاجل - آخر تحديث لسعر الذهب اليوم في مصر.. عيار 21 يسجل 3150 جنيها    ارتفاع سعر الفراخ.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية السبت 18 مايو 2024    جسم مجهول يصيب سفينة في البحر الأحمر    عاجل.. حدث ليلا.. اقتراب استقالة حكومة الحرب الإسرائيلية وظاهرة تشل أمريكا وتوترات بين الدول    زيلينسكي: أوكرانيا ليس لديها سوى ربع الوسائل الدفاعية الجوية التي تحتاجها    نوح ومحمد أكثر أسماء المواليد شيوعا في إنجلترا وويلز    زعيم كوريا الشمالية يشرف على اختبار صاروخ جديد: تعزيز الحرب النووية    مباراة الأهلي والترجي اليوم في نهائي دوري أبطال إفريقيا.. الموعد والقنوات الناقلة    ذروة الموجة الحارة ورياح شديدة، الأرصاد تحذر من طقس اليوم وتقدم 3 نصائح عاجلة    الأرصاد توجه رسالة عاجلة للمواطنين: احذروا التعرض للشمس    لبلبة تهنئ عادل إمام بعيد ميلاده: الدنيا دمها ثقيل من غيرك    كاسترو يعلق على ضياع الفوز أمام الهلال    موعد انتهاء امتحانات الشهادة الإعدادية الترم الثاني محافظة الإسماعيلية 2024 وإعلان النتيجة    عاجل - "تعالى شوف وصل كام".. مفاجأة بشأن سعر الريال السعودي أمام الجنيه اليوم في البنوك    حكايات| «نعمت علوي».. مصرية أحبها «ريلكه» ورسمها «بيكمان»    خالد أبو بكر: لو طلع قرار "العدل الدولية" ضد إسرائيل مين هينفذه؟    رقص ماجد المصري وتامر حسني في زفاف ريم سامي | فيديو    طبيب حالات حرجة: لا مانع من التبرع بالأعضاء مثل القرنية والكلية وفصوص الكبد    ننشر التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة    تفاصيل قصف إسرائيلي غير عادي على مخيم جنين: شهيد و8 مصابين    رابط مفعل.. خطوات التقديم لمسابقة ال18 ألف معلم الجديدة وآخر موعد للتسجيل    حماية المستهلك يشن حملات مكبرة على الأسواق والمحال التجارية والمخابز السياحية    حلاق الإسماعيلية: كاميرات المراقبة جابت لي حقي    تدخل لفض مشاجرة داخل «بلايستيشن».. مصرع طالب طعنًا ب«مطواه» في قنا    نصائح طارق يحيى للاعبي الزمالك وجوميز قبل مواجهة نهضة بركان    الأول منذ 8 أعوام.. نهائي مصري في بطولة العالم للإسكواش لمنافسات السيدات    فانتازي يلا كورة.. هل تستمر هدايا ديكلان رايس في الجولة الأخيرة؟    أحمد السقا يرقص مع ريم سامي في حفل زفافها (فيديو)    مفتي الجمهورية: يمكن دفع أموال الزكاة لمشروع حياة كريمة.. وبند الاستحقاق متوفر    التشكيل المتوقع للأهلي أمام الترجي في نهائي أفريقيا    مصطفى الفقي يفتح النار على «تكوين»: «العناصر الموجودة ليس عليها إجماع» (فيديو)    لبنان: غارة إسرائيلية تستهدف بلدة الخيام جنوبي البلاد    بعد عرض الصلح من عصام صاصا.. أزهري يوضح رأي الدين في «الدية» وقيمتها (فيديو)    عمرو أديب عن الزعيم: «مجاش ولا هيجي زي عادل إمام»    موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 في محافظة البحيرة.. بدء التصحيح    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    سعر العنب والموز والفاكهة بالأسواق في مطلع الأسبوع السبت 18 مايو 2024    هل مريضة الرفرفة الأذينية تستطيع الزواج؟ حسام موافي يجيب    مؤسس طب الحالات الحرجة: هجرة الأطباء للخارج أمر مقلق (فيديو)    تعرف على موعد اجازة عيد الاضحى المبارك 2024 وكم باقى على اول ايام العيد    نحو دوري أبطال أوروبا؟ فوت ميركاتو: موناكو وجالاتا سراي يستهدفان محمد عبد المنعم    طرق التخفيف من آلام الظهر الشديدة أثناء الحمل    إبراشية إرموبوليس بطنطا تحتفل بعيد القديس جيورجيوس    أستاذ علم الاجتماع تطالب بغلق تطبيقات الألعاب المفتوحة    حظك اليوم برج العقرب السبت 18-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    هاني شاكر يستعد لطرح أغنية "يا ويل حالي"    سعر اليورو اليوم مقابل الجنيه المصري في مختلف البنوك    أكثر من 1300 جنيه تراجعا في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 18 مايو 2024    دار الإفتاء توضح حكم الرقية بالقرأن الكريم    خبير اقتصادي: إعادة هيكلة الاقتصاد في 2016 لضمان وصول الدعم لمستحقيه    ب الأسماء.. التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي مجلس الدولة بعد إعلان نتيجة الانتخابات    البابا تواضروس يلتقي عددًا من طلبة وخريجي الجامعة الألمانية    «البوابة» تكشف قائمة العلماء الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل مؤخرًا    دراسة: استخدامك للهاتف أثناء القيادة يُشير إلى أنك قد تكون مريضًا نفسيًا (تفاصيل)    انطلاق قوافل دعوية للواعظات بمساجد الإسماعيلية    حدث بالفن| طلاق جوري بكر وحفل زفاف ريم سامي وفنانة تتعرض للتحرش    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد بديع.. الشيخ الذي يحكم مصر
نشر في الموجز يوم 03 - 10 - 2012

يدير ولا يحكم.. يشاهد ولا يقرر.. يظهر ولا يتدخل.. إنه الدكتور محمد بديع المرشد الثامن لجماعة الإخوان المسلمين الذي يحاول أن يلملم شتات نفسه ويعود ليمارس مهامه كمرشد عام للجماعة دون تدخل من أحد في القرارات المصيرية التي تتعلق بالشأن السياسي والحزبي، ويبدو جليا أن بديع قرر أن يأخذ أجازة مدفوعة الأجر دون انقطاع عن الذهاب لمركز الجماعة العام بالمقطم صباحا ومساء،فقد تعود المرشد أن يجلس في الصفوف الأمامية ويشاهد عن قرب ما يدور داخل الغرف المغلقة للجماعة ورغم أنه إداريا يقع علي رأس دائرة صنع القرار داخل التنظيم الإخواني فإنه لا يقوي بأي حال من الأحوال أن يمارس دوره المنوط به ولسبب أو لآخر لم تتوافر له الصلاحيات الكاملة لإدارة الإخوان كما تنص عليه اللائحة الداخلية.
قصة اختيار بديع مرشدا للجماعة
الدكتور محمد بديع عبدالمجيد سامي من مواليد 7 أغسطس 1943 بالمحلة الكبري،وهو المرشد العام الثامن لجماعة الإخوان المسلمين بعد انتخابه في 16 يناير 2010 خلفا للمرشد السابق مهدي عاكف. وهو أستاذ علم الأمراض كلية الطب البيطري جامعة بني سويف.
ووصل بديع إلي منصبه في انتخابات أثارت الكثير من الجدل وخلف فيها محمد مهدي عاكف المرشد العام السابق في سابقة هي الأولي علي مر تاريخ الجماعة في مصر باختيار مرشد عام للجماعة بالانتخاب في ظل وجود مرشد عام علي قيد الحياة وليصبح محمد مهدي عاكف صاحب لقب أول مرشد عام سابق للجماعة
ويقول البعض إن عاكف قرر الانسحاب في أكتوبر 2009 بعد انتهاء فترة ولايته بسبب ما ظهر من خلافات بين من يوصفون بالمحافظين والإصلاحيين داخل الجماعة بينما نفي عاكف ذلك وكان يذكر مسبقا أنه سيتنحي عندما تكتمل مدة الولاية الأولي ولن يجدد لفترة أخري وأنه اشترط ذلك علي الإخوان عندما قبّل أن يكون مرشدا
وأعلنت جماعة الإخوان المسلمين في مصر أنها اختارت تعيين محمد بديع في منصب مرشد عام الجماعة في وقت غاب فيه الدكتور محمد حبيب النائب الأول للمرشد السابق عن مؤتمر إعلان المرشد كما أعلن عن اعتراضه علي إجراءات انتخابات مكتب الإرشاد والمرشد، لأن التصويت يخالف القواعد الداخلية لجماعة الإخوان المسلمين. مشيرا بأن اختيار المرشد الجديد جاء "نتيجة الاختيار بدلا من الانتخاب". وشهدت هذه الانتخابات أيضا خروج عضو مكتب الإرشاد عبدالمنعم أبو الفتوح وأزمة بسبب عدم تصعيد عصام العريان.
كما أشارت تقارير وقتها بأن أعضاء التنظيم الدولي كانوا معترضين علي الدكتور محمد بديع وأن هناك رغبة من جانبهم في تولي الدكتور رشاد البيومي نائب المرشد حاليا هذا المنصب.
وبديع صديق مقرب للمرشد السابق محمد مهدي عاكف وكلاهما من تلاميذ منظر جماعة الإخوان المسلمين سيد قطب الذي تم إعدامه في محاكمة عسكرية في مصر عام 1965
ويعمل بديع كاستاذ متفرغ بقسم الباثولوجيا بكلية الطب البيطري جامعة بني سويف. كما كان أمين عام النقابة العامة للأطباء البيطريين لدورتين، وأمين صندوق اتحاد نقابات المهن الطبية لدورة واحدة.
أما عن حياته الاجتماعية فقد تزوج من سمية الشناوي ابنة الضابط طيار محمد علي الشناوي من الرعيل الأول لجماعة الإخوان المسلمين.
وله ثلاثة أبناء هم عمارويعمل مهندس كمبيوتر،وبلال وهو طبيب أشعة،و ضحي متخرجة في كلية الصيدلة،وله ثلاثة أحفاد هم رؤي وحبيب وإياد.
مرشد نمطي
ويقول عنه صلاح الدين حسن الباحث في شئون الجماعات الإسلامية إن هيئته تستدعي للذاكرة صورة المرشدين التاريخيين للجماعة، لحية خفيفة ووجه نحيف ونظارة وقبعة ماليزية، قالوا عنه إنه ورع تقي صفي نقي صابر محتسب، ذو صوت عذب يرتل آيات الله ليلاً ونهارا، ويشدو صادحاً بأناشيد الجهاد والدعوة في محيط إخوانه لا يستحي من ذلك ولا يستكبر، تواضعه جم.. صاحب فقه ودين لا يأتي عليه سحر إلا وهو يتهجد ولا فجر إلا وهو يقرأ الأذكار ولا مساء إلا وهو يتلو ورد الرابطة.. كل هذا ويزيد عناصر صورة ترسم قسماتها شهادات وقناعات القطاع العريض داخل الجسد الإخواني.
وعن كيفية انضمام بديع للجماعة يقول حسن إنه في عام 1959 تعرف بديع علي أحد أعضاء الإخوان المسلمين السوريين الحمويين، وهو الدكتور محمد سليمان النجار الذي دعاه إلي الانضمام إلي جماعة الإخوان، فاقتنع الشاب الصغير وتحمس للفكرة برغم أجواء الخوف التي كانت تثار عند ذكر كلمة الإخوان وقتئذ، وترك النجار أثره علي بديع في إخلاصه لدعوته وبذله الجهد والوقت من أجلها، وقد قال بديع عنه إنه هو الذي تابعه بالتربية والتنشئة وعلاج الثغرات وسد النقائص.
وفي نفس العام بدأ الشاب الصغير في حفظ الجزء الأخير من القرآن وبعد إتمامه رتبت له تصاريف القدر موعداً مع سيد قطب، حيث أهداه داعيته سليمان النجار الجزء الأخير لكن اللقاء الأهم والأخطر في حياة بديع كان مع عبدالفتاح إسماعيل تاجر الغلال الدمياطي الذي كان يطوف الجمهورية بحكم عمله، وتعرّف علي الطالب الطيب المتدين الذي تأثر بدعوة الإخوان والذي كان يوشك علي التخرج ثم ضمه إسماعيل إلي التنظيم الذي أسسه وعرف بعد ذلك بتنظيم (65)
وسرعان ما استجاب بديع لدعوة عبدالفتاح إسماعيل ومحمود عبدالفتاح الشريف فقد كان عاشقاً مغرماً بكتابات قطب التي انهالت عليه كفتوحات ربانية عبر "حميدة قطب" ثم "زينب الغزالي" وباقي مجموعته ليشعر أثناء وبعد قراءتها ببركان الحماسة للإسلام ينفجر داخله، معلناً بجسارة استعداده بأن يشري نفسه ابتغاء مرضات الله، كما يروي.
وبعد خروجه من السجن سرعان ما اندمج في حياته العلمية حتي حصل علي ماجستير الطب البيطري جامعة الزقازيق عام 77، وأصبح مدرسا مساعداً بها وتزوج من ابنة الحاج محمد الشناوي الذي سجن معه في نفس القضية وكان الشناوي الضابط الطيار عضواً في النظام الخاص القديم للإخوان ورفيقاً لمصطفي مشهور.
ووفقا لحسن لم يعرف لبديع نشاط في أواخر السبعينات حتي أواخر الثمانينات، وهي الفترة التي شهدت بناء تنظيم الإخوان في مصر، وهي أيضا الفترة التي تولي فيها المرشد الثالث عمر التلمساني الرجل الذي لم يذكره بديع يوما بكلمة واحدة، لكن البعض روي لنا أن بديع ومعظم مجموعته لم تكن ترضي عن أداء التلمساني ولا أفكاره، وقيل أيضاً إن بديع كان من المقربين إلي مشهور، وإلي الحاج الشناوي وكان يعمل ضمن دائرتهما بعيداً عن التلمساني؛ لأن التلمساني لم يكن محبوبا إلي الاثنين، فالتلمساني كان أحد أعضاء اللجنة التي حاكمت أعضاء النظام الخاص بعد مقتل الخازندار وخرجت بإدانة لمشهور ومن معه.
وسافر بديع إلي اليمن أثناء فترة التلمساني 1982- 1986م مما أسهم في عدم ظهور الرجل علي الساحة في هذه الفترة، ونظرا لجهوده العلمية هناك سجله اليمنيون في موسوعة عظماء العلماء العرب واعتبره الإخوان واحداً من مائة عالم عربي.
مهمة خاصة
وعن انتقال بديع من المحلة إلي بني سويف يقول حسن إن بديع دفع إلي بني سويف من قبل مصطفي مشهور ورجالاته؛ لأن بها شخصاً كان غير خاضع لسيطرتهم وهو الحاج حسن جودة مسئول بني سويف في هذا الوقت ونقل بديع إلي هناك بدا أنه سيحقق فائدتين: وضع المكتب الإداري في بني سويف تحت أعين وسيطرة رجل يتبع مشهور والإتيان ببديع ممثلا لبني سويف في مكتب الإرشاد ليزيد من تكتل فريق مشهور ورجالاته وهو الأمر الذي لن يتمكن مشهور من تحقيقه وبديع ما زال في المحلة الكبري، وقد كان، فقد مثل بديع في مكتب الإرشاد بناء علي تمثيله الدائرة الإدارية لبني سويف ثم تولي مسئولية الصعيد كله، وهو أمر كان يخالف العرف الإخواني الذي لا يحبذ أن يهبط رجل بمظلة علي بلد ليس من أبنائه وهو ليس خبيراً بعائلاته وتقاليده.
وفي 14/10/1999، في فرع نقابة المهندسين بمنطقة المعادي ألقت السلطات القبض علي مجموعة من النقابيين الإخوان كان علي رأسهم مختار نوح وخالد بدوي ومحمد بديع، ثم حاكمتهم محاكمة عسكرية، حيث كان مختار نوح قد نجح في إجبار الحكومة علي إجراء انتخابات المحامين بعد رفع عدة دعاوي عليها، فجمع قسم المهن في الإخوان لكي ينقلوا عنه كيف يسلكون هذا الطريق بعد نقل الخبرة إلي النقابات الأخري، وفي المحاكمة وجد بديع نفسه بجوار جيل لم يكن يعرفه قبل ذلك، لكنه أحبهم وأحبوه وتوطدت علاقته بهم فوصفوه بالنقاء والتقوي وأحدهم قال عنه "إنه رجل لا تقترب منه إلا ووقعت في حبه".
ويقول حسن إن بديع لاقي عنتاً من بعض الإخوان بسبب علاقاته الطيبة والودودة بهذا الجيل لكنه صبر كثيراً واحتسب، وشخص مثل مختار نوح المجمد عضويته بالجماعة يصدر كتبه دائما بإهداء إلي محمد بديع ويقول "إنني أحب هذا الرجل"، وقيل أيضا إنه عند حدوث أي مشكلات في الجماعة فإن بديع يتصدر لها؛ لأنه يوصف بأنه رجل يجمع ولا يفرق.
ويري حسن ان بديع رجل دعوة لا سياسة،فمقالات بديع المعدودة حملت معظمها عناوين تربوية وربط الأحداث والمواقف الجارية بالتربية.
داعية إسلامي
وعلي المستوي الفكري والسياسي لا يختلف بديع عن أبناء جيله كثيراً وفقا لحسن،لكن يري أنه أكثر هذا الجيل انفتاحاً، فهو قد بدأ في استخدام العصا السياسية حديثاً، وأنه يكره التكتلات والتربيطات وشخصيته تسمح بطرح مبادرات جديدة.
ومع ذلك كان يرفض بديع ترك العمل السياسي والتفرغ للدعوي؛ لأنه يري أن هذا كان يتماشي مع خطة النظام لتجميد الإخوان والقضاء عليها نهائيا، كما يري أن المرأة لا تصلح لقيادة الدولة وكذا القبطي بناء علي رأي فقهي، ورفض بديع مبدأ الصفقات مع النظام السابق، لكنه لم يرفض التفاهم معه، وأكد أنه "لا توجد صفقات علي حساب مبادئ وقيم بل أهداف كل طرف والحفاظ علي البلد، فلا نهدف للحوار مع الحكومة وحدها التي تمثل حزبا واحدا، لكن نريد حوارا مع جميع القوي التي تشكل الخريطة السياسية في مصر ويحتاجها البلد".
بديع والديمقراطية
لبديع رأي خاص في الديمقراطية فيقول إذا اختار الناس شيئا غير شرعي لا يصلح تنفيذه، فإذا كانت هناك مخالفة للشرع فلا يمكن إعمالها.
كما أكد سابقا وقبل الثورة أن الإخوان سيقبلون نتيجة الانتخابات حتي لو جاءت بجمال مبارك إذا تم الانتخاب بحرية وبنزاهة فجمال مبارك له الحق في الترشح مثله مثل غيره في انتخابات رئاسة الجمهورية، ولكن بشرط فتح الباب لجميع المصريين علي قدم المساواة وفي انتخابات حرة نزيهة، لكن إذا جاء عبر انتخابات مزورة، وقصر الفرصة عليه هو فقط، فهذا ممنوع شرعا وديمقراطيا.
بديع ومبارك
وبرصد تصريحات بديع قبل وبعد الثورة نجد أن هناك تناقضا واضحا فيما يتعلق بموقفه من مبارك،فبعد الثورة صرح بأن نظام مبارك كان يريد الوقيعة بين الإخوان والجيش من خلال المحاكمات العسكرية لقادة الجماعة ولكن تم الصبر علي البلاء حتي زالت الغمة برحيل المستبدين.
بينما من الحقائق الثابتة أنه بعث برقية تهنئة للرئيس السابق حسني مبارك في شهر مارس عام 2010 يتمني فيها الشفاء العاجل له ويهنئه بالعودة سالما إلي أرض الوطن, موضحا أن مبارك هو أب لكل المصريين وأن الجماعة تحب مبارك وتحترمه, كما أضاف بديع أن جمال مبارك من حقه الترشح لرئاسة الجمهورية وأنهم كجماعة الإخوان المسلمين غير معترضين علي ترشيح جمال مبارك للرئاسة لأنه حق لكل المصريين.
ومن الثابت أيضا أن جماعة الإخوان المسلمين بقيادة بديع رفضت النزول لمظاهرات يوم 25 من يناير لعام 2011 ضد مبارك.
وكان بديع أكد في أكثر من مناسبة أن الجماعة لا تعارض ترشح نجل الرئيس المصري جمال مبارك للرئاسة بشرط أن يعرض برنامجه الانتخابي والإصلاحي علي الشعب وأن تكون الانتخابات نزيهة ويتحقق فيها مبدأ تكافؤ الفرص لكل المرشحين.
بديع وثورة يناير
وكعادته في تفسير كل الأمور تفسيرا دينيا قال بديع إن ثورة 25 يناير من صنع الله سبحانه وتعالي ولا فضل لأحد فيها من الثوار أو غيرهم فهم مجرد أسباب لإرادة الله.
كما اعتبر قيام ثورة 25 يناير والإطاحة بالنظام السابق، ثأرا لروح حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان، الذي اغتالته يد الدولة كلها حسب وصفه ليلة 12 من فبراير عام 1949، وهي ذات الليلة التي تنحي فيها الرئيس المخلوع حسني مبارك.
كما حاول بديع توضيح اتجاهات جماعة الإخوان المسلمين التي تغير وضعها كثيرا بعد الثورة،حيث أشار إلي أن الإخوان لم يحددوا نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية والتي يحسمها اجتماع مجلس شوري الإخوان القادم وان كان المبدأ واضحاً في ذلك مشاركة لا مغالبة لان الإخوان لا يريدون أن يحتكروا السلطة لأنفسهم.
وعن حزب الحرية والعدالة قال بديع انه حزب لكل المصريين مسلمين وأقباط وسيكون نموذجاً راقياً للمشاركة السياسية مع بقاء الجماعة تمارس مهامها الدعوية.
لكن علي الرغم من أن جماعة الإخوان المسلمين كانت هي الأكثر استفادة من ثورة 25 يناير،وأصبح بديع هو المرشد الأوفر حظا في تاريخ الجماعة نظرا لما وصلت إليه في الوقت الحالي، فإن قرارات الجماعة بقيادته كانت مثيرة للجدل،حيث رفضت الجماعة المشاركة في مظاهرات 25 يناير،و في يوم جمعة الغضب في 28 من يناير صدر قرار من مكتب الإرشاد لكل المشاركين من أعضاء الجماعة في هذا اليوم بألا يعتصموا ويكتفوا بالتظاهر فقط علي الرغم من وجود قرار مسبق بالمشاركة , وكذلك صدر قرار من مكتب الإرشاد بانسحاب الجماعة من ميدان التحرير يوم موقعة الجمل 2 فبراير، حسبما أكد إسلام لطفي وكيل مؤسسي حزب التيار المصري وأحد شباب الإخوان المنشقين عن الجماعة بعد الثورة
ووافق بديع علي مشاركة الجماعة في يوم 4 فبراير عام 2011 وقبل تنحي مبارك في الاجتماع الذي دعا إليه عمر سليمان
وكشف الدكتور محمد حبيب النائب الأول السابق لمرشد الجماعة عن وجود صفقة تمت خلال هذا الاجتماع، تم بموجبها الإفراج عن خيرت الشاطر وحسن مالك في مقابل إخلاء ميدان التحرير من جميع المتظاهرين.
وبعد تنحي مبارك أصبح للمجلس العسكري شعبية في الشارع المصري لم يحاول بديع انتقاد المجلس وساهمت الجماعة في تحقيق بعض قرارات المجلس العسكري وخاصة في استفتاء 19 مارس 2011 دعم الإخوان والسلفيون قرار المجلس العسكري باستفتاء الشعب علي التعديلات الدستورية وطالبوا المصريين بالتصويت بنعم للتعديلات من أجل الاستقرار وعودة الأمن للشارع مستغلين منابر المساجد والقنوات الفضائية الدينية في إقناع المواطنين بالموافقة علي هذه التعديلات وأن من يقول لا للتعديلات يخرج علي الشريعة الإسلامية إلي أن انتهت نتيجة هذا الاستفتاء بالموافقة علي التعديلات الدستورية.
وبعد التعديلات الدستورية رفض بديع معظم الدعوات التي دعا إليها الكثير من شباب الثورة والقوي الوطنية لعمل مظاهرات مليونية متوالية تطالب بالمحاكمات لنظام مبارك أو تطالب بإلغاء الطوارئ أو تطالب بحل المحليات وحل جهاز أمن الدولة.
المرشد يحكم ولا يدير
بعد عامين للدكتور محمد بديع علي رأس مكتب الإرشاد وعلي الرغم من أن القاصي والداني لا يستطيع أن ينكر أن الإخوان المسلمين أو ما يطلق عليهم "جيل الانتصار" الذي مهد له حسن البنا منذ نشأة الجماعة عام 1928 قد تذوق طعم الانتصار بعد إسقاط لقب المحظورة عنه جراء ثورة الخامس والعشرين من يناير، ولأول مرة في تاريخ الجماعة تنعم بهذه الديمقراطية غير المسبوقة التي مكنتهم من الحركة في جميع دوائر صنع القرار في البلد إلي أن أصبحوا علي رأس السلطة الحاكمة في مصر وسيطروا علي أهم مؤسسات الدولة ووصل أحد أعضائهم إلي كرسي الحكم فإن الجميع يكاد يتفق علي أن بديع فشل في إدارة الإخوان ولم تكن له أي "كاريزما" في قيادة الصف الإخواني بل وأصبح أداة في يد ال"لوبي" الذي يسيطر علي مقاليد الأمور كافة وحينها اكتشف المحيطون به أنه لا يصلح لأن يكون المرشد العام لجماعة تخطي عمرها ال 70 عاما، وعلي _حد قول البعض من أعضاء الجماعة _ فإن بديع لم يستطع أن يملأ الكرسي الذي جلس عليه وأنهم مازالوا ينتظرون تقدما في أوضاع الجماعة السياسية والاقتصادية والدعوية.
إضافة إلي ذلك لم يقو بديع علي مواجهة معارضيه داخل مكتب الإرشاد فلم يجد بدا من الاستعانة بمؤيديه الذين سيطروا بمرور الوقت علي كل كبيرة وصغيرة داخل الإخوان وعندما أصبح لهم أنياب قاموا بتهميش دور بديع كمرشد عام وأداروا الأمور وفقا لتوجهاتهم ورغباتهم الخاصة التي تتعارض بشكل أو بآخر مع موقف الجماعة العام، ودون جدال أو الدخول في صراعات قد تؤدي إلي نهاية التنظيم.
وعلي الرغم من أنه المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين فإنه يعد ضعيفا نسبيا،وهناك أدلة مؤكدة وفقا لمعهد واشنطن علي أن خيرت الشاطر ومحمود غزلان وحسين محمود ومحمود عزت هم أكثر منه تأثيرا في اتخاذ القرارات داخل الجماعة.
ويقول موقع "واللا" إن بديع ليس سياسيا ولم يحاول بديع ان يترشح لأي منصب سياسي طوال حياته،ولكنه يتولي فقط الصلاحيات الدينية التي تحدد أسلوب تعامل الجماعة في المواقف المختلفة.
ونظرا لأن بديع ترك الملفات الأخري فيما عدا الملف الديني داخل الجماعة في يد أنصاره لاسيما الملف الاقتصادي،أصبح بديع مجرد واجهة وفي المقابل أصبح من يتحكم في اقتصاد الجماعة هو من يتحكم فيها وله اليد العليا في كل شئ،وهو خيرت الشاطر ومن جانبها رأت صحيفة معاريف الإسرائيلية أن الشاطر الذي يبلغ من العمر 62 عاما،رجل أعمال ناجح تصل ثروته علي 44 مليون دولار، وهو شخصية كاريزمية، وهو له قدرة علي التنظيم كما انه منخرط في السياسة المصرية منذ وقت طويل وله علاقات بعالم المال في الخليج العربي،الأمر الذي جعله من أقوي الشخصيات بجماعة الإخوان المسلمين،ومن يتولي مسئولية الاقتصاد داخل الجماعة،وعن طريق قوته وأعماله استطاع الشاطر ان يجمع التمويل للجماعة،كما استطاع ان يبني علاقات مع عدة دول من أهمها الحكومة الأمريكية،وبنك النقد الدولي،حتي يستطيع الحصول علي القروض لمصر.
رغبة الانتقام من المنشقين
صاحب وصول بديع لمنصب المرشد العام عدة مستجدات لم تكن موجودة من قبل داخل التنظيم، حيث اخترق ما يطلق عليه التيار الإصلاحي داخل الإخوان مكتب الإرشاد ومجلس الشوري والمكاتب الإدارية جمعاء في شتي ربوع مصر، بعد أن شعروا مؤخرا وتحديدا عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير بأنه قد آن الأوان لترميم الشروخ التي أصابت الفصيل الإخواني وجعلته مهدداً بالبوار والهلاك،وما زادهم رغبة أن رياح الحرية مرت علي جميع مؤسسات الدولة دون أن تقف عند مكتب الإرشاد،فالديكتاتورية كما هي والاستعانة بأهل الثقة وليس أهل الخبرة والاعتماد علي أفراد بعينهم داخل التنظيم وتهميش دور المرأة والشباب بشكل كبير لا يزال النمط السائد داخل الإخوان ورغم ذلك لم يحاول بديع أن يقضي علي كل ذلك بل تعمد الاستمرار علي نفس النهج مستعينا برفاقه من التيار القطبي الذي سيطر علي الجماعة منذ عام 2009 المنصرم.
ما يؤخذ علي الدكتور بديع أيضا أنه لا يستجيب بأي حال من الأحوال للنقد الذاتي ودائما أبدا لايقبل أي اعتراض يوجه اليه من أحد الشباب علي مواقف الجماعة السياسية،وعلي سبيل المثال عندما اعترض أكثر من 18 شاباً علي قرار الجماعة بالدفع بمرشح من داخلها في الانتخابات الرئاسية ونظموا وقفة احتجاجية أمام المركز العام بالمقطم لم يسمعهم بديع بل واستجاب لدعوة بعض أعضاء مكتب الإرشاد بضرورة التحقيق معهم وفصل بعضهم وتجميد عضوية البعض الآخر.
وبغض الطرف عن ذلك وغيره أكدت مصادر من داخل الجماعة أن الدكتور بديع تسبب بشكل مباشر عن طريق صمته الطويل عن أمور كثيرة كانت ولا زالت تتم في صناعة أزمة حقيقية تمثلت في عدم الصدق والشفافية في إدارة كافة الأمور التي تتعلق بالتنظيم ومنها عدم وجود رقابة سياسية علي قرارات مكتب الإرشاد، فضلا عن عدم اخضاع أموال الجماعة إلي الرقابة والمحاسبة العادلة فلا يوجد أحد يحاسب أحداً وكل الأمور يديرها بعض قادة الإرشاد دون علم المرشد نفسه.
وبالإضافة إلي ذلك فقد علمت "الموجز" أن هناك مطالب عدة تقدم بها عدد من شباب الإخوان لإلغاء مجلس الشوري واصفين إياه بأنه مجلس صوري لا يؤخذ برأيه وليس لأعضائه سلطة اتخاذ القرارات التي تدخل في إطار الأهمية، غير أن أعضاء مكتب الإرشاد يقومون بتطويعه لصالحهم عن طريق فرض إملاءات وشروط معينة حسب المستجدات السياسية آنذاك، كما طالب هؤلاء الشباب أن مجلس شوري الإخوان "أكذوبة الديمقراطية" التي يريد أن يصدرها المتحكمون في مصير الجماعة إلي سواد الناس لاقناعهم أنها جماعة تشاورية يعتمدون علي مبدأ الشوري في المقام الأول والأخير.
بديع..مرشد "ماشي جنب الحيط"
إذا قرأنا صفحات المشهد السياسي مؤخرا وتحديدا منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير لوجدنا انحداراً ثابتاً في قرارات وتوجهات مكتب إرشاد الجماعة التي اعتمدت علي اسلوب واحد لا ثاني له وهو "التوافق،الصدام ثم الانقضاض"، حيث بدلت الجماعة مواقف كثيرة اتخذتها في بداية الأمر ثم عادت لتفعل عكسها وهو ما يدل دلالة قاطعة أن المرشد العام لا يملك القدرة علي كبح طموح بعض قيادات الإرشاد الذي وصل إلي حد الخلاص من جميع من حولهم لضمان الاستمرار علي القمة.
فالمرشد الحالي للإخوان لا يملك أي صلاحيات ولا يملك القدرة علي اتخاذ القرارات الادارية والسياسية بمفرده لا سيما أن الشاطر ورجاله داخل مكتب الإرشاد يستحوذون علي نسبة ال70 من السلطات الممنوحة لمكتب الإرشاد وأعضائه،فبحسب تأكيدات مصادر من داخل الإرشاد فإن بديع لا يقوي علي مواجهة الشاطر أو معارضته خاصة أنه مدين له بوصوله لمنصب المرشد العام للجماعة الأمر الذي جعل الأخير يغتصب جميع الصلاحيات وينقض علي سلطات المرشد.
وكما يقول الدكتور كمال الهلباوي المتحدث السابق لإخوان أوروبا أن بديع أظهر بمرور الوقت أنه بالرغم أن جماعة الإخوان المسلمين حققت انتصارات سياسية غير مسبوقة لم يكن أي عضو تابع لها أن يتخيلها في يوم من الأيام فإن هذا الجيل خسر مقدارا كبيرا من رصيده لدي الشارع المصري خاصة أن بديع لم ينجح في تحسين أوضاع الإخوان الداخلية وفيما يتعلق بالتشاور مع النظام والقوي السياسية إلي جانب أنه لم يضبط حركة أعضاء الجماعة في اتجاه واحد مما أدي إلي وجود معارضين له داخل الفصيل الإخواني
واتفق معه الدكتور محمد الحديدي أحد القيادات الشبابية داخل الإخوان قائلا إن هناك أكثر من اتجاه إصلاحي داخل مكتب الإرشاد يعارض جميع تصرفات القيادات الحالية التي تأخذ الجماعة في طريق الهلاك _علي حد وصفه _ مشيرا إلي أن نسبة المعارضة داخل الإخوان وصلت في الفترة الأخيرة إلي 70% من الذين يرون أن سياسات بديع في إدارة الإخوان غامضة ومبهمة ولا يستطيع أحد رؤية مستقبل التنظيم من خلالها خاصة أنه يسير وفق أساليب ومناهج النظام الخاص الذي ساهم بشكل كبير في تقليص دور الجماعة وإضعافها سياسيا ودعويا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.