من جديد عادت مصر لتؤكد للعالم أنها قوة إقليمية فاعلة في حل أزمات المنطقة، فرغم تدخل العديد من الدول مثل تركيا وقطر وإيران وحتى القوى العظمى مثل روسيا وأمريكا إلا أن حل الأزمة السورية يبدو أنه يكمن في القاهرة، حيث تم منذ أيام توقيع اتفاق ثالث بوساطة مصرية وضمانة روسية ،ليكلل الجهود التي بذلتها الدولة العربية الكبرى لإنهاء معاناة الشعب السوري. حيث وقع عدد من فصائل المعارضة السورية المسلحة على اتفاق لوقف إطلاق النار, وذلك خلال اللقاء الأخير الذى عقد في القاهرة ،بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي ، وبضمانة من روسيا ، وبوساطة من جانب رئيس تيار الغد السوري أحمد الجربا. وشمل الاتفاق المشاركة فى جهود مكافحة الإرهاب، والعمل على اتخاذ تسوية سياسة للأزمة السورية، وعودة اللاجئين والنازحين لمناطقهم، والإفراج عن المعتقلين. كذلك وقعت الفصائل المسلحة في ريف حمص الشمالي ، للانضمام إلى جهود مكافحة الارهاب في سوربا، وإنشاء قوى لحفظ الأمن والسلام في المنطقة. ووفقا للمحللين فإن الجهود المصرية لإنهاء الأزمة تكللت بالنجاح بسبب العلاقات الاستراتيجية الجيدة التي تربط القاهرة بالرياض وكذلك علاقات الأولى الجيدة بكل من موسكو ونظام الأسد. لكن يبدو أن هناك عوائق قد تهدد استمرار هذا الاتفاق على الأرض يكمن في التدخل القطري والتركي وتأثير كلا البلدين على إجراءات التسوية وإحلال السلام ،ومع ذلك فإن الحقيقة المؤكدة هي وجود دور قوي للقاهرة أهلها لتكون وسيطا ناجحا ويحظى باحترام وتوافق كل الأطراف. هذا التوافق حول مصر دعا مبعوث الأممالمتحدة إلى سوريا،ستيفان دي ميستورا خلال زيارته للقاهرة الشهر الماضي إلى التأكيد على ضرورة زيادة التنسيق والتشاور مع مصر ، لكسر الجمود الذي كان قائما في الأزمة السورية. وأكد دي ميستورا, أنه في ضوء ما تتمتع به مصر من ثقل إقليمي ودولي واتصالات مع مختلف الأطراف، يمكنها من القيام بدور محوري ورئيسي لتسوية الأزمة في سوريا وأشار المبعوث الأممي خلال الزيارة إلى تداعيات استمرار الأزمة لتمثل تهديدا خطيرا للأمن الإقليمي والدولي، فضلا عن آثارها الإنسانية الكارثية والتي أدت إلى مقتل الآلاف وتشريد الملايين من اللاجئين هذه الدعوة لقيت ترحيبا كبيرا من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي ، الذي اكد استعداد مصر لتكثيف اتصالاتها للتوصل إلى حل دائم للأزمة في سوريا، وفقا لمرجعيات الحل السياسي، وبناءعلى الثوابت والقواسم المشتركة المتفق عليها من مختلف الأطراف كما التقى سامح شكري وزير الخارجية بمبعوث الأممالمتحدة الخاص بسوريا ستيفان ديمستورا، أثناء زيارته إلى القاهرة للتباحث بشأن مستجدات الأزمة السورية وسبل الدفع بالحل السياسي لتسوية الأزمة وقال السفير أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجيةحينها إن زيارة المبعوث الأممي إلى القاهرة جاءت في إطار حرص الأممالمتحدة على تبادل الرؤى وتكثيف أطر التشاور والتنسيق مع مصر بشأن سبل تحقيق الحل السياسي للأزمة السورية وكسر حالة الجمود الحالية، وذلك على ضوء الدور الهام الذى تضطلع به مصر من خلال اتصالاتها الفعالة مع الأطراف المعنية إقليميا ودوليا، وما يتسم به الموقف المصري من توازن ورؤية موضوعية بعيدة المدى وأوضح المتحدث باسم الخارجية، أن المبعوث الأممي حرص خلال لقائه بالوزير المصري على إطلاع الأخير على آخر مستجدات الأوضاع في سوريا سياسيا وأمنيا وإنسانيا وتقييمه للجهود المبذولة دوليا وإقليميا لدفع العملية السياسية وتثبيت مناطق خفض التوتر وتنفيذ خارطة الطريق الخاصة بتشكيل اللجنة الدستورية، حيث نوه إلى الجهود المبذولة لتشكيل اللجنة وتحديد ولاياتها ومراجع الإسناد الخاصة بها تحت رعاية الأممالمتحدة. وأضاف البيان الصادر حينها أن الوزير شكري أكد من جانبه على استمرار المساعي المصرية الرامية إلى إرساء الحل السياسي للأزمة السورية بما يحفظ كيان ووحدة الدولة السورية وسلامة أراضيها، وبذل كل الجهود من أجل وقف نزيف الدم السوري، وفقا لمرجعيات الحل السياسي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وأهمها القرار 2254 واستكمل البيان بأن وزير الخارجية أكد على حرص مصر الكامل على دعم جهود المبعوث الأممي وإنجاح مهمته، مشددا على أن الحل السياسي في سوريا يجب أن يأتي وفقا لإرادة وتطلعات الشعب السوري الشقيق، وأنه آن الآوان كي تتكاتف جهود المجتمع الدولي من أجل إيجاد حل نهائي وشامل للأزمة السورية، وأنه من المهم أن يتم البناء على نقاط التوافق الدولية كنقطة انطلاق للدفع بالحل السياسي، والتحرك على أساس فرضية عدم وجود حل عسكري للأزمة السورية مهما طالت وخلال زيارته للقاهرة أشاد المبعوث الأممي بالجهود المصرية الرامية إلى حلحلة الأزمة السورية على الصعيدين الإنساني والسياسي، مشيرا إلى تطلع الأممالمتحدة لمزيد من التنسيق مع مصر خلال الفترة المقبلة. ويبدو أن مصر كثفت تحركاتها بالفعل في الآونة الأخيرة ، حيث صرح السفير أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، بأن سامح شكري وزير الخارجية استقبل يوم 21 يونيو الماضي، وفدا من قيادات هيئة التفاوض السورية ضم كلا من رئيس الهيئة ونائبيه، وعددا من قيادات الهيئة الممثلين للمكونات المختلفة لها، وبحضور ممثلي مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية، للتباحث حول آخر تطورات الأزمة السورية، والتشاور وتنسيق الجهود قبل استكمال تشكيل لجنة الدستور وبدء أعمالها وذكر أبو زيد، أن الوزير شكري أكد فى بداية اللقاء على استمرار الموقف المصري الداعم للحل السياسي في سوريا بما يحفظ كيان ووحدة الدولة السورية وسلامة أراضيها، وبذل كل الجهود من أجل وقف نزيف الدم واستئناف المفاوضات على أساس مرجعيات الحل السياسي، وفى مقدمتها القرار 2254 وبيان جنيف 1 وأكد وزير الخارجية على أهمية النظر إلى عملية تشكيل اللجنة الدستورية وبدء أعمالها باعتبارها أحد عناصر تنفيذ القرار 2254 وليست هدفا في حد ذاتها، مشيرا إلى أن قرار مجلس الأمن المشار اليه يشمل عناصر أخرى في غاية الأهمية ينبغي عدم الحياد عنها، أهمها أن الحل السياسي للأزمة السورية هو الحل الوحيد، وأنه يجب أن يتم من خلال عملية تفاوضية سورية – سورية، وهو ما يحتم أن تكون كل القرارات الخاصة بتشكيل الوفد السوري فى لجنة الدستور قرارات سورية وطنية وبدون أية تدخلات خارجية كما أوضح السفير أبو زيد في بيانه الصادر عقب اللقاء، أن وزير الخارجية أعرب عن تطلعه لكسر حالة الجمود الحالية التي تنتاب المسار السياسي، والبناء على ما تم التوافق عليه من قبل حلحلة الوضع الراهن وإحراز التقدم المطلوب في العملية السياسية خلال الفترة المقبلة، مطالبا جميع أطراف الأزمة بأن تضطلع بمسئولياتها في هذا الصدد، ودعم الوفد التفاوضي الموحد، مشيرا إلى القرارات المنبثقة عن القمة العربية في الظهران بشأن دعم هيئة التفاوض السورية كممثل للمعارضة السورية في محادثات جنيف وكشف المتحدث باسم الخارجية، أن أعضاء الوفد السوري أعربوا خلال لقاءهم بالوزير عن تقديرهم للدور الهام الذي تضطلع به مصر تجاه الأزمة السورية على الصعيدين السياسي والإنساني، والدور المحوري الذي قامت به خلال مراحل تشكيل الوفد التفاوضي الموحد للهيئة. كما حرص أعضاء وفد الهيئة على إطلاع الوزير شكري على نتائج الاتصالات والمشاورات التي قاموا بها خلال الفترة الماضية من أجل اختيار ممثلي المعارضة في اللجنة الدستورية المرتقب تشكيلها واتفق الجانبان خلال اللقاء على تكثيف التشاور والتنسيق خلال الفترة المقبلة، وبذل كل الجهود للدفع بالحل السياسي لتسوية الأزمة. وفي مايو الماضي التقى وفد من حركة المجتمع الديمقراطي مع مسئولين في مصر بهدف مناقشة التطورات والمستجدات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وخاصة سوريا ودور مصر الفعال في المنطقة وضرورة تفعيل مؤتمر القاهرة و ضم الوفد الزائر لمصر كل من الرئيس المشترك للهيئة التنفيذية لحركة المجتمع الديمقراطي آلدار خليل و نائب رئيس المجلس التنفيذي في مقاطعة الجزيرة حسين عزام وعضوة الهيئة التنفيذية لفدرالية شمال سورية اليزابيت كورية ونقلت وكالة أنباء "هاوار" عن آلدار خليل عقب الزيارة قوله إن "هنالك علاقات قوية تجمع إدارة شمال سورية ومصر منذ سنوات وللقاهرة تأثيرا كبيرا في المنطقة حافظت على دورها المتزن، بالإضافة إلى مواقفها من كافة الأطراف السورية، وهي ذات تأثير في المعادلة السورية، ولهذا فعلاقتنا مع مصر مبنية على أسس الاحترام المتبادل" ولفت خليل إلى أن " الجمهورية المصرية لديها موقف واضح تجاه الهجمات العدوانية التي شنها الاحتلال التركي ومرتزقته على مقاطعة عفرين" وقال أيضا "للجامعة العربية أيضا موقف واضح حيال انتهاكات جيش الاحتلال التركي، وكان موقفهم أقوى وأوضح من معظم دول العالم، حيث شجبوا هذه الهجمات أكدوا أنه لا يحق لدولة أن تحتل مناطق لدولة جارة لها" وأكد خليل أن "مصر حاولت منذ بداية الثورة السورية ايجاد الحل سياسي وسلمي لهذه الأزمة، حيث اجتمعت مصر مع بعض أطراف المعارضة المعتدلة المتواجدين في القاهرة لمرتين"، وقال بهذا الخصوص: "حاولت مصر مع تلك الأطراف إيجاد وطرح مشروع لحل الأزمة التي تشهدها سوريا ولكن نتيجة كثرة المنصات تسببت في تعمق وتعقيد الأزمة السورية أكثر". وأوضح خليل في حديثه للوكالة، أن لقائهم مع الخارجية المصرية تمحور حول حل الأزمة ومستقبل سوريا وكيفية إيجاد سبل الحل للأزمة السورية ودور مصر في هذا السياق، وأردف بالقول "أكدت الخارجية المصرية استعدادها التام لتقديم كافة أنواع الدعم والمساعدة لحل الأزمة السورية". كذلك لفت إلى أنهم خلال النقاشات تطرقوا إلى عقد مؤتمر القاهرة الثالث، وقال" أكدت مصر إلى أنها ستقوم بالدعم ومساندة أي مشروع يهدف لحل الأزمة السورية إذا اتفقنا مع قوى المعارضة المعتدلة وقمنا بوضع برنامج ومشروع بناء سيقدمون الدعم والإمكانات لعقد مؤتمر القاهرة 3′′ ونتيجة لكل هذه الجهود التي بذلتها مصر في الشهور الأخيرة عقد هذا الاتفاق ليرسخ لكونها قوة إقليمية هامة لا يمكن الاستغناء عنها في حل أزمات المنطقة