شيئا فشيئا تعود لمصر أمجادها فى قيادة المنطقة العربية الى بر الامان بعد ان اثبتت للعالم أجمع أن سعيها لإنهاء أى خلاف بالبلدان الشقيقة والصديقة ينطلق من ثوابت مصرية مديدة ترتكز على مد يد العون للدول المتأزمة مع الحفاظ على وحدتها وسلامتها ودون التدخل فى شئونها الداخلية والحرص دائما للوقوف على مسافة واحدة من جميع الاطراف المتنازعة فى أى صراعا كان..تلك الثوابت التى رجحت كفة الدور المصرى عن العديد من الدول الكبرى التى دائما ما يكون تدخلها لحل الصراعات السياسية فى المنطقة مبنى على مطامع وأهداف سياسية. الجهود التى بذلتها القاهرة لحل الخلافات فى كل من سورياوفلسطين وليبيا ولبنانوجنوب السودان كشفت عن استعادة مصر لدورها الريادى وحرصها على الحفاظ على امنها القومى فى وقت تموج فيه المنطقة في بحورا من الدماء وإرهاب يأكل الأخضر واليابس. فى السطور القادمة نلقى الضوء على أبرز الأزمات التى ساهمت جهود القاهرة فى السنوات القليلة الماضية على طرح حلولا لها والحفاظ على العديد من الدول من شبح التقسيم والتشرذم. لبنان الدبلوماسية المصرية أخمدت نار الفتنة في لبنان.. ووجه رسالة شديدة اللهجة إلى طهران وسط تراشق دبلوماسي بين عدد من القوى الاقليمية المتنازعة سرا وجهرا من أجل فرض نفوذها بلبنان الجريح، بدأت الدبلوماسية المصرية جولة جديدة خلال الأيام الماضية لتهدئة الأجواء المتشاحنة فى لبنان بعد استقالة سعد الحريرى رئيس الوزراء اللبنانى الذى اعلنها من العاصمة السعودية الرياض اعتراضا على التدخل الايرانى فى شئون بلاده، الأمر الذى زاد من انقسام الشارع اللبنانى اكثر مما هو عليه. ولعدم وجود مطامع سياسية فى كل التحركات المصرية، دائما ما تلقى الجهود المصرية ترحيبا على المستويين الدولى والاقليمى ويعول الكثير عليها من أجل تحريك المياه الراكدة وإطفاء نيران الفتنة التى تحاول قوى الشر الآن اشعالها ببيروت كما سبق وأن حاولت مرارا وتكرارا إشعالها فى الماضى وصدمت بالجهود المصرية التى ساهمت فى اخمادها منذ عقود. الأسبوع الماضى حل الوزير سامح شكرى وزير الخارجية المصرى ضيفا على بيروت، حيث التقى رئيس مجلس نوابها نبيل برى لبحث تداعيات الاستقالة "الغامضة" لرئيس الوزراء سعد الحريرى، تلك الزيارة التى لاقت ترحيبا كبيرا على المستويين الرسمى والشعبى املا فى أن تسهم الجهود المصرية فى انهاء الانقسام اللبنانى مثلما نجحت فى فلسطين منذ شهور قليلة. "شكرى" وفور وصوله الى بيروت قال للصحفيين : تشرفت بلقاء دولة الرئيس بري واستمعت إلى رؤيته للأوضاع الداخلية والأزمة الخاصة بالاستحقاق الرئاسي اللبناني، كما عبرت له عن تطلع مصر إلى أن تلعب دورًا إيجابيًّا في معاونة الأطراف كافةً للتوصُّل إلى تسوية لهذا الاستحقاق، والخروج من هذه الأزمة.. مصر لها تراث وتواصل تاريخي مع لبنان، ولها اهتمام بتعزيز الاستقرار والأمن للشعب اللبناني وضرورة العمل للتوصُّل إلى تسوية من خلال التواصل والتفاهم بين كل العناصر والأطياف السياسية"، موضحا أن مصر لا تدعم أي طرف في لبنان على حساب آخر، وليس لها تفضيل في أي اتجاه، كما أنَّها تحاول أن تحافظ على استقرار وسلامة الأراضي اللبنانية، ولن تتدخل في الشأن اللبناني الداخلي". ورغم تصريحاته المقتضبة نجح وزير خارجيتنا فى اكتساب احترام اللبنانيين والتأسيس لمبادرة مصرية ناجحة فى الأيام المقبلة تلقى قبولا من جميع الأطراف المتصارعة، حيث أكدت الصحافة اللبنانية أن مصر تسعى لدورا يعيد مكانتها الكبرى وسط العرب ببذل المزيد من الجهد للتوصل لحل سياسي يجنب المنطقة مزيدًا من المشاحنات، مؤكدة على أن عدم إنهاء هذه الأزمة سريعا يعصف بأمن واستقرار لبنان، ومن ثم منطقة الشرق الأوسط. وفي السياق ذاته، أوضح عدد من المراقبين المهتمين بشئون الشرق الأوسط، أن التحرك الذي تقوم به مصر يأتي في توقيت وصلت الأوضاع فيه بلبنان إلى طريق مسدود عقب استقالة "الحريرى"، وأن التحرك السريع من جانب القاهرة يمكن أن يكون بارقة أمل وتحرك يدفع نحو التهدئة ووقف التصعيد والتوصل لتفاهمات بين تيار المستقبل وحزب الله اللبناني، إضافة إلى نقل عدد من الرسائل إلى إيران بأن الدول العربية لن تترك لبنان فريسة لها كما هو واقع بعدد من البلدان. الخبراء أكدوا أن ما يميز الدور المصرى فى الأزمة الأخيرة عن باقى الجهود الساعية لإنهاء الصراع بلبان، أن القاهرة لا تطرح اسمًا محدَّدًا للرئاسة بل تطرح مجموعة صفات لهذا المرشح، تتلاءم مع الوضع الإقليمي الدقيق، فهى تريد رئيسًا جامعًا لكل اللبنانيين، يؤمن بمؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والقضائية، يساهم، من موقعه، في تفكيك أزمات البلاد التي ترتبط بالواقع المتردي للمنطقة. كما نوه الخبراء ان القاهرة تحركت أيضا بجانب دورها الاقليمى حفاظا على أمنها القومى فهى تراقب بقلق ما يحدث في على حدودها الشرقية التي يمثلها لبنانوسوريا، والأردن والمهددة بخطري الإرهاب من ناحية، والتقسيم من ناحية أخرى، والثانية الغربية المتمثلة في الجوار الليبي حيث تنشط الجماعات المسلحة التكفيرية". وينتظر الشارع اللبنانى نتائج جولة " شكرى" العربية ليكشف عن ما بجعبته لإنهاء الانقسام اللبنانى وفك الألغام اللبنانية التى ليست بجديدة على مصر، كما أن القاهرة كانت وستظل ايضا ليست بغريبة على الشعب اللبنانى العاشق لمصر والمقدر لجهودها الحثيثة لرأب الصدع دائما بأراضيه . جنوب السودان "وثيقة القاهرة" انهت الحرب بجنوب السودان وحافظت على العمق الاستراتيجى لمصر بالقارة السمراء فى وجه النفوذ الإسرائيلي منذ استقلالها عن الخرطوم، تقبع جنوب السودان فى وحل الحرب الاهلية والتطاحن المستمر بين قبائلها وسط صمت مريب من قبل الدول التى سعت بكل قوة منذ بضع سنوات لانفصالها..ورغم كل ذلك ظلت مصر التى كانت من أشد المعارضين لانفصال "جوبا" تعمل فى صمت من أجل رأب الصدع فى الدولة الوليدة. الأيام الماضية زعقب اجتماعا استضافته القاهرة خلال الفترة من يوم 13 نوفمبر وحتى 16 نوفمبر الجارى للحركة الشعبية لتحرير السودان بشقها الحكومى ومجموعة القادة السابقين، نجحت الجهود المصرية فى اقناع المتنازعين على التوقيع على وثيقة "إعلان القاهرة" بمقر المخابرات العامة المصرية لتوحيد الحركة الشعبية لتحرير السودان تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى والرئيس الأوغندى يورى موسيفنى. نجاح الجهود المصرية فى توقيع الاطراف المتنازعة على وثيقة "إعلان القاهرة" يعد خطوة هامة على طريق دعم السلام ووقف الحرب فى جمهورية جنوب السودان، الأمر الذى يعد مدخلا سياسيا لعودة اللاجئين والنازحين إلى مناطقهم الأصلية بما يسهم فى حفظ الأمن والاستقرار بجنوب السودان ويؤسس لدورا فعال لمصر بالقارة السمراء. جهود كانت محل تقديرا وعرفان من قبل رئيس وفد حكومة جنوب السودان الذى وقع على "اعلان القاهرة" والذى حرص على التوجه بالشكر للرئيس السيسي ولمصر حكومة وشعبا لإنهاء الحرب وتوحيد صفوف الحركة الشعبية، مؤكدا خلال مراسم التوقيع على اتفاقية القاهرة، إن الحرب الأهلية المستمرة منذ العام 2013 أدت إلى تشريد الملايين ومعاناة شديدة لشعب جنوب السودان، متعهدًا بتنحى كل الخلافات جانبا من أجل عودة السلام إلى ربوع البلاد. متابعون للشأن السودانى أكدوا إن "وثيقة القاهرة" بشأن وقف الحرب والنزاع في دولة جنوب السودان الصديقة، تؤكد على دور القاهرة الريادي في القارة الإفريقية، وأن مصر هي الوحيدة القادرة على حل أغلب النزاعات والخلافات بين دول القارة الإفريقية، وهو ما يعد أيضا _وفقا للمتابعون_ دورًا هامًا من القاهرة للحفاظ على العمق الإستراتيجي الإفريقي فى وجه النفوذ الإسرائيلي في جنوب السودان، حيث تدعم إسرائيل وإيران الحركات الانفصالية المتطرفة هناك. وتعليقا على إعلان «وثيقة القاهرة»، أكد اللواء حاتم باشات، عضو لجنة الشئون الأفريقية بمجلس النواب، إن مصر تسعى لحل الأزمات والنزاعات في القارة الأفريقية؛ نظراً إلى دورها الريادي بالمنطقة، مشيراً إلى أنه لا بد من توجيه التحية والتقدير لكل من ساهم فى حل هذا الملف. وقال عضو لجنة الشئون الأفريقية بمجلس النواب إن جنوب السودان مليء بالصراعات القبلية والعرقية، موضحا أن المخابرات المصرية تعمل علي هذا الملف منذ فترة طويلة لأنه من أخطر الملفات الموجودة في السودان. وأضاف أن مصر لها دور كبير جداً فى فهم الملف بعمق، موضحاً أن مصر لها مكانتها القوية فى المنطقة، ومن أكثر الدول إدراكاً لذلك الملف، مشدداً على أن جنوب السودان مهم جداً لمصر؛ لأنه فيه يوجد النيل الأبيض، وهو مصدر مهم للمياه التى تصل إلى مصر ومصدر مياه متواصل طوال العام، والبحيرات التى تعمل على موارد التنمية فى حالة الاستقرار وعلاقتها بمصر متميزة منذ السبعينيات. ليبيا الجهود المصرية فى حل الأزمة الليبية رجحت كفتها على قوى ومنظمات دولية ساهم الانفلات الامنى والسياسي بالشقيقة ليبيا فى أعقاب ثورة 17 فبراير فى أن يستحوذ الملف الليبي على نصيب كبير من الجهود المصرية الدبلوماسية منها والعسكرية، خاصة وان مصر كانت من أكثر الدول التى تضررت من تردى الاوضاع الأمنية بليبيا وضحى العديد من أبنائها بأرواحهم فى سبيل التصدى للجماعات الإرهابية المتمركزة بليبيا، لذلك حرصت القاهرة على السعى بكل قوة لإيجاد حلول جذرية للازمة الليبية، دون التدخل فى شئونها الداخلية من خلال العمل على تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة حفاظا على الروابط التاريخية والاجتماعية والسياسية بين البلدين. تلك الجهود المصرية التى دائما ما تصطدم بسعى بعض القوى الإقليمية والدولية لطرح مبادرات ظاهرها الخارجى الخير لأبناء الشعب الليبي وباطنها العمل على عرقلة تحقيق أى انجاز ييهدف لاستقرار المجتمع الليبيي وتسوية عادلة للأزمة الليبية. مارثوان من المفاوضات قامت بها العديد من الجهات السيادية المصرية على مدار السنوات الماضية لانهاء الصراع الليبي دعت اليها الكثير من الشخصيات الليبية على مختلف توجهاتها، كذلك عقدت الكثير من الاجتماعات مع الفصائل الليبية المختلفة لتقريب وجهات النظر بين الاطراف المتصارعة، خاصة بين القيادات السياسية والعسكرية ومنها رئيس مجلس النواب ورئيس المجلس الرئاسى والقائد العام للقوات المسلحة الليبية، بالإضافة إلى توفير الدعم الإقليمى عبر التواصل مع دول الجوار مع ليبيا ولقاء ممثلى المنظمات العربية والدولية لبحث الآليات العملية لتسوية الأزمة الليبية. وكمثل باقى الادوار المصرية التى تسعى لحل الخلافات الداخلية للدول، ارتكزت الجهود المصرية لحل الأزمة الليبية على بعض الثوابت أهمها الحفاظ على هوية الدولة الليبية بعيداً عن أى انتماءات دينية أو قبلية ووحدة وسلامة الدولة الليبية ضد أى محاولات للتقسيم مع رفض وإدانة كافة أشكال التدخل الخارجى فى الشأن الليبى، مع العمل على الحفاظ على مؤسسات الدولة الليبية ووحدتها واحترام سيادة القانون وضمان الفصل بين السلطات وتحقيق العدالة، كذلك ارتكزت الثوابت المصرية على إعلاء وتعزيز المصالحة الوطنية الشاملة وترسيخ مبدأ التوافق وقبول الآخر ورفض كافة أشكال الإقصاء والتهميش، والحفاظ على وحدة الجيش الليبى وممارسته لدوره فى تأمين حدود الدولة الليبية ومكافحة كافة أشكال التطرف والإرهاب. جهود القاهرة اسفرت فى فبراير الماضى على عدد من الثوابت الوطنية غير القابلة للتبديل أو التصرف، على رأسها الحفاظ على وحدة الدولة الليبية وسلامتها الإقليمية، وما يقتضيه ذلك من تأسيس هيكل مستقر للدولة ودعم مؤسساتها ولحمة شعبها، والحفاظ على الجيش الليبى وممارسته لدوره، ورفض وإدانة كل أشكال التدخل الأجنبى فى الشأن الليبى، والتأكيد على حرمة الدم الليبى، والالتزام بإقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة مبنية على مبادئ التداول السلمى للسلطة والتوافق وقبول الآخر، ورفض كافة أشكال التهميش والإقصاء لأى طرف من الأطراف الليبية، وتعزيز المصالحة الوطنية، ومكافحة كل أشكال التطرف والإرهاب، مع التزام بالعمل على حقن الدماء الليبية ووقف التدهور فى الأوضاع الأمنية والإنسانية والخدمية، واستعادة الاستقرار ورفع المعاناة عن أبناء الشعب الليبى، من خلال معالجة عدد محدود من القضايا المعلقة فى الاتفاق السياسى الليبى للخروج من الأزمة الحالية، على النحو الذى تم التوافق عليه فى سلسلة اللقاءات التى أجريت فى القاهرة، ومن بينها مراجعة تشكيل وصلاحيات المجلس الرئاسى، ومنصب القائد الأعلى للجيش الليبى واختصاصاته، وتوسيع عضوية المجلس الأعلى للدولة، ولمعالجة هذه القضايا، أنتهت بالتوصل وقتها لبيان القاهرة الشهير الذى أسس لمستقبل جديد لليبيا. سوريا الحرص على "حرمة الدم السوري" ميز جهود مصر عن باقي القوى الدولية المتنازعة على كعكة الشام مع بداية حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي لمصر، سعت الدبلوماسية المصرية لمراقبة الأوضاع فى سوريا بشكل أكبر مما كانت عليه فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسي الذى قطع الطريق على أى جهود دبلوماسية لحل الصراع المحتدم بدمشق على خلفية تصريحاته العنترية التى هاجم فيها النظام السورى علنا رافضا أن يكون له دورا فى مستقبل سوريا دون أن يسعى جديا لاى خطوة تحقق تصريحاته. ورغم تشابك الملف السورى وتعقيده واحتدام الصراع بمدن سوريا وقت تولى السيسي الحكم فى مصر، نشط دور القاهرة الدبلوماسي خاصة بعد تنامي الدور التركى، وسيطرتها بشكل كبير مع إيران على الكثير من الملفات المتعلقة بالأزمة السورية، مما أسفر فى النهاية الى نجاح الجهود المصرية وطرح العديد من اتفاقات التهدئة بسوريا خلال فترة وجيزة، وسط رضا وقبول من الأطراف المتصارعة والأطراف الدولية المهتمة بالأزمة السورية. وظل الدور المصرى وسيطا نزيها نظرا للعديد من المقومات التى يتقبلها جميع الخصوم المتصارعين فى سوريا، فباعتراف تيار "الغد السوري" المعارض لنظام بشار الاسد، فأن مصر طرف مقبول من جانب طرفي الصراع في سوريا خاصة وأنها ليس لها أي أطماع أو مصالح خاصة وتهدف إلى الحل السياسي السلمي، حيث قال أحمد الجربا، رئيس تيار الغد السوري إن اختيار مصر كدولة راعية لاتفاقيتي وقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي، كان نتيجة طبيعية وضرورية لدورها الفاعل باعتبارها الأكثر حرصا على حرمة الدم السوري." وأضاف أن "مصر لم تشارك بأي وسيلة من الوسائل في سفك الدماء، وتعتبر سوريا جزءا لا يتجزأ من تاريخها وسلامة أمنها القومي كما أنها أكثر الدول التزاماً بحل الأزمة السورية بالطرق السلمية ولم تشارك نهائياً في سفك الدماء بسوريا". الأمر ذاته عبر عنه النظام السوري بزعامة بشار الأسد، والذى عبر ارتياحه لدور مصر الحالي ووذلك على خلفية التصريحات المصرية الداعمة والمساندة لوحدة الدولة السورية وجيشها الوطنى الذى يحارب الجماعات المسلحة. خبراء فى الشأن السورى أكدوا إن الحكومة المصرية بعد ثورة يناير 2011 مروراً بفترة المجلس العسكري والآن في ظل حكم الرئيس السيسي كان موقفها مسانداً للنظام السوري وترفض انقسام سوريا، وتؤيد بقاء الجيش السوري موحداً بصرف النظر عن بعض الخلافات مع نظام بشار الأسد، بعكس الرئيس المعزول الذى لم يخفى انحيازه للتيارات الاسلامية _الاخوان المسلمين فى سوريا_ ضد نظام الحكم السوري. ويؤكد الخبراء أن مصر تربطها علاقات جيدة إلى حد ما مع معظم الأطراف الدولية المنخرطة في الصراع بسوريا باستثناء الأطراف التي تدعمها كل من تركياوإيران "وهو ما جعل مصر وسيطاً نزيها هذا بالإضافة الى أن الحكومة المصرية لم تتورط في مساندة أي من الحركات التي تناهض حكم الأسد، خصوصاً الحركات الإسلامية المسلحة. فلسطين انتشلت الفصائل الفلسطينية من مستنقع الخلافات الداخلية وأسست لمستقبل جديد للسلام بالقدس منذ ما يزيد عن الستين عام ومصر تبذل الغالى والنفيس من أجل القضية الفلسطينية ونصرتها، تلك المساعى التى دائما ما تلقى الشكر والعرفان من الجانب الفلسطينى الذى عبر مسئولوه عن أن القضية الفلسطينية أصبحت القضية المركزية لمصر. مؤخرا وبعد أن غلقت كل الأبواب أمام حلا للأزمة الفلسطينية الداخلية وفشل جميع الجهود العربية والإقليمية والعالمية لحل الخلاف بين حركتى فتح وحماس، عملت القاهرة فى صمت من اجل اعادة ترتيب البيت الفلسطينى والخروج من المستنقع الخلافى بين الطرفين والذى ظل لسنوات عائقا أمام أى جهود تبذل من أجل سلاما دائم على الأراضى الفلسطينية. كان للقاهرة ما سعت لإتمامه بتوقيع اتفاق المصالحة بين حركتي حماس وفتح بحضور وزير المخابرات العامة المصرية خالد فوزي الأيام الماضية، وهو أمرا وإن كان متوقعا إلا انه يكشف مدى الاهتمام المصرى بالقضية الفسطينة ففى ظل ما تعانيه مصر من أزمات على الصعيد الداخلى وخلافا واضحا بين النظام الحاكم فى مصر وحركة حماس، غلبت القاهرة المصلحة العامة على الخلافات السياسية واحتضن الحوار الفلسطيني، على مدار شهور عديدة كللت بالنجاح فى النهاية وإنهاء الانقسام الداخلى الفلسطينى إلى الأبد. الجهود المصرية الحثيثة لإنجاح المصالحة الفلسطينية، حولت وفقا لأراء الخبر الدور المصرى من وسيط الى شريك بعد المجهود المضنى الذى بذلته القاهرة لسنوات أسهمت فى النهاية لوضع حدا للخلافات الداخلية بفلسطين وكانت بمثابة بِداية حقيقية لتوافق فلسطيني يضم حماس وفتح، وبطبيعة الحال يَضم كل الفصائل الفلسطينية بصورة لاحقة. جهود القاهرة لاقت ترحيبا وشكرا من الجانب الفلسطينى على المستويين الرسمي والشعبى، فعقب توقيع المصالحة شهدت ساحة الجندي المجهول توافد المئات من الشبان والمواطنين ابتهاجا بالإعلان عن اتفاق المصالحة، كما سادت أجواء الاحتفالات والفرحة أرجاء قطاع غزة، ابتهاجًا بإتمام المصالحة الفلسطينة، واحتفل الفلسطينيون، في الشوارع، رافعين أعلام فلسطين، ومصر، جنبًا إلى جنب، تقديرًا للدور المصري الحاسم في إتمام المصالحة. على الصعيد الرسمى، تقدمت حركة حماس على لسان متحدثها الرسمى، فوزي برهوم، بالشكر للجهود المصرية الرامية لحل القضية الفلسطينية، مشددًا على أنه لولا الدور المصري ما حدث الوفاق في فلسطين. من جانبه رحب رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمد الله، وأعضاء حكومة الوفاق الوطني باتفاق القاهرة، بين حركتي فتح وحماس، مقدما شكره البالغ للرئيس عبد الفتاح السيسي والدور المصري المحوري في إنهاء هذا الانقسام. وقال الدكتور جهاد الحرازين، المتحدث باسم حركة فتح، إن قطر ستتدخل لإنهاء المصالحة، لكن هذا التدخل سيكون محدود لأن مصر أخذت هذه القضية على عاقتها، مشدد على أن حماس لم يعد أمامها خلال هذه الفترة إلا مصر لكي تتنفس من خلالها، ولإنتشالها من تصنيف الحركات الإرهابية، وهذا ما أدى إلى تجاوبها مع المصالحة.