رصد تقرير صادر عن شبكة الأمن والعلاقات الدولية في مدينة زيورخ السويسرية اليوم أسباب حياد الهند من الأزمة السورية على الرغم من أنها إحدى القوى في الساحة الاقتصادية الدولية كما كانت أهم الدول المؤسسة لمجموعة عدم الانحياز. وحدد التقرير أربعة عناصر أساسية وراء الموقف الهندي غير القادر على اتخاذ موقف واضح من الأزمة السورية هي علاقتها مع الولاياتالمتحدة والقوى الغربية وعلاقتها العسكرية مع روسيا إلى جانب رغبتها في الحفاظ على روابط جيدة مع إيران فضلا عن الخوف على مصالحها الاقتصادية في سوريا. وأكد التقرير أن الهند ترددت في إدانة قمع النظام السوري للمتظاهرين في المراحل الأولى للازمة ثم بدأ موقفها يتغير تدريجا نحو "إبداء عدم الرضا" عما يحدث ولكن دون أن يصل موقفها إلى اتخاذ قرار بشجب وإدانة دمشق أو انتقاد الرئيس السوري بشار الأسد. ويعتقد التقرير "أن الهند تتطلع إلى طموحات مختلفة وتسعى إلى إرضاء كافة الأطراف الدولية والإقليمية المعنية بالأزمة السورية لضمان عدم عرقلة أهدافها السياسية والاقتصادية على حد سواء". وتلقت الهند انتقادات واسعة بسبب موقفها غير الواضح من الأزمة السورية. ويرى التقرير أن نيودلهي تخشى "أن ينقلب عليها الأمر من خلال فتح ملف إقليم كشمير المتنازع عليه مع الجارة باكستان وتعكير صفو علاقاتها مع موسكو احد أهم موردي المعدات الدفاعية للقوات المسلحة الهندية". وتسعى الهند إلى إرضاء معسكري بكينوموسكو من جهة وواشنطن ولندن من جهة أخرى كي لا تخسر دعمها عندما تطالب بتأييد تلك الدول للحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن إذا ما أتيحت الفرصة لذلك. وكشف التقرير حرص الهند على الحفاظ على مكاسبها الاقتصادية داخل سوريا إذ وقعت في عام 2004 اتفاقية مع دمشق للحصول على حقوق التنقيب عن النفط واحتياطيات الغاز الطبيعي في شمال سوريا. وفازت الهند في عام 2005 بعرض مشترك لشراء نسبة 37 في المئة من حصة شركة (بترو كندا) في نفط الفرات السوري وحقول النفط والغاز بقيمة 573 مليون دولار. في الوقت ذاته سعت الهند لتأمين قرض قيمته مئة مليون دولار سيكون الشريحة الأولى من إجمالي 240 مليون دولار لتمويل جزء من عمليات التوسع في محطة تشرين السورية للطاقة مع وعود بمضاعفة مستويات التجارة بين الهندوسوريا في غضون ثلاث سنوات. ويرصد التقرير أول تحول فعلي في سياسات الهند تجاه الأزمة السورية بدعمها قرار الأممالمتحدة في مطلع هذا العام الداعي إلى تنفيذ خطة عمل جامعة الدول العربية. إلا أن نيودلهي ربطت دعمها للقرار بعدم الإشارة إلى مسألة تغيير النظام الحاكم في سوريا أو التهديد بالتدخل العسكري. ويرى التقرير أن سياسة الهند ربما تنبع من مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى بشكل عام وليس فقط في الحالة السورية. ويشير إلى أن الحياد الهندي تجاه أحداث الربيع العربي بشكل عام فتح الباب أمام توجيه انتقادات لها على الساحتين المحلية والدولية لعدم قدرة نيودلهي على اتخاذ موقف حازم ما أدى إلى عدم فوز نيودلهي بصداقات جديدة في أوساط الأنظمة التي ظهرت في كل من مصر وليبيا وتونس. ويعتقد التقرير أن تلك الانتقادات ربما كانت حافزا لتغيير سياساتها الصامتة تجاه سوريا لتصوت وللمرة الأولى في 19 يوليو الماضي لصالح قرار أممي سعى إلى فرض عقوبات جديدة على نظام بشار الأسد إذا استمر في نشر قواته وأسلحته الثقيلة في مختلف أنحاء سوريا. في المقابل يرى التقرير "أن صمت الهند حيال الأوضاع في سوريا يأتي أيضا مراعاة لعلاقتها مع إيران الحليف الوحيد في المنطقة للنظام السوري". وذكر أن الهند لا تزال تعتمد على صادرات النفط الإيرانية لمواجهة تزايد الطلب المحلي عليه بسبب نمو الاقتصاد الهندي المتصاعد حتى وان قررت تخفيض وارداتها من هذا النفط بنسبة 11 في المئة. في الوقت ذاته لا تريد نيودلهي إغضاب طهران حرصا على إمكانية التعاون معها في المستقبل في احتواء توسع حركة طالبان في المنطقة لاسيما بعد انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان التي تمثل بوابة هامة للهند تواجه بها رفض باكستان مرور البضائع الهندية المتجهة إلى إيران. ويتوقع التقرير أن تؤدي التغيرات الواقعة على الساحة العسكرية وبسط الجيش السوري الحر لسيطرته على العديد من المناطق إلى دفع الهند إلى تعزيز قنوات الاتصال مع المجلس الوطني السوري والجيش السوري الحر لضمان عدم تصنيفها ضمن الدول التي لم تدعم الثورة السورية معنويا وأدبيا.