قال محمد أحمد الخلايلة، مفتي الأردن، إن التطرف الديني بما يحتويه من فتاوى شاذة ومتطرفة ليست حكرًا على دين من الأديان أو مذهب من المذاهب دون الآخر، سواء كانت سماوية أم وضعية، حيث نجد في كل مجتمع من تستحكم لديه الدوافع نحو التطرف، وتسيطر على أساليبه، وقد وجد التطرف الديني في الأديان السماوية السابقة. وأضاف أن المفتي يجب أن تكون في فتواه صلاح الناس ومصلحتهم، من غير تشديد يهلكهم ولا تساهل يفسدهم، وأن يكون حسن القصد فيما يختار من آراء العلماء بقصد الفتوى، فلا يختار رأيًا يوافق فيه هوى الناس ورغباتهم، وعليه ألا يفتي بالفتاوى الشاذة. وأوضح أن التعصب والغلو سلوك قديم في التاريخ الإسلامي ظهر منذ بداية الدعوة الإسلامية زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم واستمرت بعض مظاهره إلى يومنا الحاضر، ومن أهمها رفض كل الأفكار والمعتقدات المخالفة وحرية الرأي والدين، بالإضافة إلى عدم الإيمان بالحوار مع الآخر. وأشار إلى أن الغلو الحقيقي، تمثل عند ظهور من خرجوا على عثمان بن عفان رضي الله عنه، لأنهم سعوا بالفتنة والخروج على أمير المؤمنين، ثم أفتوا لأنفسهم بجواز التعدي واستباحة دمه بالقتل، ومن هنا ظهرت الفتن، وثارت الشبهات، وأقبلت الفتن يحمل رايتها الغلو والتطرف والإرهاب للآمنين المطمئنين من المسلمين خصوصًا. وتابع: من أهم الأصول التي بنى عليها أصحاب الفكر المتشدد مذهبهم في تكفير الآخرين هو فهمهم الخاطئ لما ورد عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فمن أشد الفتاوى تطرفًا هي تلك التي تكون نتيجتها تكفير الآخر وإخراجه من الملة، وكل ذلك في سبيل إظهار أنفسهم أنهم هم اتباع الحق والسنة، وأنهم على منهج النبي وأن باقي الفرق الإسلامية كافرة مشركة مصيرها إلى نار جهنم، فبحث أصحاب الفكر المتطرف عن دلائل الشرك ونواقض الإسلام، وإهمال الأدلة التي تثبت حرمة الدماء وعصمتها لمن نطق بالشهادتين. وأوضح أن المذاهب الفقهية تُعد حصنًا منيعًا ضد من يحاول العبث بالنصوص الشرعية ويخدم هواه في رمي الناس بالكفر والضلال، وذلك لأنها مبنية على أصول ثابتة وضعها علماء الأمة من مجموع النصوص الشرعية الوارد في مختلف المسائل. وأكد أن أصحاب الفكر المتطرف حرفوا مفهوم الهجرة، فجعلوا جميع الديار التي لا تحكم بحكمهم ولا تأتمر بأمرهم ديار حرب حتى وإن كان جميع سكانها مسلمين موحدين لله تعالى، وهم بذلك يستبيحون دماء المسلمين ويقتلونهم ويروعون آمنيهم، وخالفوا بذلك ما نصت عليه المذاهب الإسلامية في تعريف دار الحرب ودار الإسلام. ولفت إلى أن التطرف أدى إلى انتشار التعصب في الرأي والغلظة في التعامل بين أبناء المجتمع، حيث لا يعترف الشخص المتطرف بالآخرين ولا يسمح له تعصبه برؤية واضحة لمصالح الخلق ولا لظروف العصر، ومحاولة الحجر على آراء الآخرين والمخالفين.