لم يكن مفاجئا ولا غريبا ان يتم تصعيد الأمير محمد بن سلمان لولاية العهد في السعودية فالرجل كان اعداده لهذا المنصب وربما أعلى من ذلك. السطور التالية تكشف قصة صعوده كما رواها بنفسه .وكانت صحيفة (إندبندنت) البريطانية قد نشرت تقريرا عولي العهد السعودي ووزير الدفاع "محمد بن سلمان"، ووصفته بأنه أخطر رجل في العالم ولديه طموحات كبيرة ويضع أعداءه في الداخل والخارج نصب عينيه، ويسعى لأن يكون القائد الأقوى في الشرق الأوسط. . وألمحت الصحيفة إلى أن "بن سلمان" الذي بدأ العمل في سوق الأسهم والعقارات وهو في سن المراهقة، رفض إكمال تعليمه خارج المملكة وتابع دراسته القانونية في جامعة الملك سعود بالسعودية، حتى أن زملاءه وصفوه بالشاب الجاد الذي لا يدخن ولا يشرب وليس له في جو الحفلات. وأشارت الصحيفة إلى أن قوة محمد بن سلمان تنبع من اعتماد والده الملك سلمان عليه، وكلما كان ملازماً له في كل خطوة كلما ارتفع في التسلسل الهرمي للحكم في عائلة "آل سعود"، حيث أنه معروف جيدا داخل النخبة الدينية ورجال الأعمال في السعودية أنه " إذا كنت تريد أن ترى الأب كان عليك أن تقصد الابن أولاً". وتابعت الصحيفة قائلة: يزعم المنتقدون أنه جمع ثروة هائلة، وأن القوة وليست المال هي من تدفع الأمير. وأنه نظرا لمرض والده الملك سلمان، فإنه يعد الآن القوة الحقيقية في المملكة، منذ أن ازداد نفوذه بعد أشهر قليلة من تولي والده الملك سلمان بن عبدالعزيز حكم المملكة. وقالت الصحيفة إن قرار الأمير الشاب والطموح وابن الملك شنَّ الحرب على اليمن في مارس الماضي كان مغامرة شيقة وأكثر جاذبية، حاول من خلالها إثبات أنه منافس قوي لوزير الداخلية وولي العهد السعودي الأمير "محمد بن نايف". وأراد الأمير محمد بن سلمان من تلك الحرب أن يحقق نصراً سريعاً حاسماً لتأكيد مكانته كقائد عسكري، وأن تضعه في نفس المكانة مع جده بن سعود، الملك المحارب". وقالت الصحيفة إنه على الرغم من تنديد أعدائه داخل الأسرة الحاكمة بغطرسته، ووصل عداؤهم إلى درجة دعوتهم للإطاحه به جنبا إلى جنب مع والده وولي العهد الأمير محمد بن نايف.إلا أن هذه الدعوات لم تصل إلى شيء في النهاية، بل إن الأمير الشاب ظل على قمة الدعم الشعبي في المملكة السعودية. وختمت الصحيفة تقريرها قائلة: أن محمد بن سلمان الذي يريد أن يظهر بصورة جده عبدالعزيز كمحارب سني، يوازن بين الخيارات المطروحة، ومن الممكن أن يفكر في توجيه ضربة عسكرية إلى إيران وهي الفكرة التي وصفتها الصحيفة بالمخيفة وتحدث في منطقة تمزقها الصراعات الطائفية. و طبقاً لتقارير صحف عالمية أجرات حوارات مع الامير الشاب فإنه تخرج من جامعة الملك سعود ليحصل على درجة البكالوريوس في القانون و كان يحلم أن يكون رجل أعمال بعيد عن شئون المملكة وحاول المقاومة في بداية الأمر وأخبر رئيس هيئة الخبراء والتي تعمل كمستشار قانوني لمجلس الوزراء بأنه يستعد لعقد قرانه وإكمال دراسته في الخارج للحصول على درجة الماجستير والشروع في بناء ثروته. ولكن والده حثه على إعطاء الحكومة فرصة، وأمضى الأمير عامين معهم، مركزاً على تغيير بعض القوانين والأنظمة المؤسسية التي قال عنها بأنه "لطاما عانيت منها". قال رئيسه، عصام بن سعيد، بأن الأمير قد أظهر بأن فكره لا يهدأ وأنه ضاق ذرعاً بالبيروقراطية. وذكر ابن سعيد، الذي يعمل الأن كوزير للدولة، "بأن الإجراءات التي كانت تأخذ شهرين لإتمامها، كان يطلبها في يومين."، وأضاف ابن سعيد "واليوم أصبحت تأخذ هذه الإجراءات يوم واحداً." في عام 2009م رفض الملك عبد الله الموافقة على ترقية الأمير محمد، وذلك تجنباً أن يظهر الأمر كنوع من المحسوبية. غادر الأمير محمد وهو يحس بمرارة الأمر وذهب للعمل لوالده في أمارة الرياض. وقد دخل بذلك متاهة تشبه وكر الأفعى. وكما قال الأمير محمد، فإنه حاول تبسيط الإجراءات لحماية والده من الإرهاق جراء كثرة المعاملات الورقية، لكن الحرس القديم تمرد عليه. فقد وجهوا اتهاما للأمير بأنه يستحوذ على السلطة بقطعه لسبل تواصلهم مع والده ونقلوا شكواهم إلى الملك عبد الله. وفي العام 2011م، قام الملك عبد الله بتعيين الأمير سلمان وزيرا للدفاع ولكنه أمر الأمير محمد بأن لا تطأ قدمه وزارة الدفاع. انتاب الأمير القلق وشعر أن مسيرته المهنية قد انتهت وبحد تعبير الأمير: "أنا في العشرينيات من عمري، لا أعرف كيف وقعت في أكثر من فخ". ولكن بالنظر إلى ما آلت إليه الأمور، فهو ممتن جداً. "إنها من قبيل المصادفة أنني بدأت العمل مع والدي – كل هذا بسبب قرار الملك عبد الله على عدم الموافقة على ترقيتي رحمه الله، لقد أسدى لي معروفاً." استقال الأمير محمد من منصبه الحكومي وذهب للعمل على إعادة تنظيم مؤسسة والده والتي تبني المساكن، وبدء عمله غير الربحي الذي يهدف الى رعاية الابتكار والقيادة لدى الشباب السعودي. أصبح والده ولياً للعهد في العام 2012م. وبعدها بستة أشهر رشحه والده رئيساً لديوان ولي العهد. وتدريجياً، نجح الأمير محمد في إعادة بناء الثقة مع الملك عبد الله حيث وكلت إليه مهاماً في الديوان الملكي والتي تتطلب رجلاً قوياً. بينما كان الأمير محمد يضع الخطط استعدادا لتسلم والده السلطة أتى الملك إليه وكلفه بمهمة كبيرة: وهي إصلاح وزارة الدفاع. وكما وصفها الأمير بأنها مشاكل استعصى إيجاد حلول لها على مدى سنين. " قلت له، أرجوك أنا لا أُريد هذا" فصرخ علي وقال "لستَ أنت من يُلام، ولكن علي أنا – لحديثي معك". كان آخر ما أراده محمد حينها هو أن يكون لديه أعداء أقوياء أكثر. أصدر الملك مرسوماً ملكياً يُعين بموجبه الأمير محمد مشرفاً على مكتب وزير الدفاع وبعدها قرر تعيينه عضوا في مجلس الوزراء. يقسم الأمير وقته بين قصور والده ووزارة الدفاع، إذ يعمل منذ الصباح حتى بعد منتصف الليل في معظم الأيام. وتدعي حاشيته بأن علاقته مع ولي العهد الأمير محمد بن نايف جيدة؛ إذ يملكون مخيمات ملكية مجاورة. يقوم الأمير محمد بعقد اجتماعات متكررة مع الملك ويقضي جلسات طويلة مع المستشارين والمساعدين وهم منكبين على البيانات الاقتصادية والنفطية. ويستضيف الشخصيات الأجنبية والدبلوماسيين أيضاً وهو الرجل الرئيسي خلف حرب المملكة في اليمن المثيرة للجدل ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران. فبالرغم من حديث الأمير عن الادخار، إلا أن الحرب قد كلفت الكثير. إذ قال الأمير عن هذا الصراع، "نؤمن بأننا قريبين جداً من الحل السياسي. ولكن إذا انتكست الأمور، فنحن مستعدون." يقوم أطفال الأمير بإيقاظه من النوم في أغلب الأيام، صبيان وفتاتان، تتراوح أعمارهم بين السنة والسنوات. وهذه أخر مرة يراهم فيها. إذ قال الأمير، "تغضب زوجتي علي بعض الأحيان لأنني وضعت الكثير من الضغوط عليها بسبب البرامج التي أود أن يحصلوا عليها. أنا أعتمد بشكل أساسي على والدتهم في تربيتهم." وذكر الأمير بأنه متزوج من امرأة واحدة فقط ولا يخطط للزواج مرة أخرى. وفسر ذلك بأن جيله ليس مهتما بتعداد الزوجات، فالحياة مليئة بالمشاغل، فبالمقارنة مع الأجيال السابقة عندما كان المزارعون يعملون لبضع ساعات في اليوم والمحاربون يستطيعون "جني الغنائم مرة واحدة في الأسبوع، ولديهم الكثير من أوقات الفراغ." فالعمل، والنوم، والأكل والشرب لا يتيح الكثير من الوقت لتكوين أسرة أخرى كما ذكر. "إن العيش مع عائلة واحدة "شاقٌّ بما فيه الكفاية". وعرف الأميرمحمد بن سلمان، حسب المقربين منه، بأنه منذ طفولته، مختلف في اهتماماته وسلوكه عن كثير من أقرانه، فهو لم يدخن ولم يشرب الخمر في حياته. وعرف أيضا بقربه من والده وبأن له مكانة خاصة عند والدته، التي تعلق عليه كل الآمال وتسعى بكل ما لها من نفوذ للدفع به إلى أعلى مراكز السلطة. ويشير المراقبون لشؤون العائلة المالكة في السعودية إلى أن الرجل الذي يقف بين الملك سلمان وابنه الشاب في الحكم هو ولي العهد الأمير، محمد بن نايف، ليس له أولاد ذكور، وهذا ما يفتح طريق العرش واسعا للأمير محمد بن سلمان. ويذكر دبلوماسيون أن الأمير الشاب يتحدث عن رؤيته لمستقبل السعودية، منذ أعوام، كما لو أن حكمها سيؤول إليه فعلا، وهذا يفسر ما أشيع عن غضب بين أفراد العائلة الح.