هل انتهت الحرب الباردة بالفعل ؟الاجابة قطعا بالنفى فبعد مرور نحو 27 عامًا على انتهاء الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولاياتالمتحدةالأمريكية، تعود مجددًا، ولكن بطريقة أحدث وأذكى وأقل خسائر باستخدام ساحات حرب جديدة، أقل برودة من السابق وأكثر ضراوة، انتقلت هذه الحرب إلى حرب افتراضية باستخدام التكنولوجيا بعد أن تحوّل هذا العالم إلى عالمٍ رقمي ليصبح التجسس الإلكترونى مهددًا للجميع. وتطايرت الاتهامات خلال الفترة الماضية بين أمريكاوروسيا بعد اتهام واشنطنلموسكو بأنها وراء هجمات إلكترونية استهدفت التأثير على الانتخابات الأمريكية والتجسس على جهات حزبية، ومن قبلها اتهمت بريطانياإيرانوروسيا وكوريا الشمالية باستهداف مواقع بريطانية مهمة بشكل يومي من خلال أعمال القرصنة الإلكترونية. في المقابل، شهدت علاقات واشنطن مع أوروبا بشكل عام توترا بعد تسريب معلومات عبر موقع "ويكيليكس" تكشف قيام أمريكا بالتجسس على تلك الدول، أبرزها التجسس على المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عبر هاتفها النقال، وكذلك التجسس على رؤساء فرنسيين ثلاثة وهم جاك شيراك ونيكولا ساركوزي وهولاند. وتمثل عمليات التجسس الإلكتروني التى تقوم بها بعض الدول نقطة خلاف مع الدول الحليفة، حيث وصل الأمر إلى أنه أصبحت هناك حرب خفية بين دول الاتحاد الأوروبى أنفسها، وهو ما دفع الكثير من المراقبين إلى المطالبة بإيجاد خطة لحماية البيانات الخاصة بالدول المعرضة لأعمال القرصنة الإلكترونية. أمريكاوبريطانيا وفرنسا متخوفون وفي الوقت الذي أعلنت فيه إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما أن روسيا شنت هجمات إلكترونية على مؤسسات أمريكية، ما أثر على الانتخابات الرئاسية، خرج وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون محذرا من أن روسيا قد تشن حملة من الهجمات الإلكترونية التي تستهدف الديمقراطية والبنى التحتية المهمة في أوروبا وإضعاف حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وهو ما أنكرته روسيا من جانبها. فيما أعرب القصر الرئاسي الفرنسي، عن قلقه من هجمات إلكترونية خارجية محتملة، لاستهداف الانتخابات الرئاسية في البلاد. وقالت صحيفة فرنسية إن الاستخبارات تعتقد أن نظيرتها الروسية لعبت دورا مهما في فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية، فيما سيدعو الرئيس الحالي فرانسوا أولاند، مجلس الدفاع إلى اجتماع قي القصر الرئاسي "الإليزيه"، خلال الأسابيع المقبلة لمناقشة مسألة الهجمات الإلكترونية المحتملة، التي أشارت إليها تقارير جهاز الاستخبارات الخارجية. وفي 8 يناير الماضي، حذر وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دوريان، من وقوع هجمات إلكترونية خارجية، تستهدف الانتخابات في بلاده مماثلة للهجمات التي تعرضت لها الولاياتالمتحدة أثناء الانتخابات الرئاسية الأخيرة، لافتًا إلى أن الأنظمة الأمنية الفرنسية أحبطت 24 ألف هجوم معلوماتى خارجى، استهدفت أجهزة الدفاع خلال سنة 2016. في المقابل، قال وزير الدفاع البريطاني إنه يجب على "الناتو" أن تدافع عن نفسها بفاعلية في مجال الإنترنت، كما هو الحال في الجو والأرض وفي البحر، وأوضح أن الهجمات التي يشتبه بضلوع روسيا فيها تشمل الهجوم الإلكتروني الذي تسبب في انقطاع البث في شبكة القناة الخامسة بالتليفزيون الفرنسي عام 2015، وأيضا استهداف البرلمان الألماني "البوندستاغ"، وآخر استهدف بلغاريا في أكتوبر الماضي، ووصفه الرئيس البلغاري روسين بليفنلييف بأنه "الأشد ضراوة" والأكثر "كثافة" في منطقة جنوب شرق أوروبا. ولاتزال أصداء قضية الاتهامات الموجهة لروسيا بخصوص القرصنة على الانتخابات الرئاسية الأمريكية قائمة، ما جعل مراكز أبحاث أمريكية تحدد أولويات إدارة الرئيس دونالد ترامب في الأشهر الثلاثة المقبلة، بحيث تكون على رأس تلك الأولويات تعزيز الأمن الإلكتروني بعد أن أصبح تصاعد معدلات القرصنة الإلكترونية يعكس ضعف إجراءات الحماية المتبعة في معظم الشبكات، وأن السبل باتت ميسرة لتنفيذ الاختراقات. وحددت المراكز الأمريكية كلا من روسيا، والصين، وكوريا الشمالية كأعداء إلكترونيين محتملين في الفترة المقبلة، ما يحتم على الإدارة الأمريكية القادمة بذل جهود لتطوير وتطبيق خطة عمل مضادة، من شأنها حماية الشبكات الأمريكية من المخاطر الكامنة في الوصول للبيانات وعمليات اقتحام الأجهزة، خاصة أن فعالية هجمات القرصنة تطورت على مدى العقدين الماضيين. روسياوالصينوإيران.. قادة "الحروب الإلكترونية" "الهجمات الإلكترونية" يقوم بها أفراد كمجموعات الهاكرز أو تقوم بها دول، وحينها تسمى "الحرب الإلكترونية"، وتستهدف هجمات الهاكرز الفردية الدول الصغيرة والفقيرة فى أساليب الحماية المعلوماتية، كما أن المعلومات المتوفرة عن هذه الهجمات عادة ما تكون ضئيلة وغير واضحة، وتعتبر الهندوالصين من أكثر مصادر الهجمات الإلكترونية للأفراد. أما بالنسبة للهجمات التى تقوم بها الدول والتي تقع تحت مسمى الحرب الإلكترونية، فإنها تكون بين دولتين، إحداهما معتدية على الأخرى أو أنهما تتبادلان الاعتداء، وأشهر الدول المعتدية هي روسياوالصينوإيران وكوريا الشمالية. ومن أولى الحروب الإلكترونية التي وقعت، تلك التي خاضتها روسيا في عام 2007 على أستونيا، ووقف حينها القانون الدولى حائرًا؛ هل يعتبر هذه الهجمات من ضمن الهجمات المسلحة فيوقع عقوبات على روسيا أم لا؟ وفى النهاية لم يعترف بها لصعوبة تحديد المصدر القائم بشن الهجمات، وما إن كان حكوميا أو شخصيا. في السياق نفسه، هناك حرب إلكترونية دائرة بين الصينوأمريكا، وتعتبر واحدة من أكبر و أطول الحروب الإلكترونية القائمة بالعالم، وكذلك حرب إلكترونية تشنها إيران من خلال هجمات على عدد من المؤسسات المالية الأمريكية، في المقابل استهدفت أمريكا المنشآت النووية الإيرانية، من خلال نشر برمجيات خبيثة، وكان من أبرز المتضررين منشأة نطانز الشهيرة، حيث تم تعطيل ألف جهاز طرد مركزي. ويعتبر العرب هم الجانب الأضعف في تلك الحروب والصراعات في الفضاء الإلكتروني، وكشفت شركة "فاير آي"، المتخصصة في مجال الأمن الإلكتروني، أن الشركات في السعودية وقطر ودولة الإمارات، هي الأكثر تعرضًا للهجمات الإلكترونية الموجهة المتقدمة، على صعيد منطقة الشرق الأوسط. "الميدان الرابع من ميادين الحروب بعد الجو والبحر والبر".. هكذا صنفت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، ويأتي هذا التوصيف في ظل تخصيص بعض الدول مثل الصينوروسيا قسمًا عسكريًا كاملًا لعمليات التجسس الإلكترونى، وكذلك لدى إسرائيل برنامج عسكرى يسمى "تلبيوت"، يتم تجنيد نخبة من أذكى الخريجين به لإتقان أساليب الدفاع والهجوم الإلكترونية، وفى أمريكا تتم إجراء مناورة سنوية تحت اسم "سيبر ستورم" لاختبار جاهزيتها لمواجهة أى هجمات إلكترونية معادية، ويشارك بها 112 جهازا أمنيا أمريكيا. شركة "مكافى" المتخصصة فى الأمن المعلوماتى أصدرت تقريرا في 2015 كشفت فيه عن تعرض العالم إلى 317 تهديدًا إلكترونيًا في الدقيقة الواحدة. جهاز الأمن الفيدرالي الروسي كشف أيضًا في تقرير له بداية عام 2017، عن أن القرصنة الإلكترونية تكبد العالم مليارات الدولارات، وأن الخسائر تراوحت في السنوات الأخيرة بين 300 مليار وتريليون دولار، أي 0.4% أو 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مؤكدًا استحالة ضمان أمن البرمجيات الحساسة المتحكمة بالبنى التحتية الحيوية ومنشآت الدول. وتوقعت موسكو زيادة عدد الهجمات الإلكترونية على المواقع الروسية المهمة خلال العام 2017 بشكل كبير وارتفاع مستواها الفني، مؤكدة تأهبها لصد هذه الهجمات المحتملة.