منذ اللحظة الأولى لإعلان ترشحه لرئاسة أمريكا الذى تولى منصبه رسميا أكد دونالد ترامب أن مكافحة الإرهاب ستكون أهم أولوياته ،وشدد على هذا الأمر خلال خطابه الرسمي في حفل التنصيب ،وبالفعل بدأ الرئيس الأمريكي الجديد في اتخاذ عدد من الإجراءات بهذا الشأن ومنها منع دخول مسلمى 7 دول إلى أمريكا .. لكن هناك مخاوف من أن تأتى قرارات "ترامب" بنتائج عكسية لن تساهم فى مواجهة الجماعات الإرهابية وتحديدا تنظيم "داعش". فى هذا الصدد قال روبرت بيب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو والباحث في شئون الأمن الدولي و عمليات الإرهاب الانتحارية في مقال له بصحيفة بوسطن جلوب ،إن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحظر مسلمي سبع دول من دخول الولاياتالمتحدة خاطيء، حيث يرى أن هذا القرار ليس حلا لمقاومة الإرهاب، وإنما يساعد علي زيادته, مطالبا بأن يتم رفع هذا الحظر على الفور إذا ما كان الرئيس الأمريكي يرغب في تحقيق الأمن في بلاده بالفعل. وأوضح "بيب" أن الولاياتالمتحدة اليوم أقل أمنا مما كانت عليه قبل إصدار هذا القرار والسبب في ذلك هو قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمنع دخول اللاجئين والمواطنين من سبع دول ذات أغلبية مسلمة من دخول الولاياتالمتحدة, ووفقا ل "بيب" فإن هذا السيناريو ستكون له عواقب سيئة بلا شك، حيث إنه يوحي للجماعات المتطرفة بفكرة أن الغرب قد أعلن الحرب على المسلمين ،وبالتالي فإن هذه الظروف هي المحفز الرئيسي لتنظيم داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية لتنفيذ هجمات تستهدف الأمريكيين. ولفت إلى أن الغرب والولاياتالمتحدة عانيا من عدة هجمات إرهابية من إسلاميين متطرفين خلال السنوات العشرين الماضية، مثل هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، وتفجيرات مدريد في مارس 2004، وتفجيرات لندن في يوليو 2005، وهجومي سان برناردينو وأورلاندو خلال العامين الماضيين والعامل المشترك بين كل هذه الهجمات هو أنها نفذت بواسطة متطوعين. وعلى الرغم من الغرابة من تنفيذ الإرهابيين لتلك الهجمات باستخدام أدوات عادية مثل قاطع الصناديق الورقية أو المتفجرات البدائية، فإن العامل الأهم في نجاح هذه الهجمات هو الإرهابيون أنفسهم، لأنه بدون رغبة الأفراد في التخطيط لمثل هذه الهجمات وتنفيذها، لم تكن لتنفذ ،لذلك فإن مقياس قوة أي جماعة إرهابية يعتمد على عدد الأفراد في التنظيم المستعدين لتنفيذ الهجمات. ويرى" بيب" أن السبب في تطوع منفذي تلك الهجمات، هو الدعاية التي تنشرها تلك الجماعات من مقاطع فيديو، ومقاطع صوتية، ومواد مطبوعة. وكان "بيب" وفريقه البحثي عملوا على مشروع شيكاغو الأمني على مدار 15 عاما ، ودرسوا أكثر من خمسة آلاف عملية شملت هجمات انتحارية في جميع أنحاء العالم منذ عام 1980 وهجمات إرهابية غير انتحارية، وخلصوا إلى أن هجمات الحادي عشر من سبتمبر وتفجيرات مدريدولندن، وهجمات باريس وسان برناردينو وأورلاندو، ليست نتاج سنوات من غسيل الدماغ في المدارس ولا نتاج الإجبار، ولا الفقر، ولا البطالة، ولا الجهل. لكن أكثر من نصف الإرهابيين من المسلمين في جميع الهجمات الكبرى في الولاياتالمتحدة وأوروبا كانوا من الطبقة الوسطى، وأكملوا التعليم الجامعي، ولديهم وظيفة. ووفقا ل "بيب" فإن ما يحفز هؤلاء لمهاجمة الغرب هو اقتناعهم بأن المجتمعات الإسلامية تحت تهديد من الغرب، لذلك يحاولون التصدي له. وأضاف "بيب" أن الكلمات التي وجهها محمد صديق خان، المدبر الرئيسي لتفجيرات لندن، للشعب البريطاني في فيديو قام بتسجيله، تثبت ذلك حيث قال "حكوماتكم المنتخبة ديمقراطيا ترتكب الفظائع باستمرار ضد المسلمين في جميع أنحاء العالم، ودعمكم لهم يجعلكم مسئولين مسئولية مباشرة، مثلما أنا مسئول عن حماية إخواني وأخواتي المسلمين والثأر لهم. ستظلون أهدافا لنا حتى نشعر بالأمن وحتى تكفوا عن القصف وإطلاق الغاز والسجن والتعذيب للمسلمين، لن نوقف هذه المعركة. نحن في حرب وأنا جندي فيها". وأشار" بيب" إلى أن قادة تنظيم داعش صرحوا مرات عديدة بأن الولاياتالمتحدة والغرب لا يكترثون بالفظائع التي ترتكب ضد المسلمين، وأنهم يطبقون سياسات تضر بالمجتمعات الإسلامية، بهدف الدعاية للانضمام للتنظيم، فعلى سبيل المثال، في 23 مايو 2016، قال أبو محمد العدناني، المتحدث الرسمي باسم تنظيم الدولة الاسلامية " أين هو دفاع الغرب الكافر عن المدنيين؟ وأين حماية حقوق الإنسان والحرية المزعومة؟ لا تتحرك هذه العاطفة في أوروبا وأمريكا والدول الكافرة الأخرى عندما يتم تشريد الملايين. إنهم لا يلقون بالا لمعاناة آلاف الأطفال والنساء والشيوخ من الجوع والمرض وموتهم... لا يتحرك الأوروبيون ولا غيرهم من الشعوب الكافرة لتدمير روسيا للمستشفيات والمناطق السكنية، على الرغم من أنهم يصابون بالجنون ولا يستطيعون النوم كلما قطع تنظيم داعش رأس أحد هؤلاء الكافرين". وأشار الكاتب إلى أن مجلة دابق الناطقة باسم داعش على الإنترنت، حاولت تبرير قطع رأس الصحفي الأمريكي جيمس فولي قائلة "قتلت الولاياتالمتحدة النساء والأطفال والشيوخ خلال احتلالها المباشر للعراق قبل انسحابها.. هناك العديد من الروايات عن إعدام الجنود الأمريكان للأسرى واغتصابهم النساء.. كما قتلت العائلات المسلمة تحت مسمى أضرار جانبية، والذي تمنح الولاياتالمتحدة الحق لنفسها وحدها في استخدامه. لذلك، إذا قتل مجاهدا رجلا بسكّين، فهو قتل وحشي للأبرياء. أما إذا قتل الأمريكان الآلاف من المسلمين في جميع أنحاء العالم عن طريق الضغط على زر إطلاق الصواريخ، فإنها مجرد أضرار جانبية". وذكر "بيب" أن حظر ترامب المسلمين من دخول الولاياتالمتحدة يناسب تماما الصورة النمطية عن أمريكا والأمريكيين التي استخدمها تنظيما القاعدة داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية لعقود لتحفيز منفذي الهجمات لاستهدافهم. وأضاف الكاتب أن كل عائلة مسلمة احتجزت ظلما في أحد مطارات الولاياتالمتحدة، وكل مسلم عمل لصالح أمريكا لسنوات ثم عاد ليواجه الاضطهاد أو القتل، وكل قرار يعطي امتيازات للمسيحيين على حساب المسلمين؛ كل ذلك يستخدم في الدعاية للجماعات المتطرفة، وبالتالي يتسبب في تنفيذ هجمات إرهابية في النهاية. وأكد أنه ليس أي إجراء يتخذ بدعوى حق الدفاع عن النفس سيجعل أمريكا أكثر أمانا .،مشيرا إلى أن كل من العراق وسوريا وإيران وليبيا والصومال والسودان واليمن بأكملهم يضمون قرابة 220 مليون مسلم, عدد من يقاومون تنظيم الدولة الإسلامية أي يعملون لصالح أمريكا من هؤلاء المسلمين، أكثر من المنضمين إلى التنظيم. وبالتالي فإن الحظر الشامل لمسلمي هذه البلدان من دخول الولاياتالمتحدة لا يساعد تنظيم داعش فقط، بل يمكن أن يقلب هؤلاء المسلمين ضدهم. وذكر الكاتب في نهاية المقال إنه يجب على ترامب إلغاء هذا الحظر على الفور، حتى تكون هناك خطة تجعل أمريكا أكثر أمنا بشكل حقيقي. وفى سياق آخر كان البيت الأبيض كشف خطة إدارة الرئيس دونالد ترامب، لمكافحة تنظيم "داعش"، في مذكرة رئاسية للأمن القومي أصدرها مكتب السكرتير الصحفي للبيت الأبيض. وجاء في المذكرة التى حملت عنوان "خطة دحر داعش": "انخرط داعش في حملة منظمة للاضطهاد والإبادة في المناطق التي دخلها وتخضع تحت سيطرته. وإذا تُرك ليدير مقاليد الأمور، فأن تهديده سيتعاظم. ونحن نعلم أنه حاول تطوير قابليات أسلحة كيماوية. وما زال يستمر في توجيه ميول السكان تحت سيطرته نحو التطرف، وهجماته ضد حلفائنا وشركائنا ما زالت مستمرة. ويجب على الولاياتالمتحدة أن تتخذ إجراءات حاسمة لهزيمته." وأضافت المذكرة أن القسم الأول من الخطة هو أن هزيمة داعش هي سياسة الولاياتالمتحدة، والقسم الثاني هو أنه سيتم تنسيق هذه السياسة وتقديم الإرشاد وفض التضارب والتقييم المرحلي للوظائف والبرنامج الموصوفة والمعينة في المذكرة من خلال العمليات المشتركة بين الوكالات الحكومية. وذكر القسم الثالث بنود الخطة وهي: استراتيجية وخطط كاملة لهزيمة داعش. بجانب توصية بالتغييرات على أي قواعد اشتباك أو قيود على سياسة الولاياتالمتحدة التي تتجاوز متطلبات القانون الدولي فيما يتعلق باستخدام القوة ضد داعش. فضلا عن الدبلوماسية العامة والعمليات المعلوماتية والاستراتيجيات الإلكترونية لعزل ونزع الشرعية عن داعش والأيديولوجية الإسلامية المتطرفة. إضافة إلى تسمية شركاء جدد في التحالف في القتال ضد داعش وتحديد السياسات لتمكين الشركاء في التحالف من قتال داعش والجماعات المرتبطة به, بجانب الآليات لقطع ومصادرة الدعم المالي لداعش، بما في ذلك التحويلات المالية وغسيل الأموال والعائدات المالية والاتجار بالبشر ومبيعات الآثار والتحف التاريخية المسروقة وغيرها من الموارد الأخرى. فضلا عن استراتيجية مفصلة لتمويل الخطة بقوة. ومن ضمن بنود الخطة أن يقوم وزير الدفاع بتطوير الخطة بالتعاون مع وزير الخارجية ووزير الخزانة ووزير الأمن الوطني ومدير المخابرات الوطنية ورئيس هيئة الأركان المشتركة ومساعد الرئيس لشؤون الأمن الوطني ومساعد الرئيس لشؤون الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب, فضلا عن ضرورة تطوير الخطة تماشياً مع القانون المعمول به، حيث يقوم المسئولون بجمع كافة المعلومات في حوزة الحكومة الفيدرالية ذات الصلة بهزيمة داعش والجماعات المرتبطة بها, وعلى كافة الدوائر والوكالات التنفيذية إلى الحد الذي يسمح به القانون الامتثال الفوري لأي طلب من المشاركين- المقصود بهم الأجهزة السيادية الأمريكية- لتقديم المعلومات التي بحوزتهم أو تحت سيطرتهم المتصلة بداعش. ويجوز للمشاركين السعي للمزيد من المعلومات ذات الصلة بالخطة من أي مصدر مناسب.