ذكرت تقارير صحفية أن جاسوسا تركيا مشتبها فيه وموقوفا في مدينة هامبورغ الألمانية كان يخطط للقيام باغتيالات في أوروبا. وذكرت صحيفة "بيلد" الألمانية على موقعها الإلكتروني، استنادا لمعلومات من أشخاص محيطين بالمشتبه فيه التابع للمخابرات التركية، أنه كان مقررا أن يقتل هذا الرجل كرديين اثنين رفيعي المستوى، أحدهما ينحدر من ولاية بريمن الألمانية، والآخر من بروكسل. وكان الادعاء العام في مقره بمدينة كارلسروه الألمانية أعلن، الجمعة، أنه أصدر أمر اعتقال بحق التركي (31 عاما) المشتبه به. وأضاف الادعاء العام أن المشتبه به الذي تم القبض عليه، الخميس، في مدينة هامبورغ كان يجمع معلومات عن أماكن إقامة أكراد في ألمانيا ونشاطاتهم السياسية والأفراد المتواصلين معهم. وبحسب البيانات، فإن هناك اشتباها قويا ضد المتهم بأنه كان يتجسس على أفراد ومؤسسات كردية. ومن شأن هذه التطورات أن تفاقم بالفعل تدهور العلاقات الألمانية التركية العضوين في حلف شمال الأطلسي. وكانت تركيا اتهمت ألمانيا بإيواء مسلحين من حزب العمال الكردستاني، الذي يقود حملة مسلحة منذ ثلاثة عقود للحصول على الحكم الذاتي للأكراد وحزب جبهة التحرير الشعبية الثورية اليساري المتطرف، خاصة وأن الحزبين نفذا هجمات في تركيا. ويرفض المسؤولون الألمان هذا الزعم، وقال مكتب الادعاء في بيان إن الشرطة ألقت القبض على الرجل الذي اكتفت بتعريفه بالحروف الأولى من اسمه (إم.إس) في هامبورغ، الخميس، وفتشت منزله. وأضاف المكتب "ثمة شبهات قوية حول عمل المتهم لصالح وكالة المخابرات التركية وتقديم معلومات بشأن الأكراد الذين يعيشون في ألمانيا، ومن بين ذلك أماكن وجودهم واتصالاتهم وأنشطتهم السياسية". ولم يصدر تعليق فوري من مكتب الادعاء بشأن صلات الرجل بأنقرة ومنذ متى يعيش في ألمانيا. وانتقد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير إلقاء تركيا القبض على زعماء معارضين أكراد، الشهر الماضي، قائلا إن أنقرة لديها الحق في محاربة الإرهاب دون استخدام ذلك مبررا لإسكات الخصوم. وتوترت العلاقات بين البلدين منذ صوت البرلمان الألماني في يونيو لصالح إعلان مذبحة الأرمن على يد القوات العثمانية في 1915 إبادة جماعية. وازداد التوتر مع إعلان ألمانيا قلقها من حملة الاعتقالات الجماعية والإيقاف عن العمل، التي نفذتها تركيا بعد محاولة انقلاب فاشلة في يوليو. وانتقدت الدول الأوروبية الحملة التركية التي أعقبت الانقلاب، لكنها لا تزال حذرة من فقد دعم أنقرة لاتفاق مع الاتحاد الأوروبي ساعد في الحد من عدد المهاجرين الذين يصلون إلى أوروبا إلى نحو 380 ألفا هذا العام من أكثر من مليون العام الماضي. وانتقد الرئيس التركي بدوره الموقف الأوروبي من حملة التطهير الواسعة التي طالت الآلاف في مختلف القطاعات. واتهم أوروبا بإيواء الإرهابيين وبأن قانونها يحمي الإرهابيين، مصعدا بشكل غير مسبوق ومدعوما بحاجة الاتحاد الأوروبي للإبقاء على اتفاق الهجرة الذي وقعته أنقرةوبروكسل في مارس 2015 مقابل امتيازات مالية ضخمة وسياسية لتركيا. ونقل تقرير لصحيفة "دي فيلت" الألمانية في أغسطس الماضي، أن السلطات التركية تدير شبكة جاسوسية ضخمة في ألمانيا تضم الآلاف من المخبرين الذين قال خبراء إنهم يراقبون أشخاصا أكثر مما كان جهاز أمن الدولة في ألمانياالشرقية "شتازي" يراقبهم في ألمانياالغربية خلال الحرب الباردة. ونقلت صحيفة "دي فيلت" الألمانية عن سياسي ألماني مختص بالشؤون الأمنية قوله إن للاستخبارات التركية نحو 6000 مخبر في ألمانيا. و قال الخبير الاستخباراتي والكاتب اريش شمدت اينبوم لموقع لوكال الإخباري الألماني "بوجود نحو 3 ملايين شخص من أصول تركية في ألمانيا، فهذا يعني أن كل مخبر يمكن أن يراقب 500 شخص، وهو رقم أكبر مما كان جهاز شتازي يراقبهم في ألمانياالغربية". ولاحظ شمدت إينبوم أن عملاء مخابرات ألمانياالشرقية "كانوا يركزون على جمع معلومات عسكرية أو سياسية أو اقتصادية في ألمانياالغربية، لا استهداف مواطنين سابقين كما تفعل الاستخبارات التركية، فالأمر لم يعد يقتصر على الاستطلاع الاستخباراتي بل يُستخدم بصورة متزايدة لممارسة القمع". ومنذ المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا في منتصف يوليو الماضي، شن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حملة اعتقالات جماعية طالت المشتبه بأنهم من معارضيه، بينهم أكاديميون وصحافيون وعسكريون. واتهم أردوغان الداعية الإسلامي المقيم في الولاياتالمتحدة فتح الله غولن بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية. وقال الخبير العسكري "انتقلت الصراعات الداخلية في تركيا بين غولن وأردوغان، وبين الأكراد والأتراك، إلى ألمانيا، وهي تؤثر في سلامها الداخلي". وأشار إلى أن المخبرين في ألمانيا كثيرًا ما يكونون من مؤيدي أردوغان الذين يعملون مخبرين من دون مقابل. ويمارس هؤلاء المخبرون ضغوطا على الأكراد وأنصار غولن وغيرهم ممن يُعدون معارضين للرئيس التركي، بالدعوة إلى مقاطعة أعمالهم التجارية مثلًا، أو الكتابة ضدهم في مطبوعات تركية أو تهديد عائلاتهم وأقربائهم.