اختلف حزبيون حول القرارات الاقتصادية التى إتخذتها الحكومة مؤخراً واعتبر بعضهم أنها ستؤدى إلى مزيد من الإفقار للطبقات الفقيرة التي أصبحت تمثل السواد الأعظم من الشعب. ورأى آخرون أن ما أحدثته تلك القرارات من حالة ارتفاع فى الأسعار مسألة مؤقتة وستنتهي بمجرد حدوث حالة من الثبات فى سعر الدولار بالسوق المصرية وخلال عام واحد سيشعر الفقراء بتحسن كبير. قال ياسر قورة مساعد رئيس حزب الوفد إن القرارات الاقتصادية الأخيرة لابد وأن يكون لها مردود على الفقراء خاصة بعد تعويم الجنيه وارتفاع أسعار البنزين لأن ذلك سينعكس على كل السلع ووسائل النقل والخدمات لكن كل هذا لا يقلق لأنه يعتبر مرحلة مؤقتة وستنتهي قريباً. وتابع قورة.. هذه المرحلة مؤقتة والهدف منها فتح مجالات جديدة لإيجاد فرص عمل جديدة وزيادة مستوى المعيشة وزيادة الرواتب وعلينا أن ننتظر حتى تحدث حالة من الاستقرار فى السوق ويتم تثبيت سعر الدولار وهذا لن يحدث إلا بعد أن تضخ فى البلاد استثمارات جديدة ومباشرة من شأنها أن تضخ عملة صعبة فى السوق المصرية. وأكد قورة أن هذه القرارات كانت ضرورية مشيراً إلى أنه يتوقع أن يزداد سعر الدولار أكثر مما هو عليه الآن فى الأيام القليلة المقبلة ليصل إلى 18 أو 20 جنيهاً إلا أنه سينخفض بعد ذلك ليصل إلى 13 أو 11 جنيه وهنا ستتغير الأمور تماماً وتحل المشكلات خاصة بعد دخول الاستثمارات وزيادة التصدير وتنشيط السياحة وسنشعر جميعاً خلال عام واحد بهذا التغيير. وقال قورة.. لابد من وجود شبكة حماية وضمان اجتماعي مع أى قرارات اقتصادية جديدة خاصة فى ظل اقتصاد منهار بالتوازى مع زياة الأسعار فى السلع الأساسية وتعويم العملة وإلا سيكون البسطاء فريسة سهلة للإرهاب والإخوان لذلك لابد من توفير سلع تموينية مخفضة وأن تزداد قيمة التأمينات والمعاشات وأن يكون للحكومة خريطة موازية لحماية محدودي ومتوسطى الدخل خاصة ونحن نعانى فى مصر من عدم الزيادة فى الرواتب مما أدى إلى انخفاض حجم القوى الشرائية. وقال.. أتمنى أن تكون هناك حكمة فى التعامل مع فكرة تعويم الجنيه ويجب على البنك المركزى والحكومة أن يفهما أن تداعيات هذه القرار ستكون فى منتهى الخطورة إذا فشل لأنهما سيفقدان السيطرة على الدولار لكن حتى الآن الأمر يعتبر ناجحاً. وأكد حسين عبد الرازق عضو المجلس الرئاسي بحزب التجمع إن فرض مثل هذه القرارات لن يؤدى إلى إحداث إصلاح اقتصادى وهى استمرار لنفس السياسات المتبعة منذ عام 1974 والتى تنحاز لرجال الأعمال أى للرأسمالية المصرية ويغلب عليها الطابع الطفيلى سواء كانت متمثلة فى رأسمالية السمسرة والخدمات أو التجارة بينما تبقى الرأسمالية المنتجة محاصرة. وأضاف.. هذه القرارات لن تؤدى إلا إلى موجة جديدة من ارتفاع الأسعار وزيادة حالة الإفقار للمصريين البسطاء. وقال عبد الرازق.. على الدولة أن توجد سياسات بديلة لحماية هذه الطبقة التى أصبحت تمثل السواد الأعظم من المجتمع المصرى ونحن فى حزب التجمع سنقدم خلال أيام رؤية شاملة لهذه السياسات والقوانين التى سيكون من شأنها عمل حالة من الموازنة بين القرارات الاقتصادية وعدم ضبط حالة السوق. وأكد عبد الرازق أن هذه القرارات لم تكن الحل الوحيد وإنما كان من الممكن أن تجد الحكومة حلولاً أخرى مثل استعادة الأموال المهربة أو غير ذلك لكن الدفع بأنها الطريق الوحيد نوع من التضليل. وتابع.. نجاح أو فشل تلك القرارات من عدمه يرتبط بتحقيق أهدافها وهذه الأهداف لن تتحقق وإنما ستؤدى لمزيد من الفشل و الإفقار. ويرى أحمد بهاء الدين شعبان رئيس الحزب المصري الاشتراكي أن الفقراء يعانون من هذه المشكلة منذ عام 1974 عندما تم تدشين قرارات الانفتاح الاقتصادي التي تخدم طبقة الرأسمالية ووضع القوانين التى تحقق مصالحها وتبقى عليها فى مواقع السلطة وبالتالى فليس مستغرباً أن يأخذ النظام و الحكومة هذه القرارات الآن خاصة فى ظل غياب الحركة السياسية التى من المفترض أن تعبر عن مصالح الطبقات الفقيرة فى المجتمع. وقال شعبان إن معاناة الطبقة الفقيرة ستستمر فترة طويلة حتى تتم بلورة سياسات جديدة وما يقال عن عمل شبكات حماية ما هو إلا عمليات ترميم للأوضاع السيئة ونوع من التهدئة الشكلية لهذه التناقضات الحادة لكنها لا تقدم بديلاً حقيقياً للعدل الإجتماعى. واعترض أحمد صبري، أمين تنظيم حزب مستقبل وطن، على توقيت وطريقة تنفيذ قرار تعويم الجنية، قائلاً: نحن كسياسيين كنا نعلم منذ فترة أن إجراءات تعويم الجنية ورفع الدعم عن الوقود، سوف تُتخذ، حيث أنها شرط من شروط الحصول على قرض الصندوق الدولي، ولكننا فوجئنا بموعد إقرار الإجراءات، حيث كان من المفترض أن تعقد الحكومة حواراً مع منظمات المجتمع المدني لمناقشة توقيت اتخاذ الإجراء ووضع آلية للتنفيذ نستطيع من خلالها حماية الفقير. وأضاف أن الحكومة قبل اتخاذ تلك القرارات كان لابد من أن تُفعل دور الأجهزة الرقابية بشكل صحيح، وأن يكون هناك آلية لضبط السوق، حتى لا تترك الفقير لعبة في أيدي من لا يرحمون. وأضاف "صبري" أنه بعد توقف المعونات من دول الخليج خاصة بعد انشغالها بحروبها مع اليمن، لم يتبقى للدولة خيار سوى الاقتراض من صندوق النقد الدولي، فإذا تعاملت الحكومة مع القرض بنفس طريقة تعاملها مع المعونات والمسكنات التي كانت تأتي وتُصرف دون دراسة جدوى أو تحديد أوجه الصرف أو وضع هامش ربح لها، فسوف يُصرف القرض على الفقر وليس التنمية، لذلك يجب على الحكومة تحري الدقة في آلية تنفيذ البرنامج الإصلاحي المُتفق عليه مع الصندوق. وأكد "صبري" أننا بحاجة لتشكيل "لجنة إدارة الأزمات"، لأن وزراء المجموعة الاقتصادية ليسوا على قدر المسؤولية في المرحلة المعقدة التي تمر بها البلاد حالياً، مشيراً إلى أن الوضع الحالي يقتضي الاستعانة بخبراء متخصصين لإعادة رسم السياسات الاقتصادية من جديد.