مخالفة القانون أصبحت السمة البارزة في وزارة الآثار.. يؤكد ذلك وقائع الإهمال والفساد والتعدي التي تشهدها المناطق الأثرية كل يوم دون تحرك من قيادات الوزارة لمواجهة تلك الوقائع أو حتى على الأقل لحفظ ماء وجوههم ولعل ما حدث فى منطقتي آثار الأقصر وقويسنا بالمنوفية يدلل على ذلك. في الأقصر تم التحايل على القانون الذي يجرم الاعتداء على المناطق الأثرية، من خلال البازار رقم 1 بمنطقة آثار القرنة بوادى الملوك والذى كشف عن أهدار المال العام بالمنطقة. وتعود أحداث القضية إلى عام 2012، حيث شهدت هذه الفترة حالة من الفوضي والتراخي في تطبيق القانون، وبناء على ذلك قام أحد أهالى منطقة القرنة بالاستيلاء على البازار رقم 1 بالقوة ضارباً بالقانون عرض الحائط، ومن ثم قام مسئولو المنطقة الأثرية بتحرير محضر لدى شرطة السياحة تحت رقم 3 أحوال ومقيد برقم 1106 لسنة 2012 جنح الأقصر، وكذلك تقديم بعض التقارير لرئاسة قطاع الآثار المصرية بالوزارة. ورغم ذلك لم يتم منع المعتدى من دخول المنطقة وظل يستغل البازار على الرغم من وجود قوة من الأمن وكذلك مسئولي المنطقة الأثرية والتفتيش، مخالفين بذلك المادة رقم 43 من قانون حماية الآثار المصرية رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته بالمادتين رقم 73،93 والتي تستوجب ضرورة طرد أى متعدى ومنعه من دخول المنطقة وإزالة التعديات. وفي إبريل 2014 قام المعتدى على البازار ويدعى يوسف محمد يوسف، بتقديم طلب إلى وزير الآثار مباشرة - حصلت "الموجز"على نسخة منه – جاء فيه أنه شاغل للبازار منذ عام 2011 طبقاً لقرر محافظ الأقصر، بصفته الجهة المنوط بها توزيع البازارات الموجودة بمنطقة وادى الملوك على المتضررين من التهجير بموجب الفتوى رقم (1366)، وأوضح أنه شاغل للبازار رقم 1 بالمنطقة وحصل على موافقة من المحافظة، وطالب بضرورة إبرام عقد إيجار حتى يتمكن من دفع القيمة الإيجارية التي يتم تحديدها من قبل الوزارة متجاهلاً بذلك الطلب كافة المحاضر التي تم تحريرها له من قبل المنطقة والتي تم تحويلها للقضاء، بعد أن قام باقتحام المنطقة والاستيلاء على البازار. وقد حصل "الموجز" على صورة ضوئية من قرار المنطقة، حيث قامت بناء على تأشيرة الوزير وتقرير إدارة الفتوى بتشكيل لجنة بموجب القرار رقم 3940 بتاريخ 19/5/2014 ، برئاسة مدير المنطقة طلعت عبد العزيز وبعض المفتشين وكذلك عضو قانونى من الوزارة، وأوضح القرار أن تأشيرة الوزير بمثابة تصالح مع المعتدى حيث قام بإصدار فتوى تتيح إمكانية التصالح مع المعتدى على المنطقة الأثرية، في حالة قيامه بسداد كافة المستحقات المالية عن الفترة الماضية، لتقنين وضعه إضافة إلى وضع شروط للتعاقد معه، حتى يتم إحالة الأمر لإدارة التعاقدات بالوزارة لإبرام التعاقد . وأفاد مستند آخر أنه قد تم تحديد قيمة إيجاريه للبازار عن طريق الأمر المباشر وليس عن طريق المزاد العلنى طبقا للقانون والذي ينص على أن أى أثر تتجاوز قيمة 500 ألف جنيه يجب أن يتم تأجيره عن طريق المزاد العلنى وليس بطريقة الأمر المباشر، على الرغم من قيمة البازار تتجاوز 600 ألف جنيه. وفى محافظة المنوفية حصل "الموجز"على عدد من المستندات التي توضح قيام المسئولين بتخصيص القطع رقم أ /590، أ /618 ، أ /122 بحوض الرمال القبلي رقم 11 بناحية كفر الرمل بمركز قويسنا، والتي تخضع لقانون حماية الآثار، لصالح مديرية أمن المنوفية لإقامة وحدة مرور قويسنا، بموجب القرار رقم 194 لسنة 2016. وكشف مصدر أثري بوزارة الآثار رفض ذكر اسمه، أن مسئولي المحافظة تجاهلوا تطبيق القانون الذي ينص على ضرورة موافقة الهيئة "الآثار" على تخصيص الأرض لصالح مديرية أمن المنوفية، وذلك بعد قيام أثريين بعمل بعض المجسات الأرضية والحفائر للتأكد من عدم وجود أى شواهد أثرية بالقطعة المرد استغلالها. وأفاد مستند آخر بقيام إدارة المرور بتفويض حازم دياب شحات لاستخراج كافة التصاريح اللازمة من الوحدة المحلية التابعة لمركز قويسنا للبدء في إنشاء إدارة المرور، ويعتبر هذا دليلاً واضحاً على تسليم الأرض دون عمل الحفائر المطلوبة. وفي السياق ذاته حصل "الموجز" على عدد من الصور توضح قيام إدارة المرور، بعمل الأساسات الخرسانية بالقطعة، وقيامها بالتعدي على القطعة المجاورة والتي تخضع ملكيتها لوزارة الآثار، إضافة إلى وضع بعض الرديم في الأرض الأثرية دون الرجوع للوزارة إضافة إلى صور أخرى توضح قيام المسئولين بردم كافة الأساسات الخرسانية بعد قيام مفتشي المنطقة بتحرير المحاضر الأزمة ضد المحافظة وإدارة المرور. ومن ناحية أخري، كشفت مجموعة من الصور حالة الإهمال التي ضربت التل الأثري بسبب تقاعس وإهمال مدير المنطقة الأثرية في التصدي لبعض أصحاب المصانع الموجودة بالمنطقة الصناعية ومنعهم من إلقاء مخالفات مصانعهم بالمنطقة الأثرية. وتوضح الصور التعديات علي الموقع الأثري من الناحية الشمالية والذى تحول إلى مقلب للقمامة نهاراً ووكر للخارجين عن القانون وتجار المخدرات ليلاً، على الرغم من أن هذه الأرض خاضعة لوزارة الآثار المصرية ومن المفترض وجود أفراد من الأمن لحماية المنطقة الأثرية. أما الناحية الغربية من المنطقة الأثرية، فتوضح الصور تراكم مخلفات المصانع والطوب والرديم، مما حول المنطقة الأثرية إلى مجرد مكان مهجور يثير الرعب بين أبناء المنطقة..