بعد أن عاشت وزارة الصحة قرابة التسعة أشهر في أنفاق الظلام التي لم يعلم أحد نهايتها بسبب سياسات خاطئة وقرارات يشوبها التخبط وإدارة يغيب عنها الضبط والحزم والتي وصل مداها إلي كرسي الوزير نفسه الذى أصبح في مهب رياح عاتية تأتيه من اتهامات بالفساد أو سوء الإدارة أو الترصد لبعض القيادات القديمة بالوزارة، بدأت وزارة الصحة تتلمس طريقها إلي النور بعد عدة قرارات متتابعة أصدرها وزير الصحة والسكان الدكتور أحمد عماد الدين راضي فمنذ أن خطي الدكتور أحمد عماد ديوان عام الوزارة في شهر سبتمبر العام الماضى ولا يكاد يمر يوم إلا وشابت سياسات وزارة الصحة التخبط ما بين تعيين أصدقاء قدامي له بمناصب مستشارون للوزير وما بين سياسة التعتيم الإعلامي والاتهامات بالرشوة لأحد مستشاري وارتفاع أسعار الدواء، فضلا عن استمرار تدني مستوي الخدمة الصحية بالمستشفيات. لكن الدكتور أحمد عماد الدين راضي عاد ليتعلم من أخطاء الإدارة التي كادت تطيح بمنصبه، فما بين التعتيم الإعلامي وقضية الرشوة وما بين اتهامات مباشرة للوزير بتعيين أصدقاء له قام الوزير بإعادة هيكلة للوزارة وتدشين "ثورة تصحيح" وبدأت هذه الثورة بقرار الوزير الذى أصدره قبل أسبوعين بإلغاء ندب 6مستشارين له قد عينهم بنفسه حيث وصل عدد المستشارين له ل 15 مستشارا تتراوح مرتباتهم ما بين 10 آلاف و50 ألف جنيه شهريا وهو الأمر الذى تسبب فى مشكلة إدارية مع وزارة المالية التى رفضت وقتها تخصيص مبالغ لمستشارى عماد الدين موضحة أن زيادة الموازنة للوزارة العام الماضى كان الهدف منها أن تذهب لتحسين أوضاع الصحة وليس لتحسين الأوضاع الشخصية للأطباء من أصدقاء عماد الدين. القرار الأخير الذى شمل إلغاء ندب 6 مستشارين للوزارة عينهم عماد راضى بنفسه -معظمهم من أصدقائه خلال فترة توليه السابقة رئيسا لجامعة عين شمس- فقد شمل القرار إقالة الدكتورة سوزان قلينى عميد كلية آداب عين شمس المستشار الإعلامى لوزير الصحة، والدكتور عبد الناصر سنجاب عميد كلية صيدلة عين شمس مستشار وزير الصحة لقطاع الصيدلة والدكتورة نجلاء عبد الرازق مدير البرنامج القومى لصحة المرأة الذين أكدوا أنهم لم يتقاضوا أى أجور خلال فترة عملهم بالوزارة وأن عملهم كان تطوعيا وخدمة للوزارة معربين عن أسفهم لعلمهم بقرار إقالتهم من وسائل الإعلام وليس من الوزير الذى طلب منهم أن يتولوا هذه المناصب لإثراء معلوماته وإحاطته علما بما يدور فى مجالات تخصصاتهم. كما شمل قرار إلغاء الندب الدكتورة صباح الشرقاوى مستشارة الوزير للتمريض والدكتورة لميس رجب مستشاره للتعليم الإلزامى، والدكتور يحيى الشاذلى نائب رئيس لجنة الفيروسات الكبدية. في حين أصابت قضية مستشار الوزارة لشئون أمانة المراكز الطبية المتخصصة الذى تم ضبطه متلبسا برشوة قيمتها 4.5مليون جنيه بديوان الوزارة فى 29 مايو الماضى من إحدى شركات المستلزمات الطبية الكثير من اللغط حيث إن المستشار كان صديق شخصى للوزير وبعد القبض عليه وقال الوزير فى تصريحاته إنه يقف بكل قوة ضد كل أشكال الفساد، منذ أن تولى منصب وزير الصحة والسكان، لافتا إلى أنه لا تستر على فاسد، حتى إن كان من قيادات الوزارة ومهما كان منصبة. وأشار إلى أن واقعة إلقاء القبض على مستشاره لشئون أمانة المراكز الطبية المتخصصة متلبسا بتلقى الرشوة تعد بمثابة إحدى حلقات الفساد التى تم القضاء عليها بالتعاون مع أجهزة الدولة الرقابية. عهد جديد وبدا وزير الصحة عهده الجديد بتصحيح الأخطاء لتنفيذ سياسة الأرض المحروقة حيث أعتمد الأسبوع الماضي أكثر من 7 قرارات وزارية ما بين إطلاق مشروع قومى جديد لعلاج السكتات الدماغية فى مصر، يتم من خلاله صرف عقار جديد يعمل على إذابة السكتات وتقليص تداعيات ما بعد الإصابة بالسكتات الدماغية من خلال قرارات نفقة الدولة، والمستشفيات الحكومية، ويتم المشروع بالتعاون بين وزارة الصحة والسكان، والإدارة العامة للمجالس الطبية المتخصصة، وشركة "بوهرنجر إنجلهايم" وقرار بتوفير أدوية لمرضي التصلب المتعدد علي نفقة الدولة وهيئة التأمين الصحي، فضلا عن اتفاقية مع شركة سانوفي للأدوية وهي الشركة الوحيدة بالعالم التي تنتج أدوية لعلاج مرضي جوشيه علي أن يتم تخفيض سعر الدواء للمرضي بمصر، وقيام الوزارة بإصدار 20 ألف قرار نفقة دولة لعلاج فيروس سى خلال أسبوع، وتوفير 20 صنف دوائى هام لعلاج الجلطات وأمراض الجهاز الهضمى بعد نقصانها بشدة من السوق ، وتخصيص 20 مليون جنيه للتأمين الصحى على الفلاحين وإنهاء إضراب العاملين بمرفق الإسعاف بعدد من محافظات الجمهورية بعد تدخل المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء بتكليف وزير المالية بصرف كامل مستحقاتهم المالية ، وإعلان الوزارة عن 254 مشروع تعمل بهم الآن لتطوير المستشفيات داخل 27 محافظة، والإعلان عن توفير 1005 منفذ مميكن لبيع ألبان الأطفال المدعم لضمان وصولها لمستحقيها في 27 محافظة ، منهم 525 منفذ مجهز تابع لبرنامج الرعاية الصحية لغير القادرين ، و 480 منفذ جاري تجهيزهم، فضلا عن إعلان الوزير عن خطة عمل وزارة الصحة والسكان خلال الفترة من 2016 إلى 2018 لتطوير وإنشاء وحدات الرعاية الصحية الأساسية ثم اختتم الوزير هذا الشهر الحافل بالقرارات بثورة التصحيح بأكبر حركة تغييرات بين صفوف قيادات الوزارة خلال السنوات الماضية. حيث أكد وزير الصحة والسكان أن الهدف من حركة التغييرات التي اعتمدها اليوم هو الدفع بدماء جديدة وتمكين النماذج المتميزة بما يساهم في تطوير المنظومة الصحية وتحسين مستوى الخدمة الطبية المقدمة للمواطنين. من جانبه قال الدكتور خالد مجاهد المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان أن حركة التغييرات شملت تعيين اللواء سيد الشاهد مساعدا للوزير للشئون المالية والإدارية والدكتور هشام عطا مساعدا للوزير للموارد البشرية والتدريب والدكتور علي حجازي مساعدا للوزير لشئون هيئة التأمين الصحي بجانب عمله رئيسا لهيئة التأمين الصحي.كما شملت حركة التغييرات تعيين الدكتور أحمد محيى القاصد رئيسا لقطاع الطب العلاجي ومشرفا على أمانة المراكز الطبية المتخصصة، والدكتور سامح العشماوي نائبا لرئيس أمانة المراكز الطبية المتخصصة . وشملت حركة التغييرات أيضا تعيين الدكتورة سعاد عبد المجيد رئيسا لقطاع تنظيم الأسرة، والدكتور هشام كامل مديرا للمكتب الفني للوزير لشئون المتابعة، والدكتور طارق توفيق أستاذ الصحة العامة بكلية طب قصر العيني مقررا للمجلس القومي للسكان وتعيين الدكتور مروان عبد الفتاح وكيلا لوزارة الصحة بالفيوم.