في مقال له بصحيفة واشنطن بوست , انتقد الكاتب ديفيد اجناثيوس تعليقات المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب عقب هجوم أورلاندو الذي نفذه عمر متين يوم الأحد الماضي، واصفاً إياها بالتهور والانتهازية، ومحذراً من أن إسلاموفوبيا ترامب تصب في مصلحة داعش، كما أن خطابه الاستقطابي المتعصب ضد المسلمين يضع الولاياتالمتحدة في خطر أكبر. واستهل الكاتب مقاله بوصف تغريدات ترامب حول هجوم أورلاندو بأنها "متهورة" و"انتهازية" وعلاوة على ذلك تشكل خطراً على الولاياتالمتحدة. ولفت إلى نشر ترامب بياناً على موقعه الإلكتروني يفتخر فيه بتحذيره من حدوث ذلك في وقت سابق، ثم أعقبه بتجديد دعوته لفرض حظر مؤقت على هجرة المسلمين إلى الولاياتالمتحدة، ومتوجاً "تلميحاته الشريرة"، على حد وصف الكاتب، بمطالبة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالاستقالة عقب هذا الهجوم لأن "ثمة شيئاً ما يحدث". يقول الكاتب: "حاول المرشح الجمهوري استدراك تلك التعليقات العنيفة التي كانت وليدة اللحظة من خلال إلقاء كلمة مكتوبة بعناية حذر فيها (رغم عدم وجود أدلة) من أن منافسته هيلاري كلينتون، المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأمريكية، ترغب في أن يتدفق الإرهابيون الإسلاميون الراديكاليون إلى الولاياتالمتحدة. وحتى مع تظاهر ترامب بدعم الأمريكيين المسلمين الذين يلتزمون بالقانون، فإنه حذرهم من مواجهة عواقب وتداعيات خطيرة حال تقاعسهم عن الإبلاغ عن الأشرار في أوساطهم". ويتفق الكاتب مع أراء بعض الخبراء البارزين الأمريكيين والأجانب في مجال مكافحة الإرهاب التي تتمثل في أن خطاب ترامب الاستقطابي إزاء هذه القضية ربما يكون أفضل شيء يحدث بالنسبة إلى داعش؛ لا سيما أن الخلافة المزعومة للتنظيم الإرهابي في سوريا والعراق باتت على وشك الانهيار، وعاصمتها في سوريا "الرقة" تحت الحصار، فضلاً عن أن الثغرة في الحدود التركية السورية التي سمحت بالتدفق الحر للمقاتلين الأجانب قد تم أخيراً غلقها، علاوة على تغير موقف شيوخ العشائر السنية الذين كانوا يتعاونون مع داعش حتى وقت قريب، وهذا يعني باختصار أن قوة داعش تنهار فعلاً باستثناء عامل واحد. ويقول كبار خبراء الاستخبارات الإستراتيجيين لقوات التحالف ضد داعش، تعتبر "إسلاموفوبيا" ترامب ونظرائه الأوروبيين أقوى عوامل القوة المتبقية لداعش؛ إذ إن تفاقم الخطابات المعادية للمسلمين من شأنها أن تدعم إدعاءات الجهاديين بأنهم بمثابة "فرسان الإسلام" الذين يقاتلون الغرب المتعصب. ويضيف الكاتب: "للأسف فإن ترامب، من دون قصد، يمنحهم الدور الذي طالما يحلمون به. ولا يبدو أن ترامب يدرك بالفعل أن الخطر الحقيقي بالنسبة للغرب لا يتمثل في الأفعال الإرهابية الفردية التي ينفذها شباب ساخطون، مثل مذبحة أورلاندو. وعلى الرغم من أنها تشكل تهديداً للأمريكيين، فإنه يمكن على الأقل التخفيف منها من خلال تحسين الخدمات الأمنية والاستخباراتية. ولكن الكابوس الأكبر يمكن أن يحدث إذا خلص المسلمون جميعاً إلى أن مجتمعهم تحت التهديد واستجابوا لذلك ككتلة واحدة". ويوجه الكاتب انتقادات لاذعة إلى ترامب الذي تعكس تصرفاته اعتقاده بالوصول إلى تلك النقطة وكأن المجتمع الإسلامي يحتشد ضد الولاياتالمتحدة. وعلى الرغم من أن ترامب كان محقاً في قوله أن المسلمين بحاجة إلى التعاون مع سلطات إنفاذ القانون والإبلاغ عن الأشخاص الخطرين، فإنه يغفل أن تصريحاته المعادية للمسلمين على مدار شهور عديدة قد جعلت ذلك التعاون أكثر صعوبة. وبحسب الكاتب فإنه من المثير للدهشة أن يطالب أحد المرشحين للرئاسة الرئيس الفعلي بتقديم استقالته في أعقاب حدوث هجوم إرهابي، لأن الأخير "لا يدرك الأمر جيداً أو ربما يدركه بصورة أفضل من أي شخص آخر"، الأمر الذي يعتبره كاتب المقال افتراء ضد ولاء الرئيس أوباما. ويختتم الكاتب بالتأكيد على أن تصرفات ترامب تعكس انعدام المسؤولية الذي يجب أن يثير القلق لدى الأمريكيين؛ ليس فقط لأن تصريحاته غير أخلاقية ولا تتوافق مع الدستور، بل لأنها أيضاً تضع الولاياتالمتحدة في خطر أكبر.