لُقب بأمير الإرهاب، و"أبي معاذ"، واشتهر بأنه "ولي عهد التنظيم" الذي سيحمل الاسم، والرسالة التي تحتاجها القاعدة لتجديد نفسها.. هو حمزة بن لادن نجل الزعيم السابق لتنظيم القاعدة الإرهابي، أسامة بن لادن، والذي أثار بمجرد ظهوره الأخير في فيديو العديد من التساؤلات، أبرزها هل سيسمح أيمن الظواهري بخلافة "حمزة" لأبيه في قيادة التنظيم؟ وهل سيُنعش "حمزة" القاعدة، ويُعيد الأضواء إليها من جديد؟. ورغم السرية الصارمة التي كانت تحاصر "حمزة"، والتى جعلت من الصعب تتبع ملامح سيرته الذاتية، إلا أن رسائل القاعدة، وبعض محادثات قيادات التنظيم كشفت شيئًا من سيرته، حيث أوضحت أنه ولد عام 1991، وأمه تدعى خيرية صابر، ثالث زوجات أسامة بن لادن، وحاصلة على شهادة الدكتوراة في علم نفس الأطفال، وأكاديمية سابقة في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، ورافقت أسامة بن لادن منذ تواجده في جدة وحتى إقامته في السودان، ولم تنجب من زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن سوى ابنها "حمزة"، الذى انتقل فى أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001 مع والدته، وبعض أفراد أسرة بن لادن إلى إيران، وذلك بعد سلسلة مفاوضات بين القاعدة، وإيران التي احتوت رموز القاعدة، وأسرهم سنوات عديدة، وفي إيران تكوّنت رؤية، وفكر، ومنهج "حمزة " عبر فريق خاص كان مكلفاً بمتابعته قبل وبعد ذلك مع المجموعة الخاصة ضمن طالبان، ويظهر من تأهيله أنه حُظي بحماية، ورعاية خاصة في إيران. وبحسب مصادر استخباراتية، كان حمزة محل اهتمام بالغ من والده وكان يصطحبه معه فى جميع الأسفار، والاجتماعات الهامة لمجلس شورى التنظيم وذلك على الرغم من صغر سنة، إضافة إلى أن والدته كانت حريصة على تنمية مهاراته، وعلى تعليمه عدة لغات. ورجحت بعض المعلومات الخاصة أن حمزة تزوج من ابنة أيمن الظواهري، زعيم تنظيم "القاعدة" الحالي، وله منها طفلان "سعد" و"خيرية". كان أول ظهور إعلامي ل"حمزة" في عام 2001، خلال فترة الغزو الأمريكي لأفغانستان، وبث شريطًا يظهر حمزة بن لادن بين مجموعة من مقاتلي طالبان في أفغانستان. وفي عام 2003 انتشرت رسالة صوتية منسوبة إليه، ومنشورة على موقع تابع للتنظيم ، يحض "حمزة" فيها أتباع التنظيم في كابول، وبغداد، وغزة على إعلان الجهاد ضد واشنطن، ولندن، وباريس، وتل أبيب، ثم ظهر في مقطع مرئي عام 2005 ضمن قوة من مقاتلي طالبان استهدفت جنودًا باكستانيين في وزيرستان الجنوبية. وفى عام 2007 تداول بعض مناصري القاعدة مقطعًا آخر ضمن مجموعة خاصة تنتمي لحركة طالبان توفر له الحماية، والتأهيل، وترتكز بين باكستان، وأفغانستان وهي ذات المنطقة، والمجموعة التي توفر الحماية لمنصات القاعدة الإعلامية. وفى كل شرائط الفيديو التى تم بثها، تبرز عدائية "حمزة" ضد دول أوروبا، وطغيانها على بقية المناطق الجغرافية، حيث بث في عام 2008 شريط فيديو لحمزة بن لادن، يدعو فيه إلى إزالة بريطانيا، وحلفائها من الوجود، وهاجم أمريكا، والدنمارك، وفرنسا، كما كتب قصيدة يُحرِض فيها أتباع القاعدة على الإسراع في تدمير أميركا، وبريطانيا، وفرنسا، والدنمارك، ويطلب "حمزة" في الفيلم من الله أن "يُجازي المقاتلين خيرًا" على محاربتهم "للكفرة والمرتدين". وفي أغسطس 2015 تم رصد رسالة صوتية منسوبة لحمزة بن لادن يدعو فيها إلى شن هجمات ضد أميركا، وإسرائيل، وفرنسا، وبريطانيا، بعنوان "تحية سلام.. لأهل الإسلام"، وتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، وبايع "حمزة" في التسجيل الملا عمر، زعيم حركة طالبان، كما أشاد بجهود زعيم "القاعدة في جزيرة العرب" ناصر الوحيشي، الملقب ب"أبو بصير"، كما وجه التحية إلى زعيم تنظيم القاعدة الحالي أيمن الظواهري الذي وصفه ب"رفيق الجهاد مع الوالد"، وأشاد بفروع، وأتباع "القاعدة" في الجزيرة العربية، وسوريا، وفلسطين، والعراق، والمغرب، والصومال، والهند، والشيشان، وإندونيسيا. كما دعا "حمزة" فى تسجيلاته إلى الدفاع عن غزة، والمسجد الأقصى، والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، محملًا أميركا مسئولية ما يحدث للفلسطينيين، بسبب دعمها للإسرائيليين، وطالب بقتال اليهود، والأمريكيين، ليس في فلسطين، وأفغانستان فحسب، بل في طول الأرض، وعرضها، كما طالب بنقل ساحة المعركة من كابل، وبغداد، وغزة، إلى واشنطن، ولندن، وباريس، وتل أبيب، وجميع المصالح الأمريكية، واليهودية، والغربية في العالم، داعيًا إلى الاقتداء بنضال حسن، ومحمد مراح، وعمر فاروق، والأخوين تامر، وجوهر تسارنييف الذين شنوا هجمات من نوعية "الذئاب المنفردة" في أميركا، وفرنسا. وفي التاسع من مايو 2016 وزع تنظيم "القاعدة" كلمة صوتية ل "حمزة" حملت عنوان "ما القدس إلا عروس مهرها دمنا"، وتم بثها عبر مؤسسة "السحاب"، الذراع الإعلامية لتنظيم "القاعدة"، وعلى الرغم أن الكلمة ركّزت على فلسطين، إلا أنها تناولت "الجهاد في الشام"، داعيًا المجاهدين هناك إلى توحيد صفوفهم، وحض من يستطيع المشاركة في الجهاد على الالتحاق بسوريا. وفي التسجيل أكد "حمزة" على إصرار المقاتلين على تحرير فلسطين بالرغم من "اتفاقيات السلام"، داعيًا إلى "تطهير الدولة الإسلامية من داعميهم اليهود" في إشارة إلى الولاياتالمتحدة، والغرب، وبشر حمزة ب"تكوين جيش عظيم" وصفه ب"السحاب العرمرم لتحرير القدس". كما ظهر "حمزة" فى تسجيلات مصورة سابقة له، وهو يتدرب على القتال، مما يُعنى أنه حظي بتدريب عسكري منذ صغره، وفي الظاهر يمتلك "الكاريزما" التي كانت لوالده، علمًا بأن الأخير كان قد أشار في رسائل سابقة إلى قرب "حمزة" منه، ونيته في أن يُخلفه. وفي الوثائق التي عُثر عليها في مخبأ بن لادن، كان وثيقة تحمل الرقم 10، تظهر أن "حمزة" تدرب على صنع، واستخدام المتفجرات، كما أبدى منذ صباه الباكر رغبة في الالتحاق بصفوف الجهاديين. وكشف التسجيل الأخير ل"حمزة" عدة مؤشرات هامة، ومنها انتهاء فترة "حضانته"، والبدء الفعلي في ممارسة مهامه، وكذلك قوة تأهيله اللغوي، والمعرفي، وظهور الاهتمام برعايته من قبل الجهة "الحاضنة"، بالإضافة إلى ارتباط "حمزة" وفريق العمل المحيط به بمنصات القاعدة الإعلامية. كما يظهر من تحليل صوتيات "حمزة" أنه تعرّض لعناية خاصّة في تدريبه، وتفقيهه بالواقع على الطراز القاعدي الذي بناه تيار "التكفير والهجرة" في إعداد القيادات العامّة، كما يظهر أنه يتبع أدبيات القاعدة التي نجحت في بدايات المشاركة في الحرب الأفغانية كتحريك العواطف باتجاه القدس، والقضايا الإسلامية العالمية، لكن نبرة "حمزة" العدائية ضد أوروبا مرتفعة، وربما طغت على عدوانيته ضد أمريكا، وإسرائيل.