أكد تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال, أنه بالتزامن مع الزيارة الرسمية التي يقوم بها الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الرياض، تم تناول العلاقات بين الولاياتالمتحدة والسعودية التي تشهد توتراً غير مسبوق على رغم الشراكة الإستراتيجية بين الدولتين. ويرى التقرير، الذي أعدته كل من كارول لي و مارجريتا ستانكاتي أن أوباما يسعى إلى تشجيع استقرار الشرق الأوسط من خلال تحسين العلاقات ما بين السعودية وإيران، وذلك على الرغم من أن الولاياتالمتحدة يُنظر إليها باعتبارها جزءاً من المشكلة. يقول التقرير: "خلال زيارته إلى الرياض، سيحاول أوباما تعزيز أجندة السياسة الخارجية التي تضع واشنطن في مكانة الوسيط ما بين السعودية وإيران في ظل تزايد خطورة المواجهات بينهما في منطقة الشرق الأوسط. ولكن داخل المنطقة، يُنظر إلى الولاياتالمتحدة، على نطاق واسع، باعتبارها المسؤولة عن تسريع الاحتكاك ما بين الرياض وطهران، الأمر الذي يقود إلى دخول المنطقة في مرحلة جديدة من عدم الاستقرار". ويلفت التقرير إلى أن ثمة أمور أدت إلى تراجع النفوذ الأمريكي الملموس في المنطقة ومنها الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من العراق عام 2011 وكذلك إبرام الاتفاق النووي الإيراني الذي دفع به الرئيس أوباما رغم معارضة الرياض، ورفعت بموجبه العقوبات الدولية عن إيران، ولكن ذلك لم يقابله تحقيق الآمال بأن يصبح سلوك ملالي إيران، "أكثر مسؤولية". وعلاوة على ذلك، فقد احتدمت الصراعات في كل من سوريا واليمن، في ظل مشاركة ضئيلة للولايات المتحدة، وهو ما شجع على استخدام قوات للحرب بالوكالة، وساهم الانخفاض الحاد في استهلاك الولاياتالمتحدة للنفط الأجنبي في إثارة بلبلة في أسواق الطاقة. ورغم التوتر الذي تشهده الولاياتالمتحدة في علاقاتها مع حلفائها في الشرق الأوسط، فإن البيت الأبيض يعلق آماله العريضة، من أجل الوصول إلى شرق أوسط أكثر استقراراً في السنوات القادمة، على "احتمال غير مؤكد"، بحسب التقرير، يتمثل في الحض على إقامة "علاقة عمل"، أو ما يُطلق عليه أوباما "السلام البارد" ما بين السعودية وإيران، وهو الأمر الذي سوف يطرحه أوباما على قادة دول مجلس التعاون الخليجي. ويشير تقرير وول ستريت جورنال إلى اعتقاد المسؤولين الأمريكيين أن المحادثات السياسية لحل الصراعات في كل من سوريا واليمن يمكن اعتبارها وسائل محتملة لتحقيق ذلك التحول المنشود في العلاقات ما بين السعودية وإيران، الأمر الذي ربما يسهم، من وجهة نظرهم، في حل الخلافات المعتدلة حول سياسة الطاقة وغيرها من القضايا. ولكن تنفيذ هذه الإستراتيجية يتطلب، على الأقل، موافقة زعماء دول الخليج الذين سيشاركون في قمة الرياض، مع افتراض استعداد إيران للقيام بدورها. ومن ثم يتمثل الخطر الرئيسي في أن الأمور قد تزداد سوءاً على الجبهتين إذا استمرت إيران في تعنتها، وابتعدت السعودية عن الولاياتالمتحدة بسبب الخلاف حول هذا النهج. وتواجه محاولة أوباما للتوفيق بين السعودية وإيران ودفعهما إلى إقامة حوار، مشكلة رئيسية تتمثل في انعدام الثقة العميق والطويل الأمد ما بين الولاياتالمتحدةوإيران، وكذلك تزايد الشكوك لدى الرياض في اعتبار واشنطن حليفاً موثوقاً به. يقول التقرير: "يرى المسؤولون في البيت الأبيض أن سياسة أوباما إزاء الشرق الأوسط تستهدف تعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب بالتعاون مع دول الخليج، وفي الوقت نفسه العمل على توسيع المصالح الأمريكية على نطاق واسع، بما في ذلك التفاوض على الاتفاق النووي مع إيران، وتجنب الغزوات العسكرية الكبرى". بيد أن جوهر الخلاف الحالي ما بين السعودية والولاياتالمتحدة، بحسب وول ستريت جورنال، يتمثل في نهج التعامل مع إيران، التي يتفق الطرفان على أنها "قوة مزعزعة للاستقرار في المنطقة". ولكن أوباما قد تولى منصبه خلال عام 2009 عقب حملة ترويجية لفكرة تقارب الولاياتالمتحدة مع إيران، وهو ما يعتبر تحولاً عن سياسة إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، ويتعارض أيضاً مع سياسة الرياض. وانزعجت السعودية من سلسلة التحركات الأمريكية التي تلت ذلك، ومنها قرار البيت الأبيض تشجيع الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك على التنحي خلال عام 2011 الذي شهد احتجاجات ما أُطلق عليه "الربيع العربي"، إضافة إلى انسحاب القوات الأمريكية من العراق، والمفاوضات مع إيران بشأن صفقة النووي، وتراجع أوباما عن شن ضربات عسكرية في سوريا بعد تجاوز نظام بشار الأسد "للخط الأحمر" الذي وضعه أمام استخدام الأسلحة الكيميائية. وينوه التقرير إلى قيام الولاياتالمتحدة بزيادة إنتاجها للنفط، الأمر الذي أدى إلى وفرة نفطية كانت سبباً في تراجع الأسعار خلال عام 2014، مشيراً إلى التنافس الذي تشهده أسواق النفط في الوقت الراهن بسبب عزم إيران على زيادة انتاجها إلى مليون برميل يوميا بنهاية العام الحالي، وكذلك انهيار المحادثاث بين الدول النفطية خلال الأسبوع الماضي؛ إذ رفضت إيران المشاركة في المحادثات أو تثبيت إنتاج النفط.