أوضحت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية فى تقرير لها , أنه على مدى العقود السبعة الأخيرة، وفرت صور الرؤساء الأمريكيين مع ملوك السعودية دليلاً بصرياً على تحالف إستراتيجي وثابت بين الولاياتالمتحدة والمملكة الغنية بالنفط في الشرق الأوسط. ويقول مايكل شير , كاتب التقرير, إن الرئيس باراك أوباما سيضيف الأربعاء صورة أخرى إلى قصاصات الصحف عندما يصل إلى الرياض لإجراء محادثات مع الملك سلمان بن عبدالعزيز. لكن الصورة المتوقعة للزعيمين لن تعكس عمق التوتر بين العلاقات بين الرياضوواشنطن. فخلال ولايتي أوباما، برزت خلافات كبيرة بين الجانبين في شأن طريقة إحتواء إيران ومكافحة داعش ومستقبل سوريا والمواجهات في اليمن. ولا شك في أن التصريحات التي أدلى بها أوباما عن السعوديين إلى مجلة ذا أتلانتيك أخيراً عمقت سوء النية. ويقول فريديرك وهري الباحث في برنامج الشرق الأوسط في معهد كارنيغي إن "العلاقات مضطربة ومتوترة، وإن يكن يضيف أنها "لا تتجه إلى انهيار قريب". وهذا في رأي شير، لأن البلدين يحتاجان إلى بعضهما. فالولاياتالمتحدة توفر مساعدة عسكرية واستخباراتية لدعم المملكة في أمنها الإقليمي، ويتوقع إعلان مساعدة إضافية هذا الأسبوع. وتساهم السعودية في مكافحة جماعات مثل القاعدة، ولا تزال ثاني أكبر مصدر للنفط للولايات المتحدة مع مليون برميل يومياً تقريباً. والان، ومع قرب انتهاء ولاية أوباما، يقول الكاتب إن السعوديين ينظرون إلى ما أبعد منه، أي إلى الفائز في الإنتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني).وتقول دانيال بليتكا، نائب مدير الدراسات الخارجية والسياسة الدفاعية في "معهد أمريكان انتربرايز": "بالنسبة إليهم، لقد أبحرت سفينة أوباما منذ وقت طويل. وهم على غرارنا، لا يعرفون شيئاً عن الآتي". ويذكر الكاتب أنه في السنوات السبعين منذ دشن الرئيس الامريكي فرانكلين روزفلت التحالف في نهاية الحرب العالمية الثانية، تطلع السعوديون خصوصاً الى الولاياتالمتحدة لمساعدتهم على ضمان أمنهم في منطقة مضطربة. أرادوا أن تكون الولاياتالمتحدة سنداً لهم، وتحديداً في نزاع محتمل مع إيران، العدو الإقليمي القديم للمملكة. وهذا يعني، في الجزء الأكبر منه، معدات عسكرية. وقد ساعدت الولاياتالمتحدة السعودية على الحصول على أسلحة لردع إيران. وأخيراً سعى السعوديون إلى الحصول على مساعدة استخباراتية وتدريب، وقد وفرت واشنطن لهم دعماً لوجيستياً ومعلوماتياً لحربهم في اليمن. ومن المتوقع أن تعلن الولاياتالمتحدة هذا الأسبوع أنها تعزز الدفاعات الصاروخية الباليستية في المنطقة وتوفر دعماً جديداً للجهود السعودية لمواجهة الهجمات الإلكترونية من إيران وغيرها. ويقول أنطوني كوردسمان الذي يرأس كرسي أرليه بورك في الشؤون الإستراتيجية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إن السعودية صارت "أكثر اعتماداً على الجيش الأمريكي في أي تطور طارئ جدي".ويقول الكاتب إن الولاياتالمتحدة تنظر إلى السعودية كمصدر للاستقرار في الشرق الأوسط وكحليف شكلت احتياطاته النفطية أهمية كبيرة للمصالح الأمريكية حتى وقت قريب. ويقول ف.جريجوري جوز، البروفسور في كلية بوش للخدمات الحكومية والعامة في جامعة أ وم في تكساس أن "الرؤساء الأمريكيين يريدون علاقة لائقة مع البلاد التي تصدر نفطاً أكثر من أي دولة أخرى في العالم". وعملت السعودية مع الولاياتالمتحدة في الحملة ضد القاعدة، وأخيراً ضد داعش الذي يعتبرخطراً إقليمياً ضد المصالح الأمريكية.وسعت واشنطن إلى الحصول على مساعدة المملكة لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا. ويقول مسؤولون في البيت الأبيض إن التحالف مع السعودية لا يزال قوياً. ومع ذلك، أقر روب مالي مستشار الرئيس للشرق الأوسط الأسبوع الماضي بأن "آراءنا وآراء بعض شركائنا في المنطقة، وتحديداً السعودية، لم تكن دائما منسجمة". ويقول الكاتب إنه من وجهة النظر السعودية، تراجعت الثقة السعودية بالولاياتالمتحدة عام 2011 نتيجة ما اعتبروه إخفاق أوباما في دعم حسني مبارك خلال الربيع العربي. واضطربت أكثر عندما حدد الرئيس الأمريكي خطاً أحمر ضد استخدام النظام السوري بشار الأسد الأسلحة الكيميائية ثم امتنع عن التحرك عسكرياً لتعزيزه. وذهب أوباما إلى القول أخيراً إنه فخور بتماسكه في اللحظة الأخيرة، لكن تلك الحادثة دفعت السعوديين إلى التساؤل عن التزام الولاياتالمتحدة الدفاع عن حلفائها في المنطقة. وفي السنوات التالية تحولت تلك التساؤلات قلقاً عميقاً، وتحديداً مع انخراط أوباما مع إيران التي كانت دولة منبوذة ديبلوماسياً، في محاولة للتوصل الى اتفاق لإنهاء البرنامج النووي الإيراني.وقد أشاد مسؤولون أمريكيون بالإتفاق الذي أمكن التوصل إليه العام الماضي، واصفين إياه بأنه نجح في منع إيران من التحول قوة نووية. ولكن الاختراق بين الأمريكيين والإيرانيين يعتبر داخل السعودية تحولاً خطيراً في ميزان القوى في المنطقة. ويخشى السعوديون الهجمات التقليدية والإرهابية من إيران، ويقلقهم أن تتراجع واشنطن عن التزاماتها الدفاعية التي حافظت عليها لعقود. وثمة مشكلة أخرى تكمن بحسب الكاتب في شكوك قديمة تتعلق بهجمات 11 سبتمبر .وفي الأيام الأخيرة، حذر مسؤولون سعوديون نواباً أمريكيين من أنهم قد يبيعون أصولاً أمريكية قيمتها مئات مليارات الدولارات إذا أقر الكونغرس مشروع قانون يتيح تحميل الحكومة السعودية مسؤولية أمام محاكم أمريكية عن أي دور في الهجمات. ومع ذلك، يقول مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأمريكية أن العلاقة أفصل الآن، عشية زيارة أوباما للمملكة، مما كانت عليه قبل سنتين، بعد حادثة "الخط الأحمر"، موضحاً أن الجهود التي بذلها وزر الخارجية الأمريكي جون كيري ومدير وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية جون برينان أدت إلى تعاون السعودية في تسويق اتفاق وقف النار في سوريا وتعاون الولاياتالمتحدة في الحرب السعودية ضد المتمردين الذين تدعمهم إيران في اليمن. وإذا كانت العلاقات تتحسن، يقول الكاتب إن ذلك يحصل على رغم التصريحات القاسية لأوباما عن السعودية في سلسلة من المقابلات مع جيفري غولدبرغ أخيراً. ومع أن البيت الأبيض حاول تقليل أثر تصريحات أوباما، يقول أشخاص مطلعون على ردود السعوديين إن كلام الرئيس الأميركي يؤكد شكوك الرياض في أنه غير ملتزم مصالحها. وتقول بليتكا إن ما حصل "سيضفي على اللقاء برودة لم تكن ضرورية". وإذا كان السعوديون مستعدين لقلب الصفحة على رئاسة أوباما، يقول الكاتب إنهم قلقون مما سيحصل لاحقاً، وخصوصاً إذا فاز دونالد ترامب أو تيد كروز. ومن وجهة النظر السعودية، قد تمثل هيلاري كلينتون عودة إلى نوع من السياسة الخارجية التي يتذكرونها عندما كان زوجها بيل كلينتون رئيساً.ولكن لا شيء محسوماً في هذا الموسم الإنتخابي. أما السيناتور برني ساندرز، المرشح الآخر للانتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطي فهو غير معروف للسعوديين.