من 100 سنة، مرسوم ملكي بحل أول مجلس نواب مصري بعد دستور 1923 (فيديو)    الوزراء: منظومة الشكاوى الحكومية تلقت 2679 شكوى بمخالفات مخابز    الأقباط يؤدون صلوات الجمعة العظيمة بكنائس قنا    طب الفيوم تحصد لقب الطالبة المثالية على مستوى الجامعات المصرية    برلماني: تدشين اتحاد القبائل العربية لمواجهة خطط الطامعين    مطران دشنا يترأس طقس الجمعة العظيمة بكاتدرائية مارجرجس    توريد 102 ألف طن من القمح حتى الآن لموسم الحصاد الحالي في أسوان    رئيس شعبة مواد البناء: سعر طن الحديد تراجع 22 ألف جنيه خلال شهرين    إيقاف أعمال مخالفة بقطاع حي المصالح في قنا    بعد محور جرجا على النيل.. محور يربط «طريق شرق العوينات» و«جنوب الداخلة - منفلوط» بطول 300 كم لربط الصعيد بالوادي الجديد    وزير الشباب والرياضة يتفقد معسكر "يلا كامب" بمدينة دهب    خبير: ابدأ ترسخ توطين الصناعة وإنشاء مشروعات تتوافق مع السوق المحلي والأجنبي    "حياة كريمة" تكثف جهودها وتواصل مبادراتها لدعم القضية الفلسطينية    بسبب سوء الأحوال الجوية، أمريكا تغير مكان تجميع رصيف غزة العائم    آصف ملحم: الهجمات السيبرانية الروسية تجاه ألمانيا ستظل مستمرة    بانسيرايكوس القبرصي يكشف تفاصيل فسخ عقد عمرو وردة    أنشيلوتي يؤكد مشاركة نجم ريال مدريد أمام قادش    ردا على بيان الاهلي.. الكومي يكشف تفاصيل ما سوف يحدث في أزمة الشيبي والشحات    سبب رفض الكثير من المدربين فكرة تدريب البايرن    حريق يلتهم 200 نخلة بكلح الجبل في إدفو بأسوان    التربية والتعليم: نظام التصحيح الإلكتروني "بابل شيت" لا يشوبه أخطاء    بعد غيبوبة 10 أيام.. وفاة عروس مطوبس تفجع القلوب في كفر الشيخ    تسرب غاز السخان.. إصابة طف.لين باختناق في الدقهلية    "قطّعت جارتها وأطعمتها لكلاب السكك".. جريمة قتل بشعة تهز الفيوم    ريم أحمد تنهار من البكاء في عزاء والدتها (فيديو)    بعد عرضها فيلم السرب في قصور الثقافة.. مصطفى بكري يوجه الشكر للشركة المتحدة (فيديو)    "ربنا يتصرف فيكم".. فريدة سيف النصر ترد على الاتهامات في كواليس "العتاولة"    في اليوم العالمي للصحافة، 5 مطالب لاتحاد الصحفيين العرب    أجمل دعاء ليوم الجمعة.. أكثر من الصلاة على سيدنا النبي    أحمد كريمة: علم الطاقة «خزعبلات» وأكل لأموال الناس بالباطل.. فيديو    حسام موافي يقدم نصيحة للطلاب قبل انطلاق ماراثون امتحانات الثانوية العامة (فيديو)    حسام موافي يوجه نصائح للطلاب قبل امتحانات الثانوية العامة (فيديو)    «السمكة بتخرج سموم».. استشاري تغذية يحذر من خطأ قاتل عند تحضير الفسيخ (فيديو)    المؤتمر الدولي لكلية الألسن بجامعة الأقصر يعلن توصيات دورته الثالثة    برشلونة يوافق على انتقال مهاجمه إلى ريال بيتيس    في تكريم اسمه |رانيا فريد شوقي: أشرف عبد الغفور أستاذ قدير ..خاص    رئيس قوى عاملة النواب يهنئ الأقباط بعيد القيامة    إعفاء 25% لطلاب دراسات عليا عين شمس ذوي الهمم من المصروفات الدراسية    بالصور| انطلاق 10 قوافل دعوية    علاء نبيل: لا صحة لإقامة دورات الرخصة C وهذا موعد الرخصة A    المحكمة الجنائية الدولية عن التهديدات ضد مسئوليها: يجب أن تتوقف وقد تشكل أيضا جريمة    ضبط ربع طن فسيخ فاسد في دمياط    حبس 9 أشخاص على ذمة التحقيقات في مشاجرة بالمولوتوف بين عائلتين ب قنا    تنفيذ إزالة فورية لتعدٍّ بالبناء المخالف بمركز ومدينة الإسماعيلية    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    انتظروا الشخصية دي قريبًا.. محمد لطفي يشارك صورة من كواليس أحد أعماله    في اليوم العالمي وعيد الصحافة.."الصحفيين العرب" يطالب بتحرير الصحافة والإعلام من البيروقراطية    بواسطة إبراهيم سعيد.. أفشة يكشف لأول مرة تفاصيل أزمته مع كولر    المنتدى الاقتصادي العالمي يُروج عبر منصاته الرقمية لبرنامج «نُوَفّي» وجهود مصر في التحول للطاقة المتجددة    المقاومة الفلسطينية تقصف تجمعا لجنود الاحتلال بمحور نتساريم    بيان عاجل من المصدرين الأتراك بشأن الخسارة الناجمة عن تعليق التجارة مع إسرائيل    بقير: أجانب أبها دون المستوى.. والمشاكل الإدارية عصفت بنا    التعليم العالي: مشروع الجينوم يهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري    سموتريتش: "حماس" تبحث عن اتفاق دفاعي مع أمريكا    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    الغدة الدرقية بين النشاط والخمول، ندوة تثقيفية في مكتبة مصر الجديدة غدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر وحركة عدم الانحياز..تاريخ طويل من الدفاع عن حقوق الدول النامية
نشر في الموجز يوم 08 - 05 - 2012

تؤكد مشاركة مصر الفعالة فى قمم حركة عدم الانحياز منذ تأسيس الحركة, علي الدور المصري الريادي، ليس فقط في نطاق الإقليم وإنما أيضا على المستوى
الدولي، خاصةً فيما يتعلق بالدفاع عن قضايا الدول النامية لتحصل على
نصيبها العادل سياسيا وتنمويا.
إن نظرة سريعة على تاريخ حركة عدم الانحياز التي ظهرت إلى الوجود قبل
نحو نصف القرن من الزمان، تكفى لإظهار الدور الذي اضطلعت به مصر
ودبلوماسيتها النشطة في بلورة فكرة إنشاء هذه الحركة أصلا ثم تحويل هذه
الفكرة إلى كيان ملموس على ارض الواقع ظلت ترعاه على مدى السنين جنبا الى
جنب مع مجموعة الدول الرئيسة المؤسسة للحركة ومنها الهند واندونيسيا
ويوجوسلافيا , فيما تكثف جهودها الآن مع العديد من الدول الحريصة على دعم
الحركة من اجل تطوير أهداف وآليات الحركة وجعلها اصلب عودا فيما يتعلق
بالتعامل مع التغييرات الكبيرة التي تشهدها الساحة العالمية سياسيا
واقتصاديا وثقافيا لاسيما بعد أن تحولت الحركة من كيان يضم 24 دولة عندما
استضافت يوجوسلافيا القمة الأولى في عام 1961 إلى كيان عملاق يضم حاليا
120 دولة تمتد من أفريقيا إلى آسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية.
ويشير المراقبون إلى أن المؤسسين الأوائل لحركة عدم الانحياز اختاروا أن
يكون الإطار الذي تنضوي تحته دول عدم الانحياز هو حركة وليس منظمة وهو ما
يجنبها الكثير من سلبيات تضخم وترهل وبيروقراطية السكرتارية العامة لمثل
هذه التجمعات الكبيرة, حيث لا يوجد للحركة سكرتير عام أو سكرتارية دائمة
وإنما تتم إدارتها من خلال لجنة الترويكا الرئاسية ومكتب التنسيق
بنيويورك الذى يضم ممثلي الدول الأعضاء الموجودين أصلا في الأمم المتحدة.
وتتمتع الحركة بصوت مسموع وبقوة تصويتية كبيرة في قضايا مثل حقوق الإنسان
، والشئون الإدارية والمالية للأمم المتحدة.
أما عن مسيرة ونشأة حركة عدم الانحياز، فقد بدأت بسعي الدول الآسيوية إلى
تشكيل منظمة إقليمية تجمعها، وعقدت مؤتمر العلاقات الآسيوية في "نيودلهي"
عام 1943 ، إلا أن تباين وجهات النظر بين الوفود حال دون تشكل هذه
المنظمة، ثم ما لبثت الهند وباكستان وإندونيسيا أن دعت لعقد مؤتمر في
باندونج، اتسعت قاعدة عضويته لوفود أفريقية وآسيوية، وبدأ المؤتمر في (18
من إبريل 1955م)، واستمر لمدة ستة أيام، وحضرته وفود (29) دولة، وكان هذا
المؤتمر بمثابة نقطة الانطلاق الأولى لحركة عدم الانحياز .
ونتج عن مؤتمر باندونج توطيد العلاقات الشخصية بين بعض زعماء الدول
الحضور؛ فقد كان باندونج أول رحلة للرئيس المصري "جمال عبد الناصر" خارج
مصر بعد نجاح ثورة يوليو، فتوطدت العلاقات بينه وبين الزعيم الهندي
"نهرو".
وترجع تسمية عدم الانحياز إلى خطاب ألقاه نهرو في (شعبان 1373ه = أبريل
1950م) حيث رأى في عدم الانحياز هوية مستقلة ودورًا إيجابيًا نشطًا، وليس
موقفًا سلبيا إزاء التكتلات الخارجية. ومع امتداد النصف الثاني من
الخمسينيات تبلورت لحركة عدم الانحياز قيادة ثلاثية ضمت: نهرو، والرئيس
اليوغسلافي تيتو، وجمال عبد الناصر، واستفادت هذه القيادات من تصدرها
لحركة عدم الانحياز في خدمة تطلعاتها القومية؛ فتيتو وجد في الحركة
عنصرًا مؤازرًا له بعد قطيعته مع الاتحاد السوفيتي، أما نهرو فوجد فيها
عونًا له في مواجهة التهديدات الصينية، وضغوط الأحلاف العسكرية الأمريكية
في آسيا. أما عبد الناصر فكان يحتاج إلى مساندة عالمية له أثناء صعوده
إلى السلطة -خاصة أنه حديث عهد بها- يضمن له استقلال مصر.
ظهرت الحركة إلى الوجود نتيجة لحالة الاستقطاب الدولي في الخمسينات من
القرن الماضي بين المعسكرين الشرقي والغربي ونجحت طوال الحرب الباردة فى
الحفاظ على تماسكها ودورها فى الدفاع عن قضايا دول العالم الثالث ودعم
قضايا الاستقلال. وبالإضافة لنجاح الحركة فى القضاء على الاستعمار، فإنها
اهتمت بقضايا التنمية الاقتصادية وخرجت من عباءة الحركة مجموعة ال 15
التي أنشأت بقرار قمة عدم الانحياز عام 1989 والتى تعد محفلا اقتصاديا
تنمويا يجمع الدول الرئيسية بالحركة ومن بينها مصر .
ونشطت الحركة منذ إنشائها في تعاون الجنوب/ الجنوب وبحثت الكثير من
المشروعات التي تحقق زيادة التبادل التجاري والتقدم الاقتصادي
والتكنولوجي في الجنوب. كما اهتمت حركة عدم الانحياز بقضايا الأمية
والفقر ومكافحة المرض ، ونجحت في خلق جبهة قوية على الساحة الدولية تتحدث
بصوت واحد يمثل دول العالم الثالث فى المنظمات الدولية وأهمها الأمم
المتحدة حيث لم يعد بمقدور الدول الصغيرة او حتى المتوسطة مواجهه
التحديات الحالية إلا من خلال إطار متماسك يجمعها مع الدول الأخرى .
وفى نفس الوقت فان حركة عدم الانحياز بما تتمتع به من موارد يمكن ان تشكل
إطارا مهماً فى خدمة قضايا الدول النامية حيث تملك الحركة طاقات وموارد
طبيعية ضخمة يحتم عليها اضطلاعها بدور مهم على المستوى الدولي، إذ تمثل
51% من عدد سكان العالم كما تملك 86% من موارد العالم من البترول و52% من
الموارد المائية, وكل هذه العوامل تمثل قوة يمكن استغلالها كعناصر للتفوق
لمواجهه المتغيرات العالمية.
إن مصر لها دور مؤثر ومحوري في دعم الحركة ودفع جهودها نحو تحقيق الأهداف
التى قامت الحركة من أجلها وقد استمر الدور المصري بدءً من المساعدة في
إنهاء الاستعمار وحل النزاعات فى مناطق الصراع المختلفة وخاصة في أفريقيا
، مرورا بالتعاون في إنشاء المشروعات التنموية فى مجالات متعددة مثل
الزراعة والتعليم والري ومكافحة الأمراض .
كما استمر دور مصر فى التقدم بمقترحات تهدف الى تعزيز دور الحركة وجعلها
أكثر قدرة على التفاعل مع المتغيرات الدولية المتوالية ومنها الاقتراح
الذى تقدمت به فى الاجتماع الوزاري لدول الحركة فى مدينة ديربان فى جنوب
أفريقيا فى عام 2004 ويدعو الى تطوير الحركة وتجديدها بما يتواكب مع
المتغيرات الجديدة فى العالم ويجعلها أكثر فاعلية فى توجيه مسارات
التفاعلات السياسية الدولية .
واستمرارا لدور مصر فى تطوير الحركة فقد طرحت مصر رؤيتها لمستقبل الحركة
خلال القمة الثالثة عشرة للحركة فى عام 2003 حيث شددت فى هذا الصدد على
أنه لا معنى للتطوير بغير الثبات على الهدف والتمسك بالمبادئ، وحذرت من
أن أى محاولة للمساس بمبادئ عدم الانحياز يعنى تقويض أركانها ودفع
أطرافها نحو جدل عقيم مؤكدا أن أصالة الانتماء إلى فكر الحركة هو الضمان
الحقيقي لجني ثمار العولمة واحتواء ما تنطوى عليه من أضرار ومخاطر.
وقد اكتسبت حركة عدم الانحياز بمثل هذه الرسالة صك ميلاد جديد يعبر عن
إرادة الشعوب وأن حركة عدم الانحياز فى مرحلتها الحالية تتجه للعمل على
تعزيز قيام ديمقراطية عالمية والتشجيع على حوار الحضارات والاستمرار فى
النضال من أجل وقف الحروب كأداة لحل النزاعات ان دور مصر التاريخي في
تأسيس الحركة بالإضافة إلى ثقلها الحضاري والسياسي يعدان بمثابة القاعدة
التى ترتكز عليها مصر فى تطوير
الحركة فى المستقبل .
وتعمل الحركة وسط متغيرات دولية جديدة تفرض تحديات كبيرة أمام الحركة
ودورها المستقبلي .وكانت حركة عدم الانحياز من أكثر الحركات تأثرا بهذه
المتغيرات، فأحداث الحادي عشر من سبتمبر أثرت على مبادئ العلاقات الدولية
والقانون الدولي. وصاحب ذلك تغيرات إستراتيجية فى سياسات الأمن الدولي
وكان نتيجة هذه الاستراتيجيات الجديدة اهتزاز في أسس العمل متعدد الأطراف
مما أدى إلى إعادة نظر الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية
الأخرى في أولوياتها ومواجهة التحديات الجديدة للحفاظ على السلم والأمن
الدوليين .
و من التحديات التي تواجه دول عدم الانحياز الحوار بين الحضارات حيث أن
العولمة التي أسئ استخدامها أسفرت عن تهديدات بفرض أنماط ثقافية
واجتماعية محددة على دول العالم النامي بغير مراعاة للتعددية الثقافية
والفروق الحضارية والاجتماعية . ولهذا اقترح المؤتمر الوزاري لدول حركة
عدم الانحياز فى ديربان فى عام 2004 إجراء حوار بين الحضارات لتأكيد
أهمية الحفاظ واحترام التعددية والاختلاف الثقافي والاجتماعي والحضاري .
ومن التحديات الكبرى التى تواجه الحركة سبل دعم العمل الجماعي متعدد
الاطراف فى مواجهه السياسات الانفرادية أحادية الجانب وقد اكدت الحركة فى
المؤتمر الوزارى أهمية دعم العمل الجماعى متعدد الاطراف من خلال دعم
الأمم المتحدة ومنظماتها وأجهزتها وعلى رأسها الجمعية العامة واعادة
اصلاح وهيكلة مجلس الامن بهدف إلزام الدول الاعضاء بمقرارتها وعدم دفع
هذه الدول للعمل خارج النظام الدولى . و تضم هذه التحديات أيضا ضرورة
الحفاظ على مبادئ القانون الدولى فى العلاقات الدولية والخلاص من أسلحة
الدمار الشامل بطريقة فاعلة ومكافحة الارهاب والحفاظ على حقوق الانسان ،
وجعل الامم المتحدة اكثر فاعلية لاحتياجات الجميع للحفاظ على السلام
والامن والاستقرار الدولى .
ويرى المحللون السياسيون أنه ازاء هذه التحديات التى تواجه حركة عدم
الانحياز فان تنشيط دور حركة عدم الانحياز يعتمد بشكل أساسي على التركيز
على قضايا التعاون الاقتصادى بين دولها فى ظل العولمة ، ومعالجة تزايد
الفجوة بين الشمال والجنوب ، وذلك لبلورة نظام اقتصادى دولى أكثر عدالة ،
ويضمن تحقيق مصالح جميع أطرافه .
فالحركة يمكن ان يكون لها دور كبير فى قضايا السلم والأمن الدوليين ويمكن
لها ان تتدخل بفاعلية في منع وإدارة الصراعات والأزمات والحروب الأهلية
التي تقع في نطاقها الجغرافي كقضية فلسطين والعراق وإيران وكذلك فى
مواجهه الإرهاب الذي أصبح خطرا يواجه الجميع .
و يرى مراقبون أن حركة عدم الانحياز سوف تظل نبراسا يضيء الطريق للعالم
النامي على مسرح الأحداث والتحديات ، ويقولون أنها تملك ان تقدم للعالم
الكثير فى الغد.. فدول عدم الانحياز مصممة على البقاء على الساحة الدولية
بكل متغيراتها الإقليمية والدولية وقد واجهت التحدى ضد محاولات تهميشها.
الرؤية المصرية لحركة عدم الانحياز
ترى مصر أن حركة عدم الانحياز تمثل الإطار الأهم، والأوسع نطاقاً لتنسيق
مواقف الدول النامية إزاء مختلف القضايا السياسية، والاقتصادية،
والاجتماعية المطروحة على أجندة الأمم المتحدة، ودعم سبل العمل الجماعي
متعدد الأطراف في مواجهة السياسات الانفرادية ، أحادية الجانب، والتي
تعد إحدى التحديات الكبرى التي تواجه دول العالم الثالث ، وغالبيتها
أعضاء في الحركة .
وتبدى مصر اهتماما كبيراً للحركة ولضرورة الحفاظ عليها لما تتمتع به من
ثقل إقليمي ودولي كبيرين باعتبارها تضم ما يقرب من ثلثي دول العالم
الأعضاء بالأمم المتحدة ، ومن ثمّ تمثل كتلةً تصويتية لايستهان بها ،
ويتعين العمل على توثيق العلاقات بين دولها للدفاع عن مصالحها ومصالح
شعوبها .
وتتمثل أحد الركائز الأساسية التي يستند عليها الموقف المصري من حركة عدم
الانحياز في أنه إذا كانت الحركة قد نشأت في ظل نظام دولي ثنائي القطبية
فإن اختلاف هذه الظروف يفرض تطوير أدوات الحركة بما يعطيها إمكانية
المساهمة - من خلال مواقف بناءة ، وواقعية تحظى بإجماع من كافة دولها -
في التأثير على مجرى التفاعلات الدولية .
وقد لعبت مصر دوراً محورياً ليس فقط في تأسيس حركة عدم الانحياز رسمياً
خلال قمتها الأولى في العاصمة اليوغسلافية بلجراد في عام1961، وإنما
يعود هذا الدور إلى ما قبل مرحلة الميلاد الرسمي للحركة حينما لعبت مصر
دوراً بارزاً في بلورة فكرة إنشائها ، ثم تحويل هذه الفكرة إلى كيان
ملموس على أرض الواقع منذ البدايات الأولى في مؤتمر باندونج عام 1955 ،
والذي بذلت خلاله الدبلوماسية المصرية جهوداً كبيرةً بالاشتراك مع الدول
الرئيسية المؤسسة للحركة ، ومنها الهند ، واندونيسيا ، ويوغسلافيا لكي
ينجح المؤتمر ويحقق أغراضه ، وهو ما تحقق بالفعل على النحو الذي أثار
إعجاب وتقدير ساسة وقادة دول العالم في ذلك الوقت.
وترى مصر أن ما تشهده الساحة الدولية اليوم من تصدع لأركان ومبادئ أساسية
قامت عليها حركة عدم الانحياز هو أمر يدعو للقلق خاصةً ما يتعلق بعدم
التدخل في الشئون الداخلية للدول، واحترام سيادتها ، واستقرارها ،
واستقلال قرارها ، وعدم كفاية كل من السيادة الوطنية ، والوحدة الإقليمية
لمنع التدخل في الشئون الداخلية للدول ، بل أصبحت الشئون الداخلية ذاتها
ذريعةً وقناعاً لمن يرغب في فرض سيطرته على الآخرين ، وهى كلها تحديات
جسيمة تفرض ضرورة استمرار الحركة مع إعادة بنائها ، وتطوير قدراتها .
وتؤكد وثائق الحركة ومسيرتها الدور التاريخي الذي لعبته- وتلعبه مصر-
في تطوير الحركة وبث روح جديدة في جسدها ، ويشكل هذا الدور المصري
الرائد في تأسيس وبناء حركة عدم الانحياز, بالإضافة إلى ثقلها الحضاري
والسياسي القاعدة التي ترتكز عليها مصر لدعم مسيرة الحركة في المستقبل
عبر تكثيف جهودها المشتركة مع العديد من الدول الساعية لدعم الحركة من
أجل تطوير أهدافها وآلياتها ، وجعلها أكثر كفاءةً فيما يتعلق بالتعامل مع
التغيرات الكبيرة التي تشهدها الساحة العالمية سياسياً ، واقتصادياً ،
وثقافياً لاسيما بعد أن تحولت الحركة من كيان يضم 25 دولةً في قمتها
التأسيسية الأولى إلى كيان ضخم يضم حالياً 120 دولةً تنتمي لقارات
أفريقيا ، و آسيا، وأوروبا ، وأمريكا اللاتينية.
وتثبت مصر بمشاركتها الفعالة في قمم حركة عدم الانحياز - منذ تأسيس
الحركة - تفاعلها المستمر ودورها الريادي ، ليس فقط في نطاق إقليمها
وإنما أيضا للعمل على المستوى العالمي الأرحب للدفع بقضايا الدول النامية
حتى تحصل على نصيبها العادل سياسياً وتنموياً على الساحة الدولية على
اتساعها اقتناعاً منها بأهمية تعزيز العمل الجماعي متعدد الأطراف من خلال
دعم الأمم المتحدة ، ومنظماتها ، وأجهزتها وعلى رأسها الجمعية العامة
وإعادة إصلاح وهيكلة مجلس الأمن الدولي بهدف إلزام الدول الأعضاء
بمقرراتها ، وعدم دفع هذه الدول للعمل خارج النظام الدولي ، وبعيداً عن
إطارا لشرعية الدولية .
وقد استضافت مصر القمة الثانية للحركة في عام 1964 وسط فورة حركة
الاستقلال الوطني والتحرر على المستوى العالمي ، وكانت هذه القمة بمثابة
نقلة نوعية في تاريخ حركة عدم الانحياز حيث خرجت بالحركة من الإطار
السياسي العام إلى مرحلة التفاصيل الدقيقة ، والمعالجة المتعمقة للقضايا
، وبدأت عملية ترتيب القضايا المطروحة على جدول الأعمال وفقاً لنوعيتها
فيما أصبح يعد تقليداً ، أو فصولاً ثابتةً في البيانات الختامية اللاحقة
للحركة.
كما استضافت مصر القمة الخامسة عشرة للحركة فى يونيو 2009 ، وذلك تحت
شعار "التضامن الدولي من أجل السلام و التنمية " وبمشاركة أكثر من 152
دولة، وما يزيد عن 50 رئيسا وعدد كبير من الملوك والأمراء ورؤساء
الحكومات ، حيث تسلمت مصر –ولمدة ثلاث سنوات- رئاسة الحركة .
صدر عن قمة شرم الشيخ 2009 أربع وثائق أساسية تمثلت في:
الوثيقة الختامية.
إعلان شرم الشيخ.
خطة عمل شرم الشيخ.
إعلان فلسطين.
أكدت الوثيقة الختامية للقمة أن السلم والأمن الدوليين لا يزالا بعيدي
المنال نتيجة نزعة بعض الدول إلى اللجوء لإجراءات أحادية الجانب، ضاربة
عرض الحائط ما التزاماتها وتعهداتها بموجب الاتفاقيات الدولية ذات
الصلة،ولاسيما الاتفاقيات المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل و التقليدية ،
وكذا الإرهاب و انتهاكات حقوق الإنسان و القانون الدولي الانسانى كما
أكدت أيضا على ضرورة عدم إتباع المعايير المزدوجة في العلاقات الدولية
وعلى صعيد الأزمة العالمية الراهنة ، أكدت على ضرورة مطالبة المجتمع
الدولي بتجديد التزاماته بالدفاع عن أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة ،
ومبادئ القانون الدولي ، وكذا التعاون المكثف بين كافة الدول المتقدمة و
النامية لتجاوز تداعيات ، وأضرار هذا الأزمة التي تشكل أحد العوائق أمام
تحقيق مزيد ن التنمية الاقتصادية و التقدم الاجتماعي كما أكدت الوثيقة أن
الحركة مستمر في تبنى مبدأ المساواة بين الدول في السيادة وسلامة أراضيها
مع عدم التداخل في الشئون الداخلية لأي دولة، والاقتناع عن استخدام القوة
أو التهديد باستخدامها وكذا تشجيع حقوق الإنسان والحريات الأساسية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.