محافظ الغربية يرفع حالة الاستعداد القصوى لانتخابات النواب ويوجه بتجهيز اللجان ورفع كفاءة الخدمات    رئيس البرلمان العربي يطالب بمحاسبة الدعم السريع على جرائمها في الفاشر    مقتل 3 أشخاص على الأقل وإصابة 17 آخرين جراء هجمات روسية على شبكة الكهرباء الأوكرانية    لحظة بلحظة.. الزمالك 0 - 0 البنك الأهلي    السكوتر الكهربائي.. وسيلة تنقل تهدد الأرواح في الشوارع والقاهرة تتدخل بحظره وغلق محال بيعه    أزهر مطروح ينظم زيارة ميدانية لطلاب المعاهد إلى متحف الآثار لترسيخ الوعي بالحضارة المصرية    شاهد|«المجلس الصحي المصري»: إطلاق الدلائل الإرشادية خطوة تاريخية لحماية المريض والطبيب    مصر تحقق نجاحا إفريقيا في اتفاقية التجارة الحرة القارية بعد أربع سنوات    تداول صورة ل توروب مدرب الأهلي خلال زيارة سفارة الدنمارك بالقاهرة    منتخب التايكوندو يحقق المركز الخامس في بطولة العالم بالصين    عزوز رئيسًا لاتحاد منتجي ومصدري الحاصلات البستانية    بالتوقيت الشتوي.. مواعيد تشغيل القطار الكهربائي الخفيف LRT    براءة الشاب المتهم بالتعدى بالضرب على طفل العسلية فى المحلة    رسوم السحب النقدي من ماكينات الATM والحد الأقصى لعمليات السحب لجميع البنوك    المتحف المصري الكبير| رسالة سلام من قلب مصر إلى العالم: تقرير    هنا الزاهد أمام الأهرامات قبل افتتاح المتحف المصرى الكبير: مصرية وأفتخر    انطلاقة جديدة وتوسُّع لمدرسة الإمام الطيب للقرآن للطلاب الوافدين    مجلس الأمن يدين هجمات الدعم السريع على الفاشر ويدعو لتنفيذ القرار 2736    عاجل- مدبولي: بدء تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل بالإسكندرية من العام المالي المقبل وتكثيف الاستعدادات بمحافظة المنيا ضمن المرحلة الثانية    حافلة الزمالك تصل إلى ستاد القاهرة استعدادًا لمواجهة البنك الأهلي    خالد الجندي: افتتاح المتحف الكبير إنجاز عظيم للرئيس السيسي    بدء التوقيت الشتوى الليلة.. نصائح فعالة لضبط دورة نومك مع تغيير الساعة    وزير الرياضة يصدر قراراً بتشكيل اللجنة المؤقتة لإدارة شئون الإسماعيلي    اتحاد السلة يعلن جدول مباريات ربع نهائي دوري المرتبط «رجال»    محافظ الغربية يرفع يوجه بسرعة تجهيز الشاشات في الميادين استعدادا لحفل افتتاح المتحف الكبير    مصر تطرح رؤيتها حول استخدام الذكاء الاصطناعي في أعمال المراجعة    ارتفاع أسعار الفول وتباين العدس في الأسواق    بالأسماء.. إصابة طبيبة و4 ممرضين إثر سقوط سيارة في ترعة بالبحيرة    300 شاحنة مساعدات تغادر معبر رفح البري لدعم الشعب الفلسطيني بقطاع غزة    السيطرة على مشاجرة بين أشخاص داخل صيدلية بالشيخ زايد    محافظ القاهرة يصدر حركة تنقلات بين رؤساء الأحياء    كواليس هزيمة برشلونة أمام ريال مدريد.. الصحافة الكتالونية تتحدث    «ابن أمه ميتعاشرش».. 4 أبراج رجالهم لا يتخلون عن والدتهم رغم كبرهم    قافلة بين سينمائيات تطلق ورشة الفيلم التسجيلي الإبداعي 2026 لتأهيل جيل جديد من المخرجات    مدمن مخدرات.. القبض علي مسجل اعتدى بالضرب علي شخص وزوجته بالعمرانية    تأجيل محاكمة البلوجر أم مكة بتهمة بث فيديوهات خادشة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة الأقصر    مستقبل وطن يواصل مؤتمراته الجماهيرية لدعم مرشحيه وحث المواطنين على المشاركة في انتخابات النواب (فيديو)    تفاصيل قرار جديد للرئيس عبدالفتاح السيسي    سعر الليرة السورية مقابل الدولار بمنتصف تعاملات الخميس    تأجيل النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية 48 ساعة    عاجل الأحد المقبل بدء تسليم أراضي "بيت الوطن" للمصريين بالخارج بالقاهرة الجديدة    رئيس مجلس إدارة جهاز تنمية التجارة الداخلية الجديد يبدأ مهام عمله    أحمد موسى يتقدم ببلاغات للنائب العام ضد صفحات نشرت تصريحات مفبركة باسمه    المشدد من 3 إلى 15 سنة ل4 متهمين بحيازة أسلحة نارية وذخائر بشبرا الخيمة    وزير الصحة: أصدرنا حتى الآن أكثر من 115 دليلًا إرشاديًا فى مختلف التخصصات الطبية    وزيرة التضامن تشهد احتفالية الأب القدوة.. وتكرم شخصيات ملهمة    مدحت شلبي: محمد عبد المنعم يرفض العودة إلى الأهلي ويفضل الاستمرار في أوروبا    «نفسي أشتمنا».. يسري نصرالله ينعى المصورين ماجد هلال وكيرلس صلاح    الرئاسة تكشف تفاصيل لقاء السيسي ب رئيس مجلس الوزراء الكويتي    «بالزي الفرعوني وأعلام مصر» .. مدارس الإسكندرية تحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير في طابور الصباح (صور)    هل يحق للزوج منع زوجته من العمل بعد الزواج؟.. أمين الفتوى يجيب    أسعار النفط تسجل 64.52 دولار لخام برنت و60.11 دولار للخام الأمريكى    توفيق عكاشة: السادات أفشل كل محاولات إشعال الحرب في السودان    طابور الصباح فى الشرقية يحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير.. فيديو    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في الشرقية    طريقة استخراج جواز سفر مصري 2025.. التفاصيل كاملة    ترامب: كوريا الجنوبية ستدفع 350 مليار دولار مقابل خفض الرسوم الجمركية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لأول مرة .. التحليل النفسى لقادة داعش
نشر في الموجز يوم 30 - 01 - 2016

ذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية في تقرير لها, أن الباحثين من جميع أنحاء العالم يحاولون فهم الدوافع التي تقف خلف الشعور بالاستشهاد، الذي يتوق إليه الإرهابيون. ومما يزيد من تعقيد التفسيرات حقيقة أن هؤلاء القتلة لديهم مدى واسع من الجوانب النفسية.
ويُستخدَم تعبير "فَجَّروا أنفسهم" بشكل متزايد في الصحف، وعلى شاشات التلفزيون، لوصف أعمال المفجِّرين الانتحاريين. فما الذي يحدث في عقول الأشخاص الذين يلفون أجسادهم بأحزمة ناسفة لتفجير أكبر قدر ممكن من الدماء؟، وما دوافع الشبان الذين وُلدوا في فرنسا، لتنفيذ هذه الأعمال الإجرامية قبل قتل أنفسهم؟، لقد حاولت كتائب من الباحثين حول العالم فهم دوافع هؤلاء الإرهابيين الذين يدمرون أنفسهم منذ الهجوم الانتحاري ضد السفارة العراقية في بيروت عام 1981 -الذي أسفر عن مقتل 61 شخصاً-والذي سجل بداية سلسلة من العمليات الانتحارية.
ففي فرنسا، أخضعت مجلة Etudes sur la mort (دراسات حول الموت) هذا الموضوع لدراسة كاملة. يقول الطبيب النفسي الإيطالي أنطونيو بريتي إن "هذا الانتحار ذي المقصد العدائي له تاريخ طويل. إنه نوع من التضحية حيث يقوم الانتحاري بتدمير كل من يعتقد أنه مسؤول عن فشله. وهذه هي الطريقة الوحيدة التي يجدها أمامه لتحقيق انتقامه. وهذا هو العنف الناجم عن رجل يائس".
وفي الإنجيل، يقتل شمشون المقيَّد نفسه بتدمير قصر الفلسطينيين الذين يقمعونه. وخلال احتلال الجليل (66-70 قبل الميلاد)، قامت جماعة "حاملو الخناجر" اليهود بطعن الرومان في الشوارع برغم خطر تعرضهم للقتل. وينظر بعض المؤرخين إليهما باعتبارهما أول "إرهابيين" سياسيين. وعندما خسرت اليابان الحرب في 1945، كان الطيارون الانتحاريون اليابانيون المعروفون باسم "كاميكاز" يصدمون السفن الأمريكية بطائراتهم.
وهناك مثال مشابه هو، محمد مراح، الذي نفذ ثلاث عمليات هجوم بالبنادق مستهدفاً الجنود الفرنسيين ومدنيين يهود في مارس 2012، مما أسفر عن مقتل 7 أشخاص، قبل أن يلقى مصرعه برصاص الشرطة الفرنسية. وقدّم نفسه على أنه أحد المجاهدين المشاركين في حرب مقدسة ورد على المفاوضين الفرنسيين بقوله "يقف أمامكم رجل لا يخشى الموت. إنني أعشق الموت كما تعشقون الحياة".
من أين ينبع عشقهم للموت؟ لماذا يختارون قتل المدنيين بينما يقتلون أنفسهم في الوقت نفسه؟ تعتقد ، محررة مجلة (دراسات حول الموت)، وأستاذة الأمراض النفسية بجامعة لويس باستير في ستراسبرغ، ماري فريدريك باكيه، بعدم وجود "بنية شخصية" محددة للمفجرين الانتحاريين، حيث يمتلكون مجموعة واسعة من الجوانب السيكولوجية.
وتشرح ذلك قائلة: "سيكون من المطمئِن القول بأن تصرفات الكاميكاز تأتي نتيجة سياق تاريخي في عقول محددة: عقول مريضة، مجانين يندفعون نحو مذبحة بحماقة قاتلة. لكننا مضطرين إلى الاعتراف بأن الأمر ليس كذلك".
إن الإرهابيين ليسوا مرضى نفسيين، لأنهم يقتلون وهم في كامل وعيهم. فهم قتلة طبيعيون. ومثلما أدت محاكمات نورمبرغ إلى النتيجة التي توصلت إليها الفيلسوفة، حنّا آرنت، ومفادها أن الحالة الطبيعية البسيطة قد تؤدي بالمرء إلى ارتكاب جريمة قتل جماعي، فإننا مضطرين إلى إدراك أن الأشخاص الذين يحملون القنابل ويخطفون الطائرات غالباً ما يكونون أشخاصا "طبيعيين".
لا يشرح لنا "الملف الشخصي" للمرء دوافع الانتحاريين، لكن يمكن لعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا مساعدتنا في هذا الصدد. يقدم لنا الأنثروبولوجي، سكوت أتران، الذي التقى مع مقاتلي داعش وجهاديين أوروبيين شبان، بضعة تفسيرات.
في خطابه المثير للقلق بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 23 أبريل 2015 ، تحدث أتران عن "الجانب المظلم للعولمة"، مشيراً إلى أن "هناك حفنة من شباب الأوروبيين الذين "يشعرون بالذل" من الطريقة التي يُعامَلون بها هم وآباؤهم، حيث يرون أنهم منبوذون كمسلمين ولا يرون أنفسهم الآن "كفرنسيين أو عرب"، وبدأوا في رفض معايير وقيم المجتمع وهم في "كفاحهم بحثاً عن هوية مجتمعية"، كما يقول. يتجه هؤلاء الشباب إلى التطرف ويبحثون عن صور أخرى من التأثير والوجود "تجلب لهم المعنى والمجد".
بيد أن هذا التفسير القائم على "المنشأ" أو مكان المولد لا يفسر لماذا قام شبان فرنسيون بحمل بنادق هجومية، وقتل إخوانهم المواطنين العزل أثناء حضورهم إحدى الحفلات على سبيل المثال. لقد أثارت هذه الجريمة انتقادات غاضبة. وفي الجمعية الوطنية الفرنسية في 25 نوفمبر، عبر رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، عن غضبه قائلاً: "لا يوجد أي عذر نبحث عنه، لا عذر اجتماعي أو سوسيولوجي أو ثقافي".
لكن أتران لا يحاول البحث عن أعذار بقدر محاولته الفهم. يقول أتران: "يمكن للبشر المرور بشعور خاص من السعادة عند مواجهة الرعب لأنهم يرونه مظهراً من مظاهر القوى الفائقة غير المحدودة التي لا تفسير لها، وهو شيء أقرب إلى الرعب من الله".
إن القتلة الشبان مفتونون بإمكانية إحداث صدمة، لأنها تزودهم بمشاعر قوة هائلة، على حد تعبير خبير الأنثروبولوجيا. إنه نوع من الخوف الذي ينشره الإرهابيون، ذلك الرعب في مواجهة الموت الذي يتحدونه هم أنفسهم، وأحياناً ما يتناولون أقراص الأمفيتامين ليسهل عليهم تنفيذ الجرائم. وسرعان ما يضمنون تغطية إعلامية. يقول أتران: "ولا يعد القرآن أو التعاليم الدينية أكبر مصدر إلهام بالنسبة لهم، وإنما قضية مثيرة ودعوة للتنفيذ تضمن لهم المجد".
إن العدمية النشطة كتلك التي كان يدعمها الإرهابي الروسي، سيرغي نيتشايف، أسرت لب أجيال من الشبان الباحثين عن ترك انطباع معين على مدار التاريخ. وهذا ما نقف أمامه اليوم، ولا يُعد أتران هو الشخص الوحيد الذي يقول بذلك. ففي مقالة نشرتها صحيفة "لوموند" بتاريخ 24 نوفمبر، يتحدث إخصائي سياسي هو، أوليفر روي، أيضاً عن "العدمية عبر الأجيال" مقارناً إرهابيي اليوم بحركات السبعينات التي كانت الماركسية مصدر إلهام لها. ويكتب روي قائلاً: "لقد اختاروا الإسلام باعتباره الشيء الوحيد المتوفر في السوق للباحثين عن انتفاضة راديكالية. والانضمام لداعش يعني التأكد من القدرة على تحقيق الرغبة في نشر الرعب".
لكن العديد من المتخصصين في العالم الإسلامي يعتقدون أن تحليل العدمية يهمل الأبعاد الدينية والتعصبية والطائفية لهذه الجرائم. ويتفق أنطوني سامراني، الصحفي بجريدة "لوريون لوجور" L'Orient-Le Jour اللبنانية الناطقة بالفرنسية، على أن القوة "المثيرة والمميتة" لمثل هذه الهجمات "تروق للشباب الذي يتوق إلى العنف"، لكنه يصف أيضاً مبدأ "الاستشهاد" بأنه ديني جديد.
وكشف بحث في أدبيات الجهاد ومواقعه وصفحات الفيسبوك الخاصة به عن أن مرتكبي الهجمات الانتحارية يعتبرون أنفسهم شهداء مثل، شريف كوشي، الذي وصف نفسه بأنه "مدافع عن النبي". وفي حفل باتاكلان، صاح القتلة بأنهم "جنود الخليفة"، الذين يأتون للقصاص ل"نساء وأطفال سوريا".
ومع اندلاع الحرب في سوريا، انطلقت موجة من الجهاد الدولي عززتها شبكات التواصل الاجتماعي. ويدعي هؤلاء الجهاديون العودة إلى جهاد الطلب في الإسلام الذي يمجد "أسود الإسلام"، سواء كان ذلك حمزة، عم محمد (صلى الله عليه وسلم)، أول شهيد في الإسلام، أو أسامة "الأسد" بن لادن.
واكتسبت الدعاية الطنّانة أتباعاً في نهاية المطاف. وتحت صورة لأسد ضخم، يكتب الموقع الجهادي الفرنسي المحظور "أنصار الغرباء": "نعيش أسوداً، ونموت أسوداً". ونقلت الصحفية السورية، لبنى مرعي، عن "أبو مريم"، جهادي فرنسي يبلغ من العمر (24 سنة) من تولوز ويحارب في سوريا الآن، قوله: "يُحتمل أن تكون الشهادة هي أقصر طريق للجنة، وهذا شيء لم أتعلمه، بل رأيته مباشرة في إخواني الشهداء. لقد رأيت الرضا على وجوههم، وشممت رائحة المسك من أجسادهم الخامدة. الموت هو الشيء الوحيد الذي ينقصنا لبلوغ الجنة".
إن هذا العزم على الموت كشهداء، عن طريق قتل "الكفار"، يأتي نتيجة "تقنيات التلقين المتطرفة للتجاوزات الطائفية"، كما توضح دنيا بوزار، الباحثة في الأنثروبولوجيا ومديرة مركز الوقاية من التطرف الطائفي المرتبط بالإسلام في فرنسا، مضيفةً أنه شكل جديد من أشكال التلقين الديني، الذي يربط الدعاية العاطفية بدعاة الأصولية، وقد بدأنا محاربته توّاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.