- إسرائيل ستكون فى مقدمة أولوياته فى المستقبل القريب بعد فراغه من السيطرة على عدد من الدول العربية - رغم التقارب الأيديولوجى بينه وبين "حماس" إلا أن الأخيرة تعد البديل الأقل ضررا لحكم غزة - التركيز على مواجهته يدفع المجتمع الدولى لغض النظر عن تزايد نفوذ إيران فى المنطقة - استغل الخلافات بين السنة والشيعة وفشل الأنظمة العربية لتوسيع نفوذه ومد سيطرته فى بعض الدول - التنظيم الأكثر ثراء فى العالم بسبب سيطرته على حقول النفط وعوائد بيعه وأموال الفدية والتبرعات كيف تتعامل إسرائيل مع "داعش" فى ظل قربها الجغرافي منه.. وكيف يؤثر هذا التنظيم على حسابات الدولة الصهيونية فى المنطقة خاصة فيما يتعلق بإيران التى يتزايد نفوذها يوما بعد يوم فى دول العراقوسوريا واليمن؟.. هذان التساؤلان أجابت عنهما دراسة تحمل عنوان "الجهاديون في الأفق.. تهديدات داعش من المنظور الإسرائيلي"، والتى أعدها الباحث الإسرائيلي "مايكل هيرتسوغ" Herzog Michael، وصدرت عن مركز الاتصالات والأبحاث البريطاني - الإسرائيلي (بيكوم)، وهي منظمة بريطانية مستقلة تسعى إلى تسويق وجهة النظر الإسرائيلية في بريطانيا.. وقد ترجم الدراسة وأعدها للنشر الباحث أحمد عبد العليم فى مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة. و"مايكل هيرتسوغ" كما يعرفه الباحث أحمد عبد العليم هو عميد متقاعد في الجيش الإسرائيلي وزميل في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى يحاول من خلال هذه الدراسة توضيح ماهية تنظيم "داعش"، ونظرة الجانب الإسرائيلي لمخاطر ذلك التنظيم، وأسباب الاهتمام الإسرائيلي بضرورات المواجهة العالمية الشاملة لداعش، وصولاً إلى تحديد مخاطر التنظيم على الغرب، والأهمية القصوى لوجود استراتيجية شاملة من أجل مواجهة النفوذ المتنامي والمخاطر المتزايدة لتنظيم "داعش". الأكثر ثراء يبدأ الباحث بمحاولة التعريف بتنظيم "داعش"، موضحاً أنه تنظيم متشدِّد يسعى لنشر رسالته الدينية في الشرق الأوسط وكل مكان به تجمُّعات إسلامية، وزعيمه هو "أبو بكر البغدادي" الذي تم إعلانه خليفةً للمسلمين. ويضيف أنه بالرغم من ظهور "داعش" في عام 2014 بالاستيلاء على الموصل وهي ثاني أكبر مدينة عراقية، إلا أن ظهور التنظيم كان قبل ذلك بحوالي ثلاث سنوات، من خلال التواجد في أشكال مختلفة. أيديولوجياً، - كما يشير الباحث - تعود جذور "داعش" إلى الجهاديين والسلفيين، وقد نجح التنظيم في الاستفادة من الضعف والفشل القائم في دول الشرق الأوسط خاصةً في سوريا، وكذلك الاستفادة من الخلافات بين كل من الشيعة والسنة، وعدم توحُّدهم في مواجهة هذا الخطر الإرهابي. ويحذر الكاتب من تزايد مخاطر "داعش" بسبب وجود ماكينات إعلامية قوية تُروج لفكرة "الدولة الإسلامية" عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات على شبكة الإنترنت، من أجل محاولة جذب عدد كبير من المتطوعين من المسلمين السنة حول العالم، حيث نجح التنظيم في اجتذاب العديد من الشباب ليس فقط من الشرق الأوسط، بل من الغرب أيضاً. ويشير الباحث إلى أن "داعش" بات التنظيم الجهادي الأكثر ثراءً في العالم، ومصدر ثروته الهائلة تأتي من السيطرة على حقول النفط وعوائد بيعه، بالإضافة إلى أموال الفدية، وكذلك الأموال الممنوحة للتنظيم من خلال التبرعات حول العالم. ويرى الكاتب أن "داعش" هو بمثابة تنظيم معادِ للتعددية، ويُشكِّل مصدر تهديد للأجانب، وهو معادي لليبرالية، وهو جاذب للمسلمين سواء كانوا عرب سنة، أو حتى من طوائف أخرى كردية أو علوية أو يزيدية أو حتى شيعة. دراية كاملة يرى الباحث أن إسرائيل على دراية كاملة بخطر "داعش"، ولذلك فإنها تدعم الجهود الأمريكية والدولية لمواجهة التنظيم ودحره. ويشير إلى أن بعض المناقشات في الداخل الإسرائيلي تفسر بروز "داعش" كنتيجة منطقية لتأخير المفاوضات مع الفلسطينيين، وهو ما سيفتح باب الجهاد أكثر، حيث يرى القادة في تل أبيب أن ثمة تداخلات وتقارب أيديولوجي بين كل من "حماس" و"داعش"، حتى إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد صرَّح من قبل، قائلاً: "حماس هي داعش، وداعش هي حماس، وأنهم مجرد فروع لشجرة واحدة سامة". وبالرغم من أن الدولة العبرية تساوي بين كل من "حماس" و"داعش"، فإنها ترى أن حماس بديل أقل ضرراً لحكم قطاع غزة، ولوقف إطلاق النار فيه، ومن ثم فإن حركة "حماس" تعد خياراً أو بديلاً أفضل لإسرائيل من الجماعات الجهادية والمتشددة الأخرى غير المُسيطَر عليها في القطاع. مواجهة حتمية على جانب آخر، يشير هيرتسوغ إلى أن إسرائيل تهتم بضرورات مواجهة داعش لعدة أسباب، منها أن إسرائيل باتت محاطة على حدودها بالكثير من التنظيمات الجهادية والمتشددة، سواء في سيناء أو في الجولان أو في قطاع غزة، بالإضافة إلى وجود السكان العرب في تل أبيب. كما تسعى إسرائيل إلى زيادة القدرات الأمنية لبعض حلفائها مثل الأردن من أجل مواجهة "داعش"، لأن ذلك بات له تأثير كبير على الأمن القومي الإسرائيلي، وذلك لأن الأردن تطل على حدود طويلة مع إسرائيل، وتلك الحدود لابد أن تظل مستقرة، بالإضافة إلى أن الأردن إحدى دولتين عربيتين لها علاقات دبلوماسية كاملة مع تل أبيب، كذلك فإن الأردن حليفة للغرب ولها دور إقليمي هام في التحالف الدولي ضد "داعش". وفي ذات السياق، يحذر الكاتب من أنه على المدى الطويل سوف تصبح إسرائيل في أولويات توجهات "داعش"، وفي صدارة المواجهة، بعد أن يفرغ التنظيم من فرض سيطرته وسطوته أكثر في الدول العربية. كما أنه في الوقت الحالي، تنفذ "داعش" هجمات ضد اليهود في الغرب، وهو ما ينظر له باعتباره ذات علاقة مباشرة بإسرائيل. استراتيجية شاملة يؤكد الباحث أن مواجهة "داعش" يجب أن تكون أولوية عالمية، معتبراً أن الحرب على هذا التنظيم الإرهابي لابد أن تكون على مستويات عدة، قصير ومتوسط المدى، وطويل المدى. فعلى المديين القصير والمتوسط يتعين زيادة الضربات العسكرية للتنظيم في العراق. ويرى الكاتب أن تنظيم "داعش" يُشكِّل تهديداً كبيراً للغرب لعدة أسباب، أهمها أن أتباع "داعش" يؤسسون تفكيرهم على فكرة الجهاد العالمي في الشرق الأوسط، وكذلك يهددون الدول المتحالفة مع الغرب، وأن "داعش" يجتذب العديد من الراديكاليين، سواء من الشرق الأوسط أو حتى الغرب، بالإضافة إلى الخطر المتنامي من التنافس على زعامة التطرف الدولية بين كل من تنظيم "داعش" وتنظيم "القاعدة" من خلال الهجمات على الغرب، وهو ما يُشكل خطراً متزايداً في هذا الصدد. ويرى الباحث أن التصدي لتنظيم "داعش" لابد أن يكون قائماً على تضافر الجهود الدولية، وأن يكون ثمة استراتيجية شاملة لمواجهة خطر هذا التنظيم المتطرف. وأوضح الباحث أن هذه الاستراتيجية يجب أن تشتمل على زيادة الحملة العسكرية فمن الأهمية بمكان أن تشمل الحملة الدولية العسكرية لمواجهة "داعش"، زيادة في الموارد، وتعزيز التعاون الاستخباراتي والتنسيق بين دول العالم المختلفة، بالإضافة إلى تكثيف الدعم والتدريب للقوات المحلية في مواجهة "داعش"، باعتبار هذه القوات حائط الصد الأول والأهم في المواجهة مع التنظيم الإرهابي. وتتضمن الاستراتيجية أيضا التعرف على طبيعة مشاكل الإسلاميين في منطقة الشرق الأوسط والغرب أيضاً، من أجل استيعاب أسباب زيادة إقبال المتطوعين على الالتحاق بداعش، وكذلك من أجل الحد من هذه الظاهرة، لما لها من خطورة كبيرة خاصةً أن التنظيم لم ينجح فقط في تجنيد شباب من الشرق الأوسط، بل من أوروبا والولايات المتحدة وباقي دول العالم. كما تشمل الاستراتيجية التضييق على إيران بمعنى أن التركيز على مواجهة أخطار "داعش"، يجب ألا تجعل المجتمع الدولي يغفل عن الجهود الإيرانية لاكتساب مزيد من النفوذ والقوة في المنطقة، ومن ثم فإن التصدي لتنظيم "داعش" يجب أن يشتمل على رؤية بعيدة المدى تتضمن مواجهة النفوذ المتنامي لطهران أيضاَ، أي أنه إذا كانت الأولوية لمواجهة داعش، فإن ذلك لابد أن يوازيه جهود دولية للحد من طموحات إيران النووية، لما لها من مخاطر على الأمن والسلم الدوليين. وأشار الباحث إلى أن مواجهة "داعش" تتضمن أيضا دعم الدول والقوى الحليفة للغرب، من أجل مواجهة مخاطر داعش، وفي مقدمة هذه الدول والقوى الموالية كل من الأردن والأكراد. وتتضمن استراتيجة مواجهة "داعش" أيضا دعم الروابط والمصالح المشتركة بين كل من إسرائيل والقوى السنية من أجل مكافحة الإرهاب والتطرف من جانب، ومواجهة نفوذ إيران وطموحاتها النووية من ناحية أخرى.