"هذه الوزارة تحتاج إلى تداول سلطة وبدأت بنفسي وصرحت بأنني سأترك وظيفتي داخل السلك الثقافي واكتفيت بما حققته، أما الآن فأنا حزين جداً لما أراه هذه الأيام، فكان على الوزير من باب حفظ ماء الوجه وما تفرضه قواعد الكرامة واحترام الذات أن يرفض المنصب ليفتح المجال للطاقات الشبابية، ولو كنت مكان عرب لتركت المنصب لوزير شاب، لأن مصر أصيبت بتصلب شرايين، وقبول عرب للمنصب مهانة للثقافة والمثقفين" .. هكذا علق الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة، على تولي الدكتور صابر عرب حقيبة الوزارة للمرة الرابعة بعد ثورة يناير.. ورغم هذه التصريحات إلا أن "عصفور" قَبل المنصب ذاته بعد ثلاثة أشهر من الإدلاء بتصريحاته. الغريب أن "عصفور" تولي حقيبة الوزارة نفسها خلفاً للوزير الأسبق فاروق حسني فى 31 يناير 2011 أي بعد انطلاق ثورة يناير ب 6 أيام تقريبا وقبل تنحى الرئيس الأسبق حسني مبارك، ثم استقال من منصبه في 9 فبراير 2011 لرفضه حكومة الفريق أحمد شفيق التي وصفها آنذاك بحكومة لجنة السياسات، وخرج وقتها "عصفور" ليؤكد أنه قبل المنصب بعد مكالمة تليفونية من رئيس الوزراء آنذاك أحمد شفيق الذي طلب منه الاشتراك في حكومة إنقاذ وطني، الأمر الذى نفته الوقائع وتصريحات الثوار ممن وجهوا له أصابع الاتهام كونه كان قبل المنصب فى عهد مبارك وتزامنا مع إنطلاق الثورة، ففي يوم إعلان التشكيل الوزاري الجديد 31 يناير 2011، أصدر المثقفون المصريون بيانًا قالوا فيه:" ندين الموقف المخزي لعصفور لقبوله تولي حقيبة وزارة الثقافة في نظام لفظه الشعب بكل أطيافه فيما يرفض هذا النظام التخلي عن السلطة ويستخدم كل وسائل الترويع للتشبث بها". الأمر نفسه تكرر فى التشكيل الوزاري بعد تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكم فى يونيو الماضي، والذى أتي ب "عصفور" وزيرا للثقافة من جديد، حيث خرج الأخير مؤكدا للمرة الثانية أنه عاد إلى الوزارة في مهمة وطنية، وأن حب الوطن وتغيير المنظومة الثقافية أجبره على قبول المنصب، مؤكدا أنه يتقدم باستقالته عقب الانتهاء من الانتخابات البرلمانية القادمة. ومنذ تولى جابر عصفور منصب وزير الثقافة لم يتوقف عن الحديث حول مواجهة الإرهاب بالثقافة، وكيفية التصدي للإرهاب الفكري الذي يمارسه الأسلاميون ضد المثقفين، إلا أن وضع الثقافة المصرية يؤكد عدم وجود إنجازات لجابر عصفور تذكر فى مربع العمل الثقافى ضد الإرهاب حتى الآن، حيث إنشغل باسترضاء "الثوريين"، واستجداء سكوتهم بأي طريقة وفى كافة الوسائل الإعلامية. وقد فضل عصفور الدخول فى معارك مع الإسلاميين على التفكير فى طريقة لمواجهة الإرهاب الفكري، حيث هاجم قرار منع عرض فيلم "نوح" وطالب الاسلاميين مواكبة الفكر الدينى للعصر الحالى والتطور مؤكدا أن منع عرض الفيلم لم يكن بدليل من القرآن أو السنة. أما ثانى معركة بين التيار الأسلامى والوزير عصفور فقد كانت عقب تصريحات الأخير المتعلقة بمشاهدة اللوحات العارية حيث قال إن مشاهدة تلك اللوحات جمال إنساني، وأشار إلى أن العديد من المجلات المصرية كانت تنشر صورا مماثلة حتى وقت قريب، متسائلًا عن الضرر الذي قد يحدث إذا شاهد الأطفال تلك اللوحات، وقد تسبب هذا الحديث فى هجوم الإسلاميين عليه. وعلى الرغم من حب الكثير من المثقفين لعصفور، الا أنهم أكدوا انه لم يضيف شيئا للوزارة، ولم يسع لتطوير المنظومة الثقافية، وأشاروا إلى أن عدم وجود شباب بالوزارة يصعب تطوير العمل الثقافى. وأوضح المثقفون أنه على الرغم من أن عصفور أحد أهم أعمدة الثقافة في مصر خلال ما يزيد على ربع قرن مضى، حيث ساهم فى علاج كثير من القضايا المتعلقة بحرية الإبداع والترجمة والنقد الأدبي والرؤى السياسية الخاصة بعلاقة المثقفين بوزارة الثقافة، إلا أنه فشل خلال الأربعة أشهر الماضية فى تطوير العمل الثقافى وتحسين العلاقة بين الوزارة والمثقفين الشباب.