لأن زيادة الرقعة الزراعية تعتبر هى الخطوة الأولى لتحقيق الاكتفاء الذاتى فقد حرص الرئيس السيسى على تدشين مشروع استصلاح 4 ملايين فدان، وذلك فى20 يونيو الماضى، والذى يبدأ باستصلاح مليون فدان، في سيناء، ومحافظات الصعيد، وامتداداتها في منطقة الصحراء الغربية، وذلك كمرحلة أولى من برنامج التنمية الزراعية الذي تعتمده الدولة، والذي يستهدف استصلاح أربعة ملايين فدان. ويشمل المليون فدان المستهدف استصلاحها كمرحلة أولى، منطقة توشكى 108 آلاف فدان، وآبار توشكى 30 ألف فدان، والفرافرة الجديدة 100 ألف فدان، والفرافرة القديمة 200 ألف فدان، والداخلة 50 ألف فدان، وامتداد شرق العوينات 50 ألف فدان، وجنوب منخفض القطارة 50 ألف فدان، وجنوب شرق منخفض القطارة 50 ألف فدان، وغرب المنيا 200 ألف فدان، والمغرة 150 ألف فدان، وشرق سيوة 30 ألف فدان. ويعتمد الرى فى هذه المناطق على المياه الجوفية، وإتباع أساليب الري العلمية الحديثة لتوفير المياه، كما أن المساحة الخاصة بمشروع توشكى سيتم ريها سطحيًا من الترع المخصصة لذلك ولن تعتمد على المياه الجوفية. ويبلغ تكلفة الفدان الواحد من 20 إلى30 ألف جنيه، وسيتم وضع تصور تنموي زراعي صناعي متكامل لهذه المرحلة، بحيث تستهدف زراعة المحاصيل، والخضر، والفواكه، الموفرة للمياه، ومنها على سبيل المثال الرمان، والنخيل، والنباتات الطبية، والعطرية، والتين، والزيتون، فضلًا عن إمدادها بمصانع للتعبئة، والتغليف، وإنتاج الزيوت، ومعالجة النباتات الطبية، كما سيُلحق بها مشروعات لتربية الماشية، والأغنام، والإبل، فضلا عن الثروة السمكية، حيث يستهدف المشروع أن تصل إنتاجية الفدان من الأسماك إلى أربعين طنًا، في حين أن إنتاجية الفدان في الأراضي المنزرعة حاليًا في مصر لا تتجاوز 2 طن. هذا، فضلا عن اعتماد منظومة للتبريد، والنقل بحيث تصل المنتجات من المنتج إلى المستهلك مباشرة للقضاء على تعدد الوسطاء الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع، والمحاصيل. وتبلغ تكلفة البنية الداخلية لكل فدان فى مشروع توشكى عشرة آلاف جنيه، ومن ثم فإن التكلفة المالية لاستصلاح 108ألف فدان في توشكى تبلغ مليار و80 مليون جنيه، ويمكن تمويلها من صندوق "تحيا مصر"، وذلك لعدم تفتيت الرقعة الزراعية لهذه الأراضي وزراعتها وفقا لاستراتيجية علمية مدروسة ومنظمة. وحرص الرئيس السيسى فى هذا المشروع على منح الأولوية للشباب، والفقراء لدى توزيع أراضي المشروع، والنظر في مدى خبراتهم بالزراعة، وما إذا كانوا في حاجة إلى تدريب قبل تسلمهم الأراضي. ويتضمن المشروع 3 آليات للطرح، هي التخصيص بالأمر المباشر لكبار الشركات والمستثمرين بمساحات تبدأ من 1000 حتى 50 ألف فدان، على أن يقوم المستثمر بعمل البنية الأساسية والداخلية لتوفير جميع آليات الاستصلاح بمعرفته، ويلتزم بالشروط التعاقدية من الرقابة والمرور الدوري على الأراضي من جانب الهيئة لضمان سير العمل، كما يوجد العديد من الطلبات المقدمة من المستثمرين المصريين والعرب لاستصلاح الأراضي، إلى جانب أن هناك شركتان عالميتان تقدمتا لاستصلاح الأراضي، وتقدم أحدهم بعرض لاستصلاح 150 ألف فدان لإنتاج السكر، والأخرى 75 ألف فدان بمناطق توشكى وغرب المنيا، وينظر حاليًّا في طلباتهما. وتعتمد الآلية الثانية على طرح الأراضي بالمزاد العلني، بحيث يتم تحديد أسعار الأرض وفقًا لكراسات الشروط والإعلان عن موعدها لوسائل الصحف القومية، وتتراوح المساحات ما بين 200 و1000 فدان، فيما تتمثل الآلية الثالثة والأخيرة في طرح الأراضي بالقرعة العلنية لشباب الخريجين، بواقع من 3 إلى 5 أفدنة للشباب، وسيتم تقسيم الأراضي إلى قطع، مساحة القطعة من 100 إلى 200 فدان، كما أن السداد سيكون على فترات طويلة، وسيتم إسناد استصلاح 10 آلاف فدان بواحة الفرافرة قابلة للزيادة إلى 30 ألفا. كما سيتم تخصيص 400 متر لكل شاب، يخصص منها 100 متر كسكن خاص، و300 متر لإقامة مشروعات مثل المناحل، ومزارع إنتاج حيواني، وسيتم توطين الشباب فى المنطقة التى قام باستصلاحها مع وضع امتداد عمرانى يسمح بالزيادة السكانية، حيث ستقوم الدولة بإنشاء مستشفيات، ومدارس، وخدمات فى كل منطقة. وتبلغ تكلفة تنفيذ المشروع 30 مليار جنيه، تتحمل نصفها الدولة والنصف الآخر يتحمله المستثمر، ويشارك جهاز الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة فى تنفيذ أعمال الإستصلاح بالمشروع، وتقوم الدولة بتقديم تسهيلات لتسديد قيمة الأرض خلال فترة الإستصلاح والزراعة. وسيتم عمل لجان للمرور على تنفيذ المشروع لمدة تتراوح من شهر إلى شهور، وفى حالة التقاعس عن التنفيذ وفقًا للجدول الزمني المحدد لهم، فسيتم فسخ التعاقد. وتبلغ مدة تنفيذ المشروع عام كامل، تبدأ في شهر سبتمبر في بعض المناطق مثل توشكى، وشهر أكتوبر بمناطق أخر وحظى هذا المشروع باهتمام الكثير، حيث التقت جمعية شباب الأعمال المصرية وزير الزراعة، عادل البلتاجى، وطالبت بالمشاركة فى مشروع استصلاح المليون فدان. وأكد عدد من الخبراء أن هذا المشروع يسعى فى المقام الأول إلى زيادة مساحة الرقعة الزراعية، ومكافحة التناقص المستمر في الأراضي المتعدى عليها، وبذلك يتحقق الأكتفاء الذاتي من المحاصيل الإستراتيجية، بجانب تحقيق الأمن الغذائي، وإنشاء مجتمعات، وكيانات زراعية، وعمرانية جديدة ومتكاملة للخروج من الوادي الضيق، ومكافحة البطالة لتوفير 2 مليون فرصة عمل. وشجع خبراء آخرون فكرة المشروع، وأكدوا أنه لا يقل أهمية عن مشروع قناة السويس الجديدة، وأشاروا إلى أن الاقتصاد المصري سيزدهر خلال السنوات القادمة نتيجة لاستصلاح ال 4ملايين فدان. وبعكس ذلك تمامًا فقد أكد بعض خبراء الزراعة، أن مشروع الرئيس السيسي لاستصلاح 4 مليون فدان يواجه 4أزمات حقيقة، تُهدد بعدم الاستمرار في المشروع، لعدة أسباب تأتي على رأسها، محدودية المياه، وكذلك غياب الخطط الواضحة، إلى جانب بُعد أماكن الاستصلاح عن بعضها، بالإضافة إلى عدم توفر التمويل اللازم للمشروع. وأشاروا إلى أن مصر تشهد حاليًا محدودية في المياه اللازمة للري، وفي ظل سياسة الدولة الحالية المتوجهة نحو تقليل المساحات المزروعة بالمحاصيل التي تستهلك نسبة عالية من المياه وعلي رأسها الأرز، فإن توفير المياه اللازمة لإستصلاح4 مليون فدان "شبه مستحيلة". ووصف خبراء آخرين خطة "السيسي" لاستصلاح 4 مليون فدان بأنها "فرقعة إعلامية"، حيث يروا أنه من المستحيل على أرض الواقع أن يتم توفير المياه لهذه المساحة الشاسعة. وأكدوا أن مصر تحتاج إلى معجزة إلهيّة؛ لأنه توجد بها مساحة كبيرة من الصحراء غير المستغلة وتوجد بها أماكن يمكن استصلاحها، ولكنها تحتاج أموال غير متوفرة في خزينة الدولة حاليًا. وفى نفس الصدد، حذر خبيراء فى الموارد الزراعية والمياه، من تأثير إعلان الحكومة عن استصلاح 4 ملايين فدان على المفاوضات بين مصر وإثيوبيا حول سد النهضة الإثيوبي، وأكدوا أن ذلك الطرح من شأنه أن يدفع إثيوبيا إلى مطالبة مصر بالاعتماد على الفائض المائي الكبير ببحيرة السد العالي لحين الانتهاء من ملء خزان سد النهضة.
