وزير الري يبحث مع مدير معهد البحر الأبيض المتوسط للمياه تعزيز التعاون البحثي    «الصحة» تعلن تدريب أكثر من 5 آلاف ممرض وتنفيذ زيارات ميدانية ب7 محافظات    تراجع جديد في سعر الجنيه الذهب صباح اليوم السبت 10 مايو 2025    سعر اللحوم الحمراء اليوم السبت 10 مايو    سعر طبق البيض اليوم السبت 10 مايو 2025    الإحصاء: ارتفاع أسعار الفاكهة بنسبة 62% خلال عام    تطوير المواني والمناطق الصناعية ركيزة أساسية لتعزيز التنافسية    إسكان النواب تستأنف مناقشة تعديل الإيجار القديم، وغدا الاستماع للمستأجرين    رئيس الوزراء يبدأ تفقد عددٍ من مشروعات "المنطقة الاقتصادية لقناة السويس" شرق وغرب بورسعيد.. مدبولى: تطوير الموانئ والمناطق الصناعية ركيزة أساسية لتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطنى وجذب المزيد من الاستثمارات    الخارجية الصينية تدعو الهند وباكستان للتهدئة وضبط النفس    الدور المصرى حيوى    وزير الخارجية يؤكد موقف مصر الداعم للسلطة الفلسطينية    7 شهداء بينهم عائلة كاملة بقصف إسرائيلي على مدينة غزة الفلسطينية    الجيش الهندى: باكستان استخدمت صاروخا عالى السرعة لاستهداف قاعدة جوية بالبنجاب    صحيفة عبرية: ترامب قد يعترف بدولة فلسطين خلال قمة السعودية المقبلة    الخليج يلتقي الرياض لاستعادة الانتصارات بالدوري السعودي    مواعيد مباريات السبت 10 مايو - مباراة في الدوري.. ومانشستر سيتي وقمة إيطالية    موعد جلسة التحقيق الجديدة مع زيزو اليوم    «ظالم جمهور الزمالك كله».. عمرو أديب يفتح النار على مجلس لبيب (فيديو)    غرق شاب فى النيل بمركز تلا بالمنوفية    الأرصاد تحذر من استمرار موجة شديدة الحرارة.. اعرف موعد الذروة    مصرع شخصين فى حادث تصادم بين سيارتى نقل على الطريق الإقليمى بالمنوفية    رصدوا خدمات أمنية لبنكين وكنيسة.. محاكمة 9 متهمين ب«ولاية داعش الدلتا» اليوم    اليوم.. محاكمة صيدلي بتهمة انتحال صفة طبيب والتسبب في وفاة حفيدة رئيس وزراء أسبق    إصابة 8 عمال بسبب تصادم بين سيارة ربع نقل وميكروباص بالمنيا    نجل محمود عبدالعزيز يُفجر مفاجأة في أزمة بوسي شلبي    دعوة لتأهيل الشركات المصرية والعالمية لإدارة وتشغيل وصيانة حدائق "تلال الفسطاط"    المتحف المصري الكبير يستقبل رئيس جمهورية جزر القمر ووزيرة التعليم والثقافة اليابانية    رئيس جامعة القاهرة يصدر قرارات لشغل عدد من المناصب الأكاديمية والإدارية    ثلاثية بصرية.. معرض يوثق الهوية البصرية للإسكندرية بأسبوع القاهرة للصورة    طرح فيلم "الست" للنجمة منى زكي ضمن قائمة افلام موسم رأس السنة الجديدة    «الثقافة» تنظم زيارة تثقيفية لأطفال المناطق الجديدة الآمنة بمركز الحضارة والإبداع    أمين الفتوى: طواف الوداع سنة.. والحج صحيح دون فدية لمن تركه لعذر    الصحة: تدريب أكثر من 5 آلاف ممرض وتنفيذ زيارات ميدانية ب7 محافظات    طريقة عمل عيش الشوفان، زي الجاهز وبأقل التكاليف    1500 جنيه.. مكافأة استثنائية للعاملين بمستشفيات جامعة القاهرة تقديرا لجهودهم    الرمادي يعقد جلسة مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة بيراميدز    هل أصدرت الرابطة قرارا بتأجيل مباراة القمة 48 ساعة؟.. ناقد رياضي يكشف مفاجأة (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    حاجة الأمة إلى رجل الدولة    تفاصيل مفاوضات الأهلي مع جارسيا بيمنتا    التعليم العالي: مكتب التنسيق الإلكتروني للقبول بالجامعات والمعاهد لجميع الشهادات يباشر أعماله هذا العام من جامعة القاهرة    قوات الدفاع الشعبى والعسكرى تواصل تنفيذ الأنشطة والفعاليات لدعم المجتمع المدنى    كيف تؤثر موجة الحر على صحة العين؟.. نصائح للوقاية    مشجع أهلاوي يمنح ثنائي البنك مكافأة خاصة بعد الفوز على بيراميدز    "جميعها حالات اختناق".. إصابة 11 جراء حريق قويسنا بالمنوفية (صور)    الجيش الباكستاني: رئيس الوزراء شهباز شريف يدعو إلى اجتماع لهيئة القيادة الوطنية    جداول امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة سوهاج لجميع المراحل الدراسية    الصحة تكشف 7 فوائد للاهتمام بالحالة النفسية للأطفال    مدير مدرسة السلام في واقعة الاعتداء: «الخناقة حصلت بين الناس اللي شغالين عندي وأولياء الأمور»    الشعب الجمهوري بالمنيا ينظم احتفالية كبرى لتكريم الأمهات المثاليات.. صور    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    «زي النهارده».. وفاة الفنانة هالة فؤاد 10 مايو 1993    وزير سعودي يزور باكستان والهند لوقف التصعيد بينهما    البترول: تلقينا 681 شكوى ليست جميعها مرتبطة بالبنزين.. وسنعلن النتائج بشفافية    متابعة للأداء وتوجيهات تطويرية جديدة.. النائب العام يلتقي أعضاء وموظفي نيابة استئناف المنصورة    جامعة القاهرة تكرّم رئيس المحكمة الدستورية العليا تقديرًا لمسيرته القضائية    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لأول مرة.. نص الاتصالات السرية بين رؤساء مصر وقادة البيت الأبيض
نشر في الموجز يوم 13 - 10 - 2014

رصدها "جيسون براونلى" فى كتابه "إجهاض الديمقراطية فى القاهرة"
أوباما اتصل بمبارك لمدة 30 دقيقة أثناء ثورة يناير حاول خلالها إقناعه بالتنازل عن الحكم.. لكنه فشل
الإدارة الأمريكية رفضت تولى جمال مبارك السلطة خلفا لوالده.. والمشير طنطاوى أكد لهم رفض الجيش أيضا
البيت الأبيض أعد عمر سليمان لخلافة مبارك فى الحكم.. وطنطاوى رفض تنفيذ جميع أوامره العسكرية
هيرمان إيلتس السفير الأمريكى كان يجتمع بالسادات يوميا ويتدخل فى كل كبيرة وصغيرة متعلقة بالشئون المصرية
عبد الناصر رفض الرضوخ لشروط الأمريكان والابتعاد عن الاتحاد السوفيتى مما كان سببا فى وقف المساعدات العسكرية
سليمان أبلغ الولايات المتحدة أنه "يمقت" فكرة تولى جمال مبارك الحكم.. وأوباما وافق على قمع "مبارك" للمعارضة
سنوات طويلة، وعقود كثيرة مرت على العلاقة بين الولايات المتحدة والنظام المصرى، تغلفت الكثير من هذه العلاقات بالسرية التامة فى كثير من الأحيان، وحاولت خلالها الولايات المتحدة انتهاز كل الفرص لخدمة مصالحها فى الشرق الأوسط، وضمان أمن إسرائيل.. هذا كان محور كتاب "إجهاض الديمقراطية الحصاد المُر للعلاقات المصرية- الأمريكية فى أربعين عامًا" كيف ساهمت الولايات المتحدة فى دعم النظام الاستبدادى السلطوى فى مصر على مدار أربع عقود, للكاتب الأمريكى "جيسون براونلى" والذى يشير فيه إلى أن تاريخ العلاقات المعاصرة بين الولايات المتحدة والنظام المصرى يعود إلى الفترة التى أعقبت حرب 1973، ولكن لم تتطور العلاقات بشكل ملحوظ إلا بعد اندلاع الثورة الإيرانية.
ويؤكد الكتاب أن مصر ظلت شريكًا إستراتيجيًا لواشنطن فى الوقت الذى عملت الولايات المتحدة فيه على ضمان أمن إسرائيل، ودعم حلفائها من مصدرى النفط العرب، وعلى الرغم من عدم مشاركة القاهرة فى عمليات قتالية مع القوات الأمريكية، باستثناء عمليتى درع الصحراء، وعاصفة الصحراء، إلا أن نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك قدم معلومات استخباراتية لواشنطن حول تنظيم القاعدة، كما قدم تسهيلات للبنتاجون من أجل نقل قواته من عرض البحر المتوسط إلى الخليج العربى عبر قناة السويس، وعندما كانت القوات الأمريكية تقاتل فى أفغانستان والعراق، سمحت مصر للطائرات الأمريكية بالتحليق فوق أراضيها بمعدل20 إذنًا يوميًا للطيران، وذلك فى عام 2005، بحسب تقرير صادر عن وزارتى الخارجية والدفاع فى عام 2002 أنه "لا يمكن المبالغة بشأن أهمية تعاون مصر من أجل تأمين الوصول إلى قناة السويس".
ويوضح الكتاب أن نطاق المنافع المتبادلة بين الولايات المتحدة ومصر اتسع بصورة واضحة لتشمل دعمًا اقتصاديًا هائلًا، وتعاونًا دبلوماسيًا، ومناورات عسكرية مشتركة، وتبادل معلومات استخباراتية، وأسست هذه المنافع المتبادلة شبكة من المصالح المشتركة، وكما خدمت شبكة المصالح هذه أهداف الولايات المتحدة الأمنية فى الشرق الأوسط، فإنها خدمت بالمثل مصالح النخبة الحاكمة فى مصر وساعدتها على الاحتفاظ بالسلطة، وباتساع نطاق التعاون الثنائى، وجاهد مسئولو البلدين فى إحباط أية فرصة لتشكيل حكومة أكثر تمثيلًا للشعب، وعلى حين أيد بعض المسئولين الأمريكيين إجراء إصلاحات ليبرالية محدودة فى مصر، إلا أنهم اعتبروا فى الوقت نفسه أن فتح الباب بصورة مفاجئة للمشاركة الشعبية ربما يؤدى إلى وصول شخصيات غير معروفة إلى سدة السلطة، وهو ما يمكن أن يهدد التعاون الإستراتيجى بين البلدين، ما جعل واشنطن تعلن صراحة معارضتها وصول أية جماعة إسلامية تقليدية للسلطة على حساب حكومة موالية للولايات المتحدة، حتى لو وصلت للسلطة عبر آلية الانتخابات.
ويضيف الكتاب أن المسئولين الأمريكيين سعوا للحفاظ على التعاون الأمنى مع القاهرة فى اللحظة التى أصبحت فيها سياسة "تعزير الديمقراطية" سمة بارزة من سمات السياسة الخارجية الأمريكية فى إدارة جورج بوش الابن، وحتى عندما حاول المشرعون الأمريكيون وضع شروط على المساعدات العسكرية لمصر فى عام 2007، فإن هدفهم لم يكن الضغط على مبارك من أجل تغيير السياسة القمعية، وإنما للضغط عليه لإبداء قدر أكبر من التعاون للحفاظ على أمن إسرائيل، أى أن نفوذ الولايات المتحدة القوى على القاهرة لم يصب فى صالح قضية الديمقراطية، بل صب فى خدمة المصالح الأمريكية الرامية إلى إضعاف حركة حماس فى هذه الحالة.
ويعكس الكتاب دور الولايات المتحدة فى التأثير على أجندة صناع القرار المصرى ودعمهم سياسيًا والذى امتد إلى ابعد من مجرد علاقة ثنائية طبيعية، فلم تكن واشنطن مجرد قوة خارجية بالنسبة لمصر، بل كانت أقرب إلى فاعل سياسى محلى يُشارك فى الحكم، بمعنى أدق لعبت الولايات المتحدة فى مصر دورًا مماثلًا للدور الذى لعبته الأجهزة السيادية ، كما كانت طرفًا فى صياغة حسابات النظام، وأولوياته، وموارده، وأدى تأييد واشنطن المستمر للنظام السلطوى فى مصر إلى إضعاف المعارضة.
وأشار الكتاب إلى أن الولايات المتحدة قامت بتحصين النظام المصرى ضد الانقلابات العسكرية، ووأدت فى المهد أى خطط لحودث انقلابات معادية فى مصر، وحصنت نظامها السياسى ضد الانقلابات، وشمل هذا التحصين تأسيس نظام أمنى داخلى قوى ليكون بمثابة القوة المقابلة للمؤسسة العسكرية، فضلًا عن إرضاء الجيش وإزالة أى دوافع انقلابية بين عناصره، وساعدت المعونة العسكرية الأمريكية البالغة 1.3 مليار دولار سنويًا فى الحيلولة دون استغلال الجيش أى أزمة سياسية كبرى من أجل الاستيلاء على السلطة، كما ساعدت هذه المعونة فى الحفاظ على علاقات التعاون بين مصر والولايات المتحدة حتى خلال الفترة التى أعقبت تخلى مبارك عن الحكم، كما كانت واشنطن على أهبة الاستعداد من أجل تخفيف الصعوبات الاقتصادية فى حال ما هددت الاستقرار السياسى.
وفيما يتعلق بالاستفادة التى عادت على النظام الحاكم فى مصر من علاقته مع الولايات المتحدة، فيوضح الكتاب أن مصر استفادت من المساعدات الأمريكية فى تضخيم أجهزتها القمعية المتمثلة فى وزارة الداخلية على مر الزمن، إلا أن هذه المساعدات ظلت أقل بكثير من المساعدات الموجهة للموسسة العسكرية؛ إذ حصل الجيش المصرى على الجزء الأكبر من برنامج التمويل العسكرى غير المسبوق الذى شمل عتادًا عسكريًا على غرار الطائرات المقاتلة، والدبابات، والسفن الحربية.
ويكشف الكتاب الكواليس الخفية فى العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر على مدار العهود السابقة، بداية من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ومرورًا بعهد الرئيس السادات، ونهاية بفترة حكم مبارك.
ويوضح الكتاب أن الرئيس الراحل "عبد الناصر" تبنى دبلوماسية صارمة، وسياسة داخلية أكثر صرامة، وتعامل بجدية مع التهديدات التى تواجهه؛ إذ وظف شبكة واسعة من عملاء المخابرات لإحباط الجواسيس الأجانب أو أى محاولات للإنقلاب عليه، وبحسب تعبير المسئولين البريطانيين، فإن "عبد الباصر" أدار الجمهورية المصرية بطريقة "بوليسية مكتملة الأركان"، أما بالنسبة للعلاقات المصرية – الأمريكية، فقد حافظ "عبد الناصر" ومستشاروه على قنوات اتصال وثيقة مع الحكومة الأمريكية، وتلقت القاهرة مساعدات متقطعة من واشنطن خلال الفترة من عام 1952 حتى عام 1967، وسعى المسئولون الأمريكيون فى عهد "عبد الناصر" إلى استخدام المعونات كأداة ضغط ل "تهذيب سلوك الحكومة المصرية"، وضمان عدم إضرارها بمصالح الولايات المتحدة فى المنطقة، ووضع الكونجرس، والبيت الأبيض شروطًا على المعونات الاقتصادية المقدمة لمصر بهدف إبعاد عبد الناصر عن الاتحاد السوفيتى، وحضه على متابعة محادثات السلام مع إسرائيل، إلا أن "عبد الناصر" لم يرضخ لشروط الولايات المتحدة، وهو ما ردت عليه واشنطن بالتوقف عن إرسال المساعدات العسكرية، والمساعدات الاقتصادية على المدى الطويل واكتفت فقط بالمساعدات الغذائية، وكانت مصر أكبر مستهلك للمعونة الغذائية الأمريكية فى العالم من حيث نصيب الفرد.
ويضيف الكتاب أنه على النقيض من السياسة التى انتهجها البيت الأبيض، والكونجرس، قدم الكرملين مساعدات عسكرية لعبد الناصر علاوة على القمح، دون أن يفرض أية شروط سياسية، وحصلت مصر على مساعدات سوفيتية، بما فى ذلك الحصول على أسلحة متطورة.
ويوضح الكتاب أن "السادات" لم يتبنى سياسات موالية للاتحاد السوفيتى ويصعد المواجهة مع إسرائيل بل حرص على إعادة علاقته بالولايات المتحدة، حيث استئنفت العلاقات المصرية- الأمريكية عقب حرب 73 وتم توقيع اتفاقية "فك الاشتباك" بين مصر وإسرائيل، والتى ترتب على أثرها فتح السفارة الأمريكية فى مصر، وجرى اعتماد هيرمان إيلتس سفيرًا لواشنطن فى القاهرة، والذى اعتاد الاجتماع بالسادات بصورة شبه يومية، كما تلقى "السادات" عقب زيارة نيكسون قائمة مشتريات من الأسلحة، والمعدات تضمنت أجهزة استشعار تقدر قيمتها ب 180 مليون دولار، ومعدات رادارات، وصواريخ من طراز تاو، وقاذفات إطلاق، وطوربيدات، وقنابل ومروحيات، وطائرات مقاتلة، وعندما تولى جيرالد فورد منصب الرئيس ناشد "السادات" أن يتجاهل السوفيت كليًا، وأن يمنح مزيدًا من الوقت لخطة الولايات المتحدة، وقام فورد بتقديم معونة اقتصادية غير مسبوقة للقاهرة بلغت 250 مليون دولار، ولم تشمل هذه المعونة أى حزمة مساعدات عسكرية، ومع ذلك وافق السادات على طلب فورد.
ومن أجل حصول "السادات" على المساعدات العسكرية الأمريكية، فأنه كلف مجلس الشعب فى مارس 1976 بإلغاء معاهدة الصداقة بين مصر والاتحاد السوفيتى، وفى الشهر التالى منع السفن السوفيتية من دخول الموانى المصرية، وما لبثت أن كافأت واشنطن "السادات" على الصفعات التى وجهها للاتحاد السوفيتى، وسمحت أمريكا لمصر بشراء 6 طائرات نقل عسكرى من طراز سى- 130، كما اعتمد الكونجرس مبلغًا وصل إلى مليار دولار فى هيئة مساعدات اقتصادية، ودعم للمواد الغذائية.
وبينما كان الوضع فى مصر مشتعلًا باحتجاجات العمال و "انتفاضة الخبز"، راود الأمل الإدارة الجديدة للرئيس جيمى كارتر فى أن تساعد السادات على البقاء فى هذه الأوقات الحرجة، فقد قدم كارتر للسادات دعم مالى، وسياسى لمواجهة الإضرابات الشعبية، وسخط الجيش، واستمرت الولايات المتحدة فى تقديم المعونات الاقتصادية لمصر التى بلغت 900 مليون دولار وهو مبلغ أكبر من كل برامج المساعدات الأمريكية الآخرى إلى أمريكا اللاتينية وأفريقيا، وخصص نحو خمس هذا المبلغ لإكمال إمدادات الأغذية فى البلاد من أجل قطع الطريق على إندلاع أى "انتفاضة خبز" جديدة، كما اشترت مصر من عام 1976 حتى 1979 اسلحة خفيفة من موردين أمريكيين.
ويضيف الكتاب أنه فى الوقت الذى تعثرت فيه محادثات السلام بين مصر وإسرائيل عام 78 كانت العلاقات الأمريكية- المصرية تتطور، حيث ساعدت الولايات المتحدة مصر على الحفاظ على مخزونها من طائرات الميج السوفيتية، علاوة على تصميم مشروع لتدريب الضباط المصريين فى الولايات المتحدة من خلال برنامج التعليم، والتدريب العسكرى الدولى الذى بلغت تكلفته 200 ألف دولار فى الموازنة الفيدرالية لعام 78.
ويوضح الكتاب أنه مع مرور الوقت قدم "السادات" العديد من التسهيلات للولايات المتحدة من أجل الحصول على المعونة العسكرية الأمريكية، وبدأ الجيش الأمريكى يستفيد من التسهيلات المصرية بشكل مؤقت دون أن ينشئ قواعد عسكرية، كما جرى البنتاجون مناورات مشتركة مع القوات المصرية ليتدرب فى بيئة تشبه الخليج العربى، وبعد عدة أشهر أجريت مناورات "النجم الساطع" لمدة عشرة أيام، واصبحت هذه المناورات تجرى بانتظام كل عامين.
ومضى السادات قدمًا فى تأييد الاستراتيجية الأمريكية فى الوقت الذى كان يخسر فيه الرأى العام الداخلى فى مصر، واعترف مسئولو البيت الأبيض بأنهم أضعفوا السادات، وذكر مسئولون أمريكيون لمستشار الأمن القومى الأمريكى: "نحن نطلب من مصر باستمرار فعل أشياء تخل بالتوازن، من الأفضل لمصلحة مصر، إلى الأفضل لمصلحة الولايات المتحدة الأمريكية"
وقال الكتاب إن السادات اخفق فى تحقيق أى طفرة اقتصادية، وفى الوقت نفسه شدد من قبضة الدولة البوليسية، وعمل على زيادة قوات الأمن المركزى التى أسسها جمال عبد الناصر بنحو ثلاثة أضعاف لتبلغ 300 ألف فرد، واعتقلت قوات الأمن أكثر من 1500 من نشطاء، ورموز ثقافية، منهم البابا شنودة الراحل، والمرشد العام للإخوان المسلمين عمر التلمسانى.
أما الرئيس المخلوع "مبارك" فقد انتهج سياسة جديدة حيث تعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتواصل مع إسرائيل، وفى الوقت نفسه حاول التقرب من الدول العربية دون أن يتجاهل الرأى العام فى مصر، إلا أنه وكلما طال بقاء مبارك فى السلطة، كلما أسرف فى اللجوء إلى السياسات القمعية نفسها التى تبناها سلفه، وبعد فترة سحق مبارك المعارضة تحت غطاء محاربة الإرهاب.
ويؤكد الكتاب أنه خلال ثمانيات القرن الماضى تذبذبت العلاقات المصرية- الأمريكية صعودًا وهبوطًا، وبعد تفجيرات مركز التجارة العالمى عام 1993 التى تورط فيها شيخ مصرى هو عمر عبدالرحمن، له علاقة بحادث اغتيال السادات، انضمت الولايات المتحدة إلى حرب مبارك ضد الإرهاب، ومضت القوات المصرية والأمريكية فى القبض على إرهابيين فى الخارج، وإرسالهم إلى حيث جرى اعتقالهم، وتعذيبهم، وفى حالات آخرى إعدامهم، وتم كل هذا تحت إشراف عمر سليمان مدير جهاز المخابرات المصرية آنذاك، وهو ما أدى إلى تغيير العلاقات المصرية الأمريكية من علاقة مبنية على الاستراتيجية إلى علاقة مبنية على أنشطة مخابراتية متبادلة مثل برنامج "التسليم الاستثنائى" والذى يعتبرجوهر هذا التغيير فى علاقة البلدين، وهو برنامج يشمل اعتقال، ونقل الإرهابيين المشتبه بهم إلى دولة ثالثة دون توجيه أى اتهامات رسمية، أو حتى احترام قواعد تسليم المتهمين، وزودت الولايات المتحدة مصر بطائرات مُستأجرة، وعملاء مخابرات من أجل القبض على متشددين إسلاميين فى الخارج، وكان الهدف من هذا البرنامج القبض على العناصر الإسلامية المسلحة من الشارع، ونقلهم جوًا إلى الأنظمة الاستبدادية العربية التى كانت تتعقبهم.
ويشير الكتاب إلى أن مبارك تمكن من إستعادة العلاقات الدبلوماسية مع جميع الدول العربية، كما نجح فى إعادة جامعة الدول العربية فى القاهرة عام 1990، وبالتوازى مع جهودة الدءوبة لعودة مصر للصف العربى لم يهمل مبارك السياسات الأمريكية المعادية للسوفيت، واستمر فى تقديم الدعم للحملة السرية الأمريكية فى أفغانستان.
ويؤكد الكتاب أن العلاقات بين الولايات المتحدة، والمؤسسة العسكرية المصرية تطورت، وأصبحت مصر عضوًا فى مجموعة حلفاء الولايات المتحدة من خارج حلف شمال الأطلسى، وبذلك حصلت على معاملة تفضيلية فى الحصول على أسلحة، وتكنولوجيا عسكرية أمريكية، وحصلت أيضًا على مناقصات من مقاولين أمريكيين، وفى المقابل قدمت القاهرة تسهيلات محلية للبنتاجون بما فى ذلك قاعدة غرب القاهرة الجوية التى كانت تستخدم فى تزويد الطائرات الأمريكية بالوقود، والصيانة، والأعمال العسكرية، كما حصلت البحرية الأمريكية على إذن خاص بمرور السفن التى تعمل بالطاقة النووية عبر قناة السويس، وهى تسهيلات حاسمة بالنسبة للحركة بين البحر المتوسط، والخليج العربى.
ويذكر الكتاب أنه خلال حرب العراق ضد الكويت سمح "مبارك" لمجموعة قتالية بحرية أمريكية بالمرور عبر قناة السويس، كما سمح لمقاتلى القوات الجوية الأمريكية بالتحليق فوق المجال الجوى المصرى، ومنح القوات التسهيلات لاستغلال القواعد المصرية للتزود بالوقود، والنقل.
ولفت الكتاب إلى أن مصر تلقت مزايا اقتصادية مهولة بسبب دعمها لعملية درع الصحراء، حيث دعا الرئيس الأسبق بوش الكونجرس إلى إلغاء كل ديون الولايات المتحدة العسكرية على مصر، كما وافق الكونجرس على أن يلغى بوش 6.7 مليار دولار من الديون المستحقة على القاهرة، كما أسفر نجاح عملية عاصفة الصحراء عن مرحلة ثانية عن إسقاط الديون عن مصر.
ويؤكد الكتاب أن البيت الأبيض أطلق يد النظام المصرى فى اتخاذ أى خطوات لازمة كى يحتفظ بالسلطة، ولم يوبخ المسئولون الأمريكيون نظراءهم المصريين بشأن حقوق الإنسان، وكانت "الصفقة" تُعنى أن الولايات المتحدة ستقف إلى جانب مبارك وهو يقمع بوحشية معارضيه المتطرفين.
ويُشير الكتاب إلى أن مصر تحولت فى السنوات الأخيرة لحكم مبارك إلى شئ أشبه بضابط صغير فى نقطة شرطة بإحدى القرى، فلم يعد مسئولو البيت الأبيض يستشيرون مبارك فى قضايا الحرب أوالسلام، ولم ينظروا إلى وزير الدفاع آنذاك المشير حسين طنطاوى على أنه حليف بل اعتبروه "شخصًا مزعجًا"، و "مقاومًا للتغيير" وذلك بسبب انشغال طنطاوى المفرط_ من وجهة نظر الحكومة الأمريكية_ بنمط الحروب التقليدية بين الدول، ورفضه إعادة تهيئة المؤسسة العسكرية لتستجيب لتحديات ما بعد الحرب، وحسبما ورد فى برقية دبلوماسية من السفارة الأمريكية ذكرت أنه " لا يرتاح لتركيز الولايات المتحدة على مكافحة الإرهاب بعد 11 سبتمبر... وهو منخرط فى نموذج عسكرى بعد كامب ديفيد يخدم المصالح الضيقة لجماعته على مدى العقود الثلاثة الماضية"، ومن جهته أبدى المشير طنطاوى انزعاجه بسبب تقليص حجم القوات المشاركة فى النجم الساطع، وذكرت برقية أخرى للسفارة الأمريكية أن طنطاوى فوجئ مثل مبارك بالشروط التى وضعها الكونجرس على المعونة الأمريكية فى 2007، واعترض وزير الدفاع السابق على أن يتحول تركيز الجيش المصرى إلى عمليات مكافحة الإرهاب على حساب المهام التقليدية للجيش، كما أنه استشاط غضبًا من محاولات الولايات المتحدة توجيه أنشطة المؤسسة العسكرية فى مكافحة التهريب.
ويؤكد الكتاب أن طنطاوى أحبط مساع الجيوش الأجنبية لفرض أية وصاية داخل الأراضى المصرية، وعارض إدخال أية أنظمة مراقبة جديدة لمكافحة التهريب عبر الأنفاق، كما لم يوافق على أن يقوم فريق من مهندسى الجيش الأمريكى بدراسة الأنفاق مع غزة، ونتج عن ذلك أن اقتطعت الولايات المتحدة 23 مليون دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية.
وحسب برقية للسفارة الأمريكية فى القاهرة، فإن قيادات المؤسسة العسكرية رضخوا وسمحوا لفريق من مهندسى الجيش الأمريكى لتقييم الوضع على الحدود، إلا أن الجيش المصرى أصر على أن يتصرف المهندسون الأمريكيون بحذر مراعاة للحساسية حول غزة، وأضافت البرقية: "استمر المصريون فى تقديم الأعذار للمشكلة التى تواجههم ألا وهى الحاجة إلى الضغط على حماس لكن دون أن يظهروا على أنهم متواطئون فى حصار إسرائيل لقطاع غزة"
فى حين اعتمد البيت الأبيض، والكونجرس على عمر سليمان، رئيس المخابرات آنذاك فى إدارة الصراع الفلسطينى- الإسرائيلى، وفى محاربة تنظيم القاعدة، ولذلك فضل العديد من المسئولين الأمريكيين عمر سليمان لخلافة مبارك بدلًا من نجله جمال، ووفقًا لبرقية دبلوماسية من السفارة الأمريكية فى القاهرة بتاريخ إبريل 2006 ، اعتبر الدبلوماسيون الأمريكيون أن سليمان هو المنافس المحتمل الوحيد لجمال فى خلافة مبارك.
وذكرت برقية تالية بتاريخ مايو 2006 أن:" تعاوننا الاستخباراتى مع عمر سليمان يُمثل العنصر الأكثر نجاحًا فى علاقة الولايات المتحدة بمصر"، وكانت خبرة عمر سليمان العسكرية وطبيعة عمله فى المخابرات قد جعلت منه رهانًا موثوقًا منه للسياسة الخارجية الأمريكية أكثر من جمال مبارك، ومع الوقت أثبت سليمان أنه حليف قوى للولايات المتحدة، وإسرائيل حيث عمل على الإفراج عن جلعاد شاليط وإضعاف حركة حماس.
ويشير الكتاب إلى أن مبارك نظر إلى حماس بوصفها امتدادًا لجماعة الإخوان المسلمين فى مصر، ولم يجد أية غضاضة فى فرض العزلة على الحركة الإسلامية فى غزة، إلا أن المسئولين المصريين تجنبوا التصريح علنا بهذه السياسة خشية أن يتهموا بأنهم شركاء للأمريكيين والإسرائليين فى عدائهما للحكومة الفلسطينية الجديدة، وسعى مبارك وعمر سليمان لإعادة سيطرة فتح، وفى الوقت نفسه شرع سليمان فى التواصل مع حماس.
وتكشف برقية دبلوماسية صدرت فى منتصف فبراير 2006 عن السفارة الأمريكية بالقاهرة أن عمر سليمان، رئيس المخابرات المصرية آنذاك ضغط على قادة حماس فى لقاء معهم من أجل "تبنى نهج واقعى ومواقف مسئولة"، ووفقًا للبرقية الدبلوماسية، فقد حذر سليمان قادة حماس من أنه "ما لم تحترم الحركة الالتزامات الدولية على السلطة الفلسطينية، وأن تعلن تخليها عن العنف، وأن تعترف بإسرائيل فإنهم لن يحصلوا على الدعم المصرى..."، وقال سليمان إن قادة حماس فهموا أنهم يحتاجون مصر، وبدا أنهم مستعدون للوفاء بالتزامات السلطة الفلسطينية، واحترام وقف إطلاق النار مع إسرائيل، إلا أنهم أحجموا عن الاعتراف بحق إسرائيل فى الوجود.
ويذكر الكتاب أنه بحلول أغسطس 2008 دشنت القاهرة وتل أبيب "خطًا ساخنًا" لتسهيل التواصل اليومى بين مسئولى المخابرات المصرية، ووزارة الدفاع الإسرائيلية.
ومع بداية عام 2005 بدأت فكرة اعداد مبارك نجله جمال لتولى السلطة ، وينقل الكتاب تصريحًا للكاتب الناصرى عبد الله السناوى قال فيه :" إنه خلال الفترة من 2005 إلى 20011 شعر المقربون من الجيش بأن هناك حالة من الغضب المكتوم داخل المؤسسة العسكرية بسبب صعود جمال مبارك، ورجال الأعمال المقربين منه".
كما أشار الكتاب إلى أن عمر سليمان أخبر المسئولين الأمريكيين أنه "يمقت" فكرة أن يكون جمال مبارك رئيسًا للبلاد، وكما ذكرت السفارة الأمريكية فى 2008، فإن المؤسسة العسكرية ربما تبارك مشروع التوريث مقابل حصولها على مزايا إضافية، واعتبرت السفارة أن كبار قيادات الجيش سيؤيدون جمال مبارك إذا تنحى والده وترك المنصب.
ويضيف الكتاب أنه مع اندلاع ثورة 25 يناير رفض كبار مسئولى الأمن القومى الأمريكى تخلى الإدارة الأمريكية عن نظام مبارك، وطرحوا نمطًا للانتقال يتولى بموجبه عمر سليمان السلطة، وليس قوى المعارضة، إلا أنه مع تزايد حدة المظاهرات طالب أوباما من مبارك خلال مكالمة هاتفية متوترة استغرقت ثلاثين دقيقة بانتقال سلمى للسلطة، إلا أن مبارك لم يوافق على هذا الاقتراح، مما جعل مسئولو الإدارة الأمريكية يشعرون بالإحباط بسبب عناد مبارك، وقاموا بالتواصل مع عمر سليمان، وقادة الجيش المصرى من أجل تسريع انتقال السلطة إلى نائب الرئيس، وصورت هيلارى كلينتون عمر سليمان على أنه الربان الذى يقود السفينة وسط المياه المضطربة.
ومع توالى أحداث الثورة 25 يناير، وتنحى مبارك عن الحكم، أكد الكتاب أن صناع السياسة الأمريكيون اعتصرهم الأسى جراء ما يظنونه نقصًا فى المعلومات الاستخباراتية عن التهديدات التى واجهت مبارك، وبمجرد تنحى مبارك استمرت الولايات المتحدة فى النظر لمصر بمعايير الأمن الأقليمى، بدلًا من الاهتمام بتوجيهات الرأى العام داخلها، وخلال العام الأول من بعد سقوط مبارك، أظهرت العلاقات الثنائية بين إدارة أوباما، والمجلس العسكرى المزيج التقليدى من التوتر_ فى العلن_ والتعاون الاستراتيجى الراسخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.