أعرب السفير إبراهيم يسري رئيس جبهة "الضمير" والدبلوماسي السابق عن حزنه لما وصل اليه المشهد المصري نتيجة لحالة الانقسامات والصراعات السياسية التي أنهكت الدولة المصرية. واكد يسري في حواره مع "الموجز" أن الإخوان يمثلون فصيلا عاش لأكثر من 8 عقود وبالتالي فإن الحديث حول القضاء عليهم خلال المرحلة القادمة يدخل في نطاق السذاجة السياسية. وقال.. المشير السيسي رجل مصري ووطني مخلص ,قام بالانقلاب علي الرئيس الشرعي ب"حسن نية" متصورا أن ذلك لصالح الدولة, مشيرا إلي أن نجاح السيسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة سيجعله رئيسا "فعليا" وليس "شرعيا" للبلاد. وتوقع يسري أن يتبني السيسي مبادرة مجلس الحكماء التي أطلقها مؤخرا لتسوية الخلافات مع الإخوان للعبور من النفق المظلم الذي تمر به الدولة.. وإلي نص الحوار.. كيف تري المشهد المصري في الوقت الراهن؟ المشهد المصري مؤسف، ويبعث علي الحزن الشديد، فنحن لم نعد نعرف إلي أين تسير مصر، ففي العام الماضي كان لدينا رئيس شرعي ومجلس نواب منتخب وحكومة ثم جاء المجلس العسكري وقضي علي كل ذلك. هل تقصد شرعية الرئيس المعزول التي سقطت في 30 يونية؟ نحن لا نتحدث الآن عن الشرعية، ولكننا نتحدث عن وجود صراع محتدم بين فريقين داخل الدولة.. الأول هم الإخوان والمؤيدون لهم والثاني يتمثل في باقي الشعب المصري الذي يرفض الإخوان ويهاجمهم.. وعلي الطرفين أن يتفقا معا وينحيا الخلافات جانبا لكي تنجح مصر في عبور هذا النفق المظلم ،خاصة أنه وفقا لدراسة أمريكية فان الإخوان يمثلون ثلث المجتمع المصري ولذلك لابد ان يشاركوا في الحياة السياسية في مصر ,ومن يفكر بأنه يمكن القضاء عليهم "واهم ". لماذا؟ لأن هذا الفصيل موجود منذ 80 عاماً، وواجه أكثر أنواع العنف والظلم خلال هذه السنوات ولم يستطع أحد أن يقضي علي هذه الفكرة، وبالتالي لا يمكن أن نقضي عليهم الآن عن طريق الحل الأمني، ومن يفكر في القضاء علي الأخوان هو ساذج سياسيا. هل هذا ما دفعك للتفكير في إنشاء مجلس للحكماء لحل الأزمة بين الإخوان والدولة؟ هي ليست فكرتي، ولكن نحن مجموعة من المفكرين كنا نجلس معا للتشاور في الأحوال التي تمر بها البلاد الآن، وكنا نشعر بالغضب مما وصل إليه المصريون وتراشقهم باتهامات العمالة والتخوين لمجرد اختلافهم في الرأي، وبحثنا في هذا الحديث عن حلول للخروج من هذه الأزمة بالتفكير في تشكيل مجموعة من الحكماء والشخصيات العامة في محاولة لتقريب وجهات النظر والوصول لتسوية مناسبة بين الطرفين . من هم هؤلاء الحكماء؟ أتحفظ علي ذكر الأسماء الآن, خاصة ان الفكرة لم تتبلور بعد وهناك مشاورات بيننا ويوجد من يؤيد الفكرة وهناك من يعترض عليها . لماذا اخترت موعد بدء عمل المجلس بعد الانتخابات الرئاسية؟ لأننا ننتظر وجود رئيس فعلي للبلاد نتشاور معه ونقدم له مبادرتنا ونري مدي تقبله لحل الأزمة الراهنة ,خاصة إذا أصبح المشير عبد الفتاح السيسي هو الرئيس. ولكن لماذا السيسي تحديدا؟ الجميع يعلم أن الرئيس القادم لمصر سيكون المشير السيسي وأنا أثق فيه كرجل مصري وطني مخلص، ونحن نريد أن يتعامل بوطنية وإخلاص مع الإخوان كفصيل سياسي،باعتباره رئيساً فعلياً للبلاد وليس شرعياً لأنه قام بالانقلاب علي الرئيس الشرعي محمد مرسي. إذن.. ماذا تعني برئيس فعلي للبلاد؟ هو رئيس بإرادة الشعب ولكنه لن يكتسب الشرعية إلا في حال قيامه بعدد من الإجراءات منها الإفراج عن المعتقلين السياسيين وإلغاء الإجراءات الاستثنائية ضد القيادات الاخوانية، والدعوة إلي حوار مجتمعي يجمع كل أبناء الشعب المصري. هل تقصد بذلك عقد مصالحة مع الإخوان؟ من يطلق مصطلح "مصالحة" في السياسة شخص "جاهل" ولا يفهم شيئا ؛لأن السياسة لا يوجد فيها مصالحة ولا مصارحة ولكن السياسة فيها تسوية وتنازلات ولا تحتوي علي عواطف كره أو محبة بين الأطراف المتنازعة. ذكرت أن المشير السيسي لن يكون رئيساً شرعياً وفي نفس الوقت تصفه بأنه وطني اصيل.. كيف تفسر هذا التناقض؟ هذا ليس تناقضا، هو بالفعل شخص وطني ولكنه تصور أن ما قام به في 3 يوليو لصالح مصر بمعني انه قام بالانقلاب علي الرئيس الشرعي من باب "حسن النية" وأنا أقول له إن مصر ستكون عبئا ثقيلا عليك؛ لأنك ستستلم دولة دمٌرت خلال العقود الماضية وانهار اقتصادها كما أن التمويل السعودي والاماراتي لن يستمر كثيرا، إضافة إلي انه سيواجه تحديات أخري صعبة مثل النيل الذي يسرق في الجنوب وإسرائيل التي تستحوذ علي حقل الغاز بمنطقة شرق البحر المتوسط وكلها أمور تؤكد ان السيسي سيرث تركة ثقيلة تحتاج إلي تعاون المصريين كلهم واتحادهم وتسوية الخلافات الداخلية بينهم. كيف تتوقع موقف الإخوان بعد صعود السيسي للحكم، وهل ستقبل الجماعة بالحوار والوصول إلي تسوية معه؟ هم لن يبادروا، ولكن الذي سيبادر هو المشير السيسي، فهو الرئيس والذي بيده جميع السلطات، وبالتالي لا يمكن لأي مبادرة للتسوية أن تنجح إلا من خلاله. سبق أن طرح كثير من الشخصيات العامة مبادرات للمصالحة مع جماعة الإخوان وكانت تقابل بالرفض من جانب الأخيرة.. لماذا؟ قمت بإطلاق مبادرة في أكتوبر الماضي وأرسلتها لجميع الأطراف ولكن تحالف دعم الشرعية رفضها نتيجة حملة الاعتقالات التي شنت ضد الإخوان وإلصاق تهم الإرهاب والعنف بهم ,لذلك لا يمكن أن نطلب من الإخوان التصالح قبل التسوية السياسية أولا والإفراج عن المعتقلين والقيادات الاخوانية، ولكن هذه القيادات الاخوانية متورطة في جرائم قتل وإرهاب!! هذه كلها ادعاءات وتهم اخٌترعت لتبرير ما حدث للإخوان خاصة وان هؤلاء موجودون منذ أكثر من 80 عاما ولم يصدر عنهم أي أعمال عنف أو إرهاب. إذن كيف تفسر أفكار سيد قطب المتطرفة ومحاولة اغتيال عبد الناصر في حادث المنشية وقبلها حادثي النقراشي والخازندار؟ سيد قطب نال عقابه وتم إعدامه وحادث الخازندار تبرأوا منه ,وبالتالي لا يجب أن نتهمهم بالإرهاب إلا من خلال حكم قضائي وليس عن طريق قرار رئيس الوزراء الذي أصدره حازم الببلاوي قبل رحيله عن الحكومة. هل مطالبتك بالتسوية السياسية والإفراج عن المعتقلين بالسجون تتضمن الإفراج عن قيادات ورموز نظام مبارك وتجاهل أحكام القضاء؟ لا طبعا, ولا يجب أن نربط بين الاثنين ؛لأن نظام مبارك كان فاسدا ورموزه يؤيدون الآن ما يحدث في مصر ويريدون أن يظل البلد في هذا النفق المظلم للانتقام من الشعب المصري الذي أزاحهم في 25 يناير. كيف تري موقف الشعب المصري من الإخوان وتراجع شعبيتهم في الشارع وضعف قدرتهم علي الحشد؟ الحشد لم يتراجع ولكنه يزيد، والذين يرون أن الحشد تراجع هم من يريدون القضاء علي الإخوان،ويجب أن نؤكد مرة أخري أن العمل السياسي ليس مرهونا بالعاطفة وإنما تتحكم فيه لغة الأفكار والمصالح بين الأطراف السياسية. ما انعكاسات تشتت أعضاء وقيادات الإخوان ما بين معتقلين وهاربين للخارج علي موقف الجماعة في مصر؟ هذا لن يؤثر علي الإخوان باعتبارهم جماعة منظمة استمرت لعقود وواجهت في الماضي كثيرا من العقبات والملاحقات الأمنية ومع ذلك استمرت وعاشت حتي اليوم . تأييدك المستمر لجماعة الاخوان يعطي انطباعا بأنك عضو داخل الجماعة!! أنا لست أخوانيا ولكني أتحدث من قبل الدبلوماسية السياسية التي اكتسبتها من العمل السياسي منذ أيام الملك فاروق حتي الآن ,وأريد أن تعبر مصر هذه الأزمة بسلام. كيف تري دعم الإدارة الأمريكية للإخوان؟ أمريكا لم تدعم الإخوان ولكنها تدعم الموقف الحالي الذي يهدف لإنهاك وإضعاف الدولة المصرية وتقسيمها داخليا للسيطرة علي المنطقة. ماذا عن انقسام الموقف الأمريكي بين مؤيدين ومعارضين لثورة 30 يونيو؟ هذه كلها عمليات تمويه تهدف لفرض غطاء سياسي لدعم المخطط الامريكي في مصر. ما رؤيتك لدور التيار السلفي سياسيا داخل المشهد المصري؟ ليس لي أي علاقة بهذا التيار، فهم ظهروا فجأة ولا نعرف مع من يميلون، وأنا لا افهم تركيباتهم، إضافة إلي أن حزب النور من وجهة نظري لا يعد طرفا سياسيا، ولا يمكن أن يكون جزءاً من المعادلة السياسية. هل تتوقع أن يوافق المشير السيسي علي التسوية مع الإخوان؟ أنا أراهن علي وطنية المشير ولو جلس مع من يقنعه بذلك فسوف يستطيع أن يكسب حب الشعب كله ويفيد البلاد، وبهذه الطريقة يستطيع أن يحصل علي شرعيته.