لم تعهد الأوساط الشرطية في الدول العربية شخصا مثيرا للجدل مثل الفريق ضاحي خلفان قائد عام شرطة دبي الذي تمت ترقيته من منصبه بعد سنوات طويله قضاها في العمل على تطوير منظومة الشرطة في دبي لتتناسب مع القفزات العائلة في النمو التي شهدتها هذه الإمارة الصغيرة حجما والكبيرة نفوذا وصيتا وأهمية على مستوى العالم، وعند ذكر إسم ضاحي خلفان فلابد أن تجد رد فعل ما من المستمع، يترواح بين الإستحسان والإعجاب بعمله وحرفيته الشديدة وأدائه القوي الذي أسفر عن كشفه لعدد كبير من القضايا الهامة التي جرت على الأراضي الإماراتية، أو بسبب آرائه السياسية وتغريداته على تويتر الذي يحوز فيه على عدد كبير من المتابعين يتعدى النصف مليون متابع ينتظرون تغريداته وأراؤه التي تتسم بخفة الظل والجرأة الغير معهودة والإستقلالية لرجل يفترض فيه أنه يتلقى الأوامر لينفذها في قالب جامد من اللوائح والقوانين التي يفرضها العمل الشرطي على العاملين به، وعلى الجانب الآخر قد يلقى إسمه بعض الإستهجان والنقد والذي غالبا ما يكون صاحبه من الإخوان او الجماعات المرتبطة بهم والتي تكن لخلفان عداءا شديدا بسبب تصريحاته النارية ضد تنظيم الإخوان المسلمين ومطاردته لهم سواء في الأراضي الإماراتية أو على ساحات مواقع التواصل الإجتماعي. ويمكنك أن تستشف هذه الكراهية الإخوانية لخلفان في الخبر الذي تناقلته المواقع الإخبارية يوم السبت الماضي، حيث أعلنت المواقع التابعة للإخوان والمتعاطفة معهم – في شماته ملحوظة- خبر "الإطاحة" بضاحي خلفان من قيادة شرطة دبي، حتى تشعر أن الرجل قد اطيح به من جهاز الشرطة الإماراتي كليا، بينما الحقيقة أنه تمت ترقيته الى منصب أعلى، ليخرج خلفان على موقعه المفضل تويتر ليفسد على الإخوان فرحتهم بقوله أنه باقي في شرطة دبي وفي منصب أعلى مما سبق وأنه مستمر في مطاردته للعناصر الإخوانية في كل مكان. والفريق ضاحي خلفان تميم المهيري من مواليد دبي شهر أكتوبر عام 1951.. وعمل لفترة طويلة كقائد عام لشرطة دبي، وعضو المجلس التنفيذي في حكومة دبي، كما شغل منصب رئيس اتحاد الإمارات لألعاب القوى سابقاً، وشارك في إنشاء أول إدارة لرعاية حقوق الإنسان عام 1995، وهو أيضا عضو مجلس الأوقاف والشؤون الإسلامية، وله بعض المؤلفات في كفاءة الأداء الشرطي؛ وترى العديد من المصادر أنه استطاع بناء مؤسسة شرطية في غاية التطور والحداثة ودفعها لتبني أعلى معايير الجودة. وتحت قيادته نالت شرطة دبي عام 1998 عدة جوائز، كما برز عالمياً خلال التحقيقات التي قادها حول عملية اغتيال القيادي الفلسطيني محمود المبحوح في دبي، وتصريحاته بعد هذه العملية، بالإضافة لمقتل المطربة سوزان تميم والجاسوس الإسرائيلي "إكس" وعدد آخر كبير من القضايا الكبرى التي هزت الرأي العام العربي والعالمي. ومن أشهر تصريحات خلفان أن المنطقة العربية اليوم مملوءة بالجواسيس، وأن ليس من مصلحة المنطقة المواجهة مع إيران، كما أثار خلفان الجدل بعد تصريحه أنه تلقى تهديدات من الموساد بعد أيام قليلة من كشفه لمعلومات تتعلق بقضية اغتيال المبحوح، وإن شخصًا مزدوج الجنسية تبيّن أنه عضو سابق في الموساد بعث له برسالة مع أحد أقاربه، وهو مسؤول إماراتي متقاعد، دعاه فيها إلى التزام الصمت. وخلال الربيع العربي كانت لخلفان مواقف معادية للثورات العربية، خاصة تصريحاته ضد الإخوان، حيث صرح أنهم يشكلون خطرا على أمن الخليج وأنهم يخططون لقلب أنظمة الحكم، كما وصف كل من يتعامل معهم ب"العميل".. وقال: الاخوان اسقطوا مبارك وانا سوف اسقط الاخوان. كما هدد خلفان بإصدار مذكرة اعتقال بحق الأب الروحي للإخوان والحاصل على الجنسية القطرية الشيخ يوسف القرضاوي، وذلك في حال تحدثه عن الإمارات، واعتبر خلفان أن فوز محمد مرسي بالرئاسة في مصر هو إختيار غير موفق. واستدعت ساعتها الخارجية المصرية سفير الإمارات بالقاهرة لتوضيح تصريحات خلفان. ويطلق الصحفيون على خلفان إسم "صائد الجواسيس" بعد أن ضبط بعثة الجواسيس الاسرائيليين بالصوت والصورة في دبي، كما كشف تنظيم الإخوان بفرعيه المصري والامارتي في ابوظبي في قضية ينظرها القضاء الآن, ووصل خوف الإخوان منه الى حد امتناع اعضاء الجماعة بالإمارات عن اية لقاءات أو انشطة خوفا من ان يكونوا تحت رقابة الامن. واستمر خلفان في تهديده للإخوان بعد تركه منصب قائد شرطة دبي ليوجه رسالة للجماعة قال فيها: إخوانجية أبشركم.. أنا في القيادة العليا للشرطة والأمن العام ولامفر لكم مني... وتابع خلفان: فرحة الإخوان ما تمت، وأضاف: هناك ضربة قاصمة لتنظيم الإخوان قادمة سيصبحون بعدها فلولا في أصقاع المعمورة... وكان حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أصدر أمرا بتعيين اللواء خميس مطر المزينة قائدا لشرطة دبي، خلفا لضاحي خلفان. وبعد وصول الاخوان الى السلطة في مصر، بات خلفان راس حربة في الصراع الالكتروني مع التنظيم الدولي للإخوان، واستخدم تويتر بشكل يومي تقريبا لاطلاق التغريدات المناهضة للاخوان. كما حذر خلفان من تهديدات الإخوان وإيران الذين قد يقودون "مؤامرة دولية" قد تطيح بحكومات دول خليجية وعربية بغرض الاستيلاء على ثروات العرب، وأضاف أن "الخليج خط أحمر ليس على إيران فقط ولكن على الإخوان أيضا. وساعتها رفض محمود غزلان المتحدث باسم الاخوان في مصر ذلك الاتهام وقال إن التصريحات لا تستحق الرد عليها، وأضاف غزلان قائلا: "قطعت على نفسي وعدا بألا أعير هذا الرجل اهتماما أو أعلق على كل ما يقوله". بينما صرح خلفان قائلا: "ما كنت اعرف ان في دول الخليج عدد كبير من الاخوان.. علينا ان نتيقظ ونحذر لأن كلما اتسعت هذه الجماعة يمكن أن تحدث بلبلة وهناك من يخطط للاطاحة بالحكومات الخليجية والانظمة على المدى البعيد". وقد تلقى خلفان، الذي كان وراء كشف تورط المخابرات الإسرائيلية في اغتيال القيادي في حركة "حماس" محمود المبحوح، تهديدات بالتصفية الجسدية من قبل جهاز "الموساد" عبر رسائل وأشخاص، في رسالة مضمونها: "إحمي ظهرك إن كان بمقدورك ان تظل طليق اللسان". ورغم ان دول الخليج غالبا بالقلق من ضلوع إيران الشيعية في أعمال تخريبية غير أن ضاحي خلفان قائد شرطة دبي إعتاد أن يصب جام غضبه على جماعة الاخوان المسلمين، وقال خلفان لرويترز أن جماعة الإخوان ليسوا فقط تنظيما سياسيا ويجب عليهم احترام استقلالية الدول الأخرى، وإن الهدف النهائي لهذه الجماعة هو إقامة حكم إسلامي في كل دول الخليج. وخلفان هو واحد من مسؤولين قليلون في الإمارات من الذين يتحدثون علنا في الشؤون السياسية، ورغم انه يقول إن تعليقاته تعبر عن رأيه الشخصي إلا أن دبلوماسيين يقولون إنها تظهر قلق النخبة الحاكمة في الإمارات بشأن شعبية الإسلاميين بالمنطقة وتواصلهم مع الغرب. وشكا خلفان من دعم الغرب للاخوان المسلمين وقال "أنا لا أدري كيف يتعاطف الغرب ويتبنى ويدعم الإخوان، وتساءل قائلا "لماذا يدعم الغرب الارهابيين". وقال خلفان ايضا أن "الاخوان جماعة دكتاتورية" وهي محظورة في الإمارات، وأضاف قائلا: "يكمن خطر الإخوان في أنهم قادمون لتغيير أنظمة تحكم الى الأبد لكن أيضا مخططهم أن يحكموا الى الأبد". وتابع إن لديه أدلة على أن هذه الجماعة تخطط للإطاحة بحكام الخليج، وأن المتهمين من بينهم محامون ومعلمون وقضاة وعضو في الأسرة الحاكمة بإحدى الإمارات بلغوا مرحلة متقدمة في مؤامرتهم، وإن الإمارات تصرفت في الوقت الملائم لوقف خطة الاخوان التي يوجهها المرشد محمد بديع. وأبدى خلفان سعادته بعدم تعامله مع أعضاء جماعة الإخوان المحظورة حتى وإن كان على شبكات التواصل الاجتماعي، وقال خلفان: "تويتر بلا إخوان تواصل اجتماعي فعلا". واتهم خلفان الإخوان بممارسة طقوس سرية في معابد على غرار ما يمارسه الماسونيون في محافلهم، وانتقد وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، كوندوليزا رايس، قائلا إن "الفوضى الخلاقة" أدت إلى وصول تلك الجماعة إلى الحكم في عدة دول وحدوث اضطرابات، وقال أن هذه الطقوس عرفها من اعتراف عضو إخواني سابق أخبره بها. وأضاف: يا كونداليزا.. الفوضى الخلاقة جابت مرشد الإخوان محمد بديع والبلطجية ورفاقه وأرض العرب فيها الدماء مراقة، ثم قال: "سأترك تويتر عشرة أيام لأكون في دورة للتعرف على مساوئ الإخوان في جميع الأزمان.. وأنصح البيطري الاهتمام بأغنامه وبلاش إزعاج!. كما حذر خلفان الدول العربية من ترك سوريا تسقط في يد تنظيم الإخوان المسلمين، مشيرا إلى أنه في حالة حدوث ذلك سينقسم العرب إلى طائفتين، وأنه ما من سبيل إلا أن يقتنع بشار الأسد أن الطريق أصبح مسدودا في وجهه لكن يجب على العرب والسوريين أيضا أن لا يضعوا سوريا في يد الإخوان، لأن دخول سوريا في يد الإخوان يعني أن العرب فعلا سينقسمون إلى طائفتين مع وضد هذا التنظيم، وقال: أنا لا أرتجي من الإخوان أن يوحدوا الصفوف ولا نتوقع منهم ذلك أبدا، فالإخوان كانوا تنظيما وأصبحوا دولة وكل من يتعامل مع "دولة الإخوان" يصبح عميلا، وإذا كان لديهم تنظيم في أي دولة أخرى ويقوم بنشاط يصبح ملحقا بها وعميلا لها وبحكم القانون لا يفلتوا من العقاب. ودعا خلفان دول الخليج العربي إلى أن توحد مواقفها وأن لا تجعل من أمريكا الصديق الوحيد، إذا كانت مصلحتنا مع أمريكا نعم وإذا كانت مصلحتنا ليست مع أمريكا يجب أن نكون مع الآخرين، فعلينا أن نتعاطى مع القوى الأخرى مثل روسيا والصين كأصدقاء، فإذا تخلى عنا هذا الصديق يبقى لنا أصدقاء آخرون. كما شكك خلفان في مصداقية قناة الجزيرة القطرية، وقال: "إذا الجزيرة قامت بحملة ما في الوطن العربي فتأكد إن نقيض ما تقوله هو الصح"، وتساءل: "كم ينفق على قناة الجزيرة وكم تسببت في إحداث تدمير في الوطن العربي من وجهة نظركم و معرفتكم؟.