أثار تجدد قضية التصالح مع رجال الأعمال والمسئولين من النظام السابق المتهمين بالفساد جدلًا في الشارع الاقتصادي، خصوصًا بعدما عرض أحمد عز وحسين سالم ونجليه -الذين يحاكموا فى إسبانيا للمرة الثانية- علي الحكومة من جديد رد جميع أموالهم مقابل العفو عنهم. بداية ترى الخبيرة المصرفية بسنت فهمي مستشار أحد البنوك الإسلامية، أن البنك المركزي المصري في يده مفتاح الحل لهذه القضية التي تمثل لغز شديد لدى الرأي العام عن تهريب أموال رموز الفساد في النظام السابق إلى الخارج وعلى رأسهم أموال أسرة مبارك. وأكدت فهمي أن دفاتر البنك تكشف حركة دخول وخروج هذه الأموال منذ عشرات السنوات، حيث أن اتفاقيتي مكافحة غسيل الأموال والإرهاب تحتمان على البنوك المركزية في شتى دول العالم إتباع ذلك، إضافة إلى أن موظفي "المركزي" في إدارتي مكافحة غسيل الأموال والإرهاب لديهم معلومات تفصيلية عن حركات تهريب هذه الأموال لكنهم يفضلوا الصمت، وعدم نبش هذه الأسرار إلا من خلال مخاطبات ومكاتبات رسمية من النيابة العامة أو بقرار جمهوري ملزم إلى محافظ البنك المركزي بتقديمها. بينما يصف حسام ناصر نائب رئيس بنك التنمية الصناعية، هذه الحركات بأنها بمثابة مواسير لتمرير الأموال المغسولة إلى الخارج، مشيرًا إلى أن معظم حسابات المصرف العربي الدولي قبل الثورة، وحتى وقت قريب كانت تهرب إلى الخارج من خلال حسابات تأخذ أرقام سرية تحول من البنوك العامة الكبرى إلى هذا المصرف، وهى بالطبع تخص كبار المسئولين الفاسدين في النظام السابق من بينها حسابات أسرة الرئيس السابق. وطالب الرئيس محمد مرسى بإلزام محافظ البنك المركزي بإصدار تقرير رسمي عن حركة الحسابات التي تم تحويلها من البنوك العامة إلى المصرف العربي الدولي الذي كان يعد بابًا خلفيًا لتهريب هذه الأموال طوال ال10 سنوات الماضية قبل رحيل مبارك. أما على مستوى رجال الأعمال.. فيرى مجدي طلبه رئيس المجلس التصديري الأسبق للملابس الجاهزة أن التصالح مع هؤلاء خصوصاً ممن لم تدينهم النيابة العامة في قضايا قتل أو إصابة الثوار والمتظاهرين أمر ممكن، مشيرًا إلى أن الحالة الاقتصادية متدهورة، واسترجاع هذه الأموال يساهم في إنعاش الحالة الاقتصادية بل سيساعد مصر في الاستغناء عن قرض صندوق النقد الدولي وشروطه والفوائد التي ستفرض عليه. أشار إلى أن رجال الأعمال أو الفاسدين الذين تورطوا في شراء أراضى الدولة بأسعار "بخسة" أو ممن حصلوا على مميزات وحقوق غير مستحقة لهم يمكن التصالح معهم . وتعجب الدكتور سعيد توفيق عبيد أستاذ الاستثمار والتمويل بتجارة عين شمس من الأصوات التي تطالب بالتصالح مع هؤلاء من خلال مصادرة أموالهم!!. وقال: نحن نجهل حجم هذه الأموال وأماكن اختبائها، وفى هذه الأحوال فان هؤلاء الفاسدين يمكن أن يقدموا البعض من حجم ثرواتهم ثم يدعون أنها كل ما يمتلكونه من أرصدة. وحسم الدكتور أسامه قايد أستاذ القانون الجنائي الجدل حول هذا الموضوع, قائلاً: إن تصالح الدولة في قضايا الدم مرفوض وأن الطلبات التي تقدم بها البعض من هؤلاء الفاسدين للتنازل عن كل أموالهم يحاط بها حالة من الجدل والشك، وإذا كانت الحكومة لديها النية لتقبله فلابد من تعديل تشريعي للقانون الحالي، وهذا لا يصلح في ظل غياب السلطة التشريعية متمثلة في غياب مجلس الشعب. وأضاف أن المشرع في القانون الجنائي قصد من عدم التصالح في قضايا الدم والأموال العامة مكافحة مثل هذه الجرائم والحد منها، وأن تكون هناك أحكام رادعة لكل من تسول له نفسه ارتكاب هذه الجرائم، لكن التصالح في القضايا المقترنة بالرشوة أو التزوير أو اختلاس المال العام مرفوض حاليًا. أشار إلى أن رئيس الجمهورية يمتلك إصدار قرارات بتخفيف العقوبة أو إلغائها أو وقف تنفيذها عن المتهمين إذا كانت هناك النية للتصالح مع رموز النظام السابق دون إدخال تعديل تشريعي.